شعار قسم ميدان

سيّارات المُستقبل في معرض جِنيف

GENEVA, SWITZERLAND - MARCH 08: A general view of atmosphere is seen during the 87th Geneva International Motor Show on March 8, 2017 in Geneva, Switzerland. The International Motor Show showcase novelties of the car industry. (Photo by Harold Cunningham/Getty Images)

حصل مُحبو التقنية مع بداية عام 2017 الجاري على جرعة كبيرة جدًا بعد معرض الأجهزة الإلكترونية (CES) في مدينة لاس فيجاس الأمريكية، ومؤتمر برشلونة (MWC) الذي اختُتمت فعّالياته مع بداية مارس/ آذار، وهو نفس الشهر الذي ستُقدّم شركة سامسونج مع نهايته هواتفها الجديدة جالاكسي إس 8.
 

لكن وخلال الأعوام الأخيرة، وتحديدًا هذا العام، كان لا بُد من إضافة موعد جديد إلى التقويم التقني، صحيح أنه يختلف قليلًا في طبيعته عن المعارض والمؤتمرات السابقة، لكنه بشكل أو بآخر أصبح مُرتبط بشكل كبير في التقنية، وبالتالي يُمكن استشراق جزء من مُستقبل التقنية من خلاله.
 

معرض مدينة جِنيف Geneva Motor Show أصبح واحدًا من العناوين البارزة التي تكشف عن تفاصيل تقنية جديدة في عالم السرعة، فالمعرض بشكل أساسي مُخصّص للسيارات، لكن مثلما وصلت التقنية إلى المطابخ وأجهزة الإنارة، وصلت أيضًا إلى عالم السيّارات وبقوّة.
 

السيّارة الطائرة
شركة إير باص ترى أن أساس الانتقال مُستقبلًا يجب أن يكون أولًا ذاتي القيادة، وثانيًا أكثر مرونة دون أن يخسر المُستخدم خصوصيته
شركة إير باص ترى أن أساس الانتقال مُستقبلًا يجب أن يكون أولًا ذاتي القيادة، وثانيًا أكثر مرونة دون أن يخسر المُستخدم خصوصيته
 

كثيرٌ من التقنيات بدت كحلم بعيد المنال قبل أعوام كثيرة، لكننا اليوم نعتمد عليها بشكل يومي، بل وأصبحت جزءًا أساسيًا كذلك.
 

شركة إير باص الفرنسية تحلم بالمُستقبل عبر مشروعها الجديد بوب آب (Pop.Up) المكوّن بشكل أساسي من مقصورة صغيرة فقط لا غير. فالشركة ترى أن أساس الانتقال مُستقبلًا يجب أن يكون أولًا ذاتي القيادة، وثانيًا أكثر مرونة دون أن يخسر المُستخدم خصوصيته، أو دون شراء أكثر من وسيلة.
 

مقصورة إير باص يُمكن أن تسير على عجلات مثل أي سيّارة عادية، فالعجلات موجودة على لوح كهربائي قابل للإزالة لغاية في نفس يعقوب تتمثّل في استخدام لوح آخر مع المقصورة، وهذه المرّة عبر السقف لتتحول بذلك إلى مقصورة طائرة (Drone).
 

هذا ليس كُل شيء، فالانتقال عبر الأنفاق أمر يتطوّر في وقتنا الراهن، ولعل مشروع هايبر لوب (hyperloop) أفضل مثال يُمكن من خلاله استشراق هذا الأمر. لذا، ترغب إير باص في السماح لتلك المقصورة بدخول تلك الأنفاق وتوفير سرعة انتقال أعلى بين نقاط مُحدّدة عبر أنابيب مُتطوّرة، وبالتالي لن يخسر المُستخدم خصوصيته، ولن يحتاج لامتلاك أكثر من وسيلة نقل.
 

هذه المقصورة تعمل بالكهرباء 100٪، وتدعم كذلك على تقنيات الواقع الافتراضي (Virtual Reality) والمُعزّز (Augmented Reality)، وبالتالي يُمكن للراكب إتمام الكثير من الأمور، والتحكّم بالمركبة اعتمادًا على تقنيات المُستقبل الذي قد يكون قريب جدًا [1][2].

 

 
سيّارة كهربائية سريعة وفخمة

قدّمت شركة بنتلي نموذجًا من سيّارتها الجديدة (EXP 12 Speed 6e) التي تطمح من خلالها لمنافسة سيّارات شركة تيسلا الكهربائية.
 

الشركة تُركّز بشكل كبير على تقديم سيّارة فخمة على كافة الأصعدة، مثلما تعوّدنا عليها دائمًا، لكن هذه المرّة الكهرباء هي الوقود الوحيد، مع أخذ الأداء بعين الاعتبار كذلك. لم تُشارك بنتلي الكثير من التفاصيل، لكنها ذكرت أن السيّارة ستزوّد ببطارية قادرة على تشغيل السيّارة بين مدينتي باريس ولندن دون الحاجة إلى شحنها.
 

أما على صعيد التقنيات فالصيحة الجديدة هي اعتماد الكاميرات عوضًا عن المرايا الجانبية، حيث
 تخلّصت بنتلي في نموذجها الجديد من المرايا الجانبية بالكامل، واستبدلتهم بكاميرات تعرض كل شيء على الشاشة الموجودة أمام السائق، وبالتالي تصميم جديد، وإنسيابية أكبر، إذ سيُقلّل هذا الأمر من مقاومة الهواء قليلًا [3].
 

من جهتها، قدّمت شركة مرسيدس الألمانية نموذج مُشابه، لكنه لا يعتمد على الكهرباء فقط، بل سيزوّد بمُحرّك هجين. النموذج الجديد هو (Mercedes-AMG GT Concept)، ومن الاسم يُمكننا استنتاج أن السيّارة ستكون رياضية، أي تُقدّم سرعات عالية جدًا، وتعمل مرسيدس على تطوير تقنيات للاستفادة من الكهرباء والوقود لتقديم أداء أفضل.

السيّارة الجديدة ستتخلّص كذلك من المرايا، وستعتمد على الكاميرات. إضافة إلى ذلك، يُمكن الاعتماد على الكهرباء فقط لتشغيلها، كما يُمكن الاستفادة من الكهرباء كذلك لتعزيز أداء المُحرّك الذي يعمل بالوقود، وهو مفهوم مُستخدم في سيّارات الفورمولا ون. وستوفّر الشركة الألمانية كذلك نظامًا لشحن البطارية أثناء استخدام الوقود العادي، وبالتالي يضمن السائق وجود طاقة كافية لنقله من مكان للآخر، مع ترك حرّية الاختيار بين المُحرّك الأول، والثاني الذي يعمل بالكهرباء [4].

 

شركة رينو الفرنسية قدّمت هي الأُخرى نموذجًا مُستقبليًا لسيّارة كهربائية غريبة نوعًا ما لكنها مُميّزة. السيّارة الجديدة التي تحمل اسم تريزور (Trezor) قادرة على التسارع من 0 إلى 100 كيلومتر في الساعة خلال 4 ثواني فقط، وهنا نتحدث عن مُحرّك يعمل بالطاقة الكهربائية فقط عبر بطارية كبيرة موجودة أمام منطقة جلوس السائق.

 

أما السرعة القصوى فمن المُمكن أن تتراوح بين 160 إلى 200 كيلومتر في الساعة، كما أن اللوحة الإلكترونية داخل السيّارة تحتوي على تطبيقات مثل "واتس آب" للمحادثات الفورية [5].

 

الأمان قبل كل شيء

ركّزت شركة فولفو هذا العام على الأمان في الجيل الجديد من (XC60) الذي سيصل إلى الأسواق في 2018. فهذه السيّارة مُزوّدة بمجموعة من تقنيات القيادة الذاتية التي تُقلّل من مخاطر الحوادث الناجمة عن الاصطدام على الطُرقات السريعة.
 

إضافة إلى ذلك، تُقدّم الشركة نظام للقيادة الذاتية -مثل الموجود في سيّارات تيسلا-، وهو نظام قادر على تولّي زمام الأمور على الطرقات السريعة حتى سرعة 130 كيلومتر في الساعة، شريطة أن يُبقي السائق يده على المقوّد لتولّي زمام الأمور عند الضرورة.
 

أما شركة لاند روفر فقدّمت تقنيات ملموسة، عكس مُعظم الشركات التي قدّمت نماذجًا مُستقبلية قد لا ترى النور أبدًا. الشركة الإنكليزية تُطوّر مشروع هيرو (Project Hero) الذي تُزوّد من خلاله سيّاراتها بطائرة دون طيّار (Drone) قادرة على الإقلاع والهبوط أثناء سير السيّارة.
 

الهدف من هذا المشروع هو مُساعدة فرق الإنقاذ التي تخرج عند حدوث الكوارث الطبيعية، إذ يُمكن للطائرة التحليق بشكل آلي وبث الفيديو مُباشر إلى السيّارة ليطّلع فريق الإنقاذ على الأضرار ويحاول اتخاذ القرارات بالسرعة المُمكنة.
 

مُنظّمة الهلال الأحمر النمساوية تقوم حاليًا في استخدام المشروع الجديد وتزويد سيّاراتها بهذه التقنيات أملًا في التحرّك سريعًا عند حدوث الكوارث المُختلفة [7].

 

وفي النهاية، قد لا ترى جميع النماذج النور، وهو الاختلاف الوحيد بين معرض جِنيف وبقية المؤتمرات التقنية التي جرت منذ بداية العام الميلادي. لكن وبشكل أو بآخر قد تقوم الشركات بتفكيك تلك النماذج واستخدام أجزاء منها في السيّارات المُستقبلية.
 

وبغض النظر عن الشركة والمعرض، فإن السيّارات المُستقبلية ستزوّد بتقنيات القيادة الذاتية بكل تأكيد، حيث سيلعب الذكاء الاصطناعي دورًا رئيسيًا في الحد من مخاطر القيادة والحوادث الناجمة عن الأخطاء البشرية. إضافة إلى ذلك، الطاقة الكهربائية هي البديل الأوفر حظًّا لتشغيل السيّارات المُستقبلية، خصوصًا مع وجود توجّهات كبيرة نحو الاعتماد على الطاقة الشمسية وتحويلها لكهربائية.
 

أما الأزمات المرورية والازدحام الذي يدفعنا للجنون، فإن حلوله بدأت تظهر شيئًا فشيئًا، وما نموذج إير باص إلا البداية، وقد نرى في 2018 نماذجًا حقيقة ليست تخيّليّة لمركبة مُتعدّدة الاستخدامات أو على الأقل قادرة على الانتقال بين استخدام العجلات التقليدية أو الاعتماد على مراوح قوّية للطيران.

المصدر : الجزيرة