سلفي لم يحبه بن سلمان.. لماذا يعتقلون الطريفي؟
شيخ وقور، قليل الممازحة، بشوش الوجه، مطمئن الحركة؛ إذا سُئل عن شيء حدق بعينيه للسائل ثم استفاض في الإجابة كأنه يقرأ من كُراس، هكذا عرفه الناس على الفضائيات، وهكذا بدا "عبد العزيز الطريفي"، الشيخ السعودي المعتقل الذي ليس من عادته المهابة من سؤال سائل أو كتم الحق الذي يعتقده خشية السلطان أو فرارا من سخط الناس.
عُرف الطريفي بين النُّخب العلمية الشابة بمكانته العلمية وحرصه على طلب العلم؛ ذلك قبل أن يُعرف بين العامة بالجرأة على قول الحق والجهر به. ذلك الجهر الذي لم يعد أمرا معهودا على الرموز الشرعية المشيخية في المملكة. إذ يميل التيار المشيخي العام في السعودية إلى التركيز على الدروس العلمية والشروحات الشرعية والتقريرات العقدية، مع ترك الخوض في السياسة، وقلة العناية بالمسائل المتصلة بالشأن العام، أو أي حديث قد يُعكر صفو الدولة. لكن الطريفي -ورغم سعة حفظه وعَالميته التي يقر بها التيار المشيخي- كان له نمط آخر ظهر في مقالاته وتغريداته، كما ظهر على شاشات الفضائيات ثم في محاضراته. فقد كان يشتبك رأسا مع قضايا المسلمين، ولا يتحرز في فتواه مما قد يُغضب السلطان، ويُسمي الأمور بأسمائها بصرف النظر عن رضا الحاكم أو غضبه.
|
على شاشة التلفاز، وبينما تأتي الأسئلة للطريفي عما قد يُغضب السلطة، كانت إجاباته واضحة وصريحة فيما يتعلق بالشأن العام، مثل قضايا الظلم، وعاقبة النفاق، والصدع بالحق، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين والتذكير بحقوقهم على الدولة، وقضية التشريع والحكم بما أنزل الله، والجهاد في سبيل الله؛ وغيرها من القضايا الشائكة في المملكة بلا خوف عاقبة أو خشية مغبة. وهذه المكانة العلمية للطريفي مع جهره بما يعتقده هي ما جعل الطريفي نموذجا جديدا في الحالة المشيخية، شخصية لها حفاوة خاصة وسط الشباب الباحث عن رمز مفقود، وهو ما جعل العديد من الشباب يتلهف لسماع محاضراته ويُقبل عليها.
بيد أنه في الثالث عشر من أبريل/نيسان 2016م؛ تم توقيف الشيخ الطريفي وتحديد إقامته، وذلك قبل اعتقاله بصفة نهائية، لينتهي به المقام في سجن الحائر. كان ذلك إثر تغريدات أطلقها الطريفي في معارضة قرارات الحكومة بشأن تحجيم صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف، والفساد الأخلاقي الذي قد بدأ في الاستشراء داخل المملكة[1]. لكن أمر الاعتقال أكبر من مجرد تغريدة رأي كتبها الطريفي على تويتر، وإنما يكمن في أن المشروع التنويري الذي يبشر به محمد بن سلمان لا يمكن أن يسمح بوجود عالم مثل الطريفي لا يخضع تمام الخضوع لمشروعه الخاص.
|
"نُريد علماء يقولون: "لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري؛ ما تركت الأمر الذي أنا عليه"
وهذا لا يكون إلا من شخص متجرد لله سبحانه وتعالى، وبعيد عن جانب المادة، وجانب العطاء، وجانب المساومة. فالعلماء ورثة الأنبياء".
