"الباحثون عن النبي المخلِّص".. لماذا يعتقد منظرو المؤامرة أن نهاية العالم اقتربت؟
خلال الأسبوع الأول من شهر سبتمبر/أيلول الجاري، أقرَّ الأميركي أنطوني تشانسلي، المعروف بلقب "شامان كيو أنون"، بالذنب(1) أمام محكمة فدرالية في تهمة مشاركته في أعمال الشغب خلال أحداث اقتحام مبنى الكونغرس الأميركي في يناير/كانون الثاني 2021، الحادثة التي وُصفت بأنها واقعة تمرُّد وفتنة استثنائية وإرهاب داخلي، خلال هذه الحادثة توفي أربعة أشخاص، وأُثيرت الفوضى السياسية لدرجة أن بعض الأصوات قد ارتفعت لتُحذِّر من حرب أهلية ونهاية وشيكة للديمقراطية الأميركية.
لفت تشانسلي انتباه العالم أجمع، بصدر عارٍ مُغطى(2) بالوشوم التي تحمل رموزا دينية من التراث الإسكندنافي بعضها يُشير إلى تفوُّق العِرق الأبيض، مع غطاء الرأس المصنوع من قرون الجاموس، والفرو المتدلي على كتفه. بعد البحث في سجله(3) تبيَّن أنه مؤسس لصفحة على فيسبوك تدعو أعضاءها للوصول إلى درجة من درجات الصحوة، والتسامي، والاستيقاظ من السبات الذي يغرق فيه العالم. يُعيدنا ذلك إلى لقب تشانسلي الشهير الذي يعرفه الجميع به: "شامان كيو أنون".
الصحوة الكبرى
الشامان(4) هم سحرة دينيون يعتقدون أن لديهم قدرة على تحقيق الأشياء عن طريق جلسات تحضير الأرواح والإسقاط النجمي، أي مغادرة الجسد وإنجاز المهام أيًّا كانت، يتضمَّن ذلك طقوسا مثل قرع الطبول بنمط مُحدَّد، وأداء رقصات خاصة، وترتيل أغانٍ طقوسية. الشامان إذن هو شخص ذو قدرات خاصة وبالتالي يمكن له أن يمتلك درجة من السلطة على أتباعه أو مريديه، إنهم لا يحبونه فقط أو يريدون منه تحقيق أهدافهم، بل يُقدِّسون أفعاله.
وبنظرة أعمق، فإن الشامانية هي صورة بدائية للدين، تتضمَّن تصوُّرا يفترض أن الكائن الإنساني يتكوَّن من جسم فيزيائي وعدة مكونات غير مرئية يمكنها أن تغادره وتبقى حية بشكل منفصل، الغياب الليلي لواحد من هذه المكونات هو ما يُفسِّر الحلم، وغيابها المستمر يُفسِّر المرض، أمّا غيابها النهائي فيعني الموت.
كيو أنون(5) (QAnone)، على الجانب الآخر، هي نظرية مؤامرة ظهرت على الإنترنت في أكتوبر/تشرين الأول 2017 حينما ظهر السيد "كيو"، لا أحد يعرف اسمه لكنهم أطلقو عليه هذا الاسم بسبب ادعاء له يقول فيه إنه يحمل "تصريح الوصول Q"، وهو تصريح الأمان المطلوب للوصول إلى البيانات السرية المحظورة ومعلومات الأمن القومي الأميركي، مؤكِّدا أنه مُفوَّض من طرف الرئيس الأميركي (السابق) دونالد ترامب الذي يخوض حربا داخلية للإيقاع بطائفة شيطانية تُدير البلاد من خلف الستار وتريد التحكُّم في العالم أجمع.
في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، أطلق كيو اصطلاح "الصحوة الكبرى"، الذي انتشر انتشارا هائلا بعدها، ويعني أننا على مقربة من حدث عظيم وانتصار للخير (ترامب) على الشر (العصابة الشيطانية)، في تلك النقطة تحديدا، تلتقي كيو أنون مع الدين، حيث تعني "الصحوة الكبرى"(6) هنا استحضار الصحوة الدينية المسيحية التاريخية الشهيرة من أوائل القرن الثامن عشر إلى أواخر القرن العشرين في الولايات المتحدة.
