كيف تحافظ على تركيزك أثناء دراسة أحد المساقات ذاتيًّا؟

يَكمن التحدي الأكبر في عملية التَعلم الذاتي عبر الإنترنت في الانضباط والحفاظ على التركيز أثناء عملية التَعلم، وبما أن عملية التَعلم بأكملها تحدث باستخدام الإنترنت فإنه يوجد كم هائل من المعوقات والمُشتتات التي تقلل من تركيز المتعلم، والتي تؤدي في النهاية إلى انشغاله بأشياء أخرى بعيدًا عن هدفه الأساسي، مما يؤدي إلى إصابته بالإحباط.
ومن التحديات التي تواجه المتعلم عبر الإنترنت قيامه بعملية التعلم بمفرده دون التحفيز أو التشجيع من أساتذته أو زملائه، لذلك تتطلب عملية التعلم الذاتي عبر الإنترنت مزيدًا من التركيز والانضباط والاعتماد على الذات، على عكس عملية التعلم التقليدية التي تحدث داخل الفصول الدراسية، بإشراف مباشر من الأساتذة وتشجيع مستمر منهم ومن زملاء الدراسة. وبالتالي فإن عدم القدرة على التركيز بشكل صحيح تُعدّ مشكلةً كبيرة؛ لأن عدم التركيز أثناء التعلم يجعل عملية التعلم بأكملها غير مجدية، وبالتالي لا يُحقق المتعلم الاستفادة المرجوة من عملية التعلم. لذا سنقوم بتوجيه بعض الخطوات والنصائح المهمة التي يمكن الاعتماد عليها في الحفاظ على التركيز أثناء عملية التَعلم لتحقيق الاستفادة المرجوة:

التَعلم الذاتي يضع عملية التَعلم بأكملها في يد المتعلمين، ويسمح لهم بتحديد وقت وطريقة التعلم التي تناسبهم، لذلك تعتمد عملية التَعلم على شغف المتعلمين، ورغبتهم في التعلم، ومدى قدرتهم على التعلم في المقام الأول، وبالتالي فإن لم يكن لدى المتعلم الشغف والرغبة في التعَلم فتشتيته سيصبح أمرًا يسيرًا، ولن يستمر في عملية التعَلم.
فأهداف التعَلم هي السلوكيات أو المعرفة التي تدفع الطلاب أو المتعلمين إلى تحديد أهمية عملية التعلم الخاصة بهم، لذلك يُعدّ تحديد أهداف التعلم شيئًا أساسيًّا يجب أن يقوم به كل متعَلم. فتحديد المتعلم لأهدافه يجعله شغوفًا بالتعلم، مما ينعكس على ثقته بنفسه، وبالتالي تعزيز قدرته على التعلم والمشاركة الفعالة. وتحديد الأهداف من التعلم تمد المتعلم بالدوافع القوية ليتحدى نفسه، ويبتعد عن المشتتات، ويحافظ على تركيزه للاستمرار في التعلم واكتساب المعرفة، وكذلك السير على خطوات واضحة، والبحث عن إستراتيجيات فعالة من أجل تحقيق أهدافه المرجوة من التعلم. [1]

اختيار المكان المناسب لعملية التعلم يؤثر تأثيرًا مباشرًا على كفاءة التَعلم، ومدى تحصيل المتعلم واستفادته من عملية التعلم كليًّا. قد يقوم بعض الطلاب بالتَعلم في غرف النوم الخاصة بهم، مما يقلل من مقدار إنتاجيتهم وقدرتهم على التعلم، وذلك لكثرة المشتتات من حولهم، فينصرفون بسهولة عن عملية التعلم بسبب التلفاز، أو ألعاب الفيديو، أو النوم. [2]
قد يلجأ البعض أيضًا إلى الدراسة في أحد المقاهي، قد يكون ذلك حلًّا إن كان المقهى هادئًا ومناسبًا لعملية التعلم. لذا يُفضّل اختيار مكان مناسب لعملية التعلم يتميز بالهدوء؛ لأن التعرض للضوضاء المحيطة أثناء عملية التعلم وفقًا لـجورج اندرو (أستاذ علم وظائف الأعضاء في كلية الطب بجامعة سيتون هيل ببنسلفانيا) يؤدي إلى تعزيز إفراز هرمون الكورتيزول الذي يعمل على زيادة التوتر، وبالتالي إعاقة عملية التركيز.[3] كما يجب اختيار مكان مناسب يتميز بوجود كلٍّ من الإضاءة والتهوية الجيدتين، وكذلك يجب التأكد من أن المكتب الذي ستستخدمه مُصمَّمٌ هندسيًّا لزيادة الإنتاجية في العمل أو الدراسة، لذلك تُعدّ المكتبات أو المساحات المشتركة المخصصة للدراسة هما الخيار الأمثل لإتمام عملية التعلم. [4]

