شعار قسم ميدان

حلم الأمومة المُجمّد.. لماذا تلجأ الفتيات إلى تجميد البويضات؟

هل تملك ترف نبذ الأمل الذي يُمكِّنك من الاستمرار في الحلم؟ هذا الترف بالضبط هو ما لا تملكه بعض الفتيات، لذا سعين إلى إجراء عمليات تجميد البويضات حتى يظل حلمهن في تحقيق الأمومة حيّا تنبض فيه الحياة، لقد وجدْن أن الوقت هو عدوهن الذي يسلبهن الحلم، فإذا تأخر بهن العمر ستضعف الخصوبة ورُبما ينقطع الطمث، وهو ما سيجعل تحقيق حلم الأمومة مُستحيلا، لذلك لجأن إلى تجميد الحلم، أو بشكل أدق تجميد البويضات، حتى يحين وقت الإخصاب ويحصلن على الطفل الذي يتمنينه.

 

عملية تجميد البويضات هي طريقة تُستخدم للحفاظ على قدرة النساء على الحمل في المستقبل، خلال هذه العملية تُستخرج البويضات من مبيضَيْ المرأة وتُجمَّد غير مُخصَّبة وتُحفظ للاستعمال لاحقا. وعندما يحين الوقت الذي ترغب فيه المرأة في الإنجاب، يمكن إذابة البويضة المُجمدة وتلقيحها بالحيوان المنوي في المعمل ثم زرعها في رحم المرأة، خلال العملية المعروفة باسم التلقيح الصناعي. (1)

 

"كل بويضة أفقدها شهريا هي طفلي الذي لم تُكتب له الحياة، كل شهر في هذا الموعد، أقف أمام مرآتي، أتلمس بطني، أُحدث طفلي الذي لم يوجد داخلي بعد، أنني كُنت أنتظره هذه المرة أيضا، وما زلت أنتظره، ولن أكف عن انتظاره، كل دورة شهرية هي إيذان بتأخر الحلم لشهر آخر، هي فرصة كانت مواتية لتحقيق حلم حياتي لكني فقدتها، تؤلمني هذه الطريقة في التفكير، لكني لا أستطيع أن أوقف دوران الأفكار الشهري هذا في رأسي". هكذا بدأت الفتاة الثلاثينية "نسرين.ع"، اسم مُستعار، حديثها مع "ميدان".

 

نسرين فتاة من عائلة ثرية، تخرجت في إحدى الجامعات الأجنبية بالعاصمة المصرية، عملت بعد تخرجها بإحدى الشركات الدولية، تُدرك نسرين أن كل المزايا في حياتها هي أشياء حصلت عليها بمُجرد ميلادها بلا جهد كبير، بفضل عائلتها المرموقة التي كفلت لها مستوى معيشيا أشبه بالحلم بالنسبة للملايين من الناس. اختارت عائلتها أيضا أن تنال ابنتها نوعا مُميزا من التعليم، وأتاحت لها فرصة السفر، لتحصل على ما تشاء من الشهادات في مجال تخصصها، كل شيء على ما يُرام أكثر مما ينبغي، إلا شيء واحد، أمنية في قلبها منذ أن بدأت تبلغ سن الأنوثة، كانت تريد أن تُصبح أُمًّا، لا تريد أن تكون مُجرد ترس في ماكينة الشركات الرأسمالية، فهي تعرف جيدا أنها لو تركت موقعها في محل عملها، ففي اليوم التالي سيقف على الباب عشرات الأشخاص الراغبين في الجلوس مكانها.

