شعار قسم ميدان

مانشستر يونايتد وأياكس.. مورينيو ضد كرويف وفان خال

midan - jose mourinho

إلى لحظة الحقيقة في ستوكهولم، اقتربت المباراة التي ستحدد مصير موسم انتهى وآخر سيبدأ لمانشستر يونايتد الإنجليزي، والتي ستكتب المحصلة النهائية لمغامرة أياكس أمستردام الهولندي.

 

فريقان عريقان يصطدمان في نهائي الدوري الأوروبي والذي لا يشكل ضغوطا على أياكس، فكل الضغط على طرف واحد تماماً كما قال بيتر بوس المدير الفني للفريق الهولندي.

 

من جانبه فاز أياكس بكل شيء في أوروبا، بطل دوري الأبطال 4 مرات (1971-1972-1973-1995) وكأس أبطال الكؤوس (1987) وكأس الاتحاد الأوروبي وهو المسمى القديم للدوري الأوروبي (1992) والسوبر الأوروبي مرتين (1973-1995) إلى جانب كأس الإنتركونتيننتال مرتين (1972-1995).

 

على الجانب الآخر يمتلك كبير إنجلترا سجلاً أقل بهامش طفيف: دوري الأبطال 3 مرات (1968-1999-2008) وكأس أبطال الكؤوس (1991) والسوبر الأوروبي لنفس العام إضافةً إلى كأس الإنتركونتيننتال عام 1999 وكأس العالم للأندية عام 2008، بينما لم يسبق له الفوز بالدوري الأوروبي من قبل.

 

تلك المباراة هي الخامسة بين الفريقين على المستوى الأوروبي وبالرغم من امتلاك كل منهما انتصارين على الآخر إلا أن اليد العليا كانت لمانشستر في مجموع المرتين(1): الأولى في الدور الأول لكأس الإتحاد الأوروبي (1977) حيث فاز أياكس ذهاباً 1-0 وفاز يونايتد إياباً 2-0، والثانية في دور الـ32 للدوري الأوروبي (2012) حيث فاز الفريق الأحمر 2-0 وخسر 2-1.

 

مانشستر يونايتد: أكون أو لا أكون
undefined
 
في موسم مخيب على الصعيد المحلي تكالبت عليه الأخطاء الفردية والتدريبية وسوء الحظ والإنهاء أمام المرمى إلى جانب الإصابات، أنهى الفريق مسابقة الدوري الإنجليزي في المركز السادس ليبقى خارج المراكز الأربعة الأوائل للموسم الرابع على التوالي، فقط خرج بالدرع الخيرية وكأس رابطة الأندية، بطولتان إحداهما شرفية والأخرى لا قيمة لها جماهيرياً وبكل تأكيد لا يمكن لهما تعويض خيبة أمل بحجم عدم الوصول لدوري الأبطال.

 

المحصلة النهائية هي أن تلك المباراة يتوقف عليها كل شيء، إما أن تذهب كل الاتهامات التي تلاحق البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب يونايتد إلى غياهب النسيان، أو تتكثف لتلاحقه طوال الموسم المقبل، الخيارات ليست سهلة أمامه ولحظات الرعب التي عاشها أمام سيلتا فيغو في إياب نصف النهائي لا يُفترض أن تُمحى من ذاكرته بسهولة.

 

تلك الخيارات المتحفظة التي راهن عليها في طريقه خوضه تلك المباراة استغلالاً للنتيجة التي عاد بها من إسبانيا (1-0) ثم في تقدمه على أولد ترافورد بنفس النتيجة كادت تنقلب وبالاً عليه بهدف التعادل الذي تلاه ضياع هدف محقق أمام فم المرمى مباشرةً في الثانية الأخيرة، وذلك بعد أن أعلن رسمياً بيعه للمنافسة على المركز الرابع في أعقاب التعادل مع سوانزي ثم التشكيل البديل الذي خسر به أمام أرسنال.

