أشهر 10 حالات من العنصرية في كرة القدم

 هذا ليس تقريرًا عن أشهر 10 حالات من العنصرية في كرة القدم. نعتذر، لقد خدعناك، وعليك أن تعترف أنك استحققت أن تُخدع لأن العنوان مبتذل للغاية.. لماذا يجب أن يكونوا 10 حالات تحديدًا؟ وماذا يعني أنهم "أشهر" 10 حالات من العنصرية؟ طبعًا نحن نعلم لماذا.. أولًا لأن عقولنا تفضل التعامل مع الأرقام المكتملة مثل 10 و5. هي أسهل من غيرها ببساطة، وهذا ما يجعل أغلب التقارير تُجاهد لجمع 5 أسباب لانتشار التحرش بدلًا من 4 أو 3، وحتى لو كان الخامس ملفقًا أو مكررًا. تخيل حال المسكين الذي سينشر تقريرًا بعنوان 13 سبب لرفض العنصرية مثلًا. قاعدة الـ9.99 لا تعمل هنا لأن الهدف ليس أن تشعر بأنك قد دفعت أموالًا أقل، بل أن تشعر بأنك قد عرفت أكثر. (1)

ثانيًا والأهم؛ تعبير مثل "أشهر حالات العنصرية" مع الرقم 10 يمنحنا شعورًا بأننا سنعرف كل ما نحتاجه عن الموضوع، وبالتالي نصل للغرض الأصلي من قراءته؛ أن ننسى الأمر بضمير مستريح بعد أن نشعر أننا أدينا واجبنا نحو الإنسانية. نحن نعلم كل ذلك ولكن لماذا يجب أن تخضع العنصرية لقوانين الترافيك أصلًا؟

أيام عصيبة

مثلها مثل غيرها. العنصرية لم ولن تكون أول قضية حساسة تخضع لنمط التواصل الاجتماعي الحالي، ولكن بعض النقد الذاتي في أمر كهذا سيكون مفيدًا بالقطع. بعد واقعة ستيرلينغ الأخيرة في مباراة تشيلسي ومانشستر سيتي بالبريدج، كتب بارني روني في مقاله بالغارديان أن هناك ملاحظتين مهمتين جديرتين بالذكر؛ الأولى أن القول بأن كرة القدم تعاني من أزمة عنصرية هو أمر صحيح وعديم المعنى في ذات الوقت، والثانية أن الجميع، بما فيهم روني نفسه، يجب أن يتقبلوا حقيقة أنهم محتاجون لمزيد من التثقيف حول طرق محاربة العنصرية. هذه درجة مفيدة من النقد الذاتي، وسنخبرك عن 5 أسباب لذلك لاحقًا. (2)

فلنبدأ بأولًا؛ كرة القدم تعاني من أزمة عنصرية فعلًا. هذه عناوين من أسبوع واحد فقط بين 11 و17 ديسمبر الجاري؛ "مشجع تشيلسي ينفي إطلاق هتافات عنصرية ضد ستيرلينغ". "منع مشجع لتوتنهام من حضور المباريات بعد إلقائه قشرة موز على أوباميانغ مهاجم أرسنال". "الشرطة تتحدث لعدد من مشجعي تشيلسي بعد تلقيهم تقريرًا يفيد بإطلاقهم هتافات عنصرية في أحد القطارات". "الشرطة تفتح تحقيقًا حول اتهامات بالعنصرية في أكاديمية تشيلسي في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي".  (3) (4) (5) (6)

كل هذا طبعًا في إنجلترا فقط، في أسبوع واحد فقط، وهذا يثبت أن جماهير تشيلسي تعاني من مشكلة ما؛ ستيرلينغ وهتافات في القطار وابتزاز عنصري في الثمانينيات بالإضافة إلى واقعة باريس الشهيرة وغيرها من الأحداث الموسمية، هؤلاء قوم يستغلون وقتهم على أفضل ما يمكـ..لحظة..ثمانينيات القرن الماضي؟ (7)

"ترندة" العنصرية

هذه أزمة أخرى، أن العنصرية تخضع لقوانين السوشيال ميديا فعلًا. لا سبيل لإنكار ذلك. ستيرلينغ يتعرض للهتافات في البريدج وفجأة، خلال أسبوع واحد، تنشط قوى مكافحة العنصرية بشكل مريب، حتى لو تطلب ذلك استجواب مشجعين لم يُقدم ضدهم شكوى أصلًا، أو فتح التحقيق في وقائع حدثت منذ 40 عامًا، ولا مانع من أن تكون خاصة بتشيلسي تحديدًا باعتباره أحد أشرار هذه الحكاية، سواء كان ذلك بسبب مشكلة في مسئولي النادي أو في جمهوره أو مجرد صدفة. (5) (6)

