شعار قسم ميدان

ما بعد الكلاسيكو: بين تشافي وأنشيلوتي.. من يحتاج إلى ميسي؟

تشافي هيرنانديز وكارلو أنشيلوتي بينهما ليونيل ميسي وكريم بنزيمة

لِنَتَحلَّ ببعض الصراحة، فوز برشلونة على ريال مدريد في ضوء معطيات الأسابيع القليلة الماضية ليس مفاجئا. قبل بضعة أشهر، كان الحديث عنه ضربا من الجنون، ولكن الآن عنصر المفاجأة الوحيد كان النتيجة، التي تبدو كبيرة مقارنة بالتوقعات، ولكنها لا تبدو بهذا الحجم مقارنة بسير المباراة.

 

فاز برشلونة بالكلاسيكو للمرة الأولى بعد 6 مباريات بلا فوز، موقفا سلسلة انتصارات ريال مدريد المتتالية في كبرى مباريات إسبانيا عند 5، وذلك بأربعة أهداف دون رد. في النهاية، فإن القدرة على قول عبارات كانت تبدو مستبعدة تماما قبل فترة ليست ببعيدة، تظل أبلغ أمارات التحول، سواء كان سلبيا أو إيجابيا.

 

نقيض الشيء قاتلُه

"أيا كانت النتيجة، سواء فاز أو تعادل أو خسر في كلاسيكو الأحد أمام ريال مدريد، هناك أدلة صحيحة على أن برشلونة يتحول إلى قوة مجددا"(1)

Soccer Football - LaLiga - Real Madrid v FC Barcelona - Santiago Bernabeu, Madrid, Spain - March 20, 2022 FC Barcelona players celebrate after the match REUTERS/Susana Vera TPX IMAGES OF THE DAY

هذا كان حديث شبكة "ESPN" الرياضية مثلا قبل المباراة، لم يكن سرا أن برشلونة بات فريقا قادرا على مناطحة ريال مدريد في زمن قياسي. لم يعد من الصعب رؤية أن هناك نورا ما في آخر النفق المظلم. عودة كل شيء إلى سابق عهده كان يبدو شيئا لن يحدث قبل فترة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات في أكثر التقديرات تفاؤلا، ولكن الآن هناك خطوات واضحة على طريق العودة.

 

كل خطوة تقود إلى التالية. أولا عمدت إدارة الرئيس خوان لابورتا إلى السيطرة على رواتب الفريق وإصلاح الوضع الاقتصادي بأي طريقة، فانخفضت جودة الفريق ومن ثم نتائجه، في قصة بات شريرها الأوحد -بطريقة أو بأخرى- هو المدرب السابق رونالد كومان. هذا لم يكن صحيحا 100%، ولكن ما بُني على قرارات جوسيب ماريا بارتوميو فهو باطل. رحيل كومان كان سيحدث حتما، ووصول تشافي وإن كان يبدو كخطوة رومانسية للغاية، إلا أنه كان تحرك برشلونة الأفضل على الإطلاق منذ رحيل لويس إنريكي.

 

في يناير، وباستغلال أكبر قدر ممكن من الفرص الذهبية في سوق الانتقالات لإضافة المزيد من الجودة مع ضمان عدم تفاقم الوضع الاقتصادي السيئ بالفعل، بات شكل الفريق أفضل فرديا وجماعيا، فمع كامل الاحترام لكل الأسماء، فإن خط هجوم مُكوّنا من أداما تراوري وبيير إيميريك أوباميانج وفيران توريس، يبدو أفضل بعض الشيء من عبد الصمد الزلزولي ولوك دي يونج وفيران جوتجلا(2).

Soccer Football - LaLiga - Real Madrid v FC Barcelona - Santiago Bernabeu, Madrid, Spain - March 20, 2022 Real Madrid's Vinicius Junior in action with FC Barcelona's Adama Traore REUTERS/Javier Barbancho
"فينيسيوس جونيور" لاعب ريال مدريد و"آداما تراوري" لاعب برشلونة

بالتوازي مع ذلك، كان تشافي يُعيد بناء قواعد غائبة عن النادي منذ فترة، فصار هناك نمط واضح للتدريبات يخدم الأفكار المطبقة على أرض الملعب بشكل مباشر، وارتفع العامل النفسي كثيرا لدى اللاعبين، وبدأ أسلوب برشلونة الشهير يعود إلى الواجهة، ومعه مزيج مميز من انصهار الجدد وعودة الحياة إلى القدامى، وفوق كل ذلك لم يعد هناك من يفوق تشافي أو يناطحه داخل غرف الملابس، فمن تبقى ممن أسموهم "الأبقار المقدسة" هم أصدقاء وزملاء سابقون كان قائدهم في يوم من الأيام، وهم في هذه اللحظة بحاجة إليه أكثر مما هو بحاجة إليهم، والدليل في الملعب، خصوصا سيرجيو بوسكيتس وجوردي ألبا.

