فيزياء الجسيمات: مقدمة قصيرة لجوهر الكون

midan - physics

دعنا نبدأ من "ريتشارد فاينمن"، يقول في مقدمة محاضراته(1) الشهيرة إنه إذا حدثت كارثة عظيمة للبشرية، وكان مُقدّرا لجملة واحدة فقط من حضارتنا كلها أن تمر للأجيال القادمة بحيث تحتوي في أقل قدر ممكن من الكلمات على أكبر قدر ممكن من المعلومات، فإن أفضل جملة لتأدية ذلك الغرض هي الفرضية الذرية: كل شيء يتكون من ذرات. قد تبدو لك جملة بسيطة، ربما ترى أن هناك ما هو أهم أو أكثر احتواء على المعلومات، لكن تلك الجملة أخذت من تاريخنا البشري ما يقرب من 2300 سنة، بداية من فلسفة "ديمقريطس" حتى وصلنا لنموذج "دالتون" ثم تجارب "طومسون" أواخر القرن التاسع عشر. ترى، لم أخذنا كل ذلك الوقت للقول أن هناك ذرات؟

 

ببساطة، لأن الذرات سخيفة، فحينما نحاول تصور حجمها نهرع فورا إلى النفي، كيف -مثلا- يمكن أن تصدق أنك في النفس الواحد تسحب مليون بليون بليون ذرة أكسجين؟ كيف تصدق أن تلك الشعرة التي نضرب بسمكها المثل يساوي قطرها ما مقداره 500 ألف ذرة كربون متجاورة؟ وظيفة هذا المقال -إذن- سوف تكون محاولة مبسطة لتقريب عالم فيزياء الجسيمات إلى القارئ غير المتخصص؛ محاولة لتفهم مدى سخافة تلك الوحدات الصغيرة للمادة، وروعتها.

 

من الذرة إلى النواة

‪تصميم توضيحي لمكونات الذرة، لا تتواجد الذرة بهذا الشكل لكنه مجرد تصميم للتوضيح.‬ تصميم توضيحي لمكونات الذرة، لا تتواجد الذرة بهذا الشكل لكنه مجرد تصميم للتوضيح. (الجزيرة)
‪تصميم توضيحي لمكونات الذرة، لا تتواجد الذرة بهذا الشكل لكنه مجرد تصميم للتوضيح.‬ تصميم توضيحي لمكونات الذرة، لا تتواجد الذرة بهذا الشكل لكنه مجرد تصميم للتوضيح. (الجزيرة)

 

إذا كانت الذرة بحجم(2) حبة العنب؛ فإن ثمرة الليمون سوف تصبح بحجم الأرض، تصورنا أن شيئا بهذا الصِغر سوف يكون هو الوحدة النهائية المصمتة للمادة، ثم اكتشفنا بعد ذلك أنها تتكون من جسيمات أصغر: نواة في المركز تدورحولها إلكترونات، لتخيل ذلك دعنا نتصور أن نواة الذرة بحجم حبة رمل واحدة. في الحقيقة تحتوي حبة الرمل على عدد من الذرات يتكون من رقم ما وأمامه 18 صفرا، لكن لوهلة دعنا نتخيل أننا استطعنا تكبير حجم النواة ليصبح بحجم حبة الرمل، عندها سوف تكون الذرة بحجم أوبرا ضخمة على بعد 50 مترا على الجدران، في القاعة تتواجد أقرب الإلكترونات التي تدور حول النواة، إذا يتكون 99.999999999999 % من حجم الذرة من فراغ، نشاهد تلك المعلومة كثيرا على الويب، لكنها نصف الحقيقة فقط، لأن هذا الفراغ مسكون بمجالات كهرومغناطيسية قوية هي ما يعطي الذرة صلابتها، دعنا الآن ندخل للنواة.

 

تتكون النواة من بروتونات ونيوترونات، البروتونات موجبة الشحنة، أكبر في الكتلة من الإلكترونات بـحوالي 1800 مرة، عددها هو ما يحدد هوية العنصر، فالهيدروجين تحتوي نواته على بروتون واحد، الهيليوم 2، الأكسجين 8، الكلور 17… وهكذا.