الأمر أبعد قليلًا من مجرد نظرية للمؤامرة. الشكوى قُدمت في منتصف سبتمبر تقريبًا، ثم تم فتح التحقيق بعدها بثلاثة أشهر، ومع قليل من الروتين والبيروقراطية الحكومية المعتادة في هذه الأمور فمن الصعب التخيل بأن أي شكوى سيتم النظر فيها بعد يومين مثلًا، ولكن العنوان الصحفي صدر الآن بعد واقعة ستيرلينغ بأيام، لأن الوضع كان يحتاجه، وهذا نمط متكرر يصعب تجاهله، لأنه إن كان توقيت فتح التحقيق المريب يدفعنا للشك في دوافع الشرطة الإنجليزية، فإننا قد شاهدنا مئات الحالات التي تظهر فيها الضحايا فجأة وبشكل متتابع، فقط لأن الجاني قد تم ضبطه متلبسًا أو انكشفت أفعاله لسبب أو لآخر، وهذا يشجع البعض على البوح بشكواهم أحيانًا، ويشجع البعض الآخر على استغلال الموقف أحيانًا أخرى. المهم أن الجميع يخضع لنفس القانون. (6)

 

 

هذا ليس سيئًا في المطلق، بالعكس، أن يشعر الجميع بحاجتهم لردة فعل إزاء هذه الوقائع لهو مؤشر إيجابي جدًا حتى لو كانت بعض ردود الأفعال مصطنعة أو مُعاد تدويرها. هو فقط يحدث للأسباب الخطأ. يحدث لأن مكافحة العنصرية Trending الآن. للأسف لا يوجد مصطلح عربي يقابل هذه اللفظة Trending ويصف معناها بدقة. لكي تدرك مدى سيطرة الـ Trend على المشهد فستحتاج لمراقبة كثافة الوقائع العنصرية بعد انحسار الموجة الحالية، لأن العنصريون أنفسهم يشعرون بنفس الحالة، ويستمدون قوتهم من وقاحة زملائهم عبر بلدان أوروبا المختلفة، بالضبط مثل الضحايا الذين يستمدون قوتهم من شجاعة بعضهم.

منذ أيام، قامت الغارديان الإنجليزية بجمع هذه الوقائع في تقرير طويل شمل كل دول القارة تقريبًا. تقرير مخيف لأقصى درجة، ليس فقط بسبب ما ذُكر فيه، بل لأن بعض ما ذُكر فيه يعود لعدة سنوات مضت ولا علاقة له بالأحداث الحالية، فقط تم تضمينه حتى يشمل التقرير الجميع تقريبًا، فحتى الغارديان لم تستطع الهروب من الـ Trend  الحالي، ولا نحن كما لاحظت بنفسك غالبًا، ولم يعد هناك سبيل لتحديد ما إذا كان الإعلام هو من يستغل الـ Trend  أم العكس. (8)

إخراس العنصرية

ماذا كنا نقول؟ نعم..بارني روني وملاحظاته، وكرة القدم التي تعاني من أزمة عنصرية. روني اعتبر هذا إقرارًا بحقيقة عديمة المعنى لأن كرة القدم لا تنتج العنصرية، هي فقط تمنح العنصريين أكبر مجال ممكن للتعبير عنها بتجميعهم في مدرجات ضخمة يصعب التحكم في أفعالها. في مباراة إنتر طلبت إذاعة الجوزيبي مياتزا من الجماهير التوقف عن الهتاف ضد كوليبالي ثلاث مرات متتالية بلا جدوى. أنشيلوتّي طلب من الحكم إيقاف المباراة أكثر من مرة بلا جدوى. كوليبالي كان يقدم مباراة رائعة كعادته في الآونة الأخيرة حتى جذب بوليتانو من قميصه في الدقيقة 80، نال إنذارًا مستحقًا ثم صفق للحكم ساخرًا فنال إنذارًا ثانيًا مستحقًا وتم طرده، وبعدها شاهدنا من هتفوا ضده يحتفلون بخروجه في أكثر لقطة ظالمة وغير مستحقة رأيناها منذ زمن. (9)