 

تقول نسرين لـ "ميدان": "تعبت من الآلية، آلية العمل والتطور والسعي وراء هدف مُتحرِّك لا تصل إليه أبدا، تعبت حتى من كل أشكال المشاعر التي عاينتها طوال حياتي، مشاعر والدَيَّ اللذين رأيا أنهما قد فعلا ما عليهما وزيادة بنوعية الحياة التي وفّراها لنا أنا وأخي، أنا لا أرى والدي سوى ساعات قليلة، رُبما لا أراه من الأساس لشهور طويلة، أمي رغم تفرُّغها لا أشعر أنها معي حقا، ولا أرى في عينيها سوى نظرة ماذا ينقصك؟ أريد أن أقول لها إن تلك الفجوة الباردة في قلبي تستنزفني يا أمي وتُنهكني، أريد حبا لا تشوبه شائبة، حبا صافيا نقيا، حبا لا يهمه فقط مُجرد تأدية الواجبات على أكمل وجه، هذا الحب الذي أعرف جيدا أنني لن أحصل عليه إلا من طفلي، طفلي الذي سيعتمد عليّ اعتمادا كاملا في كل جوانب حياته، طفلي الذي سيملأ عينيه بي دون شريك، ليستمد الأمان والدفء والمحبة، لكن طفلي لا يأتي، لأنني لا أجد والده، بحثت كثيرا، لكن في كل مرة يكون هناك شيء ناقص، شيء كبير ناقص لا يمكن التغاضي عنه، وما زلت رغم كل ما حققته عائلتي، وحققته بدراستي وعملي، أنتظر".

سمعت نسرين من إحدى زميلاتها في العمل عن عملية تجميد البويضات، الأمر الذي جذب انتباهها بالكامل، حدَّثت نفسها أنها رُبما إذا فعلت هذا الأمر فستستطيع أن تُقلِّص الألم النفسي الذي تعانيه، ستستطيع أن تشعر أن حلم أمومتها محفوظ في وضع مُجمد غير قابل للتلف تماما مثلما ستُجمد بويضاتها. تقول نسرين: "فعلت الأمر فقط لأستريح من ذاك الألم النفسي الشهري مع كل بويضة مفقودة، رُبما أتزوج غدا، رُبما يسير كل شيء طبيعيا تماما وأُنجب طفلي دون أن أحتاج إلى بويضاتي المُجمدة، كل ما هُنالك فقط أنني سعيت بإجراء هذه العملية إلى التخلُّص من حسرة الفرص الضائعة، فلا يوجد أسوأ أبدا من أن ترى أن فرص تحقيق حلم عمرك تضيع أمام عينيك مرة تلو الأخرى".

 

تُعَدُّ عملية تجميد البويضات مُعقَّدة بشكل ما (2)، وهي تتطلَّب من الفتاة استعدادات ليست سهلة قبل وأثناء العملية. في البداية، لا بد من إيقاف الدورة الشهرية الطبيعية، ليتمكَّن الأطباء من التحكُّم في عملية إفراز وإنضاج وجمع البويضات. وفي هذه الخطوة، تتلقَّى المرأة أدوية مخصصة لهذا الغرض في شكل حقن يومية، أو بخاخ للأنف، لمدة تصل إلى أسبوعين.

 

لاحقا، تُحقن المرأة بجرعات يومية من هرمون الخصوبة الذي يُحفِّز عمل المبيض، لمدة نحو عشرة أيام. والهدف من هذه الخطوة هو زيادة عدد البويضات المُفرزة، وبالتالي يمكن جمعها وتجميدها، وبعد ذلك تأتي عملية متابعة تطور عملية إنتاج البويضات، حيث تخضع المرأة لعمليات مسح متتالية بالموجات فوق الصوتية لمتابعة المراحل المختلفة لنضج البويضة، والوقت المناسب لجمعها.

الإجراء الأخير قبل عملية التجميد هو جمع البويضات، الذي يستغرق ما بين 15-20 دقيقة، غالبا ما تخضع خلالها المرأة للتخدير العام، تُجمع البويضات الناضجة إما عن طريق المهبل، وإما عن طريق فتحات دقيقة في البطن، بحيث تنفذ إبر إلى كل مبيض وتسحب البويضات.