 

في المقابل من البروتونات يتواجد نفس العدد من الإلكترونات في مدارات الذرة، الإلكترون سالب الشحنة مما يجعل الذرة في الحالة العادية متعادلة بين نفس العدد من الشحنات الموجبة والسالبة. تحتوي النواة على 99.4% تقريبا من كتلة الذرة، فالنيوترونات -هي الأخرى- أكبر في الكتلة من الإلكترونات بنفس القدر تقريبا، النيترونات متعادلة الشحنة تعطي الذرة جزءا رئيسا من كتلتها.

 

قبل الخوض في تفاصيل مكونات النواة دعنا نتعرف على بعض خصائص الجسيمات، فالشحنة Charge هي فكرة، خاصية ما للجسيمات، كاللون مثلا، يكون الشيء أحمر أو أخضر أو أصفر، كأن نقول إنه من خصائص الكائنات الحية أنها تنمو وتتكاثر، تنقسم الشحنة لفئتين فقط: موجبة أو سالبة، وقد تكون متعادلة (صفر)، الشحنات المتشابهة تتنافر والمختلفة تتجاذب. أما اللف Spin فيشبه الأمر أن تدور الأرض حول نفسها، ليس الأمر كذلك تحديدا؛ لكنه أقرب مثال نعرفه، مع فرق هام، تدور الأرض لأنها دُفعت للدوران في بداية حياتها في المجموعة الشمسية، أما لف الجسيم فهو خاصية جوهرية محددة له، لا يدور؛ لأن أحدهم دفعه للدوران؛ لكنه مستمر دائما في ذلك، يشبه الأمر صوتك أو ضحكتك، إنه أمر في تركيبك كبشري، لكل جسيم نمط لف محدد لا يتغير أبدا، ما يتغير هو اتجاه لفه، مع أو عكس عقارب الساعة.

 

إلى ما هو أعمق

الإلكترون هو جسيم أولي؛ أي نعتقد أنه لا يتكون من جسيمات أصغر، لكن كل من البروتونات والنيوترونات تتكون من جسيمات أصغر، إنها الكواركات Quarks ، وتنطق "كووَرك" كما أراد لها "ميوري جيلمان" أن تكون، الكواركات كالإلكترونات نعتقد أنها جسيمات أوّلية لا تتكون من جسيمات أصغر، حسب النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات هناك 6 أنواع -نكهات- من تلك الكواركات(3).

undefined

لكننا لا نجد في ذرات المادة التي نعرفها في كل الكون إلا نوعين فقط من الكواركات، العلوي والسفلي، باقي الكواركات تواجدت فقط في ظروف خاصة كالانفجار العظيم، أو في مصادمات الجسيمات. قلنا -سابقا- إن البروتونات موجبة، ذلك لأنها تحتوي على 2 كوارك علوي و1 سفلي، مما يجعل مجموع شحناتهم +1. استعن بالجدول السابق لجمع الشحنات. حينما تتحد الكواركات معا تسمى هادرونات Hadrons، ثلاثة كواركات تكون الباريوناتBaryons  (كالنيوترون والبروتون)، كواركين يكونان الميزونات Mesons، وفي حالات خاصة يمكن أن يتحد 4 أو خمس كواركات.

 

للكواركات خاصية أخرى مميزة لها، وتسمى الشحنة اللونية Color Charge، وهي لا تعبر عن ألوان حقيقية كالتي نعرفها وإنما تعبر عن 3 حالات كمّية تتبدل الكواركات فيما بينها، وهي: أحمر، أخضر، أزرق. تمثل الكواركات والإلكترونات كل ما نعرفه عن الكون، إذا كانت الذرة هي أصغر وحدة يمكن من خلالها أن نتعرف على هوية العنصر؛ فإن الكواركات والإلكترونات تحدد هوية الكون كله، تتواجد في كل المادة بلا استثناء، وبصورة متشابهة لا علاقة لها بكون ذلك هيدروجين أو سيزيوم، يجب هنا أن نوضح أننا نستخدم لغتنا التي نعرفها في توصيف العالم دون الذري، نستخدم ألفاظا كـ"يدور" و"يتواجد" و"كتلة" و"جسيم" … إلخ.

