فن التأثير.. كيف تحصل على ما تريد بأساليب بسيطة؟
يمتلك الأطفال والشخصيات المعتلة نفسياً قاسماً مشتركاً واحداً فقط: إنهم بارعون في الحصول على ما يريدون. يمكن أن يتعلم الكثير منا أمراً أو اثنين من هذه المخلوقات بصرف النظر عن نوبات الغضب والحيل الملتوية التي يقومون بها. هذا لا يعني أنه -على غرار هذه الأمور- يجب أن نشعر أن لدينا الحق بالحصول على كل ما نريده؛ يزعم الكثيرون أنه من ناحية ثقافية، نحتاج إلى دروس ضرورية بشكل ملّح في العطاء وليس الأخذ.
لكن بالنسبة إلى البعض، فإن السعي للعيش على أكمل وجه هو مصدر دائم للإجهاد والارتباك. وهنالك آخرون لا يجدون صعوبة في السعي وراء ما يريدونه، لكنهم يفشلون في القيام بذلك بشكل فعال. يرتعب الأشخاص ذوي الشخصية المتجنبة للنزاع من التحدث؛ ويفوتون أهدافهم الخاصة، وغالباً ما يفقدون احترام المحيطين بهم. أما الباحثون عن الخلافات فيلتمسون التشويق من خلال توكيد مخططاتهم بلا هوادة، حتى لو كان ذلك على حساب أنفسهم. من المرجح أن يستمر المتفائلون في جهودهم أكثر من المتشائمين الذين قد يقللون من فرص نجاحهم منذ البداية.
إذا كان من المفيد بشكل موحد أن يكون الشخص مكافحاً أو خجولاً أو إيجابياً أو سلبياً في السعي لتحقيق هدف واحد، فإن تطور البشر كان سيختار صفات من هذا القبيل فقط. في الواقع، يتطلب الأمر جميع الأساليب للمضي قدماً. سواء كنت تقدم شكوى أو تحاول تغيير العالم، ابدأ بالنظر في تأثير هدفك على شخص ما أو بعض الأسباب الأخرى التي تتجاوز بها نفسك، أي لا تفكر فقط بنفسك.
لا أحد يحب الشخص المتذمر "النكدي"، ولدينا العديد من المصطلحات الازدرائية لإثبات ذلك. وفقاً للدكتور غاي وينتش، وهو مؤلف كتاب "الفت الانتباه: التذمر بشكل صحيح للحصول على النتائج وتحسين علاقاتك وتعزيز احترام الذات" (The Squeaky Wheel: Complaining the Right Way to Get Results, Improve Your Relationships, and Enhance Self-Esteem)، إذا كنت تتقن فن التذمر الفعال فستحصل على ما تريد بينما يتم إعابة ذلك بشكل طفيف جداً.
فالتذمر والشكوى في الأوقات غير المناسبة -عندما يكون الأشخاص الآخرون مركز الانتباه أو عندما يركزون على قضايا أكبر من القضايا الخاصة بك- يمكن أن يجعلك تبدو أنانياً ويمكن أن يمنع ذلك من أن يتم سماعك. ويمكن للشكوى المفرطة حول موقف واحد أن تتضاعف في اجترار أفكار قلق متكررة تثير الاكتئاب.
إذاً الخطوة الأولى للتذمر على نحو فعال هي أن تقرر ما إذا كنت تريد حقاً نتيجة ملموسة أو إذا كنت تحتاج فقط إلى مصادقة عاطفية. الأولى تدعو إلى تقديم شكوى، بينما تكون المصادقة العاطفية عبارة عن تنفيس. من الناحية المثالية، ينبغي على محاوريك أن يعرفوا ذلك أيضاً، نظراً لأن محاولة "إصلاح" مشكلة ما حيث يريد شخص آخر فقط أن يتذمر بشأنها يمكن أن تسبب جدالاً أكبر و أسوأ من الانزعاج الأساسي.
وفقاً لوينتش إذا قررت أنك تريد تقديم شكوى، فقم بوضع خطة: أولاً، حدد بالضبط ما تريد تحقيقه (لا تسمح لشخص آخر باختيار بديل لما تريده)، ثم اكتشف من لديه القدرة على توفير ما تريد، وأخيراً تأكد من أفضل طريقة لجعل هذا الشخص يعطيك ما تريد. على الرغم من أن الأمر كله منطقي للغاية، إلا أنه في لحظة غضب غالباً ما يهاجم الناس أول ما يقع عليه نظرهم. ينصح وينتش الانتقال من أبسط شكوى إلى الأشد عند العمل على مهارات حل المشكلات.
