هالاند وجولة القرن.. كيف يُفسد المال كرة القدم التي نحبها؟

نحن ننوي انتقاد كرة القدم الحديثة كما هو واضح، والحقيقة أننا كنا نظن أن الأمر سهل، ولكن اتضح أنه لم يكن كذلك، فأولى مشكلات الكرة الحديثة أنه يصعب انتقادها. في الواقع، حتى اختيار العنوان لم يكن سهلا؛ ففي أذهاننا، غالبا ما ترتبط الحداثة بقيم إيجابية، لذلك فإن وصف كرة القدم بـ "الحديثة" هو ترويج لها في حد ذاته، كما أن عبارة "Modern Football" هي جملة دعاية بالأساس.
أنت تعلم كيف يستطيع مُتخصِّصو التسويق وصم أي سلعة أو الترويج لها باستخدام الألفاظ المناسبة. بعض مطاعم الوجبات السريعة مثلا لا تُقدِّم الحجم "المتوسط" بل الحجم "العادي"، لكن لفظة "متوسط" لا تحمل الإيحاءات السلبية التي تحملها كلمة "عادي"، وبالتالي لا تدفعك لشراء الحجم الأكبر. ففي النهاية لا أحد يرغب في أن يكون عاديا، والجميع يريد الحجم الأكبر حتى لو فاض عن حاجته.

ثاني مشكلات كرة القدم الحديثة أنها ليست حديثة فعلا، وهذه ثاني عقبة ستُقابلك إن أردت الحديث عن الجولة التسويقية الأخيرة لرايولا وآلف إينجي هالاند والد مهاجم بروسيا دورتموند الشاب. الأمر ليس بجديد، ربما صار فقط أكثر فجاجة ووقاحة مما اعتدنا، فكرة القدم تمحورت حول المال، والمال فقط، منذ عقود، ولا فائدة من تصوير هالاند أو رايولا أشرارا لأنهم حافظوا على هذا التقليد. (1) (2)
هذه هي المشكلة الثالثة، أن وصول اللعبة إلى شكلها الحالي ليس أمرا فعله الأشرار. بالطبع هناك الكثير من الاجتماعات السرية والاتفاقات المُريبة خلف الكواليس، ولكن حدوث هذا تطوُّرٌ حتمي لا مفر منه. مجتمع كرة القدم مثله مثل أي مجتمع، مُقدَّر له أن يُفرز نخبة تحكمه عند لحظة ما، ومن المُقدَّر أن تسعى تلك النخبة لمزيد من التحكُّم والمزايا، ومن المُقدَّر أن تمنحهم تلك المزايا مزيدا من الأموال والتحكُّم، في حلقة مُفرغة مستمرة، هذه فقط هي فطرة البشر وطبائع الأمور.
يحكي ميغيل ديليني في تقرير رائع في صحيفة الإندبندنت البريطانية أن تلك العبارة قيلت على لسان مسؤول مهم بأحد أندية الستة الكبار في البريميرليغ. ومن المُؤكَّد بالطبع أنها قيلت خلال أحد تلك الاجتماعات السرية المُريبة التي تجري عادة في فندق فخم بالعاصمة لندن. (3)
يتابع المسؤول ذاته مُؤكِّدا أن هناك قدرا ضروريا من الإثارة والمفاجآت تتطلَّبه المسابقة لكي تنجح وتتفوَّق على أقرانها من أنحاء القارة، ولكن هذا القدر له حدود لا يجب أن يتجاوزها. المزيد من "ليستر سيتيز" سيضر البريميرليغ، أو بصياغته: "المزيد من الديمقراطية في الدوري سيكون مُضِرًّا بالعمل" (A more democratic league will be bad for business).

للوهلة الأولى، تعتقد أن كل هذا من خيال ديليني؛ فندق فخم في لندن واجتماع سري للكبار وأشياء مُضِرَّة للأعمال، هذه مفردات عالم المافيا كما تُصوِّرها الأفلام. لا ينقص هذا المسؤول إلا أن يُخبرهم بأنه ينوي قتل أحدهم لأنه يعلم أكثر مما يجب، أو أن يرسل إلى أحد معارضيه سمكة ميتة في مظروف ورقي.
