شعار قسم ميدان

جامعة ونظارة ومحاسب إيطالي.. ما وراء أحصنة اليورو السوداء

قانون رقم 1: يحب العالم تشجيع المُهمَّشين أمام الكبار، قانون رقم 2: يكره العالم نجاح المُهمَّشين الزائد عن حدِّه لأنه يحرمهم من متعة تنافس الكبار. معادلة متناقضة للغاية، تكون نتيجتها الإشادة بأداء البعض وقصصهم وملاحمهم، ثم نسيان أسمائهم صباح اليوم التالي، هم ليسوا جديرين بالبحث خلف كواليس إنجازهم، يكفي فقط أن نُصفِّق لهم على منصة التتويج ونُذكِّر الحيتان أن للفقراء نصيبا من الدنيا، ثم ننسى ما حدث برُمَّته بعدها بساعات، وإن لم ننسه فإنه يظل إنجازا سطحيا في عقول الغالبية، ولا يهتم أحد بالبحث خلف تفاصيله.

ولكن في الحقيقة، لا يوجد شيء جدير بمعرفة كواليسه وما يحدث في غُرفه المغلقة أكثر من قصص نجاح المُهمَّشين، والسبب بسيط للغاية؛ أنهم يحتاجون إلى الكثير من العمل والجهد حتى يقارعوا أصحاب الإمكانيات. هل تذكر قصة الأرنب والسلحفاة الشهيرة التي سمعناها كثيرا في طفولتنا؟ ماذا كان يحتاج الأرنب فيها سوى أن يركض منتظما حتى ولو بأقل سرعة لديه لكي يفوز؟

على الجانب الآخر، لم يكن هناك أمتع من السير مع تفاصيل ما قامت به السلحفاة، حتى وإن خسرت أمام أرنب أكثر جدية، لن ينفي ذلك أنها احتاجت إلى الكثير من الجهد والتخطيط حتى تقارعه فقط، بينما لا يحتاج هو غالبا إلى فعل الكثير حتى نخلق تفاصيل من العدم حول نجاحه، فقط لاعتقادنا أن الأفضل دائما يمتلك ما هو أجدر بالسرد والحكايات. عزيزي القارئ، لدينا بعض السلاحف في يورو 2020.

قدَّمت أيسلندا في 2016 بطولة يورو استثنائية ومفاجئة، ونعتقد أيضا أن السواد الأعظم من متابعي اللعبة عرف جيدا

عقب الأداء البطولي لمنتخب اليابان أمام بلجيكا في كأس العالم 2018، عادت إلى الأذهان قصة قديمة بدأت في 1994، حين فشل المنتخب الياباني في الصعود للمونديال، فاجتمع كل القائمين على كرة القدم من أجل دراسة أسباب الفشل في ذلك، ووضعوا خطة تُمكِّنهم من تفادي تكراره، وبالفعل، منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، لم تغب شمس اليابان عن كأس العالم ولا مرة، ووفقا لوضعهم الحالي في آسيا، ليس منتظرا أن يحدث ذلك في المستقبل القريب على الأقل. (1)

هذه القصة قد تكون معروفة بهذا الشكل لعدد كبير من جماهير اللعبة، ولكن إن سألت عما وراء الاجتماع فلن تجد إجابة على الأرجح، أيسلندا في 2016 قدَّمت بطولة يورو استثنائية ومفاجئة، ونعتقد أيضا أن السواد الأعظم من متابعي اللعبة عرف جيدا أن ذلك الأمر جاء نتاجا لمشروع وخطة ممنهجة نجحوا من خلالها في وضع جزيرتهم الصغيرة على خارطة كرة القدم، ولكن ماذا حدث بالضبط؟ نادرا ما ستجد الإجابة. (2)