وفقا لمفردات كيو أنون فإن المعركة بين الرئيس ترامب و"العصابة الشيطانية" لها أبعاد توراتية، وتُمثِّل معركة من أجل الأرض بين الخير والشر. لذلك كثيرا ما يُردِّد مؤيدو كيو أنون كلاما يوحي بأن "يوم الحساب قادم"، وأنها "ليست فقط نهاية العالم كما نعرفه، ولكن بداية جديدة"، وأنه بعد أن تحدث هذه المعركة النهائية بين الخير والشر فإن الخير سينتصر، وتبقى اليوتوبيا على الأرض للناجين المخلصين المؤمنين.
يرتبط هذا بما يُسمى الزمانية أو نهاية العالم(7) (Apocalypticism)، وهو الاعتقاد الديني بأن نهاية العالم وشيكة. عادة ما يُصاحب هذا الاعتقاد فكرة أن الحضارة ستصل قريبا إلى نهاية صاخبة بسبب نوع من الأحداث العالمية الكارثية، لذلك يمكن أن تجد مفردات أخرى لأتباع كيو أنون مأخوذة من نماذج مسيحية، مثل "العاصفة"، المأخوذة من رواية فيضان التكوين أو يوم القيامة.
هل يمكن إذن أن ننظر إلى كيو أنون على أنها أكبر من نظرية مؤامرة، بل هي طائفة دينية من الأتباع المترابطين، لها نبي هو (Q) الذي يُبشِّر بقدوم لحظة "الخلاص" على يدي نبي آخر هو "ترامب"؟ حسنا، هناك بعض الدلائل التي تقول إن ذلك يحدث، تأمَّل مثلا هاشتاغ كيو أنون الرئيسي خلال الفترة بين عامَيْ 2017-2020، وهو #WWG1WGA، وهو اختصار للجملة: "Where We Go One, We Go All"، وتعني "حينما يُقرِّر أحدهم شيئا ما، فإن الجميع يُقرِّر"، أو "حينما يذهب أحدنا، نذهب جميعا"، إنه نوع من الترابط نجده في الطوائف الدينية أيضا.
تاريخ نهاية العالم
في الواقع، فإن الأمر من وجهة نظر تاريخية له جذور ترجع إلى أكثر من قرنين سابقين من الزمان، حيث كانت نظرية المؤامرة المُسماة "النظام العالمي الجديد" حصرية على فئتين من المجتمع الأميركي هما اليمين المناهض للحكومة والمسيحية الأصولية التي تقول بظهور المسيح الدجال في نهاية المطاف، وقد كان أنصار هذه النظرية يعتقدون أن الشخصيات التاريخية والمعاصرة المؤثرة هي جزء من عصابة تعمل لتنظيم الأحداث السياسية والاقتصادية المهمة من أجل تحقيق الهيمنة على العالم.
لكن نظريات المؤامرة اليمينية هذه تسرَّبت إلى الثقافة الشعبية خلال القرن الماضي، وربما وجدت ضالَّتها في فترة أواخر القرن العشرين إلى أوائل القرن الحادي والعشرين في الولايات المتحدة، حيث ظن الناس ظنا متصاعدا أنهم يستعدون لسيناريوهات نهاية العالم، خاصة مع وصول العام 2000 ورواج خرافات تقول إن نهاية العالم تقترب بالفعل.
على جانب آخر، فقد تنبَّأ العديد من رجال الدين المسيحيين مثل جون نيلسون داربي(8) بوجود مؤامرة عالمية لفرض هيكل حُكم استبدادي عالمي تحقيقا للنبوءات حول "نهاية الزمان" في الكتاب المقدس، التي تقول إن بعض الأشخاص أبرموا صفقة مع الشيطان لكسب الثروة والسلطة الهائلتين، ولكنهم أصبحوا بيادق تُحرِّك البشرية إلى القبول بحكومة عالمية شيطانية. وخلال الحرب الباردة، قام مُحرِّضون من المسيح اليميني بتبني ونشر مخاوف(9) من "مؤامرة شيوعية دولية" ستظهر في شكل حكومة عالمية جماعية بيروقراطية ملحدة. ساعدت هذه الفكرة على تشكيل إحدى الأفكار الأساسية لليمين السياسي في الولايات المتحدة التي استخدموها للهجوم على منافسيهم، وهي أن الليبراليين والتقدميين يرغبون في استبدال حكومات الدول بحكومة عالمية واحدة شيوعية، خاصة مع شيوع برامج التعاون الدولي مثل المساعدات الخارجية، التي اعتبروها خطوة في برنامج التحوُّل الكبير نحو حكومة واحدة مُعولمة.