عندما يتلقى الناس شكوى، فمن الطبيعي أن يصبحوا دفاعيين. حتى أنهم قد يعيدون نفس الشكوى إليك أو يقلبون الأمر عليك، مما يزيد من اتصالك بعواطفك. هذا هو السبب في أنك بحاجة إلى أن تكون لطيفاً للغاية، على عكس غرائزك. يقول وينتش: "هذه هي المعضلة الوجودية للشكوى. هل تريد أن تكون على حق، أم أنك تريد الحصول على نتيجة جيدة؟".
إحدى الطرق لتجنب دوامة الموقف الدفاعي المفرغة هي العمل بما يطلق عليه وينتش "شطيرة الشكوى" (complaint sandwich). الشريحة الأولى من الخبز هي "الافتتاحية" وهي أول شيء يجب أن تكتبه في رسالة أو تقوله لشخص ما، والتي تمنع الشخص الموجه له الشكوى من الشعور بالهجوم. "اللحم" الخاص بالشطيرة هو الشكوى المحددة أو طلب التعويض، وشريحة الخبز السفلية هي "المساعد على الهضم" وهي عبارة إيجابية أو امتنان لتعزيز فكرة أنك شخص منطقي يستحق المساعدة.
بعد معاناته لأشهر عديدة من الضوضاء الصاخبة الناتجة عن موقع بناء بالقرب من شقته، سلم وينتش "شطيرة شكوى" إلى مالك العقار. بدأ بالقول كم يحب المبنى ويقدر العمل العظيم الذي تقوم به شركة الإدارة. ثم طلب خفض الإيجار للتعويض عن تأثر إنتاجيته ككاتب والذي نجم عن الضوضاء المتواصلة. وأخيراً، أضاف أنه يدرك أن الضوضاء ليست بأي حال من الأحوال خطأ المالك، لكنه يعتقد أنه سيكون قلقاً بشأن تأثير ذلك على المستأجرين. وكانت نتيجة هذه الرسالة تخفيض الإيجار لمدة ستة أشهر.
يقول كيفين دوتون مؤلف كتاب "الإقناع في أقل من ثانية: الفن القديم والعلم الجديد للعقول المتغيرة" (Split-Second Persuasion: The Ancient Art and New Science of Changing Minds): "لقد شاركت مرة في حفلة رأس السنة الجديدة، وأراد ابن المضيفة البالغ من العمر سبع سنوات أن يبقى مستيقظاً لوقت متأخر، قالت له والدته: ‘أنت تعرف ماذا يحدث عندما لا تذهب إلى الفراش في الوقت المحدد. تستيقظ في وقت متأخر وتكون حاد المزاج وسريع الانفعال‘، فأجابها الولد: ‘حسناً، أنت لا تريدني أن أجري في الصباح الباكر من حولك عندما تكوني مستلقيةً على السرير في محاولة للتعافي من الصداع، أليس كذلك؟‘ قام بتأطير طلبه من حيث رغباتها، حينها سُمح له بالانضمام للسهرة حتى منتصف الليل.
بعد تحليل العشرات من حالات الإقناع الناجحة، توصل دوتون إلى العديد من الوصايا الرئيسية، أحدها هو تكتيك هذا الطفل الحكيم في التماشي مع المصلحة الذاتية التي ينظر إليها الشخص الآخر. لنفترض أنك تحاول إغراء شخص ما بتمويل مطعمك الجديد. بالطبع، يجب أن يكون لديك خطة عمل قابلة للتطبيق، ولكن عليك أن تفكر ملياً في سبب اهتمام المستثمر المحتمل بما يتجاوز الفرصة الواضحة لكسب المال. هل هو من عشاق الطعام الذي يشعر بالإحباط من جودة المطاعم في بلدتك؟ عندها دعه يعلم أنه من خلال دعم مطعمك، سيكون بطلاً خارقاً للذواقة، إذ يجلب المكونات والنكهات رفيعة المستوى لمواطني بلدته. هل هو خبير اجتماعي يحب الترفيه؟ اذكر أن مطعمك سيكون مكانه لعقد جلسات حيث يمكنه إثارة إعجاب أصدقائه. هل هو محب للجمال؟ أخبره أن المستثمرين يحصلون على أدوار رئيسية في خطط الديكور وإعادة التصميم. قم بجذبه من خلال المناشدة بأهدافه وشغفه الأكبر في الحياة، وستجعله يشعر وكأنه جزء من قضية مثيرة، وليس مجرد ماكينة صراف آلي بشرية.
