شعار قسم ميدان

بايرن يقهر دورتموند.. مثلث برمودا الأيسر ولغز روبن الأزلي

midan - bayern بايرن ميونخ
سحق بايرن ميونيخ ضيفه بوروسيا دورتموند بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد في "الكلاسيكير" الألماني، ببداية قوية برع الفريق الأحمر في استغلالها، وبداية مزرية من الجانب الأصفر لقيت مساعي العودة منها فشلاً ذريعاً.

 

ليس فقط سيناريو المباراة من خدمه، بل موسم بأكمله تتضافر خلاله جهود عمل كارلو أنشيلوتي مع البافاري مع جهود بعض المنافسين في الابتعاد، ورغم صعوبة الكثير من التحديات التي واجهت بايرن هذا الموسم وكمثال لها الخسارة الأخيرة أمام هوفنهايم، فإن مواجهة دورتموند تلك المرة كانت واحدة من ضمن المحطات الأسهل للمدرب الإيطالي المحنك في البوندسليغا.

تشكيل الفريقين وتقييم اللاعبين  (هوسكورد)
تشكيل الفريقين وتقييم اللاعبين  (هوسكورد)

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والهدف الأول

واقعياً بدأ توماس توخيل مدرب أسود الفيستيفاليا بثلاثي دفاعي يتقدمه جناحين أحدهما مارسيل شملزر الظهير الأيسر بالأساس، ولكنه ظهر وكأنه بحاجة للمزيد من الدفاع، فوجود الثنائي غونزالو كاسترو ورافاييل غيريرو فقط أمام وسط مكون من تشابي ألونسو وأرتورو فيدال يتقدمهما تياغو ألكانترا كان بمثابة إعلان خسارة معركة الوسط قبل أن تبدأ.

 

الدقيقة الرابعة، آريين روبن يمرر لتياغو الذي يرسل كرة رائعة باتجاه فيليب لام ليردها إلى فرانك ريبيري الذي خلا تماماً من الرقابة، اختراق أول سريع من يمين بايرن ليسار دورتموند الحلقة الأضعف في المباراة بأكملها، وهو ما يبدو أنه لم يفت أنشيلوتي قبل صافرة الانطلاق.

 

عمد المدرب الإيطالي إلى ضغط تلك الجبهة لاستغلال ثغرة عجز توخيل عن سدها طوال المباراة بين بارترا وسوكراتيس فشل غيريرو في دعمها إلى جانب المساحات المتواجدة أمام شملزر تارة ووراءه تارة أخرى إزاء دعم لام الخلفي وغزوات روبن المتكررة، لذلك تكررت لقطات ميل بقية عناصر بايرن الهجومية تياغو صانع الألعاب وحتى ريبيري الجناح الأيسر إلى تلك الجبهة اليمنى وهو ما ظهر في تسجيله للهدف الأول من الجهة المعاكسة لمركزه.

مناطق توزيع الهجمات: بايرن يُلقي بأغلب ثقله على اليمين (يسار الصورة)، بينما تقلصت فوارق الجهات الثلاث لدى دورتموند (يمين الصورة) مع ميل لضرب جبهة لام إثر فشل تام في الجهة المقابلة  (هوسكورد)
مناطق توزيع الهجمات: بايرن يُلقي بأغلب ثقله على اليمين (يسار الصورة)، بينما تقلصت فوارق الجهات الثلاث لدى دورتموند (يمين الصورة) مع ميل لضرب جبهة لام إثر فشل تام في الجهة المقابلة  (هوسكورد)

الدقيقة العاشرة، ركلة حرة في مواقع الخطورة التي كرر دورتموند إهداء خصمه مخالفات بها، يضعها روبرت ليفاندوفسكي فوق أسوأ لاعبي المباراة على الإطلاق عثمان ديمبلي الذي قفز مبكراً ثم أحنى رأسه لحظة مرور الكرة فوقها بشكل غير مبرر لتجتازه وتسكن شباك رومان بوركي.

 

الشلل المُطلق

المؤسف لم يكن في تأخر دورتموند مبكراً بهدفين واستسلامه شبه الكامل للخصم المهيمن بل في الطريقة التي تمكن بها الفريق من إنعاش آماله المتوفاة في المباراة، فمن ضمن 5 محاولات للضيوف طوال الشوط الأول من أصل 40% استحواذ، فقط تسديدة وحيدة أتت على المرمى وأسفرت عن الهدف الذي سجله غيريرو بتمريرة حاسمة ومزرية من خصمه فيدال، تطلب الأمر هدية من الخصم وتسديدة صاروخية من لمسة واحدة يمكن لأي شيء أن يحرفها عن مسارها لولا براعة وتوفيق غيريرو خلالها.

 

صناعة غير جيدة لفرص قليلة رافقها إنهاء سيء للغاية، كان ذلك ملخص عملية دورتموند الهجومية في ظهورها المُقل، اختفاء تام لبيير أيميريك أوباميانغ، فقط بيوليسيتش ظهر يمتلك القليل من الحياة وذلك لميله إلى عدم ارتكاب الأخطاء قدر المستطاع.