الحقيقة أن هذا هو ما حدث بالضبط، ونحن نعرف ذلك لأن الاجتماع ببساطة لم يكن سِرِّيًّا أصلا، بل حضره عدد لا بأس به من رجال الأعمال والمستثمرين وممثلي الإعلام. لماذا تدعو الإعلام لحضور اجتماع مثل هذا أصلا؟ لماذا تتطوَّع بأن تُخبر الصحفيين بأنك لا تريد لتجربة ليستر سيتي أن تتكرَّر؟
مرة أخرى، السبب بسيط، وقد صرَّح به الرجل أثناء حديثه؛ مُؤكِّدا أن تاريخ كرة القدم والدراسات الجماهيرية تُؤكِّد أن المُتفرِّجين يُفضِّلون انتصار "الفِرَق الكبيرة". هذا بعينه هو ما أكَّده الباحثان سايمون كوبر وستيفان زيمانسكي في كتابهما "Soccernomics" قبل عقد كامل تقريبا؛ حيث وضَّحا أن حضور الجماهير وإقبالها على المباريات في الملعب وعبر البث يتأثَّر بمركز فريقها في الجدول وأدائه، بدرجة أكبر مما نتخيَّل. بعبارة أخرى، أثبت الثنائي أن التصريح الشهير لريك باري، المدير التنفيذي السابق للبريميرليغ، عن "ولاء المشجعين الإنجليز الذي لا يتزعزع"، به قدر لا بأس به من المبالغة. (4)

لماذا شعرنا إذن أن العالم كله، وليس إنجلترا فقط، كان يريد لليستر تحقيق الدوري؟ غالبا لأنها كانت المرة الأولى التي يفوز فيها فريق من خارج الكبار التقليديين بالبريميرليغ منذ 20 عاما. غالبا، لأن هذا هو "القدر المناسب من الإثارة والمفاجآت"، الإثارة التي لا تُهدِّد الوضع القائم ولا تُغيِّره أبدا وتضمن أن يحتفظ كلٌّ بمواقعه؛ أن يفوز فريق مجهول باللقب مرة واحدة كل 20 عاما.
المشكلة الرابعة أن المشكلة الثالثة ليست مقصورة على أصحاب القرار وحسب. "أندية القمة" التي زارها رايولا وآلف هالاند ليست الطرف الوحيد الذي يرغب في مزيد من التحكُّم، وكما لاحظت فإن الجمهور أيضا يشترك معها في الرغبة ذاتها بدرجة ما؛ لا بأس أن يفوز ليستر أو ليدز أو بلاكبرن بالدوري مرة كل عقد أو اثنين، ولكن استمرار تلك الظاهرة يعني الفوضى. دوري يفوز به أحد الفِرَق الصغيرة مرة كل 5 سنوات مثلا هو دوري لا كبار له. طبعا لا حاجة إلى الإشارة إلى أن الوضع في باقي الدوريات أسوأ بكثير.
لذلك يتفق معنا ديليني في أن التطوُّر الحالي للعبة عضوي تماما. بهؤلاء المسؤولين أو غيرهم، وهؤلاء الكبار أو غيرهم، كنا سنصل إلى الوضع ذاته. من فضلك لا تُكرِّر الخطأ ذاته وتفترض أن كل ما هو "عضوي" و"طبيعي" هو جيد ومفيد بالضرورة، هذا لغز آخر بلا حل؛ أحيانا يؤدي التطور الطبيعي إلى نتائج كارثية. (5)
هذا ما يجعلنا عاجزين عن لوم هالاند أو وكيله تحديدا، فكل ما فعلاه كان التجاوب مع وضع قائم بالفعل ومحاولة الاستفادة منه قدر الإمكان. باختصار، لقد فعلا ما يفعله الجميع بلا استثناء تقريبا، وجولة القرن لم تُؤسِّس واقعا جديدا، بل كرَّست آخر قديما قائما منذ عقود.

