شعار قسم ميدان

شركات رياديّـة عربية استحوذت عليها شركات عالمية

midan - dubai

لم تعد أخبار الاستحواذات الكبرى تمثّـل أمراً مُدهشاً أو غير اعتيادي وسط سيل الأخبار اليومية المتدفقة في هذا العصر بين كل فترة وأخرى، وأصبح من الطبيعي أن يتم تسليط الضوء على خبر جديد بخصوص قيام شركة عالمية بالاستحواذ على شركة ناشئة في منطقة إقليمية، مقابل أرقام تبدأ بستة أصفار وتمتد لتصل إلى التسعة.

 

هذا الانتشار الواسع في عقد صفقات الاستحواذ يعد طبيعياً، ففي عصـر أصبحت فيه ريادة الأعمال وحركة تأسيس الشركات الناشئة في قمّة أولويات الشباب، وتعتبر القاطرة الرئيسية لتقنيات العصـر الحالي، فمن الطبيعي أن تسعى كل شركة للحفاظ على مكانتها في الأسواق، بالسيطرة على شركات أخرى تملك تقنيـات منافسة أو تحقق اختراقاً كبيراً في أحد الأسواق.

 

يبدو واضحاً أن الشركات التقنيـة العربية حققت نمواً متصاعداً خلال العشـر سنوات الأخيرة، الأمر الذي جعل عدد من الشركات العالمية تطمح للاستحواذ عليها

المنطقة العربية ليست بعيدة عن هذا التوجّه العالمي المحموم في الشراء المتسارع للشركة. فخلال السنوات الأخيرة شهدت المنطقة العربية -التي يتم الاصطـلاح عليها اقتصادياً باسم الشرق الاوسط وشمال أفريقيا (MENA)- مجموعة من الاستحواذات الكبيـرة، قامت على إثرها مؤسسات عالمية وإقليمية بشراء شركات عربية ناشئـة بصفقـات تتدرّج ما بين ضخمة وكبيرة ومتوسّطة.

 

صحيح أن معدل استحواذ الشركات العالمية على الشركات العربية يعتبر -حتى الآن- ضعيفاً إلى حد ما، إذا قورن بمعدل استحواذات الشركات العالمية على شركات في مناطق أخرى حول العالم، إلا أن التسارع الذي بدأ يحدث أخيراً مع صعود فكـرة ريادة الأعمال عربياً، يرجّح أن الأيام المقبلة ستشهد عدداً أكبر من الاستحواذات العالمية والإقليمية/ وهنا نستعرض أهم 7 شركات عربية ناشئة تم الاستحواذ عليها بصفقات كبيــرة.

 

سوق دوت كـوم
undefined

في 22 مارس/آذار 2017 
وبعد مفاوضات مطوّلة، تم الإعلان عن خبر الوصول لاتفاق مبدئي لاستحواذ شركة أمازون العمـلاقة على موقع سوق دوت كوم بقيمة 650 مليون دولار، ثم تم التأكيد على إتمام الصفقة في 28 مارس/آذار دون تحديد قيمة الصفقة رسمياً حتى الآن.

 

سوق دوت كوم تأسست في العام 2005 كموقع للمزادات تابع لبوابة مكتوب الرقمية، ثم تحوّلت بحلول العام 2011 إلى منصة تجارة إلكتـرونية تغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى مدار عدة سنوات، استحوذ سوق دوت كوم على نسبة تقارب الـ 80 % من التجارة الإلكترونية في المنطقة العربية، مما جعلها البوابة الأكبر للتسوّق الإلكتروني في المنطقة.

 

سوق دوت كوم (مقـرها دبي في الإمارات المتحدة) تقدم حوالي 8 مليون منتج في كافة المجالات، وحصلت على دفعات كبيـرة من التمويل عدة مرات، الأمر الذي جعلها تدخل في مفاوضات مع شركة أمازون تعرقلت عدة مرات، حتى تم الإعلان أخيراً عن الاستحواذ عليها بهذه الصفقة التي تعتبـر غير مسبوقة في المنطقة العربية، ويأتي الإعلان عن هذه الصفقة قبل شهور من دخول عمـلاق جديد إلى عالم التجارة الإلكترونية الإقليمية، وهي منصة نون الإلكترونية التي تأتي بتمويل سعودي إماراتي مشترك يصل إلى مليار دولار.

 

يذكـر أن شركة إعمـار الإماراتيّة (المشاركة في تأسيس منصّة نون)، تقدمت خلال الأيام الماضية بعرض استحواذ أكبر على سوق دوت كـوم بقيمة 800 مليون دولار، فيما بدا أنها منافسـة حامية مع أمازون للاستحواذ على سوق التجارة الرقمية العربي، انتهت أخيراً بفوز أمازون بالصفقـة.

 

طلبات دوت كـوم
undefined

في بداية العام 2015 تم الإعلان عن
خبـر استحواذ مجموعة روكيت إنترنت الألمانية العمـلاقة على موقع طلبـات دوت كـوم بقيمـة 170 مليون دولار، في واحدة من أضخم صفقـات الاستحواذ التي شهدتها المنطقـة العربية.