إلهام دوافع شخص آخر يتطلب التعاطف؛ فكر في الفرد الذي يتمتع بكاريزما كبيرة، أو حتى خبراء القناع هؤلاء "المعتلون نفسياً". خلافا للاعتقاد الشائع، يمتلك المعتلون النفسيون قدرات تعاطف مثيرة للإعجاب: "يمكنهم قراءة وقياس مشاعر الآخرين بشكل جيد للغاية، لكنهم يفعلون ذلك دون تعاطف". يطلق دوتون على هذا التعاطف "البارد". لفت نظر للجميع: كن استراتيجياً عند التفكير بمنظور شخص آخر؛ إذ يجعلك ذلك ذكياً وليس متحجر القلب. الثقة مثلها مثل التعاطف، تشمل كلا الاتجاهين. يقول دوتون: "في كثير من الأحيان، لا نريد أن نتقدم بمطالب لأننا محرجون. لكن هذه المخاوف لم تثبط المعتل نفسياً، بل خدمته في الحصول على ما يريد". إحدى الطرق لبناء الثقة وعرضها هي عدم إرفاقها بنتيجة الطلب؛ بهذه الطريقة ستكون أكثر ثقة عندما تقوم بذلك.
إذا كنت تريد من أحد أفراد أسرتك التخلي عن العادات المدمرة أو غير المنتجة، فعادةً ما يكون ذلك -في جزء منه- لمصلحتك الشخصية. لكن إجبار هذا الشخص على التحول من أجلك ينتهك قانون المفعول النفسي حتى لو كان ذلك فقط لتجنب القلق عليه: فلا أحد يحب أن تُملى عليه أفعاله. وفقاً للدكتور مايكل بنتالون، مؤلف كتاب "التأثير الفوري: كيفية جعل أي شخص يقوم بأي شيء بسرعة" (Instant Influence: How to Get Anyone to Do Anything-Fast): "إذا قلت بصدق لشخص ما: ‘ليس عليك أن تفعل ذلك، إنه اختيارك‘، تتلاشى مقاومته ويبدأ في التفكير في عمليات التفكير الخاصة به بدلاً من التفكير بعمليات التفكير الخاصة بك".
يشجع بنتالون إجراء مقابلات تحفيزية، وهي طريقة منظمة للتحدث مع الأشخاص مما يجعلهم يفكرون في الأسباب التي قد تدفعهم للتغيير. إن التعامل بطرق إبداعية حيث تتداخل فيها خططك وأولوياتك مع الآخر هو أمر فعال في العديد من مجالات الإقناع. ولكن عندما يتعلق الأمر بسلوك الإدمان الراسخ والتخريب الذاتي، فإن الدافع يجب أن يأتي بالفعل من أولئك الذين يعانون من الأمر -وليس من دورانك حول الموضوع- من أجل البقاء وتحقيق ما تريد.
لنفترض أنك تلح على أختك التوقف عن الشرب لفترة طويلة. قد تقر بأنك قد ضغطت عليها كثيراً في الماضي وأنك لن تفعل ذلك بعد الآن لأن الأمر يعود لها إذا أرادت أن تشرب أم لا. عندها اسأل أختك – في وقت لاحق- بهدوء عن سبب رغبتها في التوقف، من المحتمل أنها ستشارك بعض الأسباب المقنعة. ثم اسألها عن مدى استعدادها للتغيير وماذا تتصور ستكون النتائج الإيجابية. أخيراً، اسأل ما هي الخطوة التالية التي ستتخذها إذا كانت ستتغير. يقول بنتالون: "قد تكون الأسباب التي ستطرحها عليك هي نفس الأسباب التي قدمتها لها طوال الوقت، ولكن لأن هذه الكلمات خرجت من فمها فإنها أقوى بكثير".