(عبد العزيز الطريفي)
ولد عبد العزيز الطريفي في الكويت في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1976، الموافق 7 ذي الحجة 1396 هـ، وبعد بلوغه سن المراهقة، عُرف عن الطريفي النهَم العلمي والاشتغال في تحصيل العلوم لا سيما علم الحديث والعقيدة، فقد كانت قراءته تتراوح بين 10 إلى 13 ساعة في الأيام العادية، وحتى 15 ساعة في الإجازات والعطل ما بين قراءة وكتابة. ويذكر الطريفي أنه بدأ طلبه للعلم في سن مبكرة، وهو ابن الثالثة عشرة؛ وقد أظهر نبوغا فيه، وارتحل في الطلب إلى عدة دول ليأخذ على علمائها مثل مصر والمغرب والهند، والتي درس فيها الحديث لمدة سبعة أشهر. وقد تلقى العلوم الشرعية على عدة مدارس حنفية ومالكية وشافعية وقرأ عددا من كتب المذاهب على أربابها.[2]
يتحدث الطريفي عن هذه الحقبة قائلا: "حفظت في سن البلوغ وما قبله وبعده بيسير كثيرا من المتون، ومئات الأبيات الشعرية من الشواهد وغيرها، وهذا حتى سن الثامنة عشرة. ثم في تلك السنة بدأت في البخاري فصحيح مسلم، فسنن أبي داود فبقية الأصول. وشرعت بحفظ مسائل شرح الزركشي على مختصر الخرقي ويقع في سبعة مجلدات، وبدأت بحفظ روايات المذهب منه. وكذلك اعتنيت بضبط مسائل "منار السبيل" لابن ضويان، وأدلته. وكذلك "الرسالة" لابن أبي زيد القيزواني في فقه مالك، وقرأت من شروحها نحو الخمسة شروح، إضافة إلى كتب السنن، مثل سنن البيهقي، وسنن سعيد بن منصور، وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان، ومصنفي ابن أبي شيبة وعبد الرزاق (أكثر من مرة)، والمحلى لابن حزم (عدة مرات)، والأوسط لابن المنذر، ومعرفة السنن والآثار للبيهقي، وسنن الدارقطني، و"المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية"، وأكثر الأجزاء الحديثية المسندة وغيرها".[3]
|
كما كان له اعتناء واسع بالحديث وحفظ الأسانيد، وله عدد من الإجازات على عدد من المشايخ حول العالم. ومع هذه الرحلة كلها فإن الطريفي يعد تلميذا للتيار المشيخي التقليدي في المملكة وعلمائها، إذ تتلمذ على يد علماء المملكة المشهورين، مثل الشيخ عبد العزيز بن باز -وقد لازمه أربع سنوات-، والشيخ ابن عقيل، وعبد الرحمن بن ناصر البراك، ومحمد أجمل الإصلاحي الهندي، والمباركفوري، وغيرهم.[4]
وهو ما يُعطي الشيخ وجاهة شرعية في المملكة تجعل له مكانة لائقة في الوسط الشرعي. لكن ما يُميز الطريفي من بين المنتسبين إلى التيار المشيخي في السعودية هو انشغال الطريفي بواقع المسلمين ومقارعة مد الليبراليين في المملكة، فقد كان للطريفي اعتناء بالغ في تتبع المد الليبرالي في المملكة ومجابهته، وهو ما لا ترضاه السلطة السياسية في الوقت الراهن بعد الانفتاح الملبرل.[أ]
"كتمان الحق هو شبيه بقول الباطل في حق العلماء. لأن الأصل في العلماء البيان، فإذا رأوا الباطل ولم يتكلموا بالحق، فهو شبيه بالتلبيس والتدليس الذي كان في بني إسرائيل"
(عبد العزيز الطريفي)
أولى الطريفي قضية صدع العلماء بالحق أهمية كبرى في محاضراته وندواته.[5] ويكرر الطريفي بأن العلماء هم قلب الأمة النابض، وأن الله قد أخذ عليهم ميثاقا غليظا بالبيان، وأنهم ورثة الأنبياء: "وإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ".