 

نعود إلى العنصر الأسوأ ديمبلي الذي حصل على تقييم منخفض للغاية لم يحصل عليه لاعبين أنهوا مبارياتهم ببطاقات حمراء حتى، فقد غرق الفرنسي الواعد تماماً في مواجهة النسماوي ديفيد ألابا أحد من حكموا تلك المباراة دفاعاً وهجوماً، كما باءت أغلب محاولات اختراقه للمساحة بينه وبين قلب الدفاع المجاور بالفشل لأن هذا المدافع هو جيروم بواتينغ بطبيعة الحال بيد أنها لم تكن أفضل مبارياته أيضاً.

الخريطة الحرارية لديمبلي (يمين) وألابا (يسار).. أحدهما حكم جبهته كما ينبغي والآخر تفرقت لمساته المعدودة (30) في شتى بقاع الملعب دون جدوى (هوسكورد)
الخريطة الحرارية لديمبلي (يمين) وألابا (يسار).. أحدهما حكم جبهته كما ينبغي والآخر تفرقت لمساته المعدودة (30) في شتى بقاع الملعب دون جدوى (هوسكورد)

إحصائيات مريعة قدمها اللاعب بتسديدتين فقط طوال المباراة، واحدة خارج المرمى والأخرى اصطدمت بالدفاع، أي نوع من اللاعبين تصل دقة تمريره في مباراة كتلك إلى 56% من أصل تمريرات معدودة بلغ عددها 16 (9 صحيحة و7 خاطئة). ديمبلي نجح في المراوغة مرة وحيدة من أصل 5 محاولات محققاً نسبة نجاح 20% فقط، وإن رجع ذلك لتفوق بايرن الدفاعي وخصوصاً ألابا فهذا لا يعفيه من تقديمه لواحد من أسوأ العروض الفردية الممكنة.

 

انتهت اللعبة

مع بداية الشوط الثاني حاول توخيل تدارك الموقف بإشراك سيباستيان روده بدلاً منه كاسترو، ولكن اللعبة انتهت من حيث بدأت، يمين بايرن مرة أخرى بمرتدة مررها ريبيري إلى روبن، كلنا نعرف ما سيفعله روبن في هذا الموقف، لاعبي الفريقين والمدربين والجماهير في الملعب وأمام الشاشات، الكل يعرف فهذا ليس سراً إنه يفعل الأمر ذاته منذ 10 أعوام أو أكثر، الكل يعرف عدا سوكراتيس في تلك اللقطة!

 

4 دقائق فقط على انطلاق الشوط الثاني وروبن يخترق نفس الاختراق الشهير من اليمين، ثم يغير وجهته باتجاه العمق ليتحين الفرصة المناسبة قبل أن يرسلها على يمين الحارس، ولكن مدافع الفريق الأصفر أصابته الدهشة لدرجة فشل معها في تغيير اتجاهه لينزلق أرضاً ويسجل روبن نفس الهدف الذي حاول تسجيله من قبل في الشوط الأول ولكن لم يحالفه الحظ فوفق هذه المرة في الإعادة، بات هذا الأمر مثيراً للعجب والضحك والغضب في آن واحد.

 

بقرار متأخر للغاية في الدقيقة 59 قرر توخيل أخيراً سحب ديمبلي وإشراك إيمري مور بدلاً منه، ثم بعد ذلك بـ10 دقائق ترك غيريرو موقعه لميكيل ميرينو، لم يعد أمام دورتموند ما يخسره ليتقدم بصفوفه وبالتالي يترك أطنان من المساحات أمام واحد من أقوى فرق أوروبا تحت قيادة واحد من أفضل مدربي التاريخ في فن الهجمة المرتدة، ليظهر فجأة ليفاندوفسكي منفرداً تماماً بمرمى بوركي الذي أسقطه مهدياً إياه ركلة جزاء أسفرت عن الرابع.

إحصائيات المباراة: تفوق ساحق لبايرن ميونيخ على كافة الأصعدة (هوسكورد)
إحصائيات المباراة: تفوق ساحق لبايرن ميونيخ على كافة الأصعدة (هوسكورد)

 

لم يعد هناك ما يُقال، فقد انحدرت نسبة استحواذ دورتموند من 40% في الشوط الأول إلى 29% في الشوط الثاني ورغم ذلك قُتل بمرتدتين، الشيء الوحيد الذي يمكن أن يحسب هو نجاحه بخلق 4 محاولات 2 منهم على المرمى في ظل فترة لم يرَ فيها الكرة تقريباً.

 

بايرن ظهر قوياً للغاية في مواجهة خصم يُفترض به القوة، قبل أيام قليلة من صدام مُرتقب أمام ريال مدريد الذي لم يبدُ بأفضل حالاته أمام الغريم العاصمي أتلتيكو، استعاد أحد أسلحته المفقودة دوغلاس كوستا الذي شارك في ربع الساعة الأخير، ويبقى له توماس مولر ومانويل نوير اللذان تأكدت عودتهما قبل لقاء الثاني عشر من أبريل الجاري، على الجانب الآخر إن أراد دورتموند اجتياز موناكو فلا يجب أن يسمح بتكرار تلك المهازل الدفاعية مرة أخرى، الكرة الهجومية جميلة للغاية ولكنها تتطلب منظومة دفاعية قادرة على دحر التهديدات المُقابلة أيضاً.

المصدر : الجزيرة