شعار قسم ميدان

برشلونة وتوتنهام هوتسبر.. بين منطق فالفيردي وأنفاس بوتشيتينو الأخيرة

midan - رئيسية مباراة

تشكيل مفاجئ من جانب برشلونة لمواجهة فريق بحجم توتنهام هوتسبر، ولكن لماذا يبذل الكتلان جهداً من الأساس بعد حسم الصدارة رسمياً؟ ربما بسبب التنافس الشريف، إذ لا يصح أن يقدم برشلونة مساعدة لفريق بعينه ويقوده إلى التأهل. لحُسن الحظ، لم يكن البلوجرانا ولا مدربهم إرنستو فالفيردي ينوون ذلك حقاً.

 

حتى وإن قال التشكيل عكس ذلك، حتى ولو لم تكن المباراة تعنيه في شيء فإنه سيلعب، ولكنه ليس بحاجة لإرهاق صفه الأساسي لأجل إنتر ميلان أو غيره، خاصةً إن كان هذا الإنتر قد أضاع فرصته بنفسه، ورغم ذلك كان على وشك التأهل حتى الدقيقة 85. توتنهام يعود بتعادل غالٍ للغاية من كامب نو.

   

تشكيل الفريقين وتقييم اللاعبين  (هوسكورد)
تشكيل الفريقين وتقييم اللاعبين  (هوسكورد)

   

أوراق البداية

بين فريق يعتبر المباراة ودية وفريق يقاتل بكل ما لديه، بدأ برشلونة ببعض الوجوه التي لا تنال حقها من المشاركات الأساسية، مثل توماس فيرمايلين في قلب الدفاع وميراندا كظهير أيسر والواعدين أرتور وكارلس ألينيا في الوسط برفقة جندي فالفيردي المفضل راكيتيتش، وأخيراً منير الحدادي بين عثمان ديمبيليه وكوتينيو، أو إلى جوار ديمبيليه وتحتهما كوتينيو في بعض الأوقات. على الناحية الأخرى عمد ماوريسيو بوتشيتينو مدرب توتنهام إلى ملء خط الوسط بأكبر عدد ممكن من اللاعبين، فأتى بقوة سيسوكو إلى جوار وينكس يعاونهما محرك اللعب الرئيسي كريستيان إريكسن وأمامه ديلي ألي، تحت الثنائي هاري كين وهيونج سون مين، أملاً في التضييق على مفاتيح لعب برشلونة ومن ثم الانتصار في معركة الوسط، وهو ما لم يتحقق طوال الشوط الأول تقريباً.

 

في ويمبلي فاز برشلونة على توتنهام والأخير يعاني من غيابات قاتلة على رأسها إريكسن وألي، تلك المرة كان يُعاني من بعض الغيابات المؤذية أيضاً أهمها ظهيره الأيمن كيران تريبيير ووحش وسطه موسى ديمبيليه، ولكنه يواجه برشلونة بلا ميسي أو سواريز، لا فيدال ولا بوسكيتس ولا ألبا ولا حتى بيكيه أو تير شتيغن، صحيح أن ذاك الأمر أتى طوعاً لا كرهاً، إلا أن هذا لا يجيز لتوتنهام ألا يكون الطرف الأقوى من حيث الأسماء على أرض الملعب، وهو ما لم يعكسه الأداء.

 

للإنصاف، ارتكب كايل ووكر بيترز البديل الواعد في مركز الظهير الأيمن خطأ في الدقيقة السابعة، انتهى بنُزهة ممتعة ورائعة من جانب عثمان ديمبيليه بين دفاعات السبرز وحتى وصول كرته إلى مرمى هوجو لوريس، لقطة منحت البلوغرانا دفعة كبيرة في توقيت مبكر للغاية، وعقدت موقف الضيوف المُعقَّد سلفاً، ففي الأحوال العادية كان يجب عليه القتال للفوز في كامب نو، لا أحد كان يضع مسألة تقدم أيندهوفن على إنتر تلك في الحسبان.

   

undefined

   

حافظ برشلونة على تفوقه، وكاد كوتينيو أن يقتل المباراة مبكراً بكرة ارتطمت في القائم قبل نهاية الشوط مباشرةً، وهو الشيء الوحيد الذي نجح فيه تقريباً. ربما لو سجل تلك أو التالية لتغير رد الفعل الجماهيري إلى حد ما، إلا أن هذا لا يمنع أن ذلك كان الشيء الوحيد الذي أجاده تقريباً، بشكل أو بآخر، برشلونة أنفق 160 مليون يورو لأجل كرتين في العارضة. لعب في الوسط فلم يُجِد، لعب كجناح أيسر مع ميسي فكان أفضل ولكن لم يقدم المتوقع، لعب بدون ميسي فلم يقدم المتوقع أيضاً، هو ليس لاعباً سيئاً على الإطلاق، ولكن إدارة برشلونة كعادتها ستتطلب الكثير من الوقت حتى تكتشف أنها تعاقدت مع اللاعب غير المناسب فقط لأن ليفربول قال لا في الصيف.