زيدان كان يحلم باللعب لبرشلونة عندما كان في بوردو الفرنسي، وفيغو انتقل إلى ريال مدريد عندما كان نجم برشلونة الأول، وروني طلب الرحيل عن مانشستر يونايتد أكثر من مرة بحسب فيرغسون، وهاري كين بدأ مسيرته في أرسنال قبل أن ينضم لتوتنهام. (6) (7) (8)
بيرلو كان يقول إن أي طفل في إيطاليا يقضي نصف وقته في الصلاة لأجل أن يصبح لاعب كرة محترفا، وفي النصف الآخر، يُصلِّي لكي يلعب للنادي الذي يُشجِّعه. كانت هذه لتصبح مقولة شاعرية مناسبة جدا لهذا السياق، لولا أن بيرلو نفسه قضى مسيرته في التنقُّل بين كبار إيطاليا الثلاثة. (9)
هالاند ورايولا لم يرتكبا أي جريمة، ربما كان الفارق الوحيد هنا أنهما كانا أكثر صراحة من غيرهما. لو كانت تلك الجولة قد تمت عبر سكايب أو في الغُرف المغلقة بلا ظهور تسويقي لما كنت تقرأ هذه السطور الآن، ولكنها تمت بهذا الشكل، وهذا النمط من التسليع الذي لم يعد يشعر بأنه يحتاج إلى تجميل وجهه أو إخفاء جوهره، بل على العكس، تتفاخر السلعة بأنها سلعة، وتلفت نظر العالم إلى ضخامة الطلب عليها.
هذا ما يجعل هالاند مختلفا عن كل مَن سبقوه؛ وهو أن قصته مُسطَّحة للغاية، ميكانيكية لدرجة مزعجة، لا تحمل أثرا بشريا من أي نوع. كل مَن سبقوا كانت حكايتهم أكثر تعقيدا مما تُوحي به تنقُّلاتهم ومواقفهم؛ زيدان غيَّر رأيه بعد سنوات من اللعب ليوفنتوس، وحينما ذهب إلى ريال مدريد كان أغلى لاعب في التاريخ. هذا أمر مفهوم يمر به الجميع تقريبا، كلنا نُغيِّر آراءنا وقناعاتنا، خاصة عندما نكون قد كَوَّنَّاها في سنوات الشباب. هذا ما حدث مع فيغو تقريبا، أغراه العرض المادي الضخم من بيريز ثم أراد التراجع عن الأمر بعد فوات الأوان.
روني أراد الرحيل لمدريد لأنه ضاق ذرعا باستخدام فيرغسون له في أدوار مختلفة، ولأنه أراد اللعب مهاجما، كما يحب، وتخيَّل أن هذا ما سيحصل عليه هناك، وهذا مفهوم أيضا. هاري كين طُرد من أرسنال بسبب وزنه الزائد، وبيرلو رحل عن إنتر لأنه لم يلعب، ثم رحل عن ميلان رغما عنه. سنختلف مع بعض هذه الدوافع والقرارات ونتفهَّم بعضها، ولكن كل قصة من هذه القصص تحمل بصمة إنسانية واضحة؛ تحمل صراعا وحيرة وشكًّا وطموحا وتسرُّعا وغباء.
هذا ما لن تجده في قصة هالاند فيما يبدو، فالمهاجم الشاب لا يملك أي قناعات ولا صراعات ولا تفضيلات، ولم يُجبره أحد على الرحيل أو البقاء، وكل العروض المُقدَّمة له ضخمة ومُغرية جدا ومُتقاربة في القيمة.
مقولة بيرلو بها قدر كبير من الصحة حتى لو لم تعكسها مسيرته بدقة. لا يوجد شخص واحد في العالم شاهد مباراة كرة قدم لأول مرة ولم يشعر بميل تجاه أحد الفريقين، لا يوجد مشجع واحد قضى حياته بلا انتماء لأي فريق أو تفضيلات مُحدَّدة. هذه فطرتنا؛ نحاول الانتماء لكيانات أكبر منا تُشعِرنا أن هناك قيمة لما نفعله، وأننا لسنا فقط مجموعة من المهاويس نشاهد 22 رجلا بالغا يركضون خلف قطعة من الجلد المدور بلا هدف.
هل شعر هالاند بذلك؟ هل صلَّى لكي يلعب للفريق الذي يُشجِّعه؟ هل هناك فريق يُشجِّعه هالاند أصلا؟ هل يهتم هالاند بمشجعي هذه الفِرَق؟ لماذا يرسل رسالة واضحة إلى جمهور الكرة في العالم تقول إنه لا فرق عنده بين برشلونة وريال مدريد وسيتي ويونايتد وتشيلسي؟.
الإجابة بسيطة؛ لأنه لا فرق عنده بين كل هؤلاء فعلا. ليس هناك صراع نفسي يخوضه هالاند، ولا تفضيلات تجعله أكثر ميلا لفريق عن الآخر، وهذا ما يجعل قصته بمنزلة الذروة في هذا التحوُّل. هو شاب في العشرين من عمره، يقف أمام 5 أو 6 أندية على استعداد لمنحه الأمان المادي والوظيفي الذي يحلم به، على استعداد لتأمين حياته وحياة أحفاده، مع مزيد من النجاح والأهداف والألقاب، ورغم ذلك، فإن كل هذه الضمانات لم تُطمئنه لكي يُطلق لمشاعره العنان.
