شعار قسم ميدان

ديبالا إلى مانشستر يونايتد.. ما الذي يجري على هذا الكوكب؟!

ميدان - ديبالا

الكثير من الأسئلة، القليل من الإجابات. عادة راسخة من عادات سوق الانتقالات، دائما ما ينتابك هذا الشعور بأنك لو كنت مكان تلك الإدارة لما أبرمت تلك الصفقة، أو لتعاقدت مع خيار أفضل، ولكن في النهاية نضطر للاستسلام لحقيقة أن هناك تفاصيل معقدة ومخفية دائما وراء الكواليس لا علم لنا بها، وبالتالي، الإدارات تعرف أكثر، أليس كذلك؟

العجلة دائما ما تسير في النهاية، الإدارة تبرم صفقتها الصحيحة أو الخاطئة ونحن جميعا بين مؤيد ومعارض، ولكن يجب علينا احترام الاختصاص، أليس كذلك؟ حتى حين يتعاقد برشلونة مع باولينيو أو بواتينغ، وحتى حين يتعاقد آرسنال مع لاعب مصاب لنهاية الموسم تحت بند الجودة والنوعية. بعض الأمور تُجرى على أساس اقتصادي بحت، وبعضها الآخر يُجرى على أساس كروي، أما ما أمامنا الآن، فلا أساس له إلا الهيستيريا.

لماذا نحن هنا؟

undefined

عانى روميلو لوكاكو مهاجم مانشستر يونايتد من بعض أشكال التهميش سواء مع جوزيه مورينيو المدرب السابق أو أولي غونار سولشار الحالي، ومع عدم تأمينه لمقعد أساسي في النادي الذي يعج بالاضطرابات أصلا، يبدو خيار الرحيل منطقيا للغاية. تتضافر الظروف في إنتر ميلان الباحث عن التخلص من مهاجمه ماورو إيكاردي وزوجته الجشعة المزعجة، وبالتالي يحتاج إلى مهاجم آخر.

يأتي ذلك إثر تسلم أنتونيو كونتي لمهمة المدرب في جوسيبي مياتزا، وهو الرجل نفسه الذي حاول التعاقد مع لوكاكو قبل عامين حين كان مدربا لتشيلسي ولوكاكو مهاجما لإيفرتون. يطرق إنتر باب يونايتد لأجل التفاوض، يرفض يونايتد عرضا تلو الآخر ويستمر الخلاف المادي، فالشياطين الحمر لا يريدون بيع مهاجمهم بالتقسيط. (1)

يفكر إنتر في حلّه البديل حال فشل صفقة لوكاكو: إدين دجيكو مهاجم روما. الآن لدينا جميع أطراف تلك القصة: مانشستر يونايتد – إنتر – روما – كونتي – لوكاكو – دجيكو، أليس كذلك؟ نعم، ليس كذلك، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يوفنتوس قد وصل. "ماذا تفعل هناك يا إنتر؟ أخذت مديري الرياضي بيبي ماروتا ومدربي السابق أيضا؟ هل تنوي منافستي حقا؟ عمل جيد، هيا بنا"!

فجأة طرق يوفي باب روما مبادلا سبيناتزولا بظهير آخر هو لوكا بيليغريني، فقط ليمنح روما أريحية ألا يتم إجباره على بيع دجيكو لإنتر بسبب قواعد اللعب المالي النظيف. ماذا سيفعل بهذا البيليغريني الذي لم يكن مرضيا لجماهير روما أصلا؟ لا شيء، إنتر لن يأخذ دجيكو وحسب، ومن هنا يمكنك استنتاج بقية ما يجري. (2)

 

الفتوة

"إنها أوقات جنونية تلك التي نعيشها، جنونية"!

(هوريس سلغهورن – هاري بوتر والأمير الهجين)

يمكن تفهّم التضحية بظهير بديل رغم أنه مناسب كمستوى وبالفعل يعرف الفريق جيدا، ما يعني أنه سيكون الأجهز حال تعرض الأساسي "أليكس ساندرو" لأي مكروه، حتى هنا يمكن التفهم، ولكن أن يتم التضحية بموهبة مثل باولو ديبالا فقط لمضايقة إنتر؟! لوكاكو بالفعل كان مقتنعا بالانضمام للنيراتزوري، حتى أتى البيانكونيري بأمواله و-وفقا للتقارير- اتفق الطرفان على الشروط الشخصية والراتب وخلافه.(3)

بات الأمر الآن مرهونا بديبالا الذي عاد لتوه من إجازة كوبا أميركا ولن يُجري الكشف الطبي المعتاد في يوفنتوس، ما يؤكد أنه سيُجريه في مكان آخر. لماذا سيرحل ديبالا أصلا؟ ألم تكُن المشكلة في أليغري؟ لقد تطلّب الأمر أن يعملا معا لأربع سنوات حتى نكتشف هذا الخلل، وأن كل نجاحات ديبالا السابقة مع أليغري لم تكن سوى مجرد مصادفة، ها قد رحل أليغري، فلماذا يرحل ديبالا الآن؟ (4)

السؤال بطريقة أخرى: لماذا قرر يوفنتوس أن يدفع 95 مليون يورو للتعاقد مع غونزالو هيغوايين وهو على أتم العلم بمدى المبالغة الواضحة في هذا السعر؟ هيغوايين أفاد يوفي في البداية بالطبع، صحيح أنه لم يقدم له ما قدمه في نابولي، ولكن ما يحدث الآن يُجبرنا على ألا نضع لما يسمى "بالقيمة الفنية" أدنى الوزن هنا. لقد دفع يوفي هذا الشرط الجزائي لأنه قادر على دفعه، لأنه الأقوى والأغنى، لأنه سيفعل بنابولي ما يريده، يضم مهاجمه، يضم مدربه، يشتري النادي نفسه، إلخ.