السبب في ذلك أولا أنه لا أحد يهتم بتفاصيل الصغار، فضلا عن عدم اهتمام الغالبية بالتفاصيل من الأساس، والسبب الثاني هو عدم القدرة على فهم كيف يكون المشروع فيما يخص المنتخبات، فمثلا يربط المشجعون أن هذا النادي أقام مشروعا بأنه اشترى عددا من اللاعبين، أما المنتخب، فما الآلية التي تجعله يُخرِج عددا من اللاعبين الذين يحملون الجنسية نفسها في حقبة واحدة لكي يُكوِّنوا فريقا قويا؟ وما الضامن أن يحدث ذلك؟

قبل الخوض في الإجابة، نتفق أننا استمتعنا معا بمنافسات يورو 2020 وما فيها من مفاجآت وإثارة، ونعتقد أنك استمتعت معنا بها، ولذلك كان من المثير أن نستغل تلك الحالة من المتعة لنبحث معا حول قصص الصعود غير المتوقَّعة، وبالبحث، وجدنا 3 قصص نعتقد أنك ستجد فيها شيئا من المتعة، تماما كتلك التي وجدتها في مباريات البطولة.

هل سمعت يوما عن فريق يحتل المركز الأخير فيكسب احترام العالم؟ نشك أن ذلك حدث في تاريخ كرة القدم إلا نادرا، وفي واحدة من تلك النوادر، جاءت نسخة المجر في يورو 2020، التي تذيَّلت ترتيب مجموعة الموت بوجود فرنسا والبرتغال وألمانيا، لكن التصفيقات أحاطت بالمجريين من كل جانب أكثر من الكبار الثلاثة. (3)

المجر هي بلاد لا يذكرها التاريخ الحديث كرويا، تعيش على أمجاد بوشكاش ولم تُحقِّق إنجازا بعد يورو 1974 حين احتلت المركز الرابع، ولكنهم في يورو 2016، فاجأوا الجميع بتصدُّرهم مجموعة تضم البرتغال والنمسا وأيسلندا، قبل توديع البطولة على يد بلجيكا في ثمن النهائي، ورغم التأهل الذي حقَّقوه في النسخة الماضية وفشلوا فيه هذه المرة، فإن نسختهم في بطولة يورو 2020 التي لعبت في 2021 كانت أكثر قوة وتماسكا. (4)

ذلك التطور الذي شهدته المجر في المنتخب شهدته قبلها على مستوى تنافسية الدوري، والسبب في كلتا الحالتين رجل يُدعى ماركو روسي، المدير الفني الذي وقف وسط لاعبيه ليسمع التصفيقات وسط مشاعر تتراوح ما بين الحزن والفخر، والجدير بالذكر أنها لم تكن المرة الأولى التي تجتمع فيها تلك المشاعر المتناقضة داخله.

حكاية روسي بدأت حين اعتزل كرة القدم عام 2000، كان لاعبا لعدة أندية إيطالية أكبرها سامبدوريا وتورينو، ثم بدأت مسيرته التدريبية مع أندية الهواة، ومرَّت سنوات لم يُحقِّق فيها تقدُّما ملحوظا ولم تُعرض عليه الفرص التي ينتظرها، بل طالبته بعض أندية الهواة بدفع مبالغ مالية حتى يمنحوه فرصة الإشراف عليهم، إحباط جعله يكره الأجواء المحيطة بكرة القدم رغم حبه للعبة وشغفه بها، قبل أن تقوم الجماهير باستفزازه بالبصق على زوجته في إحدى المباريات خلال وجودها في المدرجات، لتأتي لحظة القشة التي قصمت ظهر البعير، أو أنهت علاقته مع الكرة بالأحرى. (5)

ماركو روسي

في تلك اللحظة قرَّر روسي وضع حدٍّ لمسيرته التي لم تبدأ فعليا، وعاد للعمل في مجاله محاسبا بإحدى الشركات، نعم محاسب، ويبدو أن حكاية المحاسبين وموظفي البنوك في إيطاليا تُنتج مدربين شغوفين يظهرون للعالم بعد الخمسين والستين، وفي كل مرة سنسرد فيها مثل هذه القصص سنتذكَّر ماوريسيو سارّي الذي فتح الباب لتكرار مثل هذه الحكايات، ولكن حتى لا نحيد عن السياق، دعنا نَعُدْ إلى روسي من جديد. (6)