تحل المقابلات التحفيزية المسائل الأبسط أيضاً. إن أماً غاضبة بسبب أن ابنها المراهق لا يمسح حوض الاستحمام بعد استخدامه للاستحمام بعد مشاركته في مباريات كرة القدم يمكنها أن تقول: "انظر، لقد كنت أتغاضى عن الموضوع لعدة أشهر ولم ينجح ذلك. أنت في السادسة عشرة من العمر، يعود الأمر لك ما إذا كنت تفعل هذا أم لا". في هذه المرحلة، يحذر بنتلون من أن الطفل سوف ينظر إلى والدته كما لو كانت مجنونة. ثم يمكن للأم أن تستمر: "أود أن تمسح الحوض، لكن ليس عليك ذلك. ولكن دعني أسألك، ماذا سيحصل لك إذا فعلت ذلك؟" قد يقول "إنه سيريحني من تذمركِ!" وقد يعترف أيضاً بأنه لا يحب أن يكون المكان قذراً. يجب على الأم في هذه المرحلة الابتعاد دون أي تعليق؛ يقول بنتالون: "عندما تُترك المحادثات مفتوحة ولا يتم إنهاؤها، يتم تذكرها بشكل أفضل. إذا تركت الأمور معلقة في الهواء، فهذا يجعل الناس يشعرون بعدم الارتياح." وقد يؤدي الأمر إلى جعل المراهق قلقاً لدرجة تنظيف الحوض بنفسه في المرة القادمة فقط لتفادي محادثة غريبة أخرى مع أمه.
يمكنك استخدام هذه التقنية على نفسك أيضا؛ على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في إنقاص وزنك من أجل حفلة لم الشمل القادمة في غضون بضعة أشهر، اسأل نفسك لماذا تريد ذلك وواصل الكتابة حتى تتوصل إلى سبب يفاجئك أو ربما يكون أعمق من الإجابة الواضحة "أريد أن أظهر بشكل جيد". قد تجد مثلاً أنك تريد تجنب الشعور بالذنب ليلاً والذي تواجهه بعد تناول الكعك أكثر مما تريد أن تلبس رداءً معيناً. مهما كان دافعك الشخصي، فإن تحديده سيعطيك الطاقة اللازمة لاتخاذ الخطوة التالية؛ لأنك تريد ذلك وليس لأن شخصاً ما طلب منك ذلك.
تم اتهام ستيف جوبز -الرئيس التنفيذي وأحد المؤسسين لشركة أبل وبيكسار- بطرد الناس في المصاعد ووصف كبار المصممين والمبرمجين بالأغبياء، وتعنيف مندوبي المبيعات أمام زملائهم. وكما ذكر كاتب السيرة الذاتية لياندر كاني في كتابه "في داخل دماغ ستيف" (Inside Steve’s Brain): "بالنسبة إلى جوبز، الإدراك بأن لديك معدل ذكاء أعلى من 100 هو مصادقة متقدة". يضيف كاني أن "جوبز مهووس بالسيطرة فوق العادة، كما أنه باحث عن الكمال ونخبوي ومسؤول عن الموظفين. وفي معظم الشهادات، فإن جوبز يقف على الحد الفاصل للجنون." ومع ذلك، وكما يعلم العالم، من الواضح أن المعلم الروحي للأجهزة كان يقوم بالأمر الصحيح؛ فقد نجح جوبز في انتشال شركة أبل من حافة الإفلاس وجعل الشركة أكبر وأكثر ربحية من أي وقت مضى.
حقق جوبز هدفه الطويل المدى في تحويل شركة أبل بنجاح. وبما أنه من مصلحة موظفيه الذاتية العمل لدى شركة مزدهرة، فإن المبدأ ذاته المتمثل في إقناع الأفراد بمفردهم ينطبق على المجموعة. لكن لتغيير بنية ومسار مؤسسة معقدة، يجب أن تزعج الآخرين حتماً على طول الطريق.
يضع جوبز صفاته الشخصية البارزة -الكمالية (البحث عن الكمال) والطبيعة الاستحواذية- في خدمة هدفه حيث اخترع أكثر المنتجات التقنية ابتكاراً وسهولة للاستخدام للجماهير. كما أنه استخدم ذكاءه السياسي الطبيعي في الحكم على الناس بسرعة وتحقيق أقصى استفادة منهم. رغم أن جوبز مرتاح في استخدام جاذبيته عندما يقوم بالتفاوض أو تقديم العروض، إلا أنه يظل بارداً ومنعزلاً في أوقات أخرى، فيخلق للموظفين الحافز لإرضائه كما لو كان له شخصية الأب القوي البعيد.