هل تذكرون الاسم الشعبي القديم لما يُعرف بـ"الفتوة"؟ عادة ما يكون هذا الرجل هو أقوى سكان الحي، يعمل على حماية البقية وفض نزاعاتهم، ينتصر للمظلوم ويقتص من الظالم، قبل أن يتحول على مر العصور إلى رمز للاستبداد، لتقتصر وظيفته على الجباية وبث الرعب في قلوب السكان المنوط به تأمينهم. هذا ليس يوفنتوس بالطبع، فهو لم يكُن أبدا مسؤولا عن أمن الدوري الإيطالي، ولكننا لسنا متأكدين بشأن الشق الثاني.

فُتح المزاد
 ديبالا إضافة خرافية على صعيد الجودة، هذا كل ما يمكن تأكيده الآن، ولكن هل كان يونايتد يبحث عنه أو عن لاعب يشبهه أصلا؟
 ديبالا إضافة خرافية على صعيد الجودة، هذا كل ما يمكن تأكيده الآن، ولكن هل كان يونايتد يبحث عنه أو عن لاعب يشبهه أصلا؟
 

الأمر ما هو إلا صراع قرر يوفنتوس خوضه بكل عنف ضد إنتر، ولأن مصائب القوم عادة ما تُفيد القوم الآخرين، تجلس إدارة مانشستر يونايتد بقدم على الأخرى، بعد أن فوجئت بوجود إدارة تفوقها غرابة في التخطيط الكروي. تخيل أن تنوي بيع لوكاكو فتحصل على ديبالا بدلا منه، بل وتخيل أن تحصل على ديبالا وأنت لن تشارك في دوري الأبطال أصلا. إنجاز مذهل ما كان ليتحقق لولا رغبة إنتر تحديدا في شراء لوكاكو.

ولكن تماما كما لا يحتفل القطاع السوداوي من جماهير برشلونة بالصفقات لأن المشكلة الرئيسية تكمن فيمن سيشركهم على أرض الملعب، تبقى تلك هي نفسها مشكلة مانشستر الأبرز هنا. لا مجال للسؤال هنا عن قيمة ديبالا الفنية، اللاعب يميل للعمق من جهة اليمين كونه أعسر القدم، ومشكلته الرئيسية في منتخب الأرجنتين أنها المساحة المفضلة نفسها لدى ليونيل ميسي، هذا ميسي، من أمامه الآن في يونايتد؟

خوان ماتا في أعوامه الأخيرة، جيسي لينغارد أو "ليو جيسي" كما دعته إحدى الصحف الإنجليزية، أليكسيس سانشيز الذي لم يمنح يونايتد أي شيء على مر عام ونصف، من يبدو بينهم مرشحا لإجلاسه على مقاعد البدلاء؟ الطريق ممهد للغاية، ولكن الناتج النهائي لتلك العملية هو مكمن القلق الوحيد هنا، فتلك الصفقة تأتي على حساب المهاجم البدني الصريح الوحيد في القائمة.

بكلمات أخرى، التفكير في الاعتماد المطلق على ماركوس راشفورد لا يعني سوى نية سولشار للعب على التحولات أبد الدهر، وهو ما قد ينجح أمام مانشستر سيتي مثلا، ولكن ماذا عن الفرق التي لا تحاول أخذ الكرة منك قبل منطقة جزائها أصلا؟ أي تحولات تلك التي سيُسمح لك بممارستها هنا؟ هو واحد فقط سيلجأ له يونايتد في مثل تلك المواقف، العميل المذهل نفسه الذي يريد منحه ديبالا مقابل لوكاكو، بالتأكيد لا مانع لديه فيترك ماريو ماندجوكيتش أيضا "فوق البيعة" كما يقولون. وبذلك يجد مانشستر خطته البديلة بحثا عن مهاجم حقيقي مميز في الرأسيات لهذا الموسم على الأقل. (5)

يبقى التساؤل الأخير حيال تفضيل ديبالا وبوغبا للعمق معا والتعارض الذي سيحدث نتيجة لذلك، رغم أنه سبق لهما اللعب معا في يوفي لموسم 2015-2016، الأول يأتي من يمين الهجوم والثاني يأتي من يسار الوسط، من الصعب حدوث هذا التعارض الفج هنا، المشكلة الحقيقية هي من سيتولى فتح الملعب على طرفيه. الإجابة الأولى ستكون الأظهرة، ولكن أظهرة يونايتد ليست كارفاخال ومارسيلو نسخة 2017، ما سيستوجب المزيد من العمل من المهاجمين أصحاب السرعة مثل راشفورد ومارسيال، بل ولينغارد نفسه الذي يرتكز على ميزة واحدة جعلته فتى مورينيو المدلل: التزامه بأي دور يُطلب منه دون "متطلبات النجومية". هل ستنجح تلك التجربة في النهاية؟ لا ضمانات، ديبالا إضافة خرافية على صعيد الجودة، هذا كل ما يمكن تأكيده الآن، ولكن هل كان يونايتد يبحث عنه أو عن لاعب يشبهه أصلا؟ لا، كل ما حدث أن إنتر كان يريد شراء لوكاكو.