شعار قسم ميدان

"الخطايا الستة".. كيف تفشل المشاريع الناشئة في بدايتها؟(2)

midan - home office man stress
تَحدثنا في الجزء الأول من هذا التقرير عن الأسباب الثلاثة الأولى التي تمثل النسبة الأكبر في فشل المشاريع الريادية الناشئة؛ وفقًا للدراسة التي قامت بها مؤسسة "سي بي أنسايتس" لتحليل البيانات والأبحاث، وذلك من أجل التوصل إلى الأسباب الكامنة وراء فشل 156 مشروعا ناشئا، فبناءً على الأبحاث والمقابلات العديدة التي قامت بها المؤسسة مع مؤسسي تلك المشاريع، تمت معرفة الأسباب التي أدت إلى فشل هذه المشاريع؛ من وجهة نظر مؤسسيها، وهنا نستعرض باقي الأسباب الجوهرية التي تؤدي إلى انهيار الكثير من المشاريع الريادية في سنواتها الأولى.
 

الخلافات الداخلية

تتطلب الشركات الناجحة فريق عمل متميز يتكون من موظفين موهوبين، ذوي خبرة وهمة وكفاءة عالية، يمتازون بالتخصصية والمهارات الفائقة، حيث لا يقوم أي مشروع ناشئ بمجهود شخص واحد فقط، فرائد الأعمال أو صاحب المشروع لن يستطيع عمل كل شيء بمفرده، حيث تعتمد ريادة الأعمال في المقام الأول على العمل الجماعي، ومن هنا تأتي أهمية روح الفريق وتعاونهم في إنجاح أي مشروع.1

وعدم وجود فريق العمل المناسب من الأسباب الهامة التي تؤدي إلى فشل المشروع؛ حيث أدى السبب ذاته إلى فشل 23% من المشاريع التي تمت دراستها وتناولها في هذا التقرير، كذلك يعتبر الخلاف بين مؤسسي المشروع أو المستثمرين، أو حتى الخلاف بين فريق العمل من أكثر المشاكل تعقيدًا؛ لذلك تؤدي تلك الأمور بحتمية إلى فشل أي مشروع مهما كان؛ حيث تسبّبت هذه الخلافات بشكل رئيس في فشل حوالي 13% من المشاريع السابقة.

ومن هنا لابد من اتفاق مؤسسي أي مشروع على المبادئ الأساسية، والخطوط العريضة التي سيسير المشروع على خطاها، والتي لا يمكن تخطيها أو الخروج عنها، كذلك لا بد من الاختيار الدقيق لفريق العمل المتميز الذي سيقوم ببناء المشروع ويعمل على إنجاحه.2 

رائد الأعمال الناجح يحرص دوما على التأكد من كل شيء متعلق بمشروعه، ولا يدع مجالا للصدفة أو الحظ، ويتقن الاختيار الصحيح
رائد الأعمال الناجح يحرص دوما على التأكد من كل شيء متعلق بمشروعه، ولا يدع مجالا للصدفة أو الحظ، ويتقن الاختيار الصحيح

الارتباك والاختيار الخاطئ

رائد الأعمال الناجح يحرص دومًا ويتأكد أن كل شيء -متعلق بالمشروع تم على أكمل وجه، ولا يدع شيئًا واحدً لمحض الصدفة أو الحظ، وبالتالي يجب أن يكون متأكدًا من أنه لن يترك شيئا ليسقط منه سهوًا، لأن الارتباك أو الوقوع فريسة للاختيار الخاطئ من أكثر الطرق اختصارًا لفشل أي مشروع.

وقد يتمثل الاختيار الخاطئ في منتج ضعيف أو موقع سيئ، بينما قد يتمثل الارتباك في التحديات القانونية التي قد تواجه المشروع في بدايته، وبالإحالة للمشاريع التي نتحدث عنها في هذا السياق، فكانت هذه الأسباب مجتمعة سبب فشل 34% من هذه المشاريع.3

 

قد تستهلك التحديات القانونية مبالغ طائلة من المال؛ مما يؤدي إلى فشل المشروع في نهاية المطاف، لذا عند اختيار فكرة المشروع لابد من دراستها جيدًا، والنظر في التحديات المستقبلية والقانونية

إن ضعف المنتج الخاص بأي شركة أو مشروع هو ذنب لا يغتفر، ولن يترك فرصة واحدة للشركة حتى تناضل من أجل البقاء، وقد يكون ضعف المنتج نتاجا طبيعيا لتجاهل رغبات العملاء، أو البُعد عن احتياجات السوق، أو حتى عدم النظر إلى مدى قوة المنافسة، وقدرة هذا المنتج على خوض تلك المعركة الدامية مع غيره من المنتجات المتواجدة مسبقًا، فبالنظر إلى المشاريع السابقة التي تناولتها الدراسة، كان ضعف المنتج سببًا لفشل 17% من هذه المشاريع، وبالتالي فلن توجد شركة ناجحة دون منتج جيد؛ يشكل إضافة جديدة وجوهرية إلى السوق.

 

كما يتميز موقع المشروع أو الشركة بأهمية قصوى قد يترتب عليها فشل المشروع أو نجاحه، فالاختيار غير الموفق لموقع أو مكان المشروع سبّب فشل 9% من المشاريع السابقة، حيث يجب أن يرتبط موقع المشروع بعناصره المختلفة ارتباطًا يصب في خدمة المشروع في النهاية، فمن الضرورة الانسجام بين فكرة المشروع وموقعه، فخدمة موقع المشروع لفكرته أمر حتمي الحدوث في المشاريع الناجحة.