يؤكد الطريفي أن دور العلماء في الأمة يُوجب عليهم القيام بحقوق الله في المنشط والمكره، وألا يجعل العالم نفسه في موطن المساومة، وأن يجهر بما يعتقد؛ وإن من صيانة العلم ألا يُكتم، وألا يُطلب به حظوظ الدنيا، وألا يخافوا الذم من بيانه.
|
وما يفتأ الطريفي تأكيد ضرورة مفارقة العلماء لأبواب السلاطين والحكام إلا في أمرهم بالخير والحق، فيقول: "فما زال السلف والخلف يحذرون من أن تُغشى مجالس أهل الرئاسة والسيادة إلا بالنصح والإرشاد مع الصبر على الأذى. فيجب عليهم أن يقوموا ويظهروا للناس بقول الحق". ويعتبر أن سكوت العلماء عن الباطل وإن لم يمارسوه جريمة لا عذر فيها، فحال العلماء كحال الطبيب الذي يرى إنسانا مريضا ثم لا يرشده إلى حقيقة مرضه فيفضل السكوت، "لأن الناس إذا رأوا العالِم ودين الله يُنتهك ورأوه يسكت، رأوا أن هذا الأمر من الذنوب القليلة التي لا تحتاج إلى خوض فيها فضلا عن إقرارها والتعايش معها".[6]
يُنكر الطريفي كذلك طريقة المداخلة في أن نصح الحاكم لا يكون إلا سرا، ويعتبر هذا المفهوم أحد المفاهيم الخاطئة، إذ إن "كثيرا من الناس يقولون إنه لا يجوز إنكار المنكر على الحاكم علنا وإنما يجب أن يكون بينك وبين الحاكم فقط، ونقول إن هذا من المفاهيم الخاطئة جدا، فالشريعة لم تعطل النصيحة على العلن إذا كان هذا من أمور الإصلاح لا سيما إذا تبدل الدين، فتعطيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للحاكم هو قول المرجئة وأهل الفجور".[7]
|
|
"الجهاد وإن حُذف من المناهج فلن يُحذف من القرآن، له بركة على الأمة إن أقامته، وعليها شؤم إن تركته. قال رسول الله: "إذا تركتم الجهاد سلط الله عليكم ذُلا""
(الطريفي – عقب زيارة أوباما للمملكة)
لم يكن سقف الطريفي منخفضا فيما يتصل ببيان ما يعتقده في قضايا الشأن العام، إذ يرى أن من أمانته كعالم أن يحذر الأمة وإن لم يرضَ الحكام أو ذوو النفوذ من صيحاته التحذيرية. ولم يطوّع الطريفي رأيه الفقهي لما يراه الحاكم، فعلى سبيل المثال رفض الطريفي جميع صور الضرائب التي تفرضها الحكومة على الشعب، كما أكد أن التسعيرات الجمركية، ورسوم الإقامة للمغتربين، كل هذا من المكوس الذي لا يجوز شرعا.[8]
كما تغلب الطريفي حدة على المداهنين للحكام والمُزينين لهم فِعالهم بالباطل، فقد صرح أحد المسؤولين السعوديين أن النصيحة للناس لا تجوز إلا بإذن وأن فاعلها مغتصب لا محتسب، فرد الطريفي عليه قائلا: "فقه دخيل لا يعرفه الوحي ولا سياسة الشرع. إن منع النصيحة والإصلاح إلا بإذن هي جاهلية جديدة، فاشتراط الإذن لما لا يحتاج إلى إذن استبداد يفعله الظالمون في كل زمن، وقد اشترط فرعون للإيمان بموسى إذنه السابق، {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ}".[9]
وكان للطريفي موقف قوي من مسألة التغريب واللبرلة، لذا كان إبعاده ضروريا في بداية حقبة محمد بن سلمان، إذ كان بلاء الطريفي حاميا إلى حدٍّ بعيد فيما يتصل بهذه المسألة. فقد وجه الطريفي رسالة إلى وزير التعليم العالي لما فرضت على بعض الفتيات السعوديات الابتعاث العلمي للخارج قائلا: "سابقا ابتُلينا بالتغريب من الخارج والآن تغربنا الدولة. إلى وزير التعليم العالي: لن تكتب جوابك أمام الله بقلم الوزارة".