أين توقفنا؟ عند العمل بالمحاسبة، حسنا، المحاسب الإيطالي سيسافر إلى المجر في رحلة لزيارة أحد أصدقائه، وإن كنت من هواة الأفلام السينمائية ومن المؤمنين بالتحوُّلات القدرية، فلا بد أنك استنتجت بقية القصة في هذه الرحلة، تذكَّر دائما أن قصص البشر تتكرر باختلاف الزمان والمكان فقط. (7)

أثناء وجوده في المجر، التقى روسي بالمدير الرياضي لنادي بودابست هونفيد، وعرض عليه أفكاره وتبادلا الحديث حول كرة القدم، قبل أن يمنحه الموافقة على بدء تجربة تدريبية مع الفريق الذي لم يكن منافسا هناك، بميزانية أقل بـ10 أضعاف من ميزانية فيرينتسفاروشي بطل الدوري، الذي وقع في مجموعة برشلونة بدوري أبطال أوروبا موسم 2021، لذا فعلى الرغم من تلعثمنا حتى الآن في قراءة اسمه بالشكل الصحيح، فإننا نتذكَّره بمجرد النظر. (8)

هناك بدأت الرحلة، وبالطبع لا يتحقَّق النجاح بين يوم وليلة، لذلك، احتاج الرجل إلى موسمين قدَّم فيهما عطاء متوسطا، ولكنه أفضل بطبيعة الحال مما كان عليه الوضع قبله، ثم إلى موسمين نافس فيهما بقوة، وأعاد في أحدهما لقب الدوري إلى خزائن النادي بعد 14 عاما من الغياب، ليُنصِّب الرجل نفسه بطلا لأول مرة في حياته، وللتذكرة، كان ذلك في الخمسين من عمره. (9)

تلك التجربة كانت تمهيدا لما هو أكبر، حيث وثق الاتحاد المجري لكرة القدم في قدراته، وقرَّر تعيينه مديرا فنيا للمنتخب، ليبدأ الرحلة في 2018، قبل اليورو بعامين على الورق و3 أعوام فعليا بسبب الجائحة. لعب منتخب المجر خلال تلك الفترة قبل انطلاق كأس الأمم الأوروبية 11 مباراة متتالية بلا خسارة، ثم 3 مباريات قارع المجريون فيها الكبار وكانوا قريبين من تخطيهم لولا ريمونتادا قامت بها ألمانيا أمامهم في ميونخ، فكان صعودا بشق الأنفس للمانشافت، ونهاية درامية لقصة المجر. كان ذلك فيما يخص النتائج والأرقام، ولكننا لم نأتِ إلى هنا لذلك، بل جئنا لنتطرَّق إلى التفاصيل كما أخبرناك منذ البداية. (10)

روسي هو أحد أبناء مدرسة مارسيلو بييلسا ولوسيسكو، الرجل أصر على مقابلتهما قبل اليورو من أجل أخذ بعض النصائح والاستشارات، كرة القدم التي يلعبها قائمة على رسم 3/5/2 التكتيكي، الأرقام لا تهم، ولكن المهم هو كيفية التعامل مع المساحات من خلال أي طريقة لعب وأي تكتيك، وهذا هو ما أكَّده روسي في كل مرة تحدَّث فيها للصحافة. (11)

اليورو كان حلما وهاجسا للمجر ومدربها، وأيضا كأس العالم الذي غابوا عنه منذ 1986، لذلك، كان من الضروري العمل والعمل والعمل دائما، خلال تلك السنوات لم يتوقَّف روسي عن التواصل مع اللاعبين وإقامة المعسكرات من أجل تحسين جودة المجموعة وانسجامها، حتى خلال فترة الإغلاق بسبب فيروس كورونا، أكَّد ماركو روسي أن العمل لم يتوقَّف، فقد كان على تواصل مستمر مع اللاعبين، وكان التركيز خلال تلك الفترة على المنظور النفسي من خلال محادثات الفيديو والمكالمات والقيام بكل ما هو ممكن خلال فترة الوباء. (12)