 

في المتوسط، يمكن جمع نحو 15 بويضة في العملية الواحدة. لكن العدد قد يكون أقل في بعض الحالات، وذلك بحسب إحصائيات هيئة الإخصاب وعلم الأجنة البريطانية. فور جمع البويضة توضع في سائل للتجميد لحمايتها، وتُجمد إما سريعا وإما تدريجيا، وأخيرا، تُوضع في حافظات، ثم في نيتروجين سائل.

 

عندما تُقرِّر صاحبة البويضات استخدامها، تُستخرج من حالة التجميد، وتُفحص كلٌّ منها لمعرفة ما يصلح للاستخدام. وتُستخدم بطريقة الحقن المجهري نفسها، إذ تُخصّب البويضة بحيوان منوي، ثم تُزرع في الرحم ليبدأ الحمل. لا ترتبط عملية التخصيب بسن معينة، فالرحم لا يتأثر بالسن، وإنما المبيض هو الذي يتأثر.

 

منار.ج، امرأة ثلاثينية، مُتزوجة منذ نحو عشرين عاما، لكنها لم تتمكَّن من الإنجاب بعد، وجدت منار أيضا أن عملية تجميد البويضات هي السبيل الأوحد لكي لا تفقد حلمها في تحقيق أمومتها، تروي منار لـ "ميدان": "تزوجت في الثامنة عشرة من عمري، حصلت على مؤهل متوسط في التعليم، ثم خرجت من بيت والدي إلى بيت زوجي، أحببت زوجي، على مدار عشرين عاما هي عُمر حياتي الزوجية معه، لا أستطيع أن أقول سوى إنني أحببته وأحبه، رجل بحق، يعرف ما المسؤولية، يعرف كيف يتشارك في الحياة، وكيف يُراعي شريكته، يعدّني صديقته أكثر من كوني زوجته، مررنا بأوقات صعبة كثيرة، سافر للعمل في بلدان عدّة، وكنت أمينة على ماله الذي يبذل الجهد والعرق والعمر في سبيل الحصول عليه، كنت ادّخر ما يُرسله، حتى تمكَّنت من شراء شقة العمر، وسيارة، بل أسَّست له المشروع الذي كان يُريد تأسيسه، حين عاد من سفره وجد أن كل ما كان يتمنى أن يقوم به هنا قد تمّ على أكمل وأفضل وجه ممكن".

 

تُضيف منار قائلة: "بعد أن استقرَّت حياتنا بدأنا التفكير في الإنجاب، الأمر الذي أجَّلناه برغبتنا لما يزيد على سبعة أعوام، فلم أكن أود أن يولد أطفالي ووالدهم في بلد آخر، كنت أود أن نستقر أولا ونؤسس بيتنا وحياتنا، كنت أتمنى أن يأتي الأطفال ليجدوا البيت الدافئ وحضن الأم والأب، لكن حينما بدأنا في التفكير في الإنجاب، اكتشفنا أن زوجي لديه مُشكلة تمنعه من الإنجاب، كانت هذه اللحظة هي أقسى ما مرّ عليّ في حياتي، لقد وُلدت فتاة وحيدة بلا إخوة، وتوفي والدي في سنوات عمري الأولى، كنت أرى أمي وهي تقوم بكل الأدوار وتُحاول أن تؤسس أسرة حتى وإن كانت مُكوَّنة فقط منها ومني، كل هذا جعل حلم الأسرة الكبيرة كالنار المُشتعلة في صدري، تُؤجَّج بمرور الوقت، وأنا أنتظر تحقق الحلم حتى تنطفئ وتهدأ، لكن ما حدث أن سنوات الانتظار الطويلة قد زادت من حِدَّة هذه النار، وحينما أوشك الحلم على التحقُّق، وجدنا أن أمامنا طريقا آخر علينا السير فيه".