وانتقد الطريفي أيضا تصريحات المسؤولين الرسميين السعوديين بمشاركة المرأة السعودية في أوليمبياد لندن "وفق الضوابط الإسلامية" قائلا: "الضوابط الشرعية محالة، هذا لا يجوز، ومن الحرام الذي لا يمكن ضبطه، كأكل لحم الخنزير ليس له ضبط في الشريعة، وقد جاء في الحديث أن خير صفوف النساء آخرها، ثم هي تقدم في الأوليمبياد باسم ضوابط الشريعة تلبيسا. نسمع عن ضغوط خارجية، ونعذر أحيانا لأننا نظنها حصارا عسكريا أو اقتصاديا، حتى رأينا ضغوط الرياضة تقول: إما أن تعروا المرأة أو لا تشاركوا في الألعاب".
وحين ظهرت بادرة الحفلات الغنائية في المملكة غرد الطريفي بمهاجمة هذه الحفلات واعتبر أن "من الإلحاد (يعني الميل عن الحق) في البلد الحرام جمع الناس على محرم كالغناء".
|
وقد كانت مجابهته لليبرالية وواقعها في المجتمع كبيرة، سواء بالمحاضرات أو المقالات أو الكتب. وفي عام 2010 عقد الطريفي سلسلة من المحاضرات بعنوان "آيات تأولها الليبراليون" وقد تسببت في إيقاف دروسه العلمية، كما منعت الحكومة رسالته "الحرية بين الفكر والكفر". لكن الطريفي لم يكف عن ذلك، وأخرج كتابه "العقلية الليبرالية في رصف العقل ووصف النقل"، وكتب عددا من المقالات في العلمانية والليبرالية، وكان له سجالات واسعة مع الليبراليين السعوديين، حتى استشاط من ذلك خالد التويجري، الرئيس السابق للديوان الملكي والمعروف بتوجهه الليبرالي؛ فعمل على تأليب عليه غيره من العلماء، ويحكي الطريفي عن ذلك فيقول:
"وقد قال لي رمز علمي كبير، بعد مقالات كتبتها وغيري في الاختلاط، نقضت فيها أقوال المجيزين له، إن خالدا التويجري هاتفه وقال: نحتاج إلى وقفة منك في ذلك!".[10]
"ينبغي أن نتكلم عن إسقاط الأنظمة الباغية الظالمة قبل أن نتكلم عن إسقاط الحمل عن مئات النساء اللاتي حملن في المعتقلات"
كانت تلك إجابة الطريفي -بنبرة صارمة ووجه عابس بعد حوقلة واسترجاع- حين وجهت إحدى النساء العراقيات سؤالا إليه قائلة: "أنا أمثل مجموعة كبيرة من النساء، وكانت الميليشيا العراقية تتناوب على اغتصابنا، فاتفقنا نحن المعتقلات على أن يقتل بعضنا بعضا، فهل يجوز ذلك أم لا؟". وذكر الطريفي أن الأمر لا يقتصر على هذا الحكم الشرعي أو ذاك، وإنما يجب أن يستجيب المسلمون لهذه النداءات وتسيير الجيوش من أجل نصرة هؤلاء المستضعفات. ثم وجه رسالة إلى الحكام المسلمين أن يتقوا الله وأن ينصروا هؤلاء النساء، ثم دعا بالتوفيق للمجاهدين في سبيل الله وحثهم على الإعداد والعزم.[11]
وفي أحد البرامج وجهت إحدى السيدات سؤالا إلى الطريفي قائلة إن زوجها معتقل في السعودية منذ تسع سنوات، فماذا تفعل زوجات المعتقلين؟
ولم يتهرب الشيخ الطريفي من الإجابة على الهواء، ولم يُغير الموضوع، ولم يداهن في جوابه، وإنما قال: "لا شك أن هذا من الظلم، وأشهد الله وأشهد ملائكته والناس أن هذا ظلم ويُخشى العقوبة إن سكتنا. ويجب على العلماء أن يتكلموا. يوجد أناس في السجون منذ 10 سنوات و15 سنة بلا حكم، وأقول للمسؤولين اتقوا الله في أمثال هؤلاء، وأقول للعلماء اتقوا الله في أمثال هذا الصمت، وأقول أيضا لأهل الحل والعقد في الدولة أن يتقوا الله في هذا الملف. ارحموا الناس وارحموا الأطفال".
