مانشستر سيتي وآرسنال.. ثوابت غوارديولا وفينغر

للمرة السابعة من أصل 13 مواجهة، آرسين فينغر مدرب آرسنال يتلقى الخسارة على يد الإسباني بيب غوارديولا في فريقه الثالث إلى الآن مانشستر سيتي. ثلاثية في نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية تضع يد أزرق المدينة على أول ألقابه في عهد الفيلسوف، وتدون الخسارة الثالثة لمدافع لندن في نهائي البطولة ذاتها.
حين يحضر اسما الرجلين فهناك بعض الأشياء التي يمكنك توقعها مقدماً، فارق في الاستحواذ وصناعة الفرص لفريق بيب سواء كان برشلونة أو بايرن ميونيخ أو سيتي الآن، لقطات تحكيمية تثير الجدل ويتضرر آرسنال منها في معظم الأحوال، أخطاء تأتي لتستر عورة المدرب الفرنسي أكثر من إنقاذها للإسباني، ففي كل مرة ولسبب ما، ملامح خسارة فينغر لا تكاد تتغير.

عانى آرسنال غيابين مؤثرين هما أليكساندر لاكازيت للإصابة وهنريك مخيتاريان لعدم قانونية مشاركته في البطولة مع فريقه الجديد، والأخير تحديدا كان بمقدوره تقديم بعض الإضافة اللازمة لإحياء أطراف الغانرز المتوفاة أغلب المباراة. على الجانب الآخر لم يدخل بيب برسم تكتيكي تقليدي لتعويض غياب ثاني هدافيه رحيم سترلينغ، حيث أقحم لاعب الوسط إلكاي غوندوغان على حسابه ليصبح الأمر أشبه بـ4-2-2-2 مائلة صراحةً لليسار.

على الورق تموقع دي بروين على اليمين بينما واقعا تواجد البلجيكي في كل مكان على أرض الملعب، ومال فيرناندينيو يمينا لمواجهة جبهة آرسنال اليسرى أغلب الوقت، بينما جاوره غوندوغان مكسبا ديفيد سيلفا المزيد من الحرية، ومنطلقا في الفراغات التي تظهر من الخلف عند الضرورة، وكان لتلك التحركات من الألماني دور كبير في خلخلة توازن آرسنال في المواجهة.

واحد من أفضل رجال تلك المباراة كان ديفيد سيلفا دون شك، فقد كان أكثر من لمس الكرة (86) بعد غوندوغان (88)، كما وفر الحلول دائما خلال عمليتي بناء اللعب والتمرير السريع لخلخلة الدفاعات، بدقة تمرير بلغت 92% من أصل 72 تمريرة، حتى الأدوار الدفاعية التي ليست نقطة تميزه برع خلالها بثلاثة تدخلات صحيحة من أصل خمسة، بالتساوي مع دانيلو في الصدارة. وأثناء انشغال بيب بإمالة الملعب جهة اليسار حيث يتموقع نجمه الشاب المتألق ليروي ساني، كان فيرناندينيو هو المضطلع بأغلب المسؤوليات الدفاعية للجانب الأيمن ومن ضمنها إطلاق يد كايل ووكر قدر الإمكان.

الأمر هذه المرة ليس متعلقا بثوابت المواجهة بقدر ارتباطه بثوابت آرسنال في المُطلق، فهذا الخطأ الدفاعي الساذج يأتيك دائما من حيث تترفع أنت عن أن تتداخل معه! كان الفريق اللندني متقدما أو متعادلا أو خاسرا، أحد مدافعيه -أيا كان مستواه- يخبئ تلك القنبلة دائما، ولن تعرف أبدا من ومتى يفجرها حتى يعلن عن نفسه، تماما كما وضع شكودران موستافي نفسه عن طيب خاطر داخل جيب أغويرو الخلفي، ليتركه منفردا بعد طولية من حارس المرمى كلاوديو برافو! حقيقة إن سيتي يعتمد أغلب الوقت على الكرات الأرضية القصيرة التي لن تجعل تسجيله من طولية خيانة لتلك الأمانة، أمر بديهي ولكن السيد فينغر استنكر قبل بضعة أيام تسجيل توتنهام لهدف في شباكه من كرة رأسية، لذا لزم التنويه..
ربما لم يكن تمركز الحارس ديفيد أوسبينا (أسوأ تقييم في المباراة بالتساوي مع موستافي) جيدا، ولكن حين يضطر حارس لمواجهة تلك المهزلة فهو معفي مقدما من اللوم أيا كان ما يفعله. دقائق قليلة واضطر فينغر لإجراء تبديل مبكر بإشراك كولاسيناتش على حساب مونريال المصاب، في يوم لم يكن به ووكر بهذه الخطورة، إلا أن انطلاقاته استمرت في كونها مزعجة كالمعتاد. المشكلة الحقيقية كانت في الجانب الآخر عند ساني، وهو الثلث الطولي الذي أرسل منه سيتي أكثر من نصف محاولاته الهجومية، و33% من تسديداته.