ما رآه العالم في تجربة المجر لم يكن إلا نتاج قرار جريء، ثم الكثير من العمل، ماركو روسي يؤمن أنه من أجل التنافس مع المنتخبات الكبرى، عليك أولا اللعب بطريقة منظمة للغاية، والقدرة على التعامل جماعيا مع كل موقف صعب، كيف يأتي ذلك؟ من خلال تماسك الفريق أولا، ثم البحث عن المنظور التكتيكي المنضبط للفريق، وأن يعرف الجميع ما يجب القيام به على أرض الملعب والتركيز على المساحات وما بين الخطوط، هكذا كانت التوليفة من وجهة نظر الرجل، وهكذا كانت الرحلة، وفي النهاية، هكذا كانت النتائج التي رأيناها جميعا. (13)

يان سومر يحظى بإشادات الجميع، سويسرا حصان أسود يُقصي بطل العالم فرنسا ويُحرج إسبانيا ويخرج أمامها مرفوع الرأس بضربات الجزاء، عدد من اللاعبين الذين يُنتقدون مع أنديتهم يُقدِّمون بطولة للتاريخ وعلى رأسهم بالطبع القائد تشاكا. هل تعتقد أن هذه الأشياء من الممكن أن تحدث بسبب المصادفة ليس إلا؟

في البداية، وجب الذكر أن يورو 2020 كانت البطولة الكبرى الثالثة لفلاديمير بيتكوفيتش بصفته مدربا لسويسرا، الرجل الذي وُلد في سراييفو، ولم يتمتع بمسيرة جيدة مع كرة القدم وهو لاعب، أما مسيرته التدريبية فبدأت في 1997 مع أحد الأندية الصغيرة، تلك التي لا يكفي راتبها وحده لتأمين حياة آمنة، لذلك كان يعمل في الوقت ذاته بدوام كامل في مؤسسة خيرية. (14)

فلاديمير بيتكوفيتش

هذه التجربة لم تكن مفيدة له فقط على المستوى الإنساني، ولكنها صقلت قدرته على جعل لاعبي كرة القدم يظهرون بشكل أفضل، يُفسِّر بيتكوفيتش ذلك في حديث أجراه العام الماضي مُشيرا إلى أنه أثناء تلك التجربة عمل مع أشخاص عاطلين عن العمل وكان بعضهم يعاني من إدمان المخدرات والكحول، واستطاع مساعدتهم ليصبحوا أشخاصا أفضل، ثم يصبحوا قادرين على التعامل مع الحياة اليومية والعثور على عمل والعيش بصورة طبيعية، ومع كرة القدم تكرَّر ذلك، حيث تتعلَّق اللعبة بالناس والتحفيز من وجهة نظره. في رحلة حياته، تعلَّم الرجل أن لكل إنسان شخصيته ومشكلاته الخاصة، وما عليك كونك مدربا سوى خلق الانسجام وجعل المجموعة كلها على قلب رجل واحد لمساعدة بعضهم بعضا من أجل الوصول للهدف. (15)

