سفر الحوالي.. شيخ أرهق آل سعود وأرهقوه
"وأنا لا أملك إلا الكلمة، ولا خير فيّ إن لم أقلها، وإنما يخاف منها العروش المهترئة والكراسي المهزوزة!"
(سفر الحوالي)
في الثاني من أغسطس/آب عام 1990 غزا صدام حسين الكويت، غزو شكل تهديدا إقليميا لدول الخليج عامة، وللسعودية على وجه التحديد، خشيةَ أن تستولي القوات العراقية على المنطقة الشرقية التي تتمركز فيها ثروة المنطقة النفطية. إزاء هذا التهديد، استقر رأي العائلة الملكية على استدعاء قوّة دوليّة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بهدف حماية الجغرافيا السعودية، قرار لم يكن ليقرّ في صيغته النهائية دون موافقة الشرعية الدينية بهدف تجاوز ما يتصل بقضايا التحريم. وبناء على ما سبق، أصدرت هيئة كبار العلماء ومجلس القضاء الأعلى في السعودية فتاوى رسمية تحت ذريعة الضرورة لتأييد الاستعانة بالقوات الأميركية في التصدي لصدام، وقد جاء في فتوى مفتي المملكة: "ولهذا درست هيئة كبار العلماء هذا الحادث، وتأملوه من جميع الوجوه، وقرروا أنه لا حرج فيما فعلت الدولة من هذا الاستنصار للضرورة إليه، وشدة الحاجة إلى إعانتهم للمسلمين، وللخطر العظيم الذي يهدد البلاد لو استمر هذا الظالم في غشمه واجتياحه للبلاد"[1]. فتوى لم تمثل في سياق العلاقة بين المؤسسة الدينية وآل سعود، سوى حلقة أخرى من مسلسل الانحياز التقليدي تجاه القرار السياسي.
لا جديد تحت الشمس حتى الآن، إلا أن صوتا جديدا بدأ بالظهور، ليمثل في الحالة العامة شذوذا عن المألوف، صوت تبناه دعاةٌ شباب، جاهروا بمعارضتهم الشرسة تجاه الفتوى المعلنة، ليذيع صيتهم آنذاك. دعاةُ كان على رأسهم سفر الحوالي وسلمان العودة وناصر العمر وآخرون، وهم من عُرفوا لاحقا بشيوخ الصحوة، الذين تميزوا بنيلهم لقسط من التكوين الثقافي في العلوم المختلفة بجانب العلم الشرعي.
كان سفر الحوالي، الشاب ذائع الصيت في ذلك الوقت، أول من عارض الحكومة عَلنا في قرار استجلاب القوات الأميركية للخليج، واعتبر هذا القرار احتلالا خفيا للخليج. ففي محاضرة سماها "فستذكرون ما أقول لكم" صرّح الحوالي أن هذا القرار لن يأتي بخير للبلاد ولا الإسلام والمسلمين. محاضرةُ يمكن القول إنها مثلت الحدث الذي انكسر معه حاجز الصمت، محوّلة بذلك نقد الحكومة السعودية من السِرّ إلى العلن، ولتؤسس تلك المعارضة العلنية من سفر الحوالي جدار الوعي الذي بدأ تشييده في الخليج في ذلك الوقت كما وصفه محمد المختار الشنقيطي. ومنذ تلك المحاضرة، استعرت الحرب الكلامية بين شباب الصحوة من جهة وبين الدولة ومن استعانت بهم من المشايخ التقليديين والليبراليين من جهة أخرى.
معركة آلت في نهايتها، إلى اعتقال شيوخ الصحوة هؤلاء، إذ لم تستطع الحكومة احتواءهم، ولم تُجدِ الضغوط التي مُورست ضدهم نفعا هي الأخرى. اعتقالات جاء على رأسها سَفر الحوالي نفسه، ثم نجحت السلطات حينها باعتقال سلمان العودة، بعد عدة محاولات باءت بالفشل لاعتقاله، إذ كان يحميه آلاف من أتباعه خوفا عليه من الاعتقال، وبعدها بخمسة أعوام، أُفرِج عن هؤلاء المشايخ، وما لبثوا أن بدأت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول وغزو أميركا للعراق. هنا، برز الحوالي مرة أخرى في مناهضته لاحتلال العراق من قِبل الأميركيين عام 2003 ليكتب على إثرها عددا من الرسائل التي تدعو للجهاد في سبيل الله[2]. لكن الحوالي كان على موعد للانزواء عن الأحداث في 2005، حين أُصيب بجلطة دماغية ألزمته الفراش، لينعكس ذلك في خفوت مشاركاته تجاه ما يدور من أحداث، وزاد الأمر عليه حين مُنع من المحاضرات والكتابة والنشر وأُغلق المعهد العلمي الذي كان يلتقي بتلاميذه فيه، حتى ظن الكثيرون أن صفحة الحوالي قد طُويت للأبد[أ].