الأمر إذن أن نظرية المؤامرة، عموما، قد امتلكت جذورا دينية، وبالتالي من المتوقَّع أن تُفرز في النهاية نتائج دينية الطابع، لكن بالنسبة إلى عالمَيْ الاجتماع تشارلوت وارد ودافيد فاوس(10)، فإن ذلك فقط غير كافٍ لتفسير الشعبية الواسعة التي تكتسبها نظريات المؤامرة حول العالم، بالطبع نتفهَّم أن جائحة عظيمة مثل "كوفيد-19" ستفعل كل ما تفعله الأحداث الكبرى وتدفع الناس ناحية تصوُّر باقتراب نهاية العالم، وبالتالي سيُصدِّقون نظريات المؤامرة المعتمدة على فكرة نهاية العالم، لكن الأمر أعمق من ذلك بكثير.
الروحانية الجديدة
بحسب وارد وفاوس، فإن نمو الصناعة والمدن والهياكل الإدارية الحديثة أدَّى إلى فصل المؤسسات الاجتماعية وتخصُّصها الشديد، الأمر الذي تسبَّب مع الزمن في فصل الدين عن حياة الناس اليومية، وساهم ذلك بدوره في ظهور حالة من التشرذم الاجتماعي، وهنا ظهرت أيديولوجيات بديلة تُقدِّم رؤى كونية للعالم تتعارض مع البراغماتية السياسية والعقلانية الاقتصادية والتجريبية العلمية. يُركِّز وارد وفاوس على أيدولوجيتين خصوصا، هما نظرية المؤامرة والعصر الجديد (New Age)، الفكرة الأولى تُهيمن عليها حالة ذكورية، غالبا ما تكون محافظة ومتشائمة وعادة ما تهتم بالشؤون الجارية، والثانية أنثوية الطابع، ليبرالية ومتفائلة وتُركِّز على العلاقات الشخصية.
ليس من الواضح كيف يمكن أن يلتقي هذان التياران. لكن وارد وفاوس يجادلان أن "الروحانية المؤامراتية" (Conspirtuality) -اصطلاح يجمع مؤامرة (Conspiracy) مع روحانية (Spirituality)- هي فلسفة سياسية روحية تستند إلى قناعتين أساسيتين، الأولى أساسية في نظرية المؤامرة تقول إن هناك جماعة سرية تسيطر سِرًّا أو تحاول السيطرة على عالم السياسة، والثانية متجذِّرة في العصر الجديد وتقول إن البشرية تخضع لـ "نقلة نوعية" في الوعي أو الإدراك.
"العصر الجديد"(11) هي واحدة من الحركات الفكرية الباطنية الغربية التي يعتقد أتباعها أن هناك علوما أو أسرارا خفية (باطنة) تختص بها النخبة من العلماء والمفكرين الذين يتلقون علمهم ذلك بالحدس والكشوف الشخصية وليس الوحي، ونجد لهذا التيار انتشارا داخل الكثير من الأديان والثقافات، لكنه بشكل معاصر ينتشر داخل عوالم الأبراج وقراءة الطالع والعلاج بالطاقة والهالات والأحجار الكريمة، وينتقل الأمر إلى صنوف حِرفة "التنمية البشرية" بصورتها المعاصرة.
لكن من بين ادعاءات كثيرة لأتباع تلك الحركة، سواء الذين يعرفون بوجودها أو الذين يجهلون ذلك لكنهم يحبون هذه العوالم الفانتازية وينغمسون بها، هناك ما نعرفه باسم "عصر الدلو"، وهو اصطلاح خرج من عالم التنجيم يقول إن البشرية على موعد مع عصر فلكي جديد تتفتح فيه الأرواح ويرتفع الوعي، وبالتالي سيتمكَّن الناس من اكتشاف ما كان يُحاك ضدهم من مؤامرات طوال قرون مضت.