في اللحظة التي بدا فيها هالاند أكثر الرجال حرية في الكوكب، كان العكس هو الصحيح. في اللحظة التي امتلك فيها كل الخيارات الرائعة التي يحلم بها غيره من لاعبي كرة القدم، كانت إرادته مسلوبة ومشاعره مُعطَّلة. لم يُفكِّر إن كان يحب ريال مدريد أكثر من برشلونة، أو إن كان يُفضِّل الحياة في لندن أم مانشستر، أو إن كان سيحب اللعب بجانب ماونت أم فيرنانديز أم ميسي أم يُفضِّل مشاركة بنزيما في الهجوم، أو إن كان تعلُّم الإسبانية صعبا أم لا. كل هذا متساوٍ في نظره.
كل هذه الأرقام القياسية، والإمكانيات الفنية والبدنية المَهولة، والإحصائيات التي تُؤكِّد استثنائيته وتفرُّده، لم تجعله أكثر ثقة في نفسه أو أكثر ميلا للمغامرة، لم تُشجِّعه على اتخاذ قرار جريء، بل بالعكس؛ دفعته إلى مزيد من الخوف والقلق، والمطالبة بضمانات لا نهائية وشروط لا تُحصى للموافقة، وكأنه تحوَّل إلى آلة حاسبة تُقارن بين العروض والاحتمالات بهامش خطأ قدره صفر.
🗣️مينو رايولا يتحدث عن مستقبل إيرلينغ هالاند في بوروسيا دورتموند
"أوضح مايكل زورك أنهم لا يريدون بيع إرلينغ ، وأنا أحترم ذلك ولكن هذا لا يعني أنني موافق ". pic.twitter.com/ezHJKLidfU
— sport4all (@sport4allsport) April 12, 2021
حتى هذه الجولة جاءت بعد أن بدأت الشكوك تحوم حول قدرة دورتموند على التأهُّل لدوري الأبطال في الموسم المقبل. حركة ميكانيكية تماما وكأنها رد فعل آلي أدخله أحد المبرمجين على حاسبه؛ عندما تصبح احتمالات تأهُّل النادي الحالي لدوري الأبطال أقل من 40%، انتقِل إلى النادي التالي مباشرة.
حتى مبابي يبدو عاطفيا للغاية مقارنة بهالاند، فهو شاب قرَّر أن يجمع ما يكفيه من الأموال أولا في باريس ثم يذهب لتحقيق حلمه بالانضمام إلى نادي طفولته ريال مدريد وتكرار مسيرة رونالدو بطله المفضل. هذا منطق بشري مفهوم تماما؛ احصل على الأمان المادي أولا ثم ابحث عن أحلامك. هذا ما يفعله الجميع يوميا. (10) (11)
رغم ذلك، فإن كل ما يفعله هالاند هو حقه المشروع. في النهاية، هو يتعامل مع أندية تحوَّلت إلى شركات عملاقة عابرة للقارات، وما داموا سيحصلون على خدماته كاملة، فعليه أن يتأكَّد أنه يتقاضى كل ما يمكن تقاضيه عن كل ثانية يقضيها على ذمتهم، هذا هو الاحتراف ببساطة.
المشكلة أن الاحتراف يعني شيئا واحدا بالنسبة للجميع ويعني عكسه تماما لدى المشجعين. أن تكون مُشجِّعا مُحترفا هو أن تُصِرَّ على مساندة ناديك مهما ساءت الأمور، أن تستمر في دعمه وتمويله بطرق مختلفة، وأن تخوض النقاشات للدفاع عن نجومه والترويج لهم على منصات التواصل الاجتماعي، وأن تُؤكِّد أنهم الأفضل حتى لو لم يكونوا كذلك، وأنهم لم يكونوا مُتسلِّلين وقت إحراز الهدف حتى لو كانوا كذلك، وأنهم لم يدَّعوا الإصابة حتى ولو فعلوا.
هذه هي كرة القدم الحديثة؛ عملية ميكانيكية آلية معدومة المشاعر، خاوية المعنى، بالغة الوقاحة بالنسبة لهؤلاء الذين يجنون منها الأموال، أما أولئك الذين يُنفقونها، فقد تُرك لهم عكس كل ما سبق؛ التعصُّب والانحياز والتخلُّف والادعاء والمبالغات والعواطف المجنونة المشتعلة طيلة الوقت.