 

كانت لحظة معرفة المشكلة قاسية للغاية على منار وزوجها، تقول عنها منار: "صمت زوجي طويلا، صمت طويلا جدا، وحينما تكلَّم قال لي إنني حرة، وإنه سيترك الاختيار بالكامل لي، أخبرني أن ننفصل وأتزوج من آخر، أخبرني أنه سيؤدي حقوقي كافة وأكثر ولن يتركني إلا وأنا أحيا حياة كريمة، لكني لم أكن أدري أي حياة لي من دونه؟! نعم، أرغب في الأطفال، لكن أود أن يكون هو أباهم، الأمر يستحق المُعافرة، لن أحرم أبدا أطفالي من أن يكون والدهم رجل كهذا، لكن العمر يتقدَّم، بمُجرد أن تجاوزت الثلاثين، بدأت أشعر بالخطر، أشعر أن سن اليأس يقترب، وأنه لا يوجد ما هو أسرع من الأيام، بدأ الأمر يؤرقني، أفكار سوداوية في النهار وكوابيس لا تنقطع في الليل، مع حرصي ألا يصل شيء من كل هذا إلى زوجي، الذي كان يتقدَّم في خطة العلاج التي رسمها له الأطباء".

 

بدأ هاجس جديد ينال من قلب منار، فماذا لو عُولِج زوجها ووجدت هي أن خصوبتها ضعفت أو انقطعت تماما، تقول منار: "كانت معرفتي بعملية تجميد البويضات هي طوق النجاة من كل القسوة التي يواجهني رأسي بها كل يوم وليلة، يُمكنني أن أُجمِّد بويضاتي وأنتظر زوجي حتى يُعالج، دون أن يكون القلق قد التهم قلبي، لم أستغرق وقتا طويلا في التفكير، يُمكنني أن أرحم نفسي ولا أمكث مع هذه الهواجس يوما آخر، وبالفعل بدأت في تنفيذ إجراءات العملية على الفور".

 

"كنت سأقبل بالموت عن طِيب خاطر ورضا، فالحياة لا تساوي شيئا لولا هذا الأمل الذي يُهوِّن الحياة ويجعل الليل والنهار يمضيان بسلام دون أن يقتلني تتابعهما". هكذا بدأت إحسان.ع، حديثها مع "ميدان"، إحسان تجاوزت الثالثة والأربعين من عمرها، تعيش بمفردها في منزل عائلتها بإحدى القرى بصعيد مصر بعد وفاة والديها وزواج إخوتها، لم تتزوج إحسان، لكنها ما زالت تنتظر حلم الأمومة بكامل طاقة قلبها على الحلم، وبكل قدرة روحها على الاحتفاظ بالأمل.

 

تقول إحسان لـ "ميدان": "كنت أتمنى كالفتيات أن أحب وأتزوج وأتشارك مع زوجي تفاصيل الحياة بحلوها ومُرّها، لكن هذا لم يحدث، مرّ العمر، ورُبما ما تبقى منه لن يكون بقدر ما نفد، هناك حلم وحيد، هو وحده الذي يُكسبني القدرة على الحياة، بل لولاه لضاق نفسي في صدري وتمكَّن مني القهر، هذا الحلم هو حلم الأمومة، هذا كل ما أحلم به وأتمناه، لم يعد يعنيني وجود الزوج كثيرا بقدر ما يعنيني وجود طفل يَجبر كسر قلبي ولا يدعني وحيدة أمام الحزن والألم، هنا كثير من التقاليد التي تُضيِّق عليّ بعض الحلول، مثل التبني مثلا".

 

"درجة مُتقدِّمة من السرطان، يجب البدء في العلاج فورا، هل لديكِ أطفال؟ قد يضر العلاج بخصوبتك وقدرتك على الإنجاب في المستقبل". لم يكن هناك أكثر قسوة من الكلمات السابقة التي ألقاها الطبيب على مسامعها بملامح جامدة، لا تشي أبدا أنه يُدرك أنه يطعنها ألف طعنة وطعنة في لحظة واحدة، نظرت إلى عيني الطبيب طويلا دون أن تملك القدرة على التحدث، مئات الأفكار تتسابق في رأسها، بينما يُحدِّثها الطبيب عن الخطر الذي يُهدِّد حياتها، يُخبرها أنها ستموت لو لم تبدأ في العلاج.

