شعار قسم ميدان

كلاسيكو الأرض.. بين أحلام الريال وكوابيس برشلونة

midan - barcilona

مفاجأة سارة؛ شهر أبريل لم ينتهي بعد، وكل الإثارة التي شهدها العالم منذ بدايته على وشك الوصول لذروتها، لأن كرة القدم تودعكم قبل الدخول في شهور الصيف الحزينة، حيث لا يورو ولا مونديال ولا كوبا، ولا شيء إلا أخبار الانتقالات التي نعلم جميعًا أن 99% منها هراء خام.

مفاجأة سارة لعشاق اللعبة، ولكنها حزينة للكتلان في موسم لم يكن رحيمًا بهم، مفاجأة سارة ولكن زيدان ود لو تأخرت قليلًا حتى يتسنى له ولفريقه الاستعداد لها بشكل جيد، ونيل قسط من الراحة بعد مواجهة بايرن ميونيخ الماراثونية، والتي تعد أبرز مشاكله قبل لقاء الغريم، في مباراة قد تكون زينة على كعكة الثنائية المأمولة، أو بداية لمرحلة من الشكوك هي آخر ما يحتاجه الفريق في الوقت الحالي.
 

بالطبع أنت تعلم العبارات المعتادة في مثل هذه اللقاءات؛ الكلاسيكو لقاء خاص ومباراة لا يمكن توقعها، ومهما كانت حالة الفريقين فهي لن تؤثر على حظوظهم، وبالطبع برشلونة أكبر من أن يقف على لاعب حتى لو كان نيمار، إلى آخر هذه الـ "كليشيهات" المملة، ولكن الواقع يقول أن هناك حقائق واضحة لا تقبل الجدل يمكنها التأثير على حظوظ الفريقين في الكلاسيكو، ومن هنا يمكننا رسم خارطة طريق باستخدام الإثبات بالنفي؛ ما الذي لن يفعله زيدان وإنريكي؟
 

120 دقيقة
"زين الدين زيدان" مدرب الريال مدريد وخلفه "كارلو أنشيلوتي" مدرب بايرن ميونخ (رويترز)

خرج البايرن ولكنه انفجر في وجه الميرينجي قبل الخروج، وكأن تمديده المباراة لوقت إضافي كان انتقامه الأخير، والنتيجة أن زيدان في ورطة كبيرة لأن أبرز أسلحته تعاني الإرهاق من مباراة البافاري ولا تمتلك إلا 96 ساعة للراحة والاستعداد، وإن كانت قائمته المتنوعة وقدرته الخارقة على الاستفادة من كل لاعبيه قد تمكنه من تعويض أغلبهم، فإنه لا يملك بدائل واقعية لمارسيلو وكارباخال.
 

تلك الجزئية تحديدًا هي أكبر تحديات زيزو قبل مواجهة البلاوجرانا، لأنها قد تؤثر على الاستراتيجية والتكتيك في آن واحد، بمعنى أنها قد تضطره لاعتماد أسلوب لعب متحفظ بشكل عام أمام الكتلان، وفي نفس الوقت قد تجبره على استخدام مفاتيح لعب أخرى غير ثنائي الطرف الأقوى في العالم حاليًا، خاصة في ظل استمرار غياب بيبي وفاران واضطراره الاعتماد على نفس خط الدفاع المرهق الذي واجه البايرن، وفي ظل استبعاد مشاركة دانيللو وكوينتراو من البداية، فليس هناك ما يدعو الملكي للمخاطرة، والأغلب أن زيزو لن يبادر لأنه لا يحتاج المبادرة، وسيراهن على انتهاء المباراة بالتعادل والاحتفاظ بفارق الثلاث نقاط، في انتظار مباراة سيلتا فيجو المؤجلة ومفاجآت برشلونة السارة أمام صغار الليجا.
 

المعطيات تقر بأن ريال مدريد يمتلك توليفة ناجحة بالفعل، ودكة بدلاء قادرة على تدعيمها في أي وقت وفي أغلب المراكز، وأنه لا يحتاج لتغيير طريقة لعبه أو الاتيان بالجديد

من هنا يمكننا أن نستنتج باقي المعادلة، فإذا كانت المعطيات هي أن زيزو لن يلعب للاستحواذ على أرضه، ولا يحتاج للمخاطرة، ولن يتمكن من استهلاك ظهيري طرفه في قطع الملعب طولًا وعرضًا كالعادة، فالنتائج ترجح أن أسينسيو سيكون بديلًا لبيل لعدة أسباب؛ أبرزها أن الجناح الشاب الشاب مستعد للقتل من أجل مزيد من الدقائق، وعلى عكس إيسكو فهو لا يمتلك عروضًا من كل أندية العالم تقريبًا، بالتالي طاعته العمياء لزيزو مضمونة، واستخدامه في الضغط والمساندة الدفاعية سيؤتي ثماره، بالإضافة لأنه أسرع من صانع الألعاب الإسباني في الارتداد بنوعيه، وأقدر على مباغتة دفاع برشلونة في العكسيات السريعة.
 