يمكن أن تلاحظ ذلك بوضوح في أحاديث المؤمنين بنظرية المؤامرة حاليا، خذ مثلا نموذجا عربيا وهو الطبيبة المصرية واسعة الشهرة "علياء جاد" التي امتلكت قناة على منصة يوتيوب روَّجت خلالها للمؤامرات حول "كوفيد-19" وصولا إلى النظام العالمي الجديد ونهاية العالم ووجوب تجهيز صندوق إنقاذ لنفسك حتى تستخدمه حينما تحين لحظة "العاصفة"، الجدير بالذكر هنا أن هذه الادعاءات تزامنت مع انتقال جاد من الاشتغال بالطب، بمعناه الذي نعرفه، إلى ممارسة غير علمية تُعَدُّ واحدة من أدوات العصر الجديد وهو الطب الشامل (Holistic medicine) الذي يستخدم تقنيات علمية زائفة للعلاج.
في أحاديثها عن المؤامرات، عادة ما ستجد أن جاد تُشير إلى عصر الدلو، وأن البشرية ذاهبة ناحية عصر انفتاح ووعي ذاتي، حيث ستجد علوم الطاقة والهالات والعرافين والمنجمين مكانها اللائق بعد قرون من الإهمال، وسيسقط العلم بطبيعته التجريبية أسفل سافلين، وستصعد الروحانية البديلة المتحرِّرة من الدين الكلاسيكي الذي سيطرت عليه المجموعات المتآمرة. وأبعد من ذلك، يرى بعض أنصار التوجُّهات المؤامراتية أن ما يحكم العالم الآن هو حكومة تقوم على الأُسس الروحية لثالوث غير مقدس يجمع الشيطان والمسيح الدجال والنبي الكاذب (ويعتقد بعضهم أن الأخير هو البابا).
ضد البابا
في الواقع، فإن رفض الدين التقليدي هو ملمح مميز لنظرية المؤامرة في بعض صورها، وترى نانسي أميرمان، أستاذة علم الاجتماع من جامعة بوسطن الأميركية، أن الروحانية(12) عموما هي تعريف أشمل من الدين نفسه، ولذا يمكن أن تجد حاليا أشخاصا يُعرِّفون أنفسهم على أنهم "روحانيون، ولكنهم ليسوا أتباع دين بعينه"، وفي تلك النقطة تحديدا يمكن لفرضية أميرمان أن تمد الخطوط التي بدأت من وارد وفاوس على استقامتها لتُفسِّر الحالة الخاصة جدا لنظريات المؤامرة.
ترى عالمة الاجتماع الكبيرة أن ما يحدث هو تكوُّن حركات عميقة اجتماعيا، أفرادها مترابطون مع بعضهم بعضا، لهم معتقدات ولغة ورموز متميزة وحصرية، تدعو تلك الحركات إلى إحداث تحوُّل مجتمعي، تُسميها أميرمان "القبائل الروحية" (Spiritual Tribes)، وتُعَدُّ إحدى الظواهر المميِّزة لأتباع نظريات المؤامرة.
في وثائقي بعنوان "خلف المنحنى" (Behind the Curve) صدر سنة 2018 من "نتفليكس" يمكن أن تتأمَّل حياة مارك كاي سارجينت، وهو رئيس لجمعية تُدعى "الأرض المسطحة"، في سياق الفيلم سترى هذا الترابط الغريب بين مؤيدي النظرية، وكأنهم منظمة أخوية ذات عقيدة واحدة ترفض ما يعرضه العلم الحديث من تفسيرات، وتؤمن، إيمانا روحانيا، بأن الأرض صخرة ضخمة مسطحة. ينشر أتباع هذه المجموعات بحثا مزيفا في جوانب الإنترنت عن خطأ ما وقع فيه أحد العلماء، أو صورة ما تُخفيها وكالة ناسا، لإثبات أنهم على صواب، صحيح أن أعدادهم لا تزال قليلة، لكنهم يتزايدون يوما بعد يوم.
يمكن أيضا أن تلاحظ هذا النمط بوضوح في أتباع كيو أنون على منتديات الإنترنت مثل ريدت أو فور تشان أو مجموعات فيسبوك، الجميع يؤمن بما يقوله "كيو"، ويتتبَّعون آلاف الصور أو الرسائل الإلكترونية للبحث عن "إشارة" أو "رسالة مختبئة" أو "شفرة" أرسلها ترامب إليهم في مشهد تحية أو سلام عابر لجمهوره، وعلى الرغم من أن عشرات التنبؤات التي قالها كيو بين 2017-2020 كانت خاطئة، فإن أنصاره لا يُصدِّقون الدليل هنا، بل الشامان، أو النبي!