كان ذلك فيما يخص الناحية النفسية، التي لم تكن وحدها الشيء المميز في عناصر منتخب سويسرا، ولكن في الحقيقة، من الأشياء التي ميَّزت بلاد الشيكولاتة أيضا قدرة لاعبيهم على التوقُّع، سواء فيما يخص الحارس سومر في ركلات الجزاء وفي تصدياته عموما، أو بقية زملائه على مستوى استرجاع الكرات والتحوُّلات، حيث قام أسلوبهم في الأساس على الضغط المُتقدِّم، برسم تكتيكي 3-4-1-2 الذي يتحوَّل إلى 5-2-1-2 في الحالة الدفاعية، بما يضمن القدرة في الوقت ذاته على التراجع والاعتماد على الكرات المرتدة إن لزم الأمر، ولتطبيق ذلك الأسلوب في كلتا الحالتين، تحتاج إلى قدرة عالية على التوقُّع وقراءة اللعب، وأن تسبق الخصم بثانية أو اثنتين، بالنسبة للاعبين، يتم ذلك من خلال التدريبات، وتحديدا فيما يتعلَّق بطرق وكيفية الضغط، ولكن بالنسبة لحارس المرمى، كيف يتدرَّب على ذلك؟ (16)

في عصر التكنولوجيا، يُفضَّل ألا تترك شيئا للمصادفة، وذلك ما رآه العالم مع حُرَّاس المنتخب السويسري في التدريبات، ورأوا أيضا نتائجه في التألُّق اللافت للحارس سومر، حيث استُخدمت تقنية جديدة في تدريبات حُرَّاس المرمى تعتمد على ارتداء نظارة شمسية، هي تبدو كذلك فقط، لأنها ليست مجرد نظارة تحجب الضوء كما فسَّر البعض الأمر بسطحية مبدئيا، ولكنها تقنية مُبتكَرة يمكنها منح حُرَّاس المرمى أفضلية كبرى في السنوات المقبلة. (17)

تلك النظارة الُمبتكَرة من صنع شركة "VisionUp" اليابانية، ويصل سعرها إلى نحو 486 دولارا أميركيا، والهدف منها أنها تخلق تأثيرا أبطأ لحركة الكرة عن الواقع، وذلك بهدف مساعدة الحُرَّاس على تحسين توقُّعاتهم، وزيادة صعوبة التصدي للكرات أثناء التدريب، حيث يرى الحارس صورة متأخرة عما يجري في الواقع، ويكون مطالبا بتوقُّع مسار الكرة بناء على ما رآه قبل لعبها بلحظات، الأمر الذي أنتج تصديات مميزة لسومر قاد بها بلاده إلى ما وصلت إليه، سواء خلال المباريات نفسها أو في ركلات الجزاء. (18)

لا يقف الأمر عند ذلك الحد، بل إن شبكة سكاي سبورتس أكَّدت أن ارتداء تلك النظارات لمدة ربع ساعة بانتظام يعمل على زيادة حِدَّة النظر في غضون 8 أسابيع، وهو ما يعود بنا إلى نقطة أن استخدام تلك النظارات في تدريبات المنتخب السويسري ليس وليد اليورو، ولكنه يعود إلى أشهر ماضية، وقد ظهرت صور في مارس/آذار الماضي من تدريبات المنتخب تُظهِر حُرَّاسه يرتدون هذه النظارة، تذكَّر أنه في عصر التكنولوجيا لا تتحكم المصادفة في كثير من الأمور. (19)

"من أجل إريكسن"، كان ذلك هو شعار رحلة الدنمارك. سقوط نجم المنتخب وتوقُّف قلبه للحظات أرعب العالم بأكمله، قبل أن يُشكِّل الإلهام خلف رحلة زملائه إلى نصف نهائي اليورو، ولكن بالعودة إلى ما قبل البطولة، تجد أن المنتخب الدنماركي كان مُرشَّحا لأن يكون الحصان الأسود لليورو من الأصل دون النظر إلى أي حدث عاطفي، فمن أين جاء هذا الترشيح؟

بالبحث عن أصل الموضوع، يمكنك لمس الثورة الإحصائية التي حدثت في علم البيانات هناك، وتحديدا في نادي ميتلاند، الذي ألهم يورغن كلوب لكي يبحث هناك عن مدرب لرميات التماس، بسبب نتائج دراسة حول دور رميات التماس في الحفاظ على الاستحواذ أو فقدانه، المهم أن التكنولوجيا اقتحمت كرة القدم هناك مما جعلها تتحرك للأمام خطوات، ولكن هل كانت التكنولوجيا وحدها سببا في إخراج هذا الجيل؟ (20)