فالحفاظ على نظام خاص بالدراسة أو التعلم يؤدي إلى تقليل المُشتتات بشكل كبير، وبالتالي الحفاظ على التركيز، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة الإنتاجية، وتعزيز عملية التعلم والاستفادة منها بأقصى درجة من أجل تحقيق الهدف المنشود. [5]

لذلك أثناء بدء عملية التعلم لا بد من تقليل تلك المعوقات والمشتتات التي من الممكن التعرض لها، فيجب إغلاق كافة نوافذ الإنترنت غير المتعلقة بالمساق الذي يُدْرَس، كما يمكن استخدام أحد التطبيقات التي تقوم بتلك الوظيفة وإضافتها إلى متصفح الإنترنت الخاص بك؛ لتقليل الانحرافات التي قد تتعرض لها أثناء عملية التعلم والتي قد تؤدي في النهاية إلى عدم تحقيق الاستفادة المنشودة. 4

لكن هناك العديد من مساقات التعلم الذاتي المركزة ، وبالتالي قد تزداد الفترة الزمنية للدرس الواحد عن 15 دقيقة، وفي هذه الحالة يُفَضّل تقسيم فيديو هذه المحاضرة إلى عدة مقاطع أصغر حتى يستطيع المتعلم الحفاظ على تركيزه وانتباهه أثناء التعلم؛ لتحقيق الاستفادة المثلى من عملية التعلم. [6]
يُعدّ تدوين الملاحظات أثناء مشاهدة فيديو المحاضرة من أهم الإستراتيجيات التي يجب أن يتّبعها المتعلمين أثناء عملية التعلم الذاتي عبر الإنترنت، ودون تدوين الملاحظات لن يستطيع المتعلم تذكر ما قام بتعلمه، أو الرجوع إلى الملاحظات أو المعلومات التي استفادها من عملية التعلم بعد ذلك، لذلك يُنصح بتدوين الملاحظات أثناء مشاهدة المحاضرات، واتباع طريقة كورنيل لتدوين الملاحظات. 2
تعتمد هذه الطريقة التي اخترعها الأستاذ بجامعة كورنيل Walter Pauk على تقسيم صفحة تدوين الملاحظات إلى عدة أجزاء. الجزء الرئيس خاص بالملاحظات، وفي هذا الجزء يقوم المتَعلم أثناء المحاضرة بتدوين الملاحظات والمعلومات المهمة. أما في الجزء الثاني الذي يقع على يسار الصفحة، تُدّوّن عناوين الفقرات المختلفة، أو الأفكار الرئيسة المهمة، أو الأمثلة على الملاحظات، أو حتى وضع الأسئلة المناسبة أمام كل ملاحظة تُدَوّن على يمين الصفحة ذاتها. [7]
بينما في الجزء الأخير يُدَوَّن ملخص سريع جدًّا للملاحظات التي دُوِّنَت، ويُفضّل أن يكون هذا الملخص قصيرًا جدًّا، ويتناول تلخيص المعلومات المهمة التي اكْتُسِبت أثناء المحاضرة. وتَكمن أهمية هذا الملخص في تأثيره الفعال عند استرجاع المعلومات بسرعة.


لا تنتهي عملية التَعلم بانتهاء المساق أو المحتوى، وبدون عملية المراجعة المستمرة على المعلومات التي اُكْتُسِبت فإنّها ستُفقد بالتدريج ولن يستطيع المتعلم تذكرها، لذلك لا بد أن يقوم المتعلم بتحديد بضعة دقائق على فترات زمنية متباعدة من أجل مراجعة ما قام بتعلمه واكتسابه من المساق.
لا تُفضّل المراجعة بالاعتماد على القراءة فقط، بل يجب استرجاع المعلومات عن طريق النظر في الملاحظات المختلفة التي دوّنت أثناء عملية التعلم، ومحاولة شرح هذه الملاحظات بالتفصيل، كما يُفضّل اختبار كفاءة عملية التعلم عن طريق حل الاختبارات الموجودة نهاية كل مساق عبر الإنترنت. [8]