 

الواقعية ضد الآمال الأخيرة

مع صافرة الشوط الثاني بدأ فالفيردي أول خطواته بإراحة إيفان راكيتيتش أحد أكثر المشاركين مع برشلونة على مر المواسم الأخيرة، وحل سيرجيو بوسكيتس على حسابه، ولكنها لم تكن الحركة الوحيدة، ففالفيردي أحد هؤلاء الذين لا يجدون مبرراً حقيقياً لانتزاع المبادرة ما دام الفريق متقدماً، وبالتالي بدأ التقهقر الكتالوني ليعجز الفريق عن تسديدة كرة واحدة على مرمى لوريس طوال الشوط الثاني.

  

أماكن تدخلات برشلونة: 23 محاولة للتدخل، 2 فقط في وسط ملعب الخصم  (هوسكورد)
أماكن تدخلات برشلونة: 23 محاولة للتدخل، 2 فقط في وسط ملعب الخصم  (هوسكورد)

   

زادت القوة الدفاعية رقمياً لصالح لاعب البلوغرانا، بدايةً من أفضل حارس احتياطي في أوروبا جاسبر سيليسين صاحب التصديات الستة في تلك المباراة، بالإضافة إلى أداء لاقت من المدافع الفرنسي كليمون لونغليه بالعلامة الكاملة من 7 تدخلات و4 اعتراضات للكرة في الصدارة. حتى سيميدو رغم بعض هفواته المعتادة، نجح في 5 تدخلات من أصل 6 وأضاف إليهم 4 اعتراضات. من تفوق على هذا الصعيد في صفوف سبرز كان داني روز الذي عاش مواجهة صعبة أمام ديمبيليه وفترة أكثر هدوءاً أمام بديله، ليخرج بـ3 اعتراضات و6 تدخلات صحيحة من أصل 7. مع وصول المباراة إلى نصف الساعة الأخير قرر بوتشيتينو إجراء بعض التعديلات، فأقصى ووكر بيترز ودفع بلاميلا تحت المهاجمين ليعود سيسوكو كظهير أيمن ويتشارك إريكسن وألي طرفي دائرة الوسط بينهما وينكس، وهو ما رد عليه فالفيردي باستعمال سلاح ميسي الذي لم يقدم الكثير عن أقل المعتاد منه.

 

زاد حراك المياه الراكدة نسبياً وارتفعت خطورة توتنهام تدريجياً لتصل إلى الذروة بحلول نشاط لوكاس مورا على حساب سون، ومع هذا الارتفاع التدريجي كان فالفيردي قد اكتفى، فأتى دينيس سواريز بدلاً من ديمبيليه في الدقيقة 76 لإحكام السيطرة على الوسط قدر المستطاع، وهو ما لم يحدث حيث فقد دينيس الاستحواذ 3 مرات كأكثر لاعبي المباراة كلها في ربع الساعة هذا! مع تأخر الوقت ونجاح إنتر في التعادل على الناحية الأخرى، لم يعد أمام بوتشيتينو ما يخسره، إن لم يتعادل الآن سيخرج، وإن تعادل وفاز إنتر سيخرج، فدفع بمهاجمه فيرناندو لورينتي بدلاً من وينكس بحثاً عن كل شيء أو لا شيء، الاعتماد المتوقع هنا سيكون على الطوليات لاستغلال تميز لورينتي بالرأسيات، ولكن هذا لا يعني إغفال الأرض أيضاً.

 

من هنا حصل كوتينيو على تمريرة رائعة من ميسي ولكنها انتهت في القائم للمرة الثانية قبل لحظات من لقطة إنقاذ توتنهام: بينية لاميلا تخترق شارع سيميدو وصولاً إلى كين، يتحرك الأخير ويقترب من المرمى بمنتهى الشراسة ليرسل عرضيته الأرضية إلى لوكاس ومنه إلى شباك سيليسين التي عانى الضيوف لأجل اختراقها. كين الذي كان أنشط لاعبي توتنهام وأكثرهم خطورة بـ6 تسديدات، تسيد صناعة اللعب طوال المباراة بـ4 تمريرات مفتاحية وهو ما كلله بصناعة الهدف الذي قاد فريقه لدور الـ16.

   

undefined

   

إنتر على الناحية الأخرى فشل في أكثر مباراة يستحق الخروج منها فائزاً من ناحية التفوق الفني، وكان على بعد هدف من جعل هدف مورا بلا قيمة، ولكنها كانت حصيلة ما قدمه فنياً، فتلك الدقائق العشر أنقذته مرة أمام توتنهام، وتلك النقطة التي انتزعها من برشلونة في محاولته الوحيدة تقريباً على جوسيبي مياتزا، لم يشفعوا للأفاعي بعد أن أخفقوا في إتمام المهمة الأخيرة. رغم ذلك هذه ليست نهاية المطاف، بالطبع كان آخر بطل إيطالي للمسابقة يأمل في عودة أفضل من تلك، إلا أن الطريق لا يزال ممهداً والأعوام ستأتي وإنتر سيكون هنا بنسبة 99% العام المقبل، الآن عليه أن يركز على بطولة في متناول يديه تعج بمنافسين أقوياء بالفعل مثل تشيلسي وآرسنال وميلان إضافةً إلى نابولي الذي رافقه للتو من مجموعات الأبطال، فمن هنا يمكن أن يتحول هذا الفشل الأوروبي إلى نجاح كبير.

المصدر : الجزيرة