 

طلبات دوت كوم هو موقع تم تأسيسه في العام 2004 بواسطة 4 شباب كويتيين برأس مال 4 آلاف دينار كويتي فقط، فكـرته هو التواصل مع كافة المطاعم المحلية في الكويت، وتلقي الطلبات الإلكترونية من العمـلاء، وتحصيل رسوم خدمة بسيطة بعد توصيل الطلب للعميل. خلال السنوات اللاحقـة، ومع توسّع خدمات الإنترنت في المنطقة، وميل المستهلكين لطلب مأكولاتهم عبر الموقع، توسّعت الشركة لتشمل بقية دول الخليج، خصوصاً السوق السعودي، وبدأت عروض الاستحواذ تتوالى على الشركة، فتم بيعه في العام 2007 بقيمة 360 ألف دينار كويتي.

 

بقدوم العام 2010 تم الاستحواذ مرة أخرى على الموقع بواسطة رجل الأعمال محمد جعفر بقيمة 800 ألف دينار كويتي، قام بعدها الموقع بالتوسع بشكل أكبر في دول الخليج، حتى استطاع تحقيق أكثر من 20 ألف طلب يومياً في أواخر العام 2014، ما جعله من أشهر مواقع خدمات الدفع الإلكتروني الخاص بالوجبات في العالم العربي.

 

وبقدوم العام 2015 تم الاستحواذ على طلبات بواسطة الشركة الألمانية بمبلغ 170 مليون دولار، في إطار سعي روكيت إنترنت للاستحواذ على خدمات إلكترونية لتوصيل الطلبات في دول أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا وسنغافورة وكان من بينها الشركة الكويتية، قصة تأسيس موقع طلبات تعتبر واحدة من أبرز المشروعات الريادية العربية على الإطلاق التي بدأت برأسمال متواضع، ووصلت إلى العالميـة بواحدة من أكبر الاستحواذات في المنطقة.

 

الاستحواذ على آدموب
undefined

رغم أن شركة
Admob لا يمكن وصفها أنها عربية تماماً لأنها تأسست في الولايات المتحدة، إلا أن مؤسسها هو رائد الأعمال السوري الشاب عمـر الحمـوي ما يجعل منها شركة عربية في النهاية.

 

شركة آدموب تأسست في العام 2006 وتعتبـر أضخم شبكة إعلانات متخصصة في الإعلان عبر الهواتف المحمولة، حيث تسمح للمستخدمين ومطوّري التطبيقات بعرض إعلاناتهم في التطبيقات ومواقع الويب، والحصول على الأرباح من التطبيقات، ولا يوجد مستخدم لهاتف ذكي مهما كان نظام التشغيل، إلا واستفاد من خدمة عرض أو بيع الاعلانات عبر شركة آدموب.

 

في العام 2009 أي بعد مرور 3 أعوام فقط من تأسيس الشركة، ومع التنامي الهائل والسريع في صناعة التطبيقات الذكية والإعلانات عبر الهواتف الجوّالة، وجولة منافسة شديدة بين العمـلاقين غوغل وأبل، أخيراً تم الاستحواذ على الشركة بقيمـة 750 مليون دولار، وهي ما اعتبرت واحدة من أكبر صفقات الاستحواذ العالمية التي شهدها العالم التقني في العام 2009، واليوم تعتبـر الشركة أكبر شبكة إعلانية على منصات الهواتف الذكية بمختلف أنواعها، حيث تحقق 200 بليــون طلب إعلاني على مستوى العالم كل شهر.

 

شركة فوري
undefined

في العام 2015 تم الإعلان عن واحدة من أكبر صفقات الاستحواذ في مجال التقنيــة في المنطقة العربية، حيث تقدم تحالف دولي مكوّن من عدة مستثمرين دوليين لشراء غالبية أسهم
شركة Fawry المسئولة عن إدارة شبكة مدفوعات إلكترونية في مصـر، بقيمة 100 مليون دولار أميـركي تقريباً (كانت قيمة الدولار توازي 7 جنيهات بالمتوسط).

 

شركة فوري تأسست في العام 2008 وقدمت حلولاً سريعة لتسهيل الدفع في مختلف المجالات بشكل إلكتروني، ما جعلها من أكثر الشركات صعوداً في السوق المصـري، باعتبارها قامت بتوفيـر خدمة تحصيل المدفوعات في مختلف المجالات الحكومية والخاصة، بما فيها مدفوعات الفواتير الاستهلاكية وشحن الهواتف وخدمات الإنترنت وغيرها.

 

قبل الاستحواذ أشارت الإحصائيات أن الشركة كانت تقوم بحوالي مليون عمليـة مالية يومياً، وتخدم أكثر من 15 مليون عميـل في مصر، كما وصلت أرباحها للعام 2014 لقرابة 200 مليون جنيه مصـري، ويضم التحالف الدولي الذي قام بالاستحواذ على الشركة صندوق الاستثمار المصري الأميركي، وصناديق إقليمية أخرى.