 

المحصلة أن الكلاسيكو الذي ظن البعض أنه سيكون لحظة الحقيقة لاختبار صحوة برشلونة مع تشافي في الآونة الأخيرة، صار درة تاجها لا أكثر. لم يكن اختبارا، بل دليلا قاطعا لا يقبل الشك. الرجل الذي تسلّم المهمة المعقدة للغاية في نوفمبر، فرض أسلوبه ووضعه ومنظومته في زمن قياسي للغاية، ليتحول السؤال من "هل كان تشافي هو الخيار الصحيح؟" إلى "لماذا لم يأتِ منذ بداية الموسم؟"، ولكن ربما لم يكن ذلك الأخير هو الخيار الأفضل، وهو ما سنتعرض له لاحقا.

 

رجلان فقدا ميسي

Soccer Football - South American Qualifiers - Argentina v Venezuela - Estadio La Bombonera, Buenos Aires, Argentina - March 25, 2022 Argentina's Lionel Messi reacts REUTERS/Agustin Marcarian

بتوجيه السؤال إلى الدفة الأخرى: ماذا كان كارلو أنشيلوتي يفعل حقا منذ بداية الموسم؟ الإيطالي تسلم فريقا متماسكا من جميع الجوانب من البداية، إلى درجة أنك إذا قارنته بغريمه الكتالوني في ذلك الوقت فستجده يفوقه على كل الصُّعُد، من جودة القائمة إلى الاستقرار الإداري. هل يشعر جماهير ريال مدريد أن الرجل ترك بصمة واضحة منذ أغسطس وإلى اليوم؟ هل تمكن من فرض هوية واضحة أو منظومة لعب ثابتة أيا ما كانت؟

 

الجواب هو: نعم، الرجل رسخ بشكل أو بآخر لفترة يعرفها مشجعو برشلونة جيدا: حكم الفرد الواحد. منظومة هجومية تتكون من كريم بنزيما، ويتألق فيها فينيسيوس جونيور إلى جواره. إن غاب فينيسيوس أو لعب بشكل سيّئ، بنزيما سيتصرف بشكل أو بآخر، ولكن من يتصرف إن غاب بنزيما؟

 

بالطبع يدرك كل محب للملكي حجم العيوب التي ظهرت على فريقه في هذا الكلاسيكو، لكن ذلك لم يوقف العديد منهم عن قول إن وجود بنزيما كان سيغير نتيجة المباراة. لا ننوي مناقشة هذه الفرضية لأنها واردة بالطبع، إن لم تتغير النتيجة النهائية فعلى الأقل يمكننا الاتفاق أن شكل العملية الهجومية للميرينجي كان سيختلف وسيصبح أكثر خطورة، ولكننا نريد استخلاص شيء محدد من هذا الطرح، في سياق مقارنة الأدوار والأهمية داخل الملعب فقط: هل يختلف بنزيما مع أنشيلوتي كثيرا عن ليونيل ميسي مع إرنستو فالفيردي؟

 

رغم أن ريال مدريد يزخر بالعناصر الهجومية، ولم يكن مضطرا لإجراء 3 تدعيمات هجومية في الشتاء كي لا يلعب بالناشئين، فإنها تظل واحدة من أبرز أزمات أنشيلوتي المتكررة. امنحه جاتوزو وسيدورف مع بيرلو وسيوظفهما حوله لصناعة وسط رائع، امنحه ريال مدريد 2014 وسيمنحك مرتدات لا تقهر، امنحه دومينيك كالفرت لوين وخاميس رودريجيز وسيمنحك طوفانا من العرضيات والتسديدات من الخارج، ولكن خذ منه واحدا من أهم عناصر تدوير الماكينة التي اعتمدها في بداية الموسم، سيخسر برباعية نظيفة، وسيكون فقدانه هو المبرر الأول. الحديث ليس عن الكلاسيكو وبنزيما، بل عن أتلتيكو مدريد ولوكا مودريتش في 2015، وربما -فقط ربما- قد يكون هذا الأمر من أسباب فوز أنشيلوتي بأربعة دوريات فقط في ربع قرن من التدريب(3).