 

سوَّق مورينيو لجماهير الشياطين الحمر قراره الواقعي بالقتال على الدوري الأوروبي ونسيان أمر البريميرليغ بل وصل الأمر به للقول بإن المباريات الباقية في المسابقة هي "مباريات لا نريد أن نلعبها"، ليعلق آمال الجميع على أمل أخير كاد ينهار فوق رأسه ويتساءل الكل: هل هذا هو ما تطلب كل ذلك العناء؟ هل هذا هو ما كان يستعد لأجله؟
 

"لن ألعب كرة دفاعية كي أحصد الألقاب لأن الأمر سيكون مملاً جداً، تخيل أن تجلس موسماً كاملاً لتشاهد مباريات سيئة في مقابل الحصول على لقب، وإذا خسرته ستكون قد أضعت من أعمارنا عاماً كاملاً من الملل"- الراحل يوهان كرويف
  

تلك المقولة المنسوبة للأسطورة يوهان كرويف هي بالضبط ما يواجهه البرتغالي الآن، فبعد مسيرة مضطربة شهدت انتظار هدف في ثمانينيات الإياب للعبور على حساب فريق مثل روستوف الروسي، ثم الوصول لوقت إضافي أمام أندرلخت البلجيكي، وأخيراً رصاصة غيديتي مهاجم سيلتا التي ضلت الطريق، لن يرحمه أحد على ضياع هذا اللقب، صحيح أن طريقة لعب مورينيو في أغلب المباريات لا تتسم بهذا الملل، إلا أن هذا ما يحدث عادةً حين يتعلق الأمر باللحظات الحاسمة، يبدأ عمل خلايا الحذر المبالغ فيه داخل عقله، رهان قد يؤمن اللقب وقد يقضي عليه، مُخاطرة أكثر خُطورة من اللعب بطريقة هجومية صريحة.

 

جولة في حسابات البرتغالي
من ناحية الغيابات حدث ولا حرج: قائمة إصابات تتضمن ماركوس روخو وزلاتان إبراهيموفيتش ولوك شو وآشلي يونغ إلى جانب شكوك حول مروان فيلايني الذي يسابق الزمن للحاق بالمباراة(2)، بينما يغيب إريك بايلي أفضل مدافعي الفريق للإيقاف عقب بطاقة سيلتا فيغو الحمراء.

 

بعض خيارات مورينيو يبدو محسوماً مثل سيرجيو روميرو الذي أعلن(3) حراسته المستحقة للمرمى على حساب ديفيد دي خيا بعد بطولة مميزة من جانب الأول، ولويس أنتونيو فالنسيا الذي ادخره أغلب الفترة الماضية على الجانب الأيمن، والثنائي بول بوغبا وأندير هيريرا في وسط الملعب، وماركوس راشفورد في الأمام.

 

تبقى الأسئلة حيال بقية الخيارات في خط الدفاع وثالث الوسط والجناحين: يقف مورينيو أمام اختيار أقل الأضرار الممكنة في قلبي الدفاع بين فيل جونز وكريس سمولينغ ودالي بليند، ويدخل الأخير سباق الظهير الأيسر مع ماتيو دارميان، ويدور سؤال الوسط حول مدى اكتمال لياقة فيلايني والذي إن لم يحدث فهو مايكل كاريك، وأخيراً عليه اختيار اثنين من ثلاثة: هنريك مخيتاريان وجيسي لينغارد وأنتوني مارسيال.
  

من المتوقع أن ينقل مورينيو هيريرا إلى اليمين لأداء دور تكتيكي تميز فيه هذا الموسم ليتقي شر يسار وسط أياكس المتمثل في المغربي حكيم زياش (الظاهر في الصورة؛ اللاعب رقم 22) (رويترز)
من المتوقع أن ينقل مورينيو هيريرا إلى اليمين لأداء دور تكتيكي تميز فيه هذا الموسم ليتقي شر يسار وسط أياكس المتمثل في المغربي حكيم زياش (الظاهر في الصورة؛ اللاعب رقم 22) (رويترز)