أنت لا تحتاج إلى 1500 كلمة لتُدرك ذلك، ولكننا أردنا إخبارك أن حقك المشروع أن تُحبط، وأن تغضب، وأن تشعر بهذا الفراغ وهذا الخواء، أن تشعر أنه لم يعد يربطك بناديك سوى العادة فقط لا غير. من حقك أن ترفض الحجج التي يسوقها الجميع لتبرير الوضع، ومن حقك أن تعتقد أن الهدف الوحيد منها هو تجنُّب مواجهة الواقع، لأن هذا صحيح ببساطة؛ نحن أَدْمَنَّا كرة القدم واعتدناها، وسنظلَّ كذلك مهما بلغ قبح تفاصيلها، ولا جولة القرن ولا 100 غيرها ستُقنعنا بالتوقُّف عن المشاهدة.
ديلي ميل | مينو رايولا يريد أن يكون إيرلينغ هالاند أول لاعب كرة قدم يحصل على مليون جنيه إسترليني في الأسبوع. 💸💸 https://t.co/r9wJ64dkWr
— CFC WORLD (@CFC4World) April 11, 2021
لا بأس في ذلك، لن نُغيِّر العالم على أية حال، ولن نستطيع حتى لو أردنا، ولكن لا بأس أيضا في رفض الهراء المُعتاد الذي يُقال في مثل هذه المواقف.
سيقولون لك إنك كنت لتفعل ما فعله هالاند لو امتلكت عدة عروض من عدة شركات، ولكن هذا هراء، لأن كرة القدم ليست شركة، ولا يوجد عشرات الآلاف الذين يدفعون الملايين أسبوعيا لمشاهدتك تعمل. سيقولون لك إنك ستترك عملك الحالي لو عُرِض عليك زيادة بسيطة في الراتب، وهذا صحيح تماما، لأنك غالبا مأزوم كحال 90% من سكان العالم، تجاهد لتوفير احتياجاتك الأساسية، ولا علاقة لذلك بما يفعله هالاند ورايولا وغيرهما.
هالاند، مثل الجميع، يريد الحجم الأكبر حتى لو كان فائضا عن حاجته، حتى لو كان ذلك يعني إخبار جمهور أي نادٍ بأنه لا شيء، وأنه مستعد لإحراز الأهداف في شباكهم بدلا من شباك الخصم لو كان ذلك يعني مليونا إضافيا في حسابه البنكي كل عام.
من حق كرة القدم الحديثة أن تظل حديثة، ومن حق الأندية أن تتحوَّل إلى شركات، ومن حق هالاند أن يتحوَّل إلى آلة أهداف وأموال بلا مشاعر، لن يكون الأول ولا الأخير على أية حال. ولكن من حقك أيضا أن تكره كل ذلك وتمقته وتشعر بالانفصال عنه، من حقك ألا تسمح لأحد بأن يُخبرك أن كل هذا عادي ومقبول. من حقك أن تشعر بأنك تُخدع وتتعرَّض للاحتيال، حتى لو كنت ستعود للمشاهدة في الأسبوع القادم.
————————————————-
المصادر
- "غير محترم وغير احترافي.. ديتما هامان ينتقد جولة هالاند ووكيله الأوروبية – Goal
- تيرزيتش مدرب دورتموند: "لا أستطيع منع هالاند ووكيله من السفر!" – Goal
- كيف فسدت كرة القدم الحديثة لدرجة لم يعد يمكن إصلاحها – Independent
- كتاب سوكرنوميكس لسايمون كوبر وستيفان زيمانسكي – Amazon
- هل تُفسد الأموال لعبتنا الجميلة؟ – Bleacher Report
- قصة انتقال لويس فيغو إلى برشلونة – Tifo Football
- روني يطلب مغادرة مانشستر يونايتد مجددا – BBC
- نجم سبيرز الصاعد هاري كين كان يلعب لأكاديمية أرسنال – Bleacher Report
- 65 مقولة ملهمة في كرة القدم – Planet of Success
- مبابي يتحدَّث عن أبطال طفولته زين الدين زيدان وكريستيانو رونالدو – Bleacher Report
- كيليان مبابي قرَّر الانتقال إلى ريال مدريد – Football Espana