MADRID, SPAIN - MARCH 20: Real Madrid Manager, Carlo Ancelotti looks on during the LaLiga Santander match between Real Madrid CF and FC Barcelona at Estadio Santiago Bernabeu on March 20, 2022 in Madrid, Spain. (Photo by Denis Doyle/Getty Images)

الرجل الذي يعاني فرطا من المرونة، يكاد يتجمد تماما عندما نصل إلى هذا المنعطف تحديدا في الموسم، وهذا ما حدث بوضوح شديد للغاية عندما فقد ميسي الخاص به في مواجهة برشلونة. وصول منظومة الفريق إلى هذه الحالة من الاتكالية على فرد واحد أمر يعرف برشلونة جيدا عيوبه قبل مزاياه، ففي غيابه تصبح بلا مأوى، وفي وجوده تصبح تحت رحمته، إن كان يقظا اليوم سنفوز، وإن غاب عنه التوفيق فالستر من عند الله.

 

هذا ليس ادعاء بالباطل، بل مشاهد واضحة في الملعب أيدها أنشيلوتي نفسه، والذي رفض الحصول على فضل زائف فيما حققه فريقه أمام باريس سان جيرمان قبل أسبوعين، فبينما جنح البعض ممن لم يشاهدوا سوى الشوط الثاني الإياب على الأرجح في الحديث عن تفوق أنشيلوتي التكتيكي على ماوريسيو بوتشيتينو، نسب الرجل الإيطالي الفضل إلى بنزيما وسحر ملعب سانتياجو بيرنابيو(4).

 

وبينما فقد أنشيلوتي نسخته من ميسي في مباراة، فقدَ برشلونة ميسي الحقيقي نفسه قبل أن يصل تشافي بثلاثة أشهر. هذا المشهد أخرج سلسلة من النظريات التي عادت للحياة مرة أخرى بظهور تقارير عن عودة ميسي بعد خيبة باريس الأخيرة وصافرات الجماهير ضده، وهي نظريات تقول إن تشافي لم يكن ينوي تسلم قيادة برشلونة حتى يرحل ميسي.

 

هل من الممكن حقا أن يكون هناك مدرب لا يريد ميسي لدرجة أنه رفض تسلم وظيفة أحلامه حتى يتخلص منه؟ هذه النظرية تملك دعامتين رئيسيتين: الأولى هي أن تشافي سيكون بحاجة إلى فرض أسلوب معين بإجراءات صارمة، ولن يتمكن من فعل ذلك في وجود قوة مضادة أو مساوية داخل غرفة الملابس، أما الثانية فهي فنية بحتة عبّر عنها تشافي نفسه بالقول: "لا يمكننا أن نملك لاعبا لا يضغط في فريقنا. هذا واضح للغاية. الضغط هو أساس لعبتنا، وهو غير قابل للتفاوض"(5).

 

ميسي لا يضغط. هذه ليست مفاجأة، حتى في أيامه الأخيرة مع برشلونة كان الأمر واضحا للغاية، ومبررا للأمانة، فهو يدخر جهده لأمور أكثر أهمية. في نهاية يناير الماضي، كان ميسي في آخر 7% بين أقران مركزه في الدوري الفرنسي على مستوى الضغط، وفي آخر 2% في عمليات الضغط الناجحة، وبطبيعة الحال في آخر 1% على صعيد التدخلات. أعد قراءة مقولة تشافي وأخبرنا كيف لا تكتسب هذه النظرية شيئا من الشرعية داخل العقول الآن(6).

epa09398660 (FILE) - FC Barcelona's striker Leo Messi reacts during the Spanish LaLiga soccer match between FC barcelona and Celta Vigo held at Camp Nou stadium, in Barcelona, Spain, 16 May 2021 (Reissued 05 August 2021). FC Barcelona issued a statement announcing Lionel Messi will not extend his contract with the team due to 'economic and structural obstacles'. EPA-EFE/Alejandro Garcia

 

ذُبح الكبش.. لا عودة

نعم، تملك النظرية أرضية واضحة من المنطق، ولكن أكثر ما يؤيدها حقا ليست الأسباب الفنية ولا التحليلات الرقمية، بل تحركات تشافي نفسه قبل الوصول. لم يعتبر الرجل نفسه جاهزا لتولي المهمة في بداية الموسم، ولكن بعدها بثلاثة أشهر فقط وافق، ما الذي تغير؟ هل أتم ما يلزم من الجاهزية خلال تلك الفترة القصيرة؟

