فوائد مذهلة يحققها طفلك بتعلم الشطرنج

"الشطرنج أداة تعليمية ذات تأثير خاص، تتحدى عقول البنين والبنات، الموهوبين وغير الموهوبين، الفقراء والأغنياء على السواء"
(الأكاديمي الكندي ومعلم الشطرنج بيتر دوفرجن)
في مواجهة الألعاب الإلكترونية ووسائل الاتصال الاجتماعي وضعف انتباه الأطفال يجد الكثير من الآباء والمعلمين في الشطرنج وسيلة رائعة لتعليم الأطفال القدرة على التركيز والتخطيط والمثابرة والمنافسة العادلة، وكثير من الفوائد الأخرى التي دفعت ما يزيد عن 30 دولة إلى وضع الشطرنج كأداة تعليمية في المدارس، فما الفوائد التي توفرها للطفل هذه اللعبة؟
الشطرنج لعبة متعدّدة الفوائد المعرفية والعقلية، وتكون مع الأطفال خاصة طريقة لتنمية تفكيرهم المنطقي والإستراتيجي وتعليم الطفل الصبر، وهي من الألعاب القليلة التي تُنمّي قدراتنا الرياضية وتُقوّي الذكاء المنطقي، وهي تُقوّي قدرات الطفل على تقدير مواقف الآخرين واستجابتهم وترتيب تحركاتهم تبعا لها، والتقدم في النهاية نحو هدفهم الأساسي، وربما يعرف المعلمون والآباء أكثر من غيرهم ما يطوره الشطرنج في مهارات أطفالهم تحديدا بين كل المهارات والقدرات التي تشير الدراسات إلى قدرة الشطرنج على تطويرها.
"الشطرنج يجعل الأطفال أذكياء"
(شعار اتحاد الشطرنج الأميركي)
في الولايات المتحدة والمكسيك والنرويج تتم تجربة برامج تعليم الشطرنج لدعم قدرات الأطفال، وفي الولايات المتحدة اُعتمد الشطرنج كأداة تعليمية في المناهج الدراسية منذ عام 1992، إذ يربط المدرسة بالمتعة خاصة في الصفوف التعليمية الأولى، وتعمل المؤسسة الأميركية للشطرنج (AF4C)(1) منذ عام 2000 على استخدام الشطرنج كأداة تعليمية لأطفال المدارس لزيادة مهارات التفكير والقدرات الرياضية ومهارات القراءة ودعم الثقة بالنفس، وفي أرمينيا أصبح إلزاميا في المناهج الدراسية بداية من عام 2011.
تشير نتائج عديد من الدراسات(3) إلى فوائد الشطرنج في زيادة قدرات التحصيل لدى الطلاب، فقد أشار سميث أند كيج -في دراسة أجراها عام 2000 حول تأثير تعلم الشطرنج لمدة 120 ساعة على الطلاب في مستوى تحصيل الرياضيات لديهم- إلى زيادة كبيرة حدثت في مستوى تحصيل الرياضيات في عينة الطلاب التي أجرى عليها دراسته.
وفي دراسة أخرى أجراها أسيجو إت إل عام 2012 لدراسة الآثار المعرفية لتعليم الشطرنج على مجموعة من الطلاب تتراوح أعمارهم بين 6 و 16 عاما سجل الطلاب الذين تعلموا الشطرنج معدلات أعلى بكثير في القدرة على حل المشكلات مقارنة بزملائهم الذين مارسوا أنشطة رياضية مختلفة.

كما لاحظ الباحثون تأثيرا إيجابيا للعب الشطرنج في قدرات الأطفال ذوي صعوبات التعلم، إذ أكدت دراسة تم إجراؤها في ألمانيا عام 2008 على مجموعة من الطلاب تتراوح درجات ذكائهم بين 70 و 85 درجة إلى تقدّم القدرات الحسابية لدى الطلاب بعد لعب الشطرنج لمدة ساعة في الأسبوع على مدار عام دراسي، مقارنة بزملائهم الذين تلقّوا درسا إضافيا في الحساب خلال تلك الساعة لعام دراسي أيضا، وأكد الباحثون أهمية الشطرنج كأداة تعليمية مساندة للأطفال ذوي صعوبات التعلم.
إن الدروس التي يمكن استخراجها من لعب الشطرنج متنوعة، من بينها أنها تفتح بابا لتعلم درس ممتع في التاريخ بالحديث عن أصول لعبة الملوك(5) التي تعود إلى العصور الوسطى، إذ يشير مؤرخون إلى أن قواعدها الحالية تشكلت على مر العصور، وهي مستمَدّة من ألعاب هندية وصينية قديمة وانتشرت من خلال التجار الذين تنقّلوا عبر طريق الحرير، إنها فرصة أخرى لإطلاع الأطفال على قصص تاريخية تتبّع تطور اللعبة خلال العصور ولمعرفة كيف كانت الحياة فيها.

مع ذلك يقول توم براونزكومب (مدير اتحاد الشطرنج الأميركي) إن الأطفال فيما قبل مرحلة المدرسة والصف الأول حققوا نتائج متفاوتة لدى تعليمهم الشطرنج، وأن العمر الأنسب والأكثر تحقيقا لنتائج إيجابية كان بين 7 و 8 أعوام، وأضاف أن الأولاد أبدوا استعدادا لمواصلة اللعب أكثر من البنات لسبب يرجّح براونزكومب أنه يعود لصورة لعبة الشطرنج في المجتمع وارتباطها بالأولاد لا البنات. النقطة المهمة(7) التي يلفت الخبراء النظر إليها لتتحقق فوائد هذه اللعبة هي أن تظل في إطار الترفيه دون إجبار الطفل على تعلمها أو ممارستها، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى تأخر قدرات الطفل.

ما يؤكده الخبراء في النهاية أننا -والأطفال أيضا- لا نلعب الشطرنج لأننا أذكياء، بل نصبح أذكياء لأننا نلعب الشطرنج، ولهذا يمكن تعليم أي طفل بصرف النظر عن قدراته. فنحن نتعلم في هذه اللعبة عن طريق التجربة والخطأ، ومع كل دور نلعبه في الشطرنج -سواء كنا الفائزين أو المهزومين- فإننا نتعلم درسا.