بالإضافة إلى ذلك فقد يلعب موقع المشروع دورًا رئيسًا في فشل المشروع إن كان فريق العمل بعيدًا عن بعضه البعض، لكن يكمن حل مشكلة بُعد فريق العمل عن بعضه من خلال اختيار وسائل التواصل الفعالة، التي تعزز العمل الجماعي وتحقق الانسجام بين الفريق.

وقد يتحول المشروع الناشئ في بعض الأحيان من مجرد فكرة بسيطة إلى سلسلة متتالية من التعقيدات والتحديات القانونية التي من الممكن أن تكون أحد الأسباب التي تحكم على المشروع بالموت، فقد سببت التعقيدات القانونية فشل 8% من إجمالي المشاريع الناشئة موضع الدراسة. فقد تستهلك هذه التحديات القانونية مبالغ طائلة من المال؛ مما يؤدي إلى فشل المشروع في نهاية المطاف، لذا عند اختيار فكرة المشروع لابد من دراستها جيدًا، والنظر في التحديات المستقبلية التي من المحتمل أن تواجه المشروع.2

  

اختلال التوازن
اختلال التوازن بين الحياة والعمل قد يسبب التوتر وبالتالي اتخاذ قرارات سيئة، وقد يؤثر عدم التوازن على المشاريع الناشئة بالسلب عن طريق فقدان التركيز أو فقدان الشغف
اختلال التوازن بين الحياة والعمل قد يسبب التوتر وبالتالي اتخاذ قرارات سيئة، وقد يؤثر عدم التوازن على المشاريع الناشئة بالسلب عن طريق فقدان التركيز أو فقدان الشغف

قد يؤثر عدم التوازن على المشاريع الناشئة بالسلب عن طريق فقدان التركيز على جوهرية العمل، وفقدان الشغف بالعمل، وكذلك انطفاء الهمة والعزيمة؛ حيث أدى فقدان التوازن إلى فشل 30% من المشاريع الناشئة التي تم تناولها في دراسة مؤسسة "سي بي أنسايتس".1

 

يبدأ روّاد الأعمال غالبًا بحماسة فائقة، ويقومون ببذل مجهود جبار في بداية المشروع أو الشركة، وقد لا يلقون بالاً لتوازن الحياة الطبيعي؛ حتى يصلوا إلى نقطة محددة عندها يحدث الانهيار العقلي والجسدي، وتنطفئ تلك الحماسة

ويُعتبر التركيز مسئولية كبرى تقع على عاتق مؤسسي أي مشروع ناشئ مع فريق العمل، فيلعب التركيز دوره الجوهري في النهوض بالشركة وإنجاح المشروع، وقد يكون فقدان التركيز بسبب القضايا الشخصية، أو الاختلاف بين مؤسسي المشروع، أو حتى الاختلاف بين الموظفين، وقد ينتج عنه فقدان العملاء أو المستثمرين، وبالتالي تدهور المشروع وانهياره، فقد أدى التشتت وفقدان التركيز إلى فشل 13% من المشاريع السابقة.

 

وأخيرا يوجد الكثير والكثير من الأفكار الجيدة في العالم، لكن ما يميز أي فكرة عن غيرها هو مدى ارتباطها وإشباعها لشغف أصحابها، فقد فشلت 9% من المشاريع السابقة نتيجة لعدم وجود الشغف بفكرة هذه المشاريع، فالشغف هو الطاقة التي تدفع أي رائد أعمال إلى النجاح، وهو الدافع الرئيس الذي يحث صاحب أي مشروع أو عمل على مواصلة بذل الجهد والوقت يومًا بعد يوم من أجل تحقيق فكرة يؤمن بها، لذلك فالهم ليس العثور على فكرة عظيمة، بل العثور على فكرة تشبع الشغف وتُرضيه.

 

فغالبا ما يبدأ روّاد الأعمال مشروعاتهم بحماسة فائقة، ويقومون ببذل مجهود جبار في بداية المشروع أو الشركة، وقد لا يلقون بالًا لتوازن الحياة الطبيعي؛ حتى يصلوا إلى نقطة محددة عندها يحدث الانهيار العقلي والجسدي، وتنطفئ تلك الحماسة كنتيجة طبيعية للإرهاق والتعب.


وقد يبدو لوهلة أن هذا السبب قد لا يمثل مشكلة تضر بالمشروع، لكن على العكس من ذلك يعتبر انطفاء الهمة مشكلة ضخمة، فإذا تعرض المشروع لأي خسائر ولو بسيطة فلن يستطيع رائد الأعمال أو صاحب المشروع استعادة الهمة مجددًا، وبالتالي سيفشل المشروع على الرغم من وجود الفرصة في الحد من الخسائر قدر المستطاع.


وقد أدّى انطفاء الهمة إلى فشل 8% من المشاريع موضع الدراسة، لذلك لابد من قيام صاحب المشروع بإحداث التوازن، والتعامل مع الأمور والمشاكل من هذا المنطلق، حتى يستطيع توجيه الجهود إلى المسار الصحيح وقت الحاجة.
2

undefined

المصدر : الجزيرة