ما تغير لم يكن رحيل كومان، فالكل كان يعلم منذ بداية الموسم أنها مسألة وقت، وأن البديل -تشافي في هذه الحالة- لو وافق قبل بداية الموسم لما استمر كومان إلى نوفمبر. التغيير الحقيقي كان مذبحة الصيف الاقتصادية التي أسفرت عن التخلص من أسماء بحجم ليونيل ميسي وأنطوان جريزمان، والأخير من أكبر خطايا بارتوميو على الإطلاق.

ولكن إذا كانت الجماهير ستتصالح -وهو ما حدث بالفعل- مع رحيل جريزمان لأنه لا يملك لديها أي رصيد، ولأن الخلل كان واضحا للعيان إلى حد مريع، فإن رحيل ميسي ليس بالحدث الذي يمر مرور الكرام. الموقف الرسمي أُعلن بوضوح، واتفق ميسي ولابورتا ضمنيا على توجيه دفة اللوم للفاجعة الاقتصادية التي تسبب بها النظام السابق، ولكن ذلك لم يكن كافيا لتوحيد أصابع الاتهام(7).

epa09399912 Barcelona's FC President Joan Laporta addresses a press conference to explain the reason why Argentine forward Lionel Messi will not extend his contract with the team in Barcelona, Spain, 06 August 2021. FC Barcelona issued a statement on 05 August announcing Argentinian striker Lionel Messi will not extend his contract with the team due to 'economic and structural obstacles'. EPA-EFE/ALEJANDRO GARCIA
لابورتا

خلال الأسابيع الأولى التي تلت إعلان الخامس من أغسطس، حاصرتنا الضوضاء من كل حدب وصوب، فتارة لابورتا هو المسؤول لأنه كان يعرف منذ البداية أن تجديد عقد ميسي مستحيل من الناحية العملية ورغم ذلك واصل خداع الجميع، وتارة أخرى نجد المَلُوْم هو ميسي نفسه لأنه رفض اللعب مجانا، يليه والده خورخي ميسي الذي خطط منذ البداية لنقله إلى باريس سان جيرمان، وهكذا استمرت المتوالية لدرجة أن بعض هذه الأصابع اتجهت إلى كومان. دقيقة واحدة من التفكير المنطقي ستصل في أغلب الحالات إلى الإجابة: هذا الرجل رغم كل شيء يظل آخر من يريد خسارة ميسي مع ازدياد تهالك الفريق أكثر فأكثر.

 

ما حدث ببساطة هو أن كومان الذي استقدمته إدارة رغبت في التدرع به أمام الجماهير ليتحمل هو بعض الإجراءات الاضطرارية مثل بيع لويس سواريز، أتته إدارة أخرى أجلت إقالته حتى يرث لقب المدرب الذي شهد عهده انهيارا تاريخيا بعد رحيل ميسي، تمهيدا لذبحه في وقت لاحق. لدى كومان العديد من الأخطاء، هذا لا يمكن إنكاره، ولكن ما لا يمكن إنكاره أيضا أن طريقه كان مليئا بالفخاخ، أما ما لا يعفيه فهو معرفته السابقة بوجود هذه الظروف والاحتمالات، وقبوله هذه الفرصة المحاطة بالأشواك لأنه يعلم أنها -حتما- لن تأتي مجددا(8).

 

تذكرون الموروث الشهير الذي كان يقول إن برشلونة سيتحول إلى واحد من فرق منتصف الجدول بمجرد رحيل ميسي؟ كان هذا في الماضي مجرد انطباع، ولكنه صار حقيقة واضحة لا تقبل الجدل بمجرد رحيله. برشلونة سجل هدفين فقط في مجموعات دوري أبطال أوروبا جامعا 7 نقاط لا أكثر، وحقق العديد من النتائج المزرية في الليجا، أبرزها الخسارة أمام رايو فايكانو التي أطاحت بالمدرب الهولندي في طائرة العودة(9).

 

أيهما أفضل؟ أن يتسلم تشافي كل هذه الفوضى التي تسلمها كومان، أم يترك آثارها ترتبط به أولا ليأتي وقت "المُخلِّص" لاحقا؟ أولا يجب أن نقر بأن الرجل يملك مشروعا كرويا واضح الأفكار والمعالم، وتطبيقه بطبيعة الحال يتطلب العديد من الأشياء، أولها وأهمها وأكثرها حيوية يظل الوقت، وهو ما لا يسهل أبدا توفيره في الأندية الكبيرة.