 

غادرت إحسان عيادة الطبيب وقد حسمت قرارها تماما، رُبما الموت أكثر رحمة من تلك الحياة التي يُريد أن يسوقها الطب إليها، قرَّرت إحسان أنها لن تخوض رحلة العلاج أبدا وستنتظر الموت، قبل أن تُلقي إليها صديقتها وزميلة عملها طوق النجاة من هواجسها حينما أخبرتها بعملية تجميد البويضات، قالت لها إنها فكرت في هذا الأمر حينما تأخَّر زواجها وتخطَّت عامها الخامس والثلاثين، وبمُجرد أن نوت البدء في إجراءات العملية كانت يد القدر أسرع وتزوجت وتمكَّنت من الإنجاب، قالت لها زميلتها: "لماذا تموتين قبل أن تري طفلكِ؟! وبخلاف الموت لماذا تقبلين تحمُّل كل هذا الألم دون علاج، ما زال هناك حلول بخلاف الموت حتى وإن كانت مُكلِّفة ماديا".

 

حسام.م، رجل أربعيني مُتزوج منذ ما يزيد على عشرة أعوام، لم يُرزق حسام بأطفال طيلة سنوات زواجه، يقول حسام لـ "ميدان": "بالطبع أود أن يكون لي أطفال، عدم وجودهم يُسبِّب لي ألما، لا أُنكر هذا، لكن الألم الأكبر هو أن أرى زوجتي وحبيبة عمري وهي تنطفئ أمام عيني يوما بعد يوم، يزورها الاكتئاب بصفة دائمة، وتفقد رغبتها كاملة في الحياة وتحتاج إلى بذل الكثير من الجهد للخروج من هذا النفق المُظلم، زوجتي وضعها الصحي لا يسمح لها بالإنجاب، في البدء كنّا نؤجِّل الإنجاب لأننا نود تأسيس حياتنا، لكن المرض ظهر عليها لاحقا وجعل من الصعب أن تُفكِّر في الإنجاب الذي هو حلم حياتها بمعنى الكلمة".

 

يُضيف حسام: "أعرف أن احتياجي إلى وجود الأطفال لا يُقارن باحتياجها إليهم، هذا الاحتياج الذي يدفعها للقيام بالمُحاولات الطبية كافة التي يُخبرها بها الطبيب لتتمكَّن من الإنجاب، لكن جذوة الأمل حينما تهدأ فقط في قلبها أراها مُحطمة وأشعر بالضياع في عينيها، زاد الأمر سوءا بعدما تجاوزت الثامنة والثلاثين، حينها لم أرَ في عينيها اكتئابا ولا يأسا، كنت أرى رعبا دائما لا أعرف السبيل لإبعاده عنها".

 

حينما سمع حسام بأمر عملية تجميد البويضات من أحد زملائه في العمل، لم يتردَّد للحظة، قرَّر أن هذا هو الحل الأمثل لطمأنة زوجته أنها سيُمكنها الإنجاب بمجرد أن تُعالج، يقول حسام: "كنت أود طمأنتها فقط، حتى وإن لم يحدث الإنجاب أبدا، أعرف أن حفظ البويضات يُحافظ فقط على الأمل، ولا يضمن بالضرورة أن الغد سيأتي حاملا أطفالنا معه، لكنني لا أحتاج إلى أكثر من هذا، طمأنتها فقط، وإشعارها أنه يُمكننا أن نُكتِّف عقارب الساعة إذا لزم الأمر، وهو ما فعلناه من خلال تجميد البويضات".