 

موقع مكتوب
undefined

في العام 2009 تم الإعلان عن
خبـر استحواذ شـركة ياهو! الأميـركية على موقع مكتوب بقيمـة 85 مليون دولار، حيث اعتبـرت أشهر وأول صفقة استحواذ كبيرة من هذا النوع في تاريخ الشركات الرقمية العربية.

 

موقع مكتوب تأسس في الأردن عام 1998 مع بدء انتشار شبكة الإنترنت في المنطقة العربية، وقام بتأسيسه سميح طوقان مع رجلي الأعمال فادي غندور وحسام خوري، بدأ الموقع كبريد إلكتروني عربي، ثم تم إضافة المزيد من الخصائص الإضافية له، الأمر الذي جعل عدد المشتركين فيه يصل إلى 100 ألف مشترك عربي بعد عامين اثنين فقط من إطلاقه.

 

لاحقاً تم الاستعانة بشريك مالي مصري "هيرمس" وتحوّل المشروع إلى شركة كبيرة مع افتتاح العديد من الخصائص في الموقع مثل مدونات مكتوب ومنتديات وخدمات الشات والتعارف والأخبار والألعاب وغيرها من الخدمات المجّانية التي جعلت قاعدة الموقع تتوسّع بشكل كبير لتستحوذ على قسم كبير من المحتوى العربي، حتى وصل عدد مستخدميه في العام 2006 إلى حوالي 16 مليوناً، وبقدوم العام 2009 استحوذت ياهو على مكتـوب في صفقة تعتبـر ضـربة البداية لصفقـات الاستحواذ الكبرى في المنطقة الكبـرى التي توالت لاحقاً.

 

موقع كمّلنا
undefined

موقع
كمّلنا هو موقع ألعاب من تطوير شركة رمال السعـودية تم تأسيسه عام 2008 بواسطة عصـام الزامل، وهو يقدم ساحة لعب جمـاعي للعبــة "البلوت" الورقيـة الشهيرة في منطقة الخليج.

 

حقق الموقع تقدماً سريعاً وملفتاً للأنظار وتم عرضه في بعض المؤتمرات الخاصة بريادة الأعمال وصناعة الألعاب، الامر الذي جعله من أكثر مواقع الألعاب الخليجية شـهــرة وتحقيقاً للزيارات اليومية للمستخدمين الذين ينشدون اللعب الجماعي.


وعلى مدار 4 سنوات تم تطوير اللعبة الإلكترونية التي يمكن ممارستها مباشرة من خلال المتصفح دون الحاجة إلى أي تحميلات، حيث تمّت إضافة خصائص مختلفة وتسهيل الاستخدام وتحسين سرعة وأدوات الموقع لمراعاة تزايد أعداد المستخدمين الذي وصل عددهم إلى المليون لاعب.

 

في العام 2012 تم الإعلان عن قيـام شركة Peak Games التركيــة المتخصصة في الألعاب الاجتماعية بشراء الموقع بقيمة 10 مليون دولار دولار، وهي تعتبر صفقة استحواذ كبيـرة لشركة ناشئة متخصصة في مجال الألعاب في السوق السعودي.

 

موقع شهيّــة
undefined

في العام 2010 تأسس موقع شهيـة المتخصص في تقديم وصفات طعام مميزة للمستخدمين، واستطاع في ظرف سنوات قليلة أن يحقق ملايين الزيارات من المستخدمين العرب والأجانب على السواء كونه يدعم اللغتين العربية والإنجليزية.

 

خلال سنوات من إطلاقه حصل الموقع على تمويل من شركة الاستثمار المخاطر (MEVP) اللبنانية، بقيمة 500 ألف دولار، الأمر الذي ساهم في زيادة المحتوى وجذب المعلنين والعلامات التجارية العالمية في مجال الأطعمة المختلفة مثل كرافت وصافولا، وحتى اهتمام الشركات الإقليمية الكبرى مثل الاتصالات السعودية.
 

وبلغت التقديرات أن الموقع يحقق 3 مليون زائر يومياً معظمهم من النساء المقيمات في الخليج، وفي عام 2015 تم الاستحواذ على موقع شهية بواسطة شركة كوكبـاد اليابانيـة بقيمة 13.5 مليون دولار، وتم دمجه في موقع كوكبـاد المتخصص في الطبخ والمأكولات، ضمن خطة الشركة في التوسع بعدة لغات حول العالم، حيث قامت بشراء تطبيقات ومواقع أخرى بالإسبانية واللغة المالاوية وغيرها.

 

أخيراً يبدو واضحاً أن الشركات التقنيـة العربية حققت نمواً متصاعداً خلال العشـر سنوات الاخيرة، الأمر الذي جعل عدد من الشركات العالمية تسعى للاستحواذ عليها.

 

وتبدو المؤشرات إيجابية ومبشّرة باستمرار صعود الشركات الناشئة العربية، مع التوسّع في استخدام التقنيات وميل الشركات الكبـرى لدعم المشروعات الريادية، إلا أنها -قطعاً- لا ترقى للنشاط الذي تشهده دول أخرى حول العالم، تسجل نمواً أكثر سرعة في مجالات ريادة الأعمال، رغم أن إمكانياتها المالية أقل.

المصدر : الجزيرة