 
حقيقةْ أن دارميان أسرع من بليند تُرشِّحهُ لشغل المركز الأيسر، وحقيقةْ أنَّ مورينيو فضَّل بليند على الثنائي سمولينغ وجونز بالفعل أمام سيلتا في قلب الدفاع تجعل الثنائي المتبقّي يتنافس على من سيجاوره، وبما أن جونز لعب وسط ناشئي يونايتد أمام كريستال بالاس يوم الأحد، فهو سمولينغ. على الجانب الآخر لا غنى عن مخيتاريان في مباراة كتلك، وبما أن لينغارد ومارسيال قد تبادلا شوطي كريستال فلا يمكن الاحتكام سوى لمقياس من يُناسب فكر مورينيو أكثر، بمعنى أدق أيهم أكثر التزاماً بواجباته الدفاعية.

 

أياكس فريق هجومي ولكن ليس من المتوقع أبداً أن يندفع تاركاً وراءه المساحات اللازمة للضرب بالمرتدات في مواجهة خصم بحجم يونايتد، كما أنه فريق شاب على درجة عالية من اللياقة وأنهى بطولة الدوري في الرابع عشر من الشهر الجاري أي أنه امتلك 10 أيام للراحة قبل خوض النهائي، ولذلك لا يوجد أي رهانات بدنية يمكن لمورينيو أن يعوِّل عليها في الوقت الأصلي على الأقل، بينما ستكون معركة الوسط حاسمة للغاية بين طرفين قادرين على الاستحواذ.

 

لهذا حتى وإن كان فيلايني جاهزاً بنسبة 100% سيكون كاريك خياراً أفضل، فبينما يُستخدم البلجيكي كورقة دفاعية وهجومية مزدوجة على يمين الوسط، يمكن لكاريك شغل منتصف الدائرة وإدارة نقل الكرة من الدفاع للهجوم بشكل أفضل وبالتالي ينتقل هيريرا إلى اليمين لأداء دور تكتيكي تميز فيه هذا الموسم مع مورينيو: اتقاء شر يسار وسط أياكس المتمثل في المغربي حكيم زياش.

  

تشكيلة مانشستر يونايتد المتوقعة للنهائي (بيلد لاين أب)
تشكيلة مانشستر يونايتد المتوقعة للنهائي (بيلد لاين أب)

  

أياكس: تعاليم كرويف وذكريات فان خال
بينما ضمن الفريق الهولندي مقعده في الملحق المؤهل لدوري أبطال أوروبا بوصافة الدوري المحلي، فإنه لا يبحث عن طوق النجاة مثل مانشستر، بل عن لقب أوروبي يُعيده على الساحة التي غاب عنها لـ22 عاماً، ويعوّض به جماهيره عن اللقب الضائع بفارق نقطة لمصلحة فينورد.
 

"سنلعب مباراتنا رقم 56 وإذا نظرت لأعمار لاعبينا ستجده فريقاً شاباً لعب الكثير من المباريات، لقد ضمت التدريبات 24 لاعباً هم كل قائمتي بلا أي إصابات"- بيتر بوس، المدير الفني لأياكس
  

بينما ملأ مورينيو الدنيا ضجيجاً حول ضغط المباريات والإصابات، كانت تلك هي كلمات بيتر بوس المدير الفني لأياكس وهي أدق وصف لهذا الفريق الذي يبلغ متوسط أعمار تشكيله المتوقع 22 عاماً(4)، ويمتلك لاعباً واحداً فوق سن 25 هو لاعب الوسط لاسي شون (30 عاماً) بل وتضم قائمته بالكامل 4 لاعبين فوق هذا السن هم المدافع الموقوف نيك فيرخيفير (27) والمدافع الألماني هيكو فيسترمان (33) والحارس البديل ديديرك بوير (36) بالإضافة إلى شون.