سفينة نوح
حسنا، لنأخذ نموذجا آخر قريبا. أمين صبري هو شاب مصري يلقى عادة انتباه المهتمين بالتنمية البشرية، بدأ مشواره عبر المساقات والكتب الخاصة بهذا النطاق، وانتهى مؤخرا بالتركيز على نظريات المؤامرة. يُعَدُّ صبري الحالة النموذجية التي تحدَّث عنها وارد وفاوس ومن ثم أميرمان، فلا يخلو فيديو له من الحديث عن نظام عالمي يتحكَّم في الكهرباء والطاقة والزراعة والنسل، ويُبشِّر بأن هذا النظام يُجهِّز البشرية لعملية هائلة تُقلِّص أعدادها.
لكن أمين، إلى جانب ذلك، لا ينسى أن يتحدَّث عن الفكرة الوحيدة اللامعة والجذابة في نظرية المؤامرة، إنها نهاية الزمن، وهو هنا يُحرِّفها بذكاء ليصبح المسيح الدجال هو النظام العالمي الجديد، خرج أمين من فترة وقال إن القمر سينشق قريبا، وها هو يُجهِّز أكثر من 630 ألف مشترك على قناته بمنصة يوتيوب لسفينة نوح، يُعلِّمهم كيف يُعِدُّون أنفسهم عندما تأتي المجاعة وحرب الخلاص في النهاية العالم، ويمكن في أثناء ذلك كله أن تشتري كتبه أو تحضر أيًّا من مساقاته بعشرات الدولارات.
أمين ليس حالة خاصة، لقد تماهت نظريات المؤامرة وحركات مثل العصر الجديد والفكر الجديد مع احتياجات السوق الرأسمالي. يوميا، تصدر الكتب والمساقات العلاجية وتُباع الأحجار الكريمة والمياه الشافية بمئات الدولارات على أنها الحل المناسب لكل مشكلاتك الروحية، في الوطن العربي تُباع كتب المؤامرة على الأرصفة ومعارض الكتب وتلقى رواجا كبيرا لا تتخيله، الجميع يقول إن لحظة الصحوة الكبرى قد حانت، فاشترك معنا فقط بعشرة دولارات شهريا أو اشترِ كتابنا بمئتي جنيه مصري لتتعلَّم خطوات النجاة.
هل أضحت نظرية المؤامرة إذن دينا معاصرا مُتحرِّرا من بعض جوانب الديانات التقليدية، أو قل "دينا زائفا" أو "شبه دين" يأخذ من الديانات التقليدية شيئا ويترك آخر؟ هذا مُحتمَل، ولكن ربما أيضا هي ثورة على العالم العقلاني الموضوعي الذي كنا نعرفه، بعد خيبة أمل كبيرة اجتماعيا وسياسيا، وعلامة أخرى على سقوط الأفكار الكبرى التي آمنَّا بها في السياسة والدين والعلم والاقتصاد وكل شيء. في إحدى أغنياته، يقول فريق الروك الكندي الأميركي "بافلو سبرينج فيلد": "إذا كان الجميع على خطأ، فلا يوجد أحد على صواب"، أو كما أشار بروتاجوراس قبلهم بأكثر من ألفي وخمسمئة سنة حينما قال: "الإنسان هو المعيار"، نحن في عصر المعرفة النسبية، ولا يوجد معيار ثابت للحقيقة أو الصواب والخطأ، وربما أوجزها المصريون بقولهم في مثل شعبي شهير: "كلّه ماشي"!
_________________________________________________
مصادر
1- Capitol riot: ‘QAnon Shaman’ pleads guilty in federal court
2- The history behind ‘QAnon shaman’ Jake Angeli’s far-right tattoos
3- ?Jake Angeli: Who is the horned protester who stormed the Capitol
4- ?What Is a Shaman and Can Anyone Become One
5-The QAnon Timeline: Four Years, 5,000 Drops and Countless Failed Prophecies
7- Apocalypticism in American Culture
9- A Culture of Conspiracy: Apocalyptic Visions in Contemporary America 2003 Michael Barkun
10- The Emergence of Conspirituality
11- The New Age movement and its societal implications
12- Sacred Stories, Spiritual Tribes: Finding Religion in Everyday Life Nancy Tatom Ammerman