Soccer Football - LaLiga - Real Madrid v FC Barcelona - Santiago Bernabeu, Madrid, Spain - March 20, 2022 FC Barcelona coach Xavi REUTERS/Javier Barbancho
تشافي

الآن لا أحد يتحدث عن نتائج تشافي السيئة في بدايته والتي تعتبر أمرا طبيعيا للغاية في مراحل إعادة البناء، لأن كومان دفع الفاتورة قبل رحيله، وسلم تشافي جريحا لا يملك رفاهية التذمر. يقول لابورتا إن رحيل ميسي والاضطرار للتعامل مع حقبة ما بعده كان حتمية تاريخية، كل ما حدث أنها أتت أبكر بسنتين من وقتها المتوقع، ولكن المثير للحيرة هنا هو انتظار تشافي في بادئ الأمر ثم موافقته السريعة لاحقا(10).

 

هل كان فقط مجرد انتظار للتخلص من عواقب تحمل المسؤولية المباشرة عن الفوضى التي تلت رحيل ميسي؟ هل كان يعلم أن ميسي سيرحل وأراد الابتعاد عن المشهد حتى يتم ذلك ولا يؤثر على بدايته، أم كان حقا لا يريد ميسي في الفريق كما يقال؟ إن صحت الثالثة فهو ما كان ليصبح قادرا على اتخاذ قرار بهذه الجرأة وافتتاح حقبته به، فميسي لم يكن رونالدينيو الذي أطاح به جوارديولا في بداية حقبته لإفراطه في الشرب والسهرات وتغيبه عن التدريبات، وبعيدا عن كل ذلك هو صديق مقرب وزميل أمجاد لا تُنسى. الأمر صعب للغاية رياضيا وشخصيا(11).

 

سواء كان فقط يعلم أن ميسي سيرحل، أو كان يريد رحيله، في الحالتين يبدو الخيار الأفضل هو انتظار وقوع الكارثة ثم البدء على أنقاضها. وبالنظر إلى ما حققه تشافي حتى الآن، فنحن بالتأكيد أمام رجل يحسب خطواته جيدا. يمكننا بالطبع اختيار الطريق الأسهل في التعامل مع هذه المسألة واستدعاء كلمات تشافي قبل أيام قليلة للغاية حين قال: "ميسي هو أفضل لاعب في التاريخ، ودائما سيكون مرحّبا بعودته إلى برشلونة. ما دمتُ المدرب فلا أمانع إن أراد أن يأتي إلى هنا كل يوم. أعتقد أننا ندين له بالكثير"، ولكن ضع نفسك مكانه مهما كانت نواياك الداخلية، وأخبرنا إن كنت لتقول شيئا مغايرا(12).

 

الساعة لن تعود إلى الوراء، وميسي على الأرجح لن يعود إلى برشلونة، سواء أراد تشافي ذلك أو عارضه، فالأسباب الاقتصادية لا تزال واضحة، والأسباب الرياضية أوضح. بعيدا عن العاطفة التي ستستقبله بالأحضان وقتما يرغب في العودة، الفريق اختبر بالفعل المرحلة الأصعب بعد رحيله وأظهر أن هناك إمكانية لبدء حقبة جديدة ناجحة، فهل تبدو استعادة رمز الحقبة السابقة في عمر 35 عاما خيارا منطقيا بعد كل هذا العناء؟

—————————————————————-

المصادر

  1. تقرير ESPN قبل الكلاسيكو
  2. انتقالات برشلونة في يناير 2022
  3. تقرير بي بي سي عن مباراة أتلتيكو مدريد وريال مدريد في 2015
  4. تصريحات أنشيلوتي عن الفوز على باريس سان جيرمان
  5. تصريحات تشافي عن الضغط
  6. تقرير فوتبول بلانت عن أرقام ميسي
  7. بيان برشلونة لإعلان رحيل ميسي
  8. تصريحات لويس سواريز عن تعامل كومان معه وقت إبلاغه بالرحيل
  9. حديث كومان عن إقالته على متن الطائرة
  10. تصريحات لابورتا عن رحيل ميسي
  11. أسباب تخلص جوارديولا من رونالدينيو
  12. تصريحات تشافي عن عودة ميسي
المصدر : الجزيرة