 

خلال تصريحات صحافية سابقة قال الدكتور محمد أبو الغار، أستاذ التوليد والمتخصص في أطفال الأنابيب وتجميد البويضات: "إن الحالات التي يجوز فيها تجميد البويضات حالتان، الأولى: تتمثَّل في الأحوال المرضية، بمعنى وجود سيدة مُصابة بمرض سرطان في الدم، وفي هذه الحالة لو حصلت على العلاج الكيماوي يُدمَّر المبيض بالكامل وبالتالي يستحيل الحمل بسبب انقطاع الدورة الشهرية، الحل في هذه الحالة يكون تجميد البويضات، وعند الزواج تُفك البويضات المُجمدة وتُخصَّب من زوجها ثم يُنقل الجنين داخل الرحم".

 

يُضيف أبو الغار: "الحالة الثانية تتعلق بأي امرأة بلغت من العمر 35 سنة، حيث يكون لديها حالة قلق شديد حول انخفاض الخصوبة لديها بنسبة كبيرة مع دخولها في عمر الأربعينيات، لذلك تلجأ إلى تخزين البويضات وتجميدها، وعندما تتزوج في أي سن تُستخدم تلك البويضات"، مؤكِّدا أن تخزين البويضات ليس له فترة مُحددة حيث تُخزَّن حتى لو لألف سنة.(3)

 

يبدو أن هذا الإجراء بات منتشرا ومُلِحًّا إلى درجة أن الدراما المصرية تناولته في مسلسل "سابع جار"، الذي أُنتج عام 2017، عرض المسلسل مُحاولات إحدى بطلاته لإجراء عملية تجميد البويضات، كانت هالة، الحالة التي عرضها المسلسل، فتاة جميلة وناجحة، كل حلمها فقط هو أن تُصبح أُمًّا، أبرز المسلسل مُشكلات هالة المُتعددة مع فكرة الزواج واختيار الشريك، لكن الثابت بوضوح أمام عينيها هو أنها تريد إنجاب طفل، وكل يوم يمرّ من عمرها يُشعرها بأنها تكاد تفقد حلمها، لذلك بدأت في البحث عن عملية تجميد البويضات، وبدأت بالفعل في زيارة طبيبة للحصول على معلومات أكثر حول العملية.

لكن ماذا لو جُمِّدت البويضات ولم تجد الفتاة التي أقدمت على هذه الخطوة الشخص المناسب للزواج وتشارك الحياة؟ هل سيكون الحل حينها هو ما أبرزه المخرج محمد علي والمؤلفة إيناس لطفي من خلال فيلم "بشتري راجل"؟

 

عُرض الفيلم عام 2017، ويتناول بفُكاهة قصة الفتاة شمس، الموظفة في أحد البنوك المصرية، التي تُفكِّر دوما في الإنجاب وترغب في أن تكون أُمًّا، لكنها في الوقت ذاته ترفض الزواج رفضا قاطعا، وتحاول جاهدة أن تبحث عمن يُحقِّق لها حلم اﻹنجاب من خلال التلقيح الصناعي، بدون الدخول في المسارات التقليدية والمعتادة، وتُقرِّر أن تدفع المال مُقابل أن تشتري أبا لطفلها ثم تنفصل عنه بمجرد الحصول على الطفل. لتجد شمس ضالتها في بهجت، الطبيب البيطري، الذي يقبل عرضها لأنه يمر بأزمة مالية.

 

على الرغم من المشكلات الطبية التي يساعد في حلها والأحلام المجمّدة التي يسهم في إنقاذها، يبدو أن تجميد البويضات يُثير على الجانب المقابل مشكلات اجتماعية عميقة، تتعلَّق بالأساس بطبيعة الزواج والأسرة، والمفاهيم الراسخة حول العائلة.

————————————————————————————–

المصادر

  1. Egg freezing
  2. تجميد البويضات: فرصة لممارسة الأمومة في عمر متقدم
  3.  داخل أكبر مركز لتجميد البويضات
المصدر : الجزيرة