كرة القدم ليست أكثر من انعكاس للمجتمع، لذا فالمشكلة لم ولن تكون فيها بحد ذاتها. جون بارنز لخص الأمر في عبارة واحدة عبقرية؛ ضع ما تشاء من قوانين، امنع الهتافات، احرم الجناة من دخول الملاعب للأبد، وما ستحصل عليه في النهاية هو ملاعب مليئة بالعنصريين الصامتين. طبعًا هذا ليس أسوأ شيء في العالم لأن العنصريين الصامتين أقل ضررًا من غيرهم، ولكن القصد أنه لا يوجد أي كم من القوانين في كرة القدم أو غيرها سيقضي على العنصرية، أقصى ما سنصل إليه هو أننا سنخرس أصواتها فقط. (10)

هذا يقودنا لملاحظة روني الثانية المهمة، التسليم بحقيقة أننا جميعًا نحتاج لمزيد من مراقبة الذات فيما يخص العنصرية، ربما سينبغي علينا بعد ذلك أن نفكر أكثر من مرة قبل أن نصدر أحكامًا أخلاقية على أفعال اللاعبين السود، أو بالأحرى، أن نتأكد أننا نعامل كل اللاعبين بنفس المعايير. أننا لا نعتبر قصات شعر بوغبا من قبيل المبالغة والتفاهة وفي ذات الوقت ننبهر بوشوم ناينغولان وتقليعات بيكام وأقراط رونالدو الماسية، أننا لا نصف ستيرلينغ بالجشع لأنه أراد الرحيل للسيتي وفي ذات الوقت نحترم رغبة هازار في الانضمام لريال مدريد، أن ننتبه أي صور نمطية نروج لها دون وعي عندما نتهم اللاعبين السود بالسفه مع كل مظهر من مظاهر الترف ثم نغض الطرف عن الأفعال المشابهة عندما تصدر من غيرهم.

"الإفريقي السفيه"

السؤال الذي يدور بذهنك الآن هو؛ من يفعل ذلك أصلًا؟ والإجابة هي؛ كلنا تقريبًا. فقط يبدو الأمر واضحًا فجًا عندما يُعرض بهذا الشكل، لدرجة أننا نتعجب ممن يقعون في هذه الأخطاء الساذجة. هذا ما حدث تقريبًا بعد أن نَعت أحد مشجعي تشيلسي ستيرلينغ بأنه "عضو تناسلي نسائي أسود". اللاعب أصدر بيانًا رسميًا على إنستغرام بخصوص الواقعة، مرفقًا صورتين في قمة الوضوح والفجاجة والسذاجة لدرجة أنهما يجيبان عن سؤالك بشكل قاطع. (3) (11)

View this post on Instagram

Good morning I just want to say , I am not normally the person to talk a lot but when I think I need my point to heard I will speak up. Regarding what was said at the Chelsea game as you can see by my reaction I just had to laugh because I don’t expect no better. For example you have two young players starting out there careers both play for the same team, both have done the right thing. Which is buy a new house for there mothers who have put in a lot of time and love into helping them get where they are, but look how the news papers get there message across for the young black player and then for the young white payer. I think this in unacceptable both innocent have not done a thing wrong but just by the way it has been worded. This young black kid is looked at in a bad light. Which helps fuel racism an aggressive behaviour, so for all the news papers that don’t understand why people are racist in this day and age all i have to say is have a second thought about fair publicity an give all players an equal chance.

A post shared by Raheem Sterling x 😇 (@sterling7) on Dec 9, 2018 at 1:54am PST

"لاعب مانشستر سيتي الشاب، ذو العشرين عامًا، الذي يتقاضى 25 ألف باوند أسبوعيًا، ينفق ببذخ على منزل قيمته 2.25 مليون باوند رغم أنه لم يبدأ مباراة واحدة في البريميرليغ". هذا عنوان في أحد الصحف. "نجم مانشستر سيتي الشاب فيل فودين يبتاع منزلًا قيمته 2 مليون باوند لوالدته". هذا عنوان آخر في نفس الصحيفة. الأول كان يتحدث عن توسين أديرابيويو، والثاني كان عن فيل فودين كما خمنت. (12) (13)

الآن هناك طريقتان للتعامل مع الأمر، وغالبًا ستؤدي كلتاهما لنفس النتيجة. الأولى يفرضها المنطق، وهي أن نسأل محرري الصحيفة عن السبب خلف تصوير أديرابيويو على أنه شاب رقيع سفيه يلقي بأمواله يمينًا ويسارًا رغم عدم تحقيقه لشيء يذكر، وفي نفس الوقت، إظهار فودين كشاب واعد مهذب يضحي لأجل عائلته، رغم أن الثنائي لم يفعلا أي شيء سوى شراء منزل جديد لذويهم. هذا هو نفس السؤال الذي طرحه ستيرلينغ في بيانه، وبالمناسبة، نحن لم نقم باستنتاج هذه الصور الذهنية للثنائي الشاب، بل فرضتها معالجة الديلي ميل للخبرين.