 

قائمة يافعة تمتلك التنوع والقدرة على أداء جميع الأدوار، حيث تتنوع خصائص لاعبي الخطين الخلفي والأمامي من حيث القدرة على شغل جميع المراكز تقريباً، ولذلك لن يكون إيقاف فيرخيفير الذي طُرد في مواجهة ليون الأخيرة مشكلة ضخمة في مركز الظهير الأيسر، فالبديل الجاهز هو جايرو ريدفالد كما خضع للتجربة الأخيرة في مواجهة فيليم الختامية للدوري.

    

تشكيلة أياكس المتوقعة للنهائي (بيلد لاين أب)
تشكيلة أياكس المتوقعة للنهائي (بيلد لاين أب)

  

تتقارب العناصر داخل منظومة الاستحواذ والتمرير والسرعات والمهارات والشباب، وتتوافر الخيارات البديلة في أية لحظة لتنشيط المباراة أو لتغيير الطريقة بمستويات مقاربة للصفوف الأساسية. الأمر لا ينحصر في زياش وحسب ولا في دافي كلاسن نجم الوسط، حيث يتقدمهم مهاجم موهوب هو الدنماركي كاسبر دولبرغ البالغ من العمر 19 عاماً، والذي سجل 16 هدفاً في الدوري الهولندي خلال 29 مباراة و6 أهداف في الدوري الأوروبي خلال 12 مباراة. تلك التقارير الصحفية التي تربطه ببعض كبار القارة العجوز ليست من فراغ.

 

أهداف ومهارات الموهوب الدنماركي كاسبر دولبرغ

    

تميل كفة الخبرة بطبيعة الحال ليونايتد كعناصر ومدرب، فبينما يملك مورينيو لقبي دوري أبطال و8 ألقاب دوري تتنوع بين الإنجليزي والبرتغالي والإسباني والإيطالي، يمتلك بيتر بوس لقبي الدرجة الثانية والخامسة في هولندا هما حصيلة تدريبه لعدد من الأندية المحلية وتجربة خارجية قصيرة مع فريق صهيوني.

 

موقعة تحمل الكثير من العناوين: المال ضد الطموح، الخبرة ضد الشباب، الواقعية ضد الهولندية، لا يسهل قطع الوعود بحضور مفهوم المتعة الأعم في وجود مورينيو، ولكن بالتأكيد سيكون الأمر مثيراً للاهتمام.
"لم أرَ أبداً حقيبة من الأموال تُسجل هدفاً"
نعم إنها مقولة كرويف، ولكن حتى ابن السابعة عشر يحفظها عن ظهر قلب ويرددها أمام الإعلام رداً على الفارق المادي الكبير بين الفريقين، بها صرح ماتيس دي ليخت مدافع الفريق اليافع(5)، وربما ستكون آخر كلمات المدرب قبل خروج الفريق إلى ملعب "الأصدقاء" في العاصمة السويدية. "لماذا لم تتمكن من هزيمة فريق أغنى منك؟ لم أرَ أبداً حقيبة من الأموال تُسجل هدفاً"
 
فعلها من قبل لويس فان خال وأمام كبار دوري الأبطال عام 1995 بكتيبة من شباب مجهولين صاروا لاحقاً إدوين فان دير سار وفرانك دي بور ومايكل رايزيغير وإدغار ديفيدز ومارك أوفرمارس ونوانكو كانو وباتريك كلويفرت الذين تعرفونهم الآن.

 

يواجه مورينيو في بحثه عن بطاقة دوري الأبطال فريقاً شاباً متسلحاً بمبادئ الرجل الذي طلب من البرتغالي تعلم الاحترام في 2005(6) واعتبره نموذجاً سيئاً للشباب في 2015(7)، بينما رأي(8) الاستثنائي أنه ليس بحاجة للنصح ممن خسر نهائي دوري أبطال أوروبا برباعية نظيفة أمام ميلان عام 1994.

 

موقعة تحمل الكثير من العناوين: المال ضد الطموح، الخبرة ضد الشباب، الواقعية ضد الهولندية، لا يسهل قطع الوعود بحضور مفهوم المتعة الأعم في وجود مورينيو، ولكن بالتأكيد سيكون الأمر مثيراً للاهتمام.

المصدر : الجزيرة