 

في الحقيقة ليست الأمور كذلك تحديدا في العالم دون الذري، لقد أخفقت الميكانيكا قديما في توصيف ظواهر هذا العالم المختلف؛ حتى جاءت ميكانيكا الكم لتصفه بشكل أفضل، وبنتائج هي الأدق في تاريخ العلم، لذلك وجب هنا أن نتلقى كل كلمة في هذا المقال، وغيره، بدرجة من الارتياب، وأن لا نسمح لتصوراتنا عن ذلك العالم (بأمثلة من واقعنا) أن تصبح حقائق، الأمر ليس كذلك.

لدينا إذًا 3 أجيال من اللبتونات، كما لدينا 3 أجيال من الكواركات، تزداد كتلة الجسيم في كل جيل عن الذي يسبقه.  (الجزيرة)
لدينا إذًا 3 أجيال من اللبتونات، كما لدينا 3 أجيال من الكواركات، تزداد كتلة الجسيم في كل جيل عن الذي يسبقه.  (الجزيرة)

دعنا الآن نترك الكواركات، ولنركز أكثر على الإلكترون؛ للإلكترون -هو الآخر- عائلة مكونة من 6 أفراد، تدعى عائلة اللبتونات Leptons، وأفرادها هم الإلكترون، والميون، والتاو، ونظائرهم من جسيمات النيوترينو، وهم الإلكترون نيوترينو، الماو نيوترينو، والتاو نيوترينو.

 

نحن نعرف الإلكترونات، فهي الجسيم الوحيد من تلك الفئة المتواجد في تركيب المادة، والمسئول عن كل التفاعلات الكيميائية التي نعرفها في الكون، الميونات والتاو هي إلكترونات أكبر في الكتلة تصل أعمارها إلى 2.2 ميكرو ثانية؛ ثم تتحلل تلك الجسيمات سريعا لصديقها الأكثر استقرارا: الإلكترون. النيوترينو هو جسيم شبحي، أول ملاحظاتنا عنه هو شحنته، فهي صفر، لذلك لا يتفاعل مع المجالات الكهرومغناطيسية كالضوء؛ من هنا فإننا لا نراه. ظن الفيزيائيون -قديما- أن لا كتلة له؛ لكن تبين مؤخرا أن له كتلة صغيرة للغاية، لا تتأثر تلك الجسيمات إلا بالجاذبية والقوى النووية الضعيفة، لذلك يمكن لها أن تقطع مسافات طويلة دون أن تمتصها أي مادة، أو أن تنحرف بسبب الحقول المغناطيسية؛ بل إن النيوترينو يمكنه السفر داخل الرصاص لسنتين قبل أن يقف، بينما يستخدم الرصاص بسمك 10 سم فقط للحماية من إشعاع المفاعلات والقنابل الذرية.

 

جسيمات المادة -إذن- تتكون من مجموعتين، الكواركات Quarks والليبتوناتLeptons ، كلاهما يندرج تحت فئة واحدة تسمى الفيرميونات Fermions ، يمكنك أن تلاحظ في كل الجسيمات السابقة، جميعها، أن لفّها المغزلي ذو قيمة تساوي "نصف" ½ وهي خاصية مميزة للفيرميونات فقط، وهو ما يُخضعها لمجموعة محددة من قوانين العالم الكمّي كمبدأ استبعاد باولي؛ الذي ينص على أنه لا يمكن لاثنين من الفيرميونات أن يشغلا نفس الحالة الكمّية، بينما البوزونات ذات اللف المختلف لا تخضع لتلك القاعدة ويمكن لجسيماتها خرق مبدأ استبعاد باولي.

 

لكل جسيم من جسيمات المادة هناك ما يسمى "جسيم مضاد" Antiparticle وهو جسيم يشابهه في كل الخواص؛ عدا أن الشحنة تكون معكوسة، يشبه الأمر أن نسأل عن حل المعادلة X2= 4 فتكون الإجابة +2 و-2. للإلكترون جسيم مضاد يشتهر بالبوزيترون Positron، حينما يتقابل كل من الجسيم والجسيم المضاد يفني كل منهما الآخر فورا ويتحولا لطاقة عبر معادلة "أينشتين" الشهيرة E=mc2، بالمثل يمكن تطبيق الأمر على مستوى أعلى، فهناك بروتون مضاد ونيوترون مضاد، وهيدروجين مضاد؛ يحتوي على نواة بها بروتون مضاد يدور حولها بوزيترون.