تبدو بعض هذه الصفات والتكتيكات بغيضة، ومع ذلك ينجح جوبز وغيره من "المخادعين العظماء" باستخدامها لسببين رئيسيين حسب ما أوضحه الدكتور رودريك كرامر والبروفيسور وليم ب. كيمبول أستاذ السلوك التنظيمي بجامعة ستانفورد الذي درس القادة البغيضين الذين يلهمون الولاء والاحترام في الآخرين. السبب الأول هو أن لديهم الموهبة والأدمغة التي تفوق نفاد صبرهم وعصبيتهم. يوضح كرامر: قد تكون مارثا ستيوارت صعبة مثلاً، "لكنها جيدة في ما تفعله. لذا حتى لو كان الأمر مؤلماً قليلاً بالعمل لديها، فإنك تشعر وكأنك تتعلم من أستاذة خبيرة".
أما السبب الثاني لنجاح هؤلاء القادة المتسلطين -كما وجد كرامر- فهو أن لديهم شغفاً حقيقياً ورؤية مقنعة تتخطى الحصول على المال. أشار كاني أن جوبز -من جانبه- ادعى أنه يريد "قرع جرس في الكون وإحداث تغيير. في كل مرحلة من حياته المهنية، كان ستيف جوبز مصدر إلهام للموظفين واستدرج مطوري البرامج وجذب العملاء من خلال نداء راقِ. كما يعرف جوبز أن المبرمجين لا يعملون على جعل البرامج سهلة الاستخدام؛ فهم يجاهدون لتغيير العالم". يذكر كاني أن السر يكمن في أنه "من المقبول أن تكون وغداً طالما كنت شغوفاً بما تفعل".
لا يتفق الجميع على أن المواهب الكبيرة تشكل مبرراً لنوبات الغضب الكبرى. يقول رونالد ريجيو، وهنري ر. كرافيس، أستاذ القيادة وعلم النفس التنظيمي بكلية كليرمونت ماكينا: "يمكنك تأدية العمل بأي ثمن مهما كان. لكن ماذا سيتبقى لديك إذا قمت بتشغيل الناس وتحقيق مرادك على حسابهم، سوف تفقد الناس الموهوبين".
يذكر ريجيو أن المؤثر المثالي هو "قائد تحويلي" يبرز أفضل ما في مرؤوسيه من خلال تطوير نقاط قوتهم ووضعهم في معايير ومستويات عالية، بالإضافة إلى الاتصاف بالشفافية الكاملة بشأن الأهداف والاستراتيجيات. لا تملك الشخصية ذات الروح اللطيفة ولا الشخصية المتسلطة العظيمة مفتاحاً للإقناع. لذا إذا وجدت تقنيتك في مواجهة معضلة لا يمكنك حلها، خذ راحتك في "لعنة العالم القديم"، لعلك تحصل على ما تريد.
يحدد البروفيسور روبرت سيالديني -الأستاذ الفخري لعلم النفس والتسويق في جامعة ولاية أريزونا- ستة اتجاهات أساسية فعالة وقابلة للاستغلال اعتماداً على الجانب الذي تتخذه في المعادلة. استخدم مبادئ مندوبي المبيعات الكلاسيكية هذه بحكمة، واحذر الأشخاص الذين قد يستخدمونها عليك:
– التبادل: خذ مثالاً على ذلك الكعكة المجانية في المقهى. نعتقد أن الزبون والمستهلك هو الملك ولكن توقعنا من أنفسنا بأن نعطي مقابل ذلك هو شعور قوي ويؤدي بنا لشراء شيء ما.
– التناسق والاتساق: نحب أن نرى أنفسنا كأرواح ثابتة ذات معتقدات لا تتزعزع. فمثلاً إذا طلبت مني أن أعلن علانية عن إخلاصي لحقوق الحيوان فمن المرجح أن أتبرع بالمال لمنظمة "الناس من أجل المعاملة الأخلاقية للحيوانات" (PETA) في وقت لاحق.
– المصادقة الاجتماعية: ضع الأوهام الفردية الكبيرة جانباً، من الأرجح أن نقوم بشيء إذا رأينا أن العديد من الأشخاص الآخرين أمثالنا قاموا بذلك أيضاً.
– المحبة: إذا كنت تحب شخصاً ما، فمن المرجح أن تقول "نعم" لطلبها. إذا كانت جميلة، يزداد احتمال موافقتك.
– السلطة: أربعة أطباء أسنان من أصل خمسة يوصون باستخدام معجون أسنان معين لبيعه من خلال استغلال البريق المطمئن للسلطة، فنحن نستمع لنصائح الأطباء.
– الندرة: أي شخص أمسك بقميص عادي ومبالغ في سعره من يد شخص آخر في عملية تخفيض في الأسعار "ليوم واحد فقط" يدرك مدى الإقناع الناتج عن العروض محدودة الوقت والكمية.