في الخبر الأول مثلًا تُفرد الصحيفة مجالًا ضخمًا للحديث عن رغبة أديرابيويو في تجديد عقده، وتهديده بالرحيل عن مانشستر سيتي أثناء الموسم الماضي لو لم يحصل على الـ25 ألف المذكورة أسبوعيًا، ثم ترفق صورًا من منزله الجديد مع تعليقات من نوعية "المدافع الشاب ذو العشرين عامًا اشترك في 7 مباريات فقط مع مانشستر سيتي ولم يلعب في البريميرليغ مطلقًا. هذه الصورة من غرفة المعيشة في منزله الجديد". ثم صورة أخرى لغرفة السينما في البيت الجديد وأسفلها تعليق يقول "المدافع الشاب كان بديلًا طيلة مباراة بريستول سيتي في كأس كاراباو بالأمس ولم يشترك"، وفي حال لم يكن كل ذلك كافيًا للتعبير عن وقاحة أديرابيويو واستهتاره فإن الصحيفة تذكرك أكثر من مرة أن هذا هو نفس الحي الذي كان يسكنه بيتر كراوتش وكريستيانو رونالدو سابقًا. (12)

الآن دعنا ننقل لك بعض العبارات التي وردت في الخبر الثاني؛ "النجم ذو الثمانية عشر عامًا أشرك والديه في إختيار البيت كونه مصمم على إبقاء عائلته بقربه، وعلى الرغم من صعوده المستمر كأحد أهم مواهب إنجلترا في الوقت الحالي".."عائلة فودين ليست غنية، رغم ذلك سمح لهم نجاح ابنهم الشاب بالإنتقال من ضواحي ستوكبورت المتواضعة إلى جنوب مانشستر الراقي".."الانتقال لمنزل جديد لن يؤثر كثيرًا على حياة النجم الشاب كونه لا يغادر  المنزل كثيرًا ولا يشرب ولا يقود السيارات".."فودين إضطر للحصول على قرض ضخم لتمويل عملية شراء البيت لأن  وجود عائلته مهم جدًا بالنسبة له خاصة أنه مازال يذهب مع والده في رحلات صيد". (13)

ستيرلينغ الوقح

رحيم ستيرلينغ (رويترز)
رحيم ستيرلينغ (رويترز)

الطريقة الثانية للتعامل مع الأمر هي أن نتجاهل كل ما سبق ونبدأ في طرح الأسئلة حول راتب فودين الأسبوعي وعدد المباريات التي بدأها في البريميرليغ ثم نعقد مقارنة بين وضع الثنائي المالي والكروي عسى أن نجد مبررًا لصياغة الخبرين بهذه الطريقة، وحينها سيكون أول من يختلف معنا هم محررو الديلي ميل أنفسهم، ببساطة لأنهم لم يظنوا أنهم بحاجة لعقد هذه المقارنة من الأساس، ولو كانوا يفكرون في الأمر بنفس الطريقة لأخبرونا عن راتب فودين الأسبوعي مثلًا، ولكنهم اكتفوا بالتنويه على أنه "اضطر للحصول على قرض ضخم لأنه يحب إبقاء عائلته بجانبه". الطريف أنهم وصفوا السباب العنصري الذي تعرض له ستيرلينغ لاحقًا بأنه "صادم". (14) أحيانًا تنتج المواقف من هذا النوع مفارقات عسيرة على التصديق فعلًا.