بما سبق يكون زيدان قد عالج أولى مشكلاته، خاصة أن قدرة أسينسيو على إرسال العرضيات المتقنة لا تقل عن مارسيلو، وبالمثل قد يلجأ للتضحية ببنزيما لحساب فاسكيز، لضمان تنوع التمويل من الجانبين ولتخفيف الحمل الدفاعي على ظهيريه، وكلها حلول يدين بها الميرينجي لزيزو في المقام الأول، الرجل الذي يمتلك أقوى دكة بدلاء في العالم، ليس فقط لأنها تعج بالمواهب المتنوعة، ولكن لأن شخصيته الكاسحة أقنعتها بدورها البديل، وجنبت الفريق الغرق في الأزمات المتوقعة التي قد تنجم عن دكة مدججة بهذا الشكل، أو أجلتها للموسم القادم على الأقل.
 

11 ملك

صحيح أن الإرهاق قد يحد من اختيارات زيزو، ولكن عمله طيلة الموسم على تجهيز دكة بدلائه يضعه في موقع أفضل من غيره في المواقف المشابهة، وليس أدل على ذلك من تمكنه من إراحة كل أساسييه تقريبًا أمام خيخون والخروج بالنقاط الكاملة رغم ذلك.

لذا فالمتوقع أن يقسم الملك الفرنسي مباراته لمرحلتين؛ تبدأ أولها بتعديلات بسيطة على التشكيل الأساسي، ومحاولة عقاب الكتلان على اندفاعهم المتوقع باستخدام المساحات خلف دفاعهم، وبطئه النسبي مقارنة بهجوم الميرينجي، وهو ما يبدأ بوضع كازيميرو في موقع أقرب لقلبي الدفاع، وفي ظل غياب نيمار الحتمي بأمر المحكمة، وعدم وجود بديل واقعي لدور ميسي على الجناح، فمن المتوقع أن يستخدم زيدان ظهيريه كمتنفس لإخراج الكرة على الأطراف، لإطلاق لجام فاسكيز وأسينسيو، وربما يستخدم كارباخال نفسه للضغط على جبهة البرسا اليسرى، التي لا يعلم أحد في كتالونيا حتى اللحظة اسم من سيحتلها معوضًا للجناح البرازيلي.

تشكيل الريال المتوقع - المرحلة الأولى (الجزيرة)
تشكيل الريال المتوقع – المرحلة الأولى (الجزيرة)

بالطبع سيتم تفعيل المرحلة الثانية تلقائيًا في حالتين؛ أولها هي إحراز هدف، وثانيها هي حلول النصف ساعة الأخيرة دون تلقيه، والمرحلة الثانية قد تعني الدفع بكوفاسيتش إلى جانب كازيميرو، على حساب واحد من الثنائي كروس ومودريتش الذي لن يتحمل اللعب لتسعين دقيقة إضافية، من أجل غلق كل المنافذ على الكتلان وإنهاء المباراة عمليًا، وربما صراع الليجا بأكمله.
 

تشكيل الريال المتوقع - المرحلة الثانية (الجزيرة)
تشكيل الريال المتوقع – المرحلة الثانية (الجزيرة)

 

أزمة نيمار

بنفس المنطق، يمكننا أن نؤكد أن إنريكي لا يمتلك سوى حلين لا ثالث لهما لتعويض البرازيلي؛ أولهما هي الابقاء على الخطة التقليدية التي يمنحها روبرتو القدرة على التنقل بين 343 و433، وتعويض نيمار بواحد من الثنائي أردا توران أو دينيس سواريز، أي الاحتفاظ بنفس الاستراتيجية واستبدال مركز بمركز، وهي احتمالية تعني أن الكتلان سيعانون من الاجهاد بدورهم، ليس بسبب مباراة يوفنتوس وحسب، بل لأن الخطتين تعنيان أن إنييستا سيتم استنزافه في مهام دفاعية لم يعد يملك اللياقة ولا السرعة الكافية للوفاء بها، بالإضافة لأنها ستهلك راكيتيتش في تغطية مساحة أثبتت التجربة أنها تفوق قدراته، بإجباره على الصعود يمينًا لمساندة روبرتو ثم العودة للعمق لأداء نفس الدور مع بوسكيتس.

لكن رغم عيوبها، تظل 433 و343 هي اختيار إنريكي المتوقع، خاصة أن الرجل عودنا على فقر الإبداع والعناد منذ الموسم الماضي، وأثبت أن الأحداث قد تجاوزته منذ زمن بعيد، للدرجة التي تشعر المشاهد في بعض الأحيان أن برشلونة يلعب بلا مدرب، مجرد مجموعة من اللاعبين يحاولون الارتجال في عشوائية مطلقة، بلا جمل متكررة أو تحركات مبتكرة لتفكيك دفاعات الخصوم، والأهم أنهم بلا تنوع في الحلول كذلك، وليس أدل على ذلك من حصولهم على 13 ركنية أمام يوفنتوس لم ينجحوا في استغلال واحدة منها حتى، ولو أتت نصفها لريال مدريد مساء الأحد لسجل منها هدفًا أو اثنين بلا عناء يذكر.
 