أكثر من عانى مع ذلك كان هيكتور بيليرين بعد تعرضه للمراوغة ثلاث مرات من أصل 5 محاولات للتدخل، بينما لم يكن رامسي الذي جاوره مباشرة أطيب حالا، بأسوأ دقة تمرير في أرضية الملعب (65%) وتواجد دفاعي خافت إلى حد كبير بتدخل صحيح واعتراضين للكرة، بإضافة ذلك إلى التصرفات معدومة المنطق من جانب طيب الذكر غرانيت تشاكا، وحقيقة أن صانع الألعاب مسعود أوزيل لم ينجح في صناعة فرصة واحدة طوال المباراة، لم يعُد هناك ما يمكن توضيحه بشأن الإخفاق الذريع لعملية آرسنال الهجومية بل وصعوده بالكرة من الأساس. بارقة الأمل الوحيدة كانت جاك ويلشير بأعلى نسبة دقة تمرير في صفوف آرسنال (83%) وتمريرة مفتاحية إلى جانب صدارة المراوغات بـخمس محاولات ناجحة من أصل سبع.

أن تكون متابعا لآرسنال على مر كل تلك الأعوام، لا يحق لك السؤال حقا عن كيفية وصولنا إلى هنا، هذه ركنية، والفريق في وضعه الدفاعي، ولكن ما الذي يمنع أن يكون هناك رجل حر داخل منطقة الجزاء، ويمكنه الوصول لتلك الكرة السريعة بمنتهى الأريحية؟ هل تبدو تلك الصغائر بهذا الحجم حقا؟ نحن نتحدث هنا عن خطأ ارتكبه برشلونة قبل بضعة أيام، صحيح أنه في تلك المرة كان من خارج المنطقة وبشكل أقل تبجحا من حيث اللامبالاة. كوسييلني بدوره كان يحاول منع كومباني من اصطياد الرأسية، والأسطورة تقول إنه لا يزال يقف ملاصقا لظهره حتى الآن..
حصل الكل على لقطته ليأتي دور كالوم تشامبرز تلك المرة، حين التف به سيلفا أضعف لاعبي سيتي بدنيا ليسجل الهدف الثالث.. ولكن طالما أن اللاعبين بخير والملعب لم يتعرض لسقوط نيزك بعد، فإن السيد آرسين لن يجري تبديلا قبل الدقيقة 65. للأمانة تلك المرة هو يملك كل الأعذار الممكنة، فقط ضع نفسك في مكانه وانظر لتلك الوجوه على مقاعد الاحتياط.
في النهاية اضطر للزج بداني ويلبك على حساب تشامبرز لتتحول الطريقة إلى 4-3-2-1، ولأن التغييرات لا تكفي، خرج رامسي في الدقيقة 73 لحساب إيوبي وبقي تشاكا يمارس هواياته على أرض الميدان. على الجانب الآخر وبمنتهى الأريحية حل غابرييل خيسوس بديلا لساني عقب مباراة رائعة، وحصل الناشئ فودين على بضع ثوان بدلا من أغويرو. نهاية حتمية لرجلين يجلب اسم أحدهما الطمأنينة والألقاب، ولا يجلب الآخر إلا المزيد من الفشل..