بعد ثمانية عشر عاما، وفي يوليو/تموز 2018، سيعود الحوالي إلى الصورة، فارضا نفسه على المشهد مجددا، لكن هذه المرة، لم تكن عبر خطب التسعينات الرنانة من فوق منابر المملكة، وإنما من سرير مرضه! حدث ذلك، حينما أصدر الحوالي نسخة إلكترونية من كتابه "المسلمون والحضارة الغربية"، وهو ما أثار لغطًا واسعا لنقده اللاذع للحكومة السعودية والعائلة الحاكمة، لهجة بدت فريدة، إلا أن فرادتها تمثلت باعتبار أنها لم تخرج من داخل المملكة منذ تأسيسها. صرح الحوالي في كتابه بأن الإسلام الذي يقدمه آل سعود هو إسلام أميركي، لا الإسلام الذي أنزله الله على محمد بن عبد الله. وأن الترف وسوء الإدارة في المملكة إنما هو لما سماه الحوالي "تحكيم الصبيان".
|
انتقادات الحوالي، لم تقتصر على البعد المحلي، حيث كان لحلفاء المملكة نصيب من النقد أيضا، حين انتقد تبعية المملكة السعودية للإمارات وبن زايد، والتي وصف سياستها بالمتواطئة مع إسرائيل. أما فيما يرتبط بالخصومة مع إيران، فقد ندد الحوالي بالازدواجية السعودية التي ترفع لائحة العداوة الإيرانية فوق العداوة مع إسرائيل، تلك التي باتت صديقة منذ استقبل بن سلمان ترامب في المملكة لإتمام ما يسمى بصفقة القرن. مصر كذلك لم تكن مستثناة، إذ انتقد الحوالي الموقف السعودي من الانقلاب المصري، ودعم السيسي بمليارات لإتمام الانقلاب. أَلحق الحوالي بكتابه ثلاث نصائح، ثالثهما لآل سعود بعد نصيحتين إحداهما للدعاة، والأخرى للعلماء.
أثار هذا المشهد الجريء ثائرة النظام السعودي، الذي اعتبر عرشه مهددا في صلب شرعيته الدينية، حيث مثل نقد الحوالي في مضمونه، بحسب المحامي والمعارض السعودي سلطان العبدلي باعتباره أقوى نقد صدر من داخل المملكة. ليجد النظام نفسه في ورطة آمرا باعتقال سفر الحوالي على الفور، وذلك رغم حالته الصحية المتدهورة، فقد نُقل الحوالي بسرير مرضه إلى السجن. هذا المشهد، أعاد إلى الذاكرة اعتقالات التسعينيات، حين كان الحوالي أحد مساجين الرأي الشباب مع سلمان العودة وعوض القرني وآخرين. مشهد، تكرر بشخوصه، حينما لحق الحوالي عن عمر يناهز 68 عامًا بالسجن، منضما لنفس رفاق الماضي، سلمان العودة وعوض القرني ومحمد موسى الشريف وعلي بادحدح وغيرهم من سجناء الرأي السعوديين. اعتقال الحوالي أبرز شجاعته التي يتحلى بها، والتي رافقته منذ شبابه، وهو الذي قارب السبعين من عمره، شجاعة وصفها الباحثون باعتبارها "نصيحة شيخ مُودع للحياة"[3].
صوت الحوالي المعارض، وامتداداته التاريخية التي بدأت مع تشكل جيل الصحوة، تستدعي قبل الوصول لانعكاساتها الحالية، فهما أعمق للسياق التاريخي الذي نبعت منه، والذي شكلت خلال تفاعلاتها مع الأحداث، مسارا ناشزا عن تلك المسارات التي حددتها السلطة تجاه رجال الدين في المملكة.
"بحكم مسؤوليتي أقول إن الإخوان لما اشتدت عليهم الأمور، وعُلقت لهم المشانق، لجؤوا إلى المملكة فتحملتهم وصانتهم، لكنهم لم ينسوا ارتباطاتهم السابقة، فأخذوا يجندون الناس، وينشؤون التيارات، وأصبحوا ضد المملكة"
(نايف بن عبد العزيز – وزير الداخلية السعودي)
يُرجع عدد من الباحثين نشوء تيار الصحوة في السعودية إلى عدد من الشخصيات التي تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، والذين فروا في ستينيات القرن الماضي من بطش الحكومات في مصر وسوريا والعراق، لتمثل المملكة السعودية طوق النجاة لهذه الشخصيات. دعمت المملكة هؤلاء المضطهدين دعما غير مشروط، وأوكلت إليهم مهمة إعادة هيكلة المناهج التعليمية.
ومن بوابة التعليم، التحقت تلك النُخب الإخوانية بجسد الدولة السعودية وصولا إلى صياغة التعليم الجامعي، وهو ما وصفه الباحث الفرنسي ستيفان لاكورا بقوله "الوضع في الجامعة بات شبيها بأوضاع المؤسسات التعليمية الأخرى، إذ زاد عدد الإخوان في هيئة التدريس في أقسام العلوم وفي كليّة التربية التي أصبحت حصنهم الحصين"[4].
مع مرور الوقت، تنامى وجود أعضاء الجماعة في الجامعات، وكان على رأسهم شخصيات بارزة مثل منّاع القطان، والذي اعتُبر الممثل الأول للإخوان في المملكة، والمصري محمد الراوي، والشيخ السوري عبد الفتاح أبو غدة الذي أصبح مراقبا للإخوان في سوريا، وعلي الطنطاوي، وحَبنكة الميداني، ومحمد المبارك، وسيد سابق صاحب كتاب فقه السنة، والذي يعد مرجعا فقهيا هاما للإخوان.
في وقت لاحق، انضم محمد الغزالي، الشيخ المصري ذو الشعبية الجارفة، وعبد الله عزام، والذي برز دوره فيما بعد ضمن حركة الجهاد الأفغاني مع الشاب أسامة بن لادن. لتشكل تلك الحالة الإخوانية في بُعدا جديدا في مناهج الجامعة، والتي ظلت قبل وصول هؤلاء الشباب ذوي الميول الحركية تعتمد على الكتب الوهابية التقليدية.
"الأمة الإسلامية تمر اليوم بظروف خاصة، ربما لم تمر بها من قبل، فقد هبطت معرفتها بالإسلام إلى أدنى حد وصلت إليه فى تاريخها كله، وأما ممارستها للإسلام فهي أدنى من ذلك بكثير!"
(محمد قطