شعار قسم ميدان

مؤتمر غوغل.. عالم من الذكاء الاصطناعي لا مثيل له

ميدان - جوجل

كذبت غوغل في 2016 عندما اتّخذت "صُنع بواسطة غوغل" (Made By Google) شعارا لها، فهي في الظاهر قدّمت مجموعة جديدة من الأجهزة على غرار هواتف "بكسل" (Pixel) ومساعداتها المنزلية "غوغل هوم" (Google Home)، لكن ما خفي كان أعظم.

 

في 2017 لم يختلف شعار الشركة أبدا، فالمؤتمر الذي أُسدل ستاره بالأمس حمل ثمانية أجهزة جديدة للشركة تظهر في الواجهة، لكن خلف الكواليس ذكاء اصطناعي لا مثيل له على أكثر من جانب لا يخلو أي جهاز منه.

 

  

الترفيه المنزلي الذكي

جاءت غوغل هذا العام عكس السير، تماما مثل آبل التي تركت هواتفها حتى نهاية المؤتمر، فهي تحدّثت أولا عن وصول مبيعات الجيل الحالي من مساعدها المنزلي "غوغل هوم" لأكثر من 55 مليون جهاز، وهو رقم كبير جدا لجهاز لم يقضِ عاما ميلاديا كاملا في الأسواق.

 

وما بعد تلك الصدمة كشفت غوغل عن الجيل الجديد الصغير الذي يحمل اسم "غوغل هوم ميني" (Google Home Mini)(1)، وهو نسخة مُصغّرة من مساعد العام الماضي يأتي بتصميم مُدوّر ووجه علوي مصنوع من القُماش مع أضواء "LED" تستجيب للمس مهمّتها الأولية تنبيه المُستخدم عندما يبدأ المُساعد بالاستماع للأوامر الصوتية، مع إمكانية الضغط عليها لتشغيل/إيقاف الصوت، أو الضغط بصورة مُطوّلة لتفعيل المساعد الرقمي. كما أن الأطراف الجانبية للجهاز يُمكن استخدامها لرفع وخفض درجة الصوت، وهذا ضمن أزرار مخفية أسفل القُماش لا تبدو ظاهرة أبدا.

undefined

المُفاجأة الأكبر كانت بالكشف عن جهاز جديد للترفيه المنزلي يحمل اسم "هوم ماكس" (Home Max)، وهو عبارة عن سمّاعة، أو مُكبّر للصوت بجودة عالية، مع دعم المساعد الرقمي كذلك(2). ولم تختلف فكرة التصميم، فالجهاز مُستطيل الشكل لكنه مصنوع من القُماش أيضا، مع إمكانية لمس الأطراف للتحكّم بالصوت، أو لمس الأضواء بنفس طريقة النسخة الصغيرة. لكن ما يُميّز "هوم ماكس" هو وجود مُستشعرات لمعرفة الوسط المُحيط وضبط خروج الصوت لضمان جودة عالية، وهذا يعني أنه في حالة وجود ضجيج في المنزل سيقوم الجهاز برفع الصوت لضمان وصوله إلى الجميع، كما أن نقله من مكان لآخر أثناء عمله سيؤدي إلى تفعيل بعض المُستشعرات لرصد الحواجز وتغيير اتجاه بثّ الصوت، وهذا لضمان ارتداده بالشكل الأمثل فقط دون أن تتأثّر الجودة.

 

 

ويدعم الجهاز الجديد كذلك تطبيقات بثّ الموسيقى من يوتيوب أو سبوتيفاي، وهذا يضع بين يدي المُستخدم أكثر من 35 مليون أغنية لتشغيلها دون الحاجة إلى الاستعانة بالحاسب أو بالهاتف الذكي. كما يُمكن تفعيل المساعد الرقمي وسؤاله عن أغنية ما بمجرّد دندنة بعض الكلمات أو بعض الجمل اللحنية الخاصّة بها، ليقوم بالتعرّف عليها وتشغيلها بشكل فوري. أما السعر فهو 399 دولارا أميركيا، في وقت سيُباع فيه "غوغل هوم ميني" لقاء 49 دولارا فقط.
 

undefined

 
ما سبق تقني بحت، أو مُجرّد مواصفات تقنية يُمكن أن تتطوّر مع مرور الوقت، لكن تلك الأجهزة تتميّز بوجود مساعد غوغل الرقمي "غوغل أسيستنت" (Google Assistant)، الأمر الذي يسمح لها أولا بالتعرّف على صوت المستخدم ومن ثم الإجابة على طلباته بناء على ذلك، لو طلب المستخدم من المساعد الاتصال بوالدته فإن الذكاء الاصطناعي سيقوم بتحديد صاحب الصوت للاتصال بوالدته فوريا، ولو جاء شخص آخر وكرّر نفس الأمر لن يتم الاتصال بنفس الرقم بسبب اختلاف سجل الأسماء. مثال آخر عند طلب تشغيل الأغاني من حساب المُستخدم في يوتيوب فالمساعد أولا يُحدّد صاحب الصوت، ثم يقوم بجلب قائمة التشغيل الخاصّة به. وإضافة إلى ذلك المستوى من الذكاء، يُمكن استخدام أكثر من جهاز في نفس الوقت دون أن تتداخل، وسيتم التنسيق فيما بينها بشكل آلي دون مشكلات أبدا.

undefined

 
 

الحوسبة السحابية

تؤمن غوغل أن عاملين سيقومان بدفع العجلة التقنية في السنوات العشر المُقبلة تبدأ بالتخزين السحابي، فالمستخدم يعتمد على أكثر من جهاز حاليا ويحتاج إلى أن تتوفّر نفس البيانات على جميع الأجهزة في هذا الوقت، وهو الفكر الذي بُني عليه نظام "كروم أو إس" (Chrome OS) بالأساس.

 

ومن أجل ذلك أطلقت غوغل حاسبا جديدا حمل اسم "بكسل بوك" (Pixel Book)، أول حاسب يعمل بنظام "كروم أو إس" ويدعم مساعدها الرقمي(3)(4)، وهذا تأكيدا منها على أهمّية العامل الثاني المُتمثّل بالذكاء الاصطناعي. ويحمل الحاسب الجديد شاشة 12.3 بوصة بدقّة "QHD" تستجيب للمس، وذواكر وصول عشوائي 16 غيغابايت مع مساحة تخزين داخلية 512 غيغابايت. أما المُعالج، فالمستخدم بإمكانه الاختيار بين "كور آي 5" (Core i5) أو "كور آي 7" (Core i7) من إنتاج شركة إنتل. كما زوّد ببطارية تدوم حتى عشر ساعات مع منفذ "يو إس بي-سي" (USB-C)، وهذا للاستفادة من خاصيّة الشحن السريع.

 

ولن تكتمل أهمّية الحاسب دون القلم الذكي الجديد الذي يحمل اسم "بيكسل بوك بن" (Pixelbook Pen)، القلم القادر على استشعار 2000 درجة ضغط مُختلفة لتوفير دقّة أثناء الكتابة أو الرسم. وبالاستفادة من "غوغل أسيستنت" يُمكن مثلا تحديد أي صورة أثناء تصفّح الويب عبر القلم ليقوم المساعد الرقمي بعرض معلومات عن صاحبها. كما يُمكن تحديد أي كلمة لمعرفة ترجمتها أيضا بشكل فوري دون الحاجة إلى طلب ذلك، لأن النظام يتعلّم عادات المُستخدم شيئا فشيئا.

 

 

وإلى جانب تخصيص زر للمساعد الرقمي في لوحة المفاتيح المُزوّدة بأضواء خلفية، يُمكن طرح الأسئلة بصورة كتابية عوضا عن الصوتية بشكل دائم. كما وفّرت الشركة بعض الميزات الذكية مثل تفعيل الإنترنت من هاتف المستخدم عند غياب الشبكات اللاسلكية دون الحاجة إلى تفعيل هذا الأمر بشكل يدوي. أما الأبرز بالنسبة للمستخدمين فهو وصول متجر تطبيقات "غوغل بلاي" (Google Play) بشكل كامل تقريبا إلى تقديم مجموعة كبيرة من التطبيقات المتوفّرة سابقا لنظام أندرويد فقط.

 

وبسبب الوجه الخلفي المصنوع من الزجاج المقاوم للكسر وفق تقنية "غوريلا غلاس" (Gorilla Glass)، والهيكل المصنوع من الألمنيوم، والبطارية التي تُقدم فترة استخدام تصل إلى ساعتين بعد شحنها 15 دقيقة فقط، وصل سعر الجهاز إلى 999 دولارا أميركيا بدون القلم الذي سيُباع على حدة بسعر 99 دولارا أميركيا.

 

ذكاء في أجهزة أُخرى

خصّصت غوغل نهاية المؤتمر للحديث عن ثلاثة أجهزة جديدة بدأتها بنظّارات الواقع الافتراضي "داي دريم فيو" (Day Dream View)، النظّارات التي تأتي بوجه مصنوع من القُماش ودعم لتشغيل الأفلام بتقنية "آي ماكس" (IMAX)، وهي الأقل أهمّية من بين البقية التي تضمّنت سمّاعات لاسلكية ذكية للمرّة الأولى من غوغل(5).

 

"بيكسل بادز" (Pixel Buds) هو اسم السمّاعات الجديدة التي ستُباع لقاء 159 دولارا أميركيا(6)(7)، وهو مبلغ قليل نوعا ما بالنظر إلى إمكانياتها التي تبدأ بتشغيل الموسيقى والتنبيهات الصوتية تماما مثل أي سماعات أُخرى. لكنها تدعم اللمس أولا، ومساعد غوغل الرقمي ثانيا، الأمر الأكثر أهمّية لأن وظيفته لا تتوقّف عند تشغيل الأغاني أو الاتصال بأحد الأسماء فقط، بل بالترجمة الفورية من لغة إلى الثانية، وهذا أمر استعرضته غوغل على خشبة المسرح. يُمكن للمستخدم الأول أن يتحدث بالعربية على الرغم من عدم إلمام الشخص الآخر بها، لتقوم السمّاعات بترجمة ما يقوله الأول بشكل فوري. أما الإجابة فهي بنفس الآلية، إذ يقوم الشخص الثاني بالإجابة بلغته ليقوم مساعد غوغل الرقمي في هاتف، أو سمّاعات، الشخص الثاني بتحويلها إلى لغته الأم.

  

أما الجهاز الأخير فكان كاميرا "غوغل كليبس" (Google Clips)(8)(9)، الكاميرا الذكية القادرة على التقاط المشاهد المهمّة بشكل آلي نظرا لوجود مُستشعرات وخوارزميات ذكية تعمل على تحليل المشهد أمامها ومن ثم التقاطها عندما تظن أنه جدير بالتسجيل لتخزينه سحابيا. وأكّدت الشركة أن العدسة مزوّدة بتقنيات قادرة على رصد الضحكات أو الحركات غير المألوفة للأشخاص من أجل تسجيلها والتمتّع بها فيما بعد لتجنّب ضياع أي لقطة مهمّة على المُستخدم.

 

  

هواتف بكسل

undefined
 
كان من الضروري ترك هواتف "بكسل" الجديدة إلى النهاية نظرا للفكر الجديد الذي تحمله في بعض النواحي، وتحديدا المساعد الرقمي. ومن دون مفاجآت كشفت غوغل عن "بكسل 2″ (Pixel 2) و"بكسل 2 إكس إل" (Pixel 2 XL)(10)(11)، الهواتف التي تحمل شاشة بتقنية "أوليد" (OLED) بالدقّة الكاملة (FHD) وبحجم 5 بوصة في الأول، وبدقّة "كيو إتش دي" (QHD) بحجم 6 بوصة في الثاني، دون نسيان وجود مُكبّرين للصوت على الوجه الأمامي.

 

الوجه الخلفي مصنوع من الألمنيوم في كلا الجهازين مع قسم علوي مصنوع من الزجاج يحمل كاميرا بعدسة واحدة ومُستشعرا للبصمة في منتصف الجهاز تقريبا. أما الوجه الأمامي فهو يختلف من جهاز للآخر نوعا ما، فالصغير يحمل شاشة عادية لا تمتد على كامل الوجه الأمامي، في وقت يحمل الثاني فيه شاشة تُغطّي مساحة كبيرة من الوجه الأمامي.

 

 

غوغل اختارت معالج "سناب دراغون 835" (Snapdragon 835) لتشغيل الأجهزة الجديدة، مع كاميرا بدقّة 12 ميغابكسل تحمل مُثبّتا بصريا "أو آي إس" (OIS) وآخر إلكتروني "إي آي إس" (EIS) لتوفير ثبات لا مثيل له أبدا. واستمرارا مع الكاميرا أكّدت غوغل أنها حصلت على 98 علامة في اختبارات DXOMARK(12)، الأمر الذي يجعلها الأفضل على الإطلاق تماما مثل العام الماضي. كما اختارت الشركة كاميرا أمامية بدقّة 8 ميغابكسل، وما يُميّز تلك الكاميرات، الأمامية والخلفية، هو إمكانية التصوير بوضعية "بورتريه" (Portrait) دون الحاجة إلى استخدام عدستين مثل بقيّة الأجهزة، وهذا بفضل الخوارزميات التي تعمل خلال أجزاء من الثانية لتحديد العناصر وأبعادها كذلك.

 

  

داخليا، يحمل الجهاز ذواكر 4 غيغابايت ومساحة تخزين 64 غيغابايت أو 128 غيغابايت مع منفذ "يو إس بي سي" (USB-C) فقط، ودعم للجيل الخامس من تقنية بلوتوث كذلك. تلك التقنيات تجعل من استخدام الواقع المُعزّز بفضل حزمة "إي آر كور" (ARCore) مُمكنا، لتكون الهواتف الجديدة الأولى من غوغل التي تدعم هذا الأمر بقدرات عالية جدا.

 

ولا يُمكن إهمال دور الذكاء الاصطناعي في الهواتف الجديدة بفضل "غوغل أسيستنت" الذي يُمكن تفعيله بالمناسبة بمجرد الضغط على حواف الأجهزة الجديدة التي تحمل مُستشعرات تتعرّف على قوّة الضغط على الأطراف لتنفيذ وظائف مُختلفة، تماما مثل هواتف "يو 11" (U11) من "إتش تي سي" (HTC). واستعرضت الشركة ميزات مثل التعرّف على الأغاني عبر الخوارزميات الذكية ودون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت، أي أن كل شيء يتم داخل الجهاز كنوع من حماية الخصوصية أولا، ومن الاستقلالية عن شبكات الإنترنت ثانيا. كما كشفت الشركة عن عدسات غوغل (Google Lenses)، العين الإلكترونية التي تمسح لمساعد الشركة الرقمي بتحليل العناصر الظاهرة أمامه لتقديم بيانات مُختلفة.

 

مع بداية المؤتمر ذكر الرئيس التنفيذي لشركة غوغل أنها تؤمن بانتقال التقنية من الحواسب المُتنقّلة إلى الحوسبة الذكية (Mobile to AI)، وهذا يبدو واضحا جدا في الأجهزة الثمانية التي رأت النور اليوم، فباستثناء نظّارات الواقع المُعزّز، حمل كل جهاز مجموعة من التقنيات الذكية التي تجعل المشهد أكثر وضوحا، فبغض النظر عن الجهاز أو التطبيق، لا بُد من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتعلّم الذاتي للآلة لتقديم تجربة استخدام غير مسبوقة.

المصدر : الجزيرة