تشكيل برشلونة المتوقع (الجزيرة)
تشكيل برشلونة المتوقع (الجزيرة)

الاحتمال الثاني هو أن يفاجئ إنريكي الجميع ويستغل غياب نيمار لتغيير ميكانيكية الخط الأمامي بالكامل؛ بمعنى أن يبني خطته من الأمام للخلف ويذهب لاستغلال قلة خبرة ناتشو واندفاع راموس المعتاد في إشراك سواريز وألكاسير معًا، وهي الطريقة الوحيدة لتجنب عزل الأوروجواياني عن باقي الفريق، والذي أصبح ظاهرة متكررة في المباريات الأخيرة، لسبب بسيط هو أن اشتراك سواريز منفردًا يحرر خط وسط الخصم من مساندة قلبي دفاعه، وبالتالي يتفرغ كازيميرو لملاحقة ميسي في العمق، وبالطبع العكس صحيح؛ الدفع بألكاسير إلى جانب سواريز سيعني أن الارتكاز البرازيلي الرائع سيكون أكثر حذرًا، وأن ميسي وإنييستا سيستفيدا من موقف 2 على 2 في العمق مع كروس ومودريتش، وهي مزية لم يحظيا بها منذ فترة طويلة.

ما سبق يتطلب اجلاس راكيتيتش على دكة البدلاء، واللعب بخط دفاع ثلاثي يضمن التكافؤ في المرتدات ويحميه بوسكيتس، وظهيري طرف يمكنهما الضغط على أطراف الريال وتكوين الثنائيات مع ميسي وإنييستا، وكل ذلك سيضمن للأخير حرية شبه كاملة من المهام الدفاعية وتفرغ تام لصناعة الفرص في الثلث الأخير، بالإضافة لأنها خطة تقوم على توزيع المهام بشكل متخصص، وتجنب كثير من لاعبي البرسا الحاجة لتغطية مساحات كبيرة في حالات الارتداد، وكأنها تقسم تشكيلتهم لنصف دفاعي وآخر هجومي.
 

هل يفاجئ إنريكي زيدان؟ (الجزيرة)
هل يفاجئ إنريكي زيدان؟ (الجزيرة)

المعطيات تقر بأن ريال مدريد يمتلك توليفة ناجحة بالفعل، ودكة بدلاء قادرة على تدعيمها في أي وقت وفي أغلب المراكز، وأنه لا يحتاج لتغيير طريقة لعبه أو الاتيان بالجديد في مساء الأحد، بل إن الحفاظ على فارق النقاط سيعد مكسبه الأهم، وكل ما يزيد عن ذلك هو من قبيل التجويد في ظل الإجهاد المتوقع، والمعطيات تقول أيضًا أنها قد تكون الفرصة الأخيرة للكتلان لإنقاذ موسمهم، خاصة أنهم لا يملكون ما يخسرونه حرفيًا، وهي أفضلية نفسية مقلقة لأي خصم، خاصة إذا كان الخصم هو ريال مدريد، وخاصة إذا كان يملك ما يخشى فقدانه وهو صدارة الليجا وحلم اللقب الأول منذ 2012، ولكن برشلونة إنريكي قضى موسمه كاملًا في إضاعة الفرص المشابهة بقائمة كاملة، فما بالك بقائمة ينقصها نيمار، وأتت لتوها من معركة أخرى لم تكن تملك ما تخسره فيها، ورغم ذلك لم تقدم ما يجعل زيدان يشعر بالقلق.
 

المنطق يقول أنه كان ليصبح فوزًا سهلًا للميرينجي لولا تلاحق المباريات، لأنه يعيش أفضل حالاته ولأنه يمتلك خطة واضحة فشل الجميع في ايقافها هذا الموسم باستثناءات نادرة، والمنطق يقول كذلك أن برشلونة كان سيعاني حتى في وجود نيمار، وأن أحدًا لا يستطيع التنبؤ بما يجري في رأس إنريكي هذه الأيام، وكل هذا يضاف له حقيقة أن رونالدو قد قدم لتوه أفضل مباريات الموسم مقابل أسوأها لميسي، وأن حتى لو كان الوضع معكوسًا فإن ريال زيزو قضى الموسم كله في استكشاف حلول بديلة للاعتماد الدائم على أهداف البرتغالي، بينما لم يمتلك برسا إنريكي سوى إبداعات ميسي ونيمار طيلة نفس الموسم.
 

لذا فلن تكون مبالغة إن قلنا أن كل شيء معد لكابوس جديد للبرسا يصنع خلفية مناسبة لموسم زيدان وريال مدريد الرائع، ولكنك تعلم أن الكلاسيكو لقاء خاص ومباراة لا يمكن توقعها، ومهما كانت حالة الفريقين فهي لن تؤثر على حظوظهم، وبالطبع برشلونة أكبر من أن يقف على لاعب حتى لو كان نيمار.

المصدر : الجزيرة