|
ولم يقتصر نشاط الطريفي على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علنا، وإنما امتد أثره ليتفاعل مع القضايا كافة التي تعيشها المنطقة والأحداث التي تمر بها الشعوب في العالمين العربي والإسلامي. فقد كان مساندا على الدوام لأهل فلسطين في جهادهم ضد الصهاينة. وفي يونيو/حزيران 2013م غرّد قائلا: "لو كانت (قناة العربية) في زمن النبوة ما اجتمع المنافقون إلا فيها، ولا أُنفقت أموال بني قريظة إلا عليها".
|
وسبق أن عارض الطريفي بناء كنيسة في البحرين واعتبرها محادّة لله -قبل أن يشرع محمد بن سلمان في ذلك داخل المملكة-، ونص على أن جماعة من العلماء قالوا إن الإذن بمثلها كفر، ويجب على الدولة مقابلة نعمة الأمن بالقرب من الله لا بالبعد عنه.[12]
وفي سبتمبر/أيلول 2013م، عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بمحمد مرسي، سُئل الطريفي هل السيسي حاكم متغلب أم لا؟ فرد قائلا إن السيسي ليس حاكما متغلبا وإنما هو حاكم ظالم ارتكب العديد من الجرائم مثل القتل والأذية والاغتصاب، وإغلاق المساجد والقنوات الإسلامية ومنع الدعاة والإسلاميين من الدعوة إلى الخير، كما أنه سجن المعارضين وحرق جثثهم، وكل هذا يُوجب نصرة المظلوم ومقاومة الظالم، وهذا كله يدل على أن المسألة هي حرب على دين الله تعالى، وليست المسألة مجرد قضية سياسية بحتة، وليست على ملك أو كرسي أو سيادة، وإنما هي أكبر من ذلك".[13] كما كان للطريفي موقف ظاهر في نصرة أهل سوريا، فقد وجه رسالة إلى الحكام فيها: "ينبغي لكم أن تنظروا إلى الله ولا تنظروا إلى ما يتعلق بتلك المقاعد"، وناداهم بالتحرك ما وجدوا إلى ذلك سبيلا ولو قاد ذلك إلى إعفائهم من مناصبهم.
وإذا تتبع المراقب مواقف الشيخ عبد العزيز الطريفي ومقالاته وتغريداته، فضلا عن برامجه في الإعلام، فسيجد أن له العديد من الآراء الواضحة والصريحة فيما يتعلق بالمظالم العامة، وقضايا الشأن العام، والموقف من الحالة الليبرالية، مما لا يُمكن لنظام مثل النظام الحالي في السعودية أن يتركه حرا طليقا، وهو ما يُفسر لماذا كان تغييب الشيخ الطريفي مبكرا قبل غيره من العلماء الآخرين.
——————————————————————
الهوامش
أ- كثير من معارك الإسلاميين والليبراليين التي ظهرت في المملكة مفتعلة أو لم تكن جوهرية في رأينا، وقد حسمتها السلطة بقرار واحد بعدما أججت الخلاف فيها ودعمته فترة طويلة، مثل قضية "قيادة المرأة للسيارة" وهي من القضايا التي ضُخمت لدرجة كبيرة جدا، وصارت من مسائل الولاء والبراء داخل المملكة، ولم يكن الأمر يستدعي كل ذلك التهويل، ثم اختفى الجدل بقرار سياسي واحد.