أكبر هذه المفارقات على الإطلاق هو أن -صدق أو لا تصدق- ستيرلينغ نفسه تعرض لأمر مشابه مع صحيفة الصن عندما ابتاع منزلًا لوالدته في 2016، وعندها ىستخدمت الصحيفة ألفاظًا مثل "مسرف" و"متبجح" و"يتفاخر بالمجوهرات اللامعة"، وبالطبع لم يخل المنزل من "غرفة السينما" المعتادة بالإضافة إلى "حوض مرصع بالكريستال" و"عدة سيارات فارهة" رأت الصحيفة أن عرضها في فيديو هو "استفزاز لمشجعي الأسود الثلاثة بعد عروضه المخيبة في اليورو"، وحينها وُضعت عبارة "اشتراه لأجل والدته" بين علامتي تنصيص في العنوان، بكل ما يعنيه ذلك من إيحاءات وتلميحات لن نهين ذكاءك بالحديث عنها. (15)

الأمر ليس في كون هذه التصرفات صحيحة أو خاطئة، أو في اعتبارها سفهًا من عدمه. هذا أمر خاضع للنقاش والاختلاف في وجهات النظر رغم أنها حياة كل منهم الشخصية في النهاية، القصة ببساطة أن هذه الأخبار تختلف صياغتها من لاعب لآخر، من لون بشرة لآخر، من أصول إفريقية إلى أوروبية. هذا هو الوضع بمنتهى الوضوح والمباشرة وبلا أي نوع من المزايدات. عقب الواقعة قال إيان رايت هداف أرسنال التاريخي أن شيئًا لن يحدث إزاء هذه التصرفات لأن شيئًا لم يحدث من قبل، وأن "الماضي القبيح قد عاد"، وهو محق على الأرجح. (14)

13 سبب

في نوفمبر الماضي أصدرت مؤسسة Kick It Out الخيرية لمكافحة التمييز تقريرها السنوي عن عدد الوقائع التي شهدها 2018، والنتيجة كانت زيادة عدد الحالات للعام السادس على التوالي، وبنسبة قدرها 11% عن العام الماضي أوصلتها إلى 520 حالة بعد استقرارها عند 469 في 2017، شكلت الأحداث العنصرية أكثر من نصفها بقليل. طبعًا هذا في إنجلترا فقط، وفي كرة القدم فقط، وبحساب الشكاوى التي قُدمت فقط، لذا إن كنت تنوي مراقبة كثافة الوقائع العنصرية بعد انحسار الموجة الحالية فلقد تأخرت، لأنها تراكمت عبر السنوات الست الأخيرة مكونة تيار دائم ثابت. (16)

تروي تاونسند رئيس المؤسسة ووالد أندروس تاونسند لاعب كريستال بالاس قال إن هذه هي "أكثر الفترات إثارة للقلق في تاريخ اللعبة منذ بدأنا العمل"، وأن إحجام الكثيرين عن التبليغ عن مثل هذه الحالات يعني أن الصورة الحقيقة أكثر قبحًا بكثير مما نتخيل، لسبب واضح طبعًا هو إن الإحجام يعني أمرًا من اثنين، إما أن الممتنعين خائفون وهذا سيئ، وإما أن البلادة أصابتهم أخيرًا، وتملّكهم إيمان عميق أن شيئًا لن يتغير مثلما يؤكد رايت، وهذا أسوأ بكثير.

"في إيطاليا كست حالة من الخزي البلاد بعد يوم عاصف بدأ بمقتل أحد مشجعي نابولي في اشتباكات ما قبل مباراة إنتر، وانتهى بواقعة عنصرية أخرى مخجلة في نفس المباراة. هذه أول مرة يُقتل فيها مشجع كرة قدم خارج أحد ملاعب إيطاليا في العقد الأخير، ولكنها ليست حتى المرة الأولى هذا الموسم التي يتعرض فيها لاعب لهتافات عنصرية. للأسف لا يمنحنا التاريخ أسبابًا كافية للاعتقاد أن الأمور في سبيلها للتحسن"

(باولو بانديني – غارديان. (17))

الوضع لن يتحسن، تاونسند يؤكد ذلك وكل الشواهد والمؤشرات تقف في صفه، سيستمر الجميع في معاملة العنصرية على أنها مجرد Trend  نضطر لمواجهته كل فترة، وهذه الحالة ستجعل الأمل الوحيد هو انقلاب الـ Trend  على نفسه في يوم من الأيام بلا تدخل منّا وللأسباب الخطأ أيضًا، وإلى حينها لا نملك سوى العمل بنصيحة روني؛ أن نُقر بأن الأمر صار يحتاج لما هو أكثر من حفلات التطهر الجماعي مع كل واقعة شبيهة، أن نعترف بدورنا في القصة ونعتذر عنه ونبذل ما يلزم للتثقف حول الأمر، حتى لو كلفنا ذلك قراءة أفضل 10 كتب عن طرق مكافحة العنصرية!

المصدر : الجزيرة

إعلان