الإجابة قطعا لا، فهناك جامعة كرة قدم تُسمى نادي نورشيلاند، كما سمَّاه رئيسه جان لارسن، الرجل الذي ينتمي إلى بلدة فاروم التي يقع بها النادي، وهي تقع على بُعد 30 دقيقة فقط من العاصمة كوبنهاغن، حيث قضى مسيرته كلها هناك، لاعبا في البداية، ثم مديرا رياضيا لأكثر من 15 عاما، وأخيرا رئيسا للنادي. (21)

كاسبر هيولماند

نورشيلاند كان القلعة التي خرج منها المدير الفني لمنتخب الدنمارك كاسبر هيولماند ومساعده، الرجل الذي ظل لارسن يلاحقه 3 سنوات حتى منحه فرصة تدريب نورشيلاند قبل أن يعرفه أحد في العالم. ليس ذلك فقط، بل أخرجت أكاديمية النادي 3 لاعبين في تشكيل المنتخب الدنماركي ليورو 2020 أهمهم كان نجم سامبدوريا الإيطالي الذي بات حديثا للعالم اليوم ومَطمعا لكبار القارة ميكيل دامسغارد، فضلا عن قضاء جينس سترايغر لارسن وأندريس كريستيانسن بعض الوقت بالنادي. (22)

لارسن يَعتبر ناديه أشبه بجامعة كرة قدم، أفضل مكان للمراهقين لإكمال تعليمهم حتى يكونوا مستعدين للخروج إلى العالم، هناك يبحثون عن أفضل الوسائل من أجل تطوير الناشئين، فضلا عن البحث عنهم في كل أرجاء البلاد، بل وخارجها، الأمر الذي يظهر بوضوح من خلال التعاون مع "Right to Dream"، وهي أكاديمية لها جذورها في غانا التي اشترت النادي قبل ست سنوات. (23)

الناتج النهائي للقصص الثلاثة لم يكن لقبا، ولم يمنح أيًّا من الدول المذكورة ميدالية، إنما منحها قفزة ملحوظة إلى الأمام كانت نتاج سنوات من العمل الشاق، وبالنظر إلى ذلك التطور، من المُتوقَّع أن تستمر رحلاتهم في التحرُّك للأمام، ومعها تستمر العوائد، بتفاصيل تستحق ذكرها والبحث وراءها، دون الوقوع في فخ إشادة لحظية ثم نسيان بعد ساعات قليلة، ودون تأفُّف من نجاحات السلاحف المغامِرة على حساب الأرانب الكسولة.

____________________________________________________

المصادر:

  1. سجل مشاركات اليابان في كأس العالم 
  2. معجزة أيسلندا في يورو 2016 
  3. مقابلة: مدرب المجر ماركو روسي حول اليورو والمستقبل ولييدز وويست هام المرتبط بأتيلا سزالاي – إنسايد فوتبول 
  4. المصدر السابق
  5. المصدر السابق
  6. المصدر السابق
  7. تصريحات ماركو روسي عقب الخروج من اليورو 
  8. المصدر السابق
  9. ماركو روسي الذي أصبح بطلا للمجر – سبورت موب 
  10. المصدر السابق
  11. المصدر السابق
  12. المصدر السابق
  13. المصدر السابق
  14. دليل المنتخبات – سويسرا – الغارديان 
  15. المصدر السابق
  16. المصدر السابق
  17. ما وراء نظارات سويسرا الشمسية في يورو 2020
  18. المصدر السابق
  19. المصدر السابق
  20. "ما نقوم به ليس علم الصواريخ": كيف بدأ ميتلاند ثورة البيانات في كرة القدم؟ – الغارديان
  21. سر الدنمارك في أنه لا سر – واشنطن بوست 
  22. المصدر السابق
  23. المصدر السابق
المصدر : الجزيرة