بعض الجسيمات الأساسية وجسيماتها المضادة، نضع كلمة
بعض الجسيمات الأساسية وجسيماتها المضادة، نضع كلمة "مضاد" أمام كل جسيم عدا الإلكترون؛ مضاده يدعى بوزيترون.

القوى التي تربط الكون

دعنا نتصور أن الكون هو كتاب ضخم، تعرفنا على كل الكلمات التي تشكل هذا الكتاب،لكن لا تزال هناك مشكلة، كيف يمكن ترتيب تلك الكلمات لتصبح جملا ذات معنى؟ ما هي القواعد النحوية التي تؤلف بينها؟ هنا يجيء دور البوزونات Bosons وهي الجسيمات حاملات القوى الأساسية في الكون، والتي تربط بين جسيمات المادة؛ لإعطاء الكون صيغته التي نعرفها، هناك أربعة قواعد نحوية أساسية في الكون، 4 قوى:

  1. القوة النووية القوية Strong Nuclear Force
  2. القوة النووية الضعيفة Weak Nuclear Force
  3. الكهرومغناطيسية Electromagnetism
  4. الجاذبية Gravity
الجسيمات الحاملة للقوى الأربعة الأساسية في الكون، لاحظ فرق الشحنة.
الجسيمات الحاملة للقوى الأربعة الأساسية في الكون، لاحظ فرق الشحنة.

 

تعمل تلك القوى(5)، ليس عبر لصق الجسيمات ببعضها؛ ولكن عبر تبادل جسيمات المادة لحاملات تلك القوى، فما يجعل المغناطيس؛ أن ما يقف هناك هو حديد ممكن أن يرتبط به، هو تبادل حاملات القوى فيما بينهما؛ هو ما يفعل ذلك، وما يتسبب في الجاذبية هو تبادل الجرافيتونات بين الأجرام ونسيج الزمان-مكان، وهكذا..

 

أقرب تلك القوى لمعرفتنا اليومية هي الجاذبية، وهي ما يثبتنا على الأرض ويجذب الأرض للشمس والقمر للأرض، نرى أثرها واضحا في الأجرام الكبيرة، حامل تلك القوة يدعى الجرافيتون Graviton، وهو لا يزال مجرد افتراض رياضي؛ حسب نظرية الأوتار فإن الجرافيتون هو وتر مغلق، لذلك لا يتصل بالبران الخاص بنا، ويمكن أن يسافر بين الأكوان، ذلك هو أحد التفسيرات لضعف ذلك النوع من القوى، فعلى عكس ما يمكن أن نتصور، إنها أضعف القوى الأربعة، حتى إننا لا نتحدث عنها في عالم الكيمياء وفيزياء الجسيمات رغم أنها موجودة؛ لأنها ضعيفة للغاية يمكن إهمال وجودها، دعنا نرى ما يحدث إن أعطينا الرقم 1 لشدة القوة النووية القوية:

 

تكون قيمة الكهرومغناطيسية: .001

وقيمة النووية الضعيفة: .000001

والجاذبية: .0000000000000000000000000000000000000000001

 

تؤثر الكهرومغناطيسية في الجسيمات المشحونة فقط، لذلك فهي تتحكم في ارتباط الإلكترونات بالذرة وتتحكم في كل التفاعلات الكيميائية والبيوكيميائية في الكون، كذلك في الكهرباء التي هي سيل من الإلكترونات، المغناطيسية، والضوء الذي نراه.

 

النووية القوية Strong nuclear Force غير مألوفة كثيرا؛ لأنها تعمل، ورفيقتها الضعيفة، ضمن مدى قصير للغاية لا يتخطى النواة نفسها، وهي المسؤولة عن ارتباط الكواركات ببعضها البعض، وكذلك عن ارتباط مكونات النواة من البروتونات والنيوترونات ببعضها البعض. القوة النووية تشبه الزنبرك الذي تزداد قوة شدة كلما ابتعد الجسيمين عن بعضهما البعض، وذلك هو ما يمنع الكواركات من الظهور في حالة منفردة، وهي بذلك تختلف عن الجاذبية مثلا؛ والتي تنقص كلما ابتعدت المسافة بين جرمين، ويفسر ذلك لنا كيفية الربط بين جسيمات متشابهة في الشحنة؛ رغم تنافرها الشديد. نفس القوة هي ما يربط البروتونات والنيوترونات معا في النواة؛ لكن هذه المرة عبر تبادل البَيونات فيما بينها، وهي هادرونات ثنائية تتكون من كوارك وآخر مضاد.

 

النووية الضعيفة أقصر تلك القوى في مداها، تظهر بوضوح في تحلل بيتا B Decay وهي عملية تحول البروتونات للنيوترونات والعكس. دعنا نرجع للبروتونات، فعدد البروتونات في النواة هو ما يحدد هوية العنصر، فقدان أو زيادة بروتون -إذن- يغير من هويته، إنها نفس العملية التي يتحول بها الهيدروجين (1 بروتون) لهيليوم (2 بروتون) في الشمس، القوة النووية الضعيفة -لذلك- هي المسئولة عن عمل الشمس. آلية تلك العملية بسيطة، يتحول الكوارك السفلي d إلى علوي u والعكس، في البروتون حينما يتحول كوارك علوي لسفلي نحصل على نيوترون، والعكس أيضا. ينطلق حامل القوة W+ في حالة تحول العلوي لسفلي؛ لكي يعادل الشحنة الموجبة المفقودة هنا، وينطلق W– في حالة تحول السفلي لعلوي، يتحلل البوزون هنا سريعا للغاية (–1025 ثانية تقريبا)

‪تحول النيوترون إلى بروتون عبر تحول كوارك سفلي إلى علوي مع انطلاق إلكترون ونيوترينو مضاد‬ تحول النيوترون إلى بروتون عبر تحول كوارك سفلي إلى علوي مع انطلاق إلكترون ونيوترينو مضاد. (الجزيرة)
‪تحول النيوترون إلى بروتون عبر تحول كوارك سفلي إلى علوي مع انطلاق إلكترون ونيوترينو مضاد‬ تحول النيوترون إلى بروتون عبر تحول كوارك سفلي إلى علوي مع انطلاق إلكترون ونيوترينو مضاد. (الجزيرة)

 

كل ما سبق يمكن جمعه في ما ندعوه "النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات" Standard Model of Particle Physics، تلك النظرية العظيمة التي تم تطويرها في السبعينيات بناء على نظرية المجال الكمي المتوافقة مع النسبية الخاصة، ولا تزال إلى الآن تتفق نتائجها مع كل نتيجة تجريبية؛ لكن -أيضا- ما زلنا غير قادرين على رصد الجرافيتون، ودمج النسبية العامة في النموذج الحالي؛ بحيث نحصل على نظرية كل شيء، لذلك غالبا ما يطلق على هذا النموذج: نظرية كل شيء تقريبا.

 

أنت تجلس -الآن- على الكرسي بفعل الجاذبية، وممنوع من الغوص في فراغ ذراته بسبب مجالاتها الكهرومغناطيسية التي تعطيها صلابتها، وتشاهد هذا المقال بالكهرومغناطيسية، أما ذراتك فتتماسك أنويتها بالقوة النووية القوية، وقد تواجدت في العالم أصلا بسبب القوة النووية الضعيفة، أنت مجموع عمل جسيمات مادتك مع القوى الأساسية. نشأ الكون كله عبر اتحاد الكواركات العلوية والسفلية فورا، بعد الانفجار العظيم ثم تكوين البروتونات والنيوترونات ثم تكون أول الأنوية، بعد ذلك ساعدت عملية التحلل بيتا على إنشاء عناصر أعلى، وهكذا… كل ما هو حولك الآن، كل ما تقوم بفعله، تاريخه حتى لحظة البداية، ومستقبله حتى لحظة النهاية؛ تم تلخيصه بالكامل تقريبا في الأسطر السابقة. أليس ذلك رائعاً؟!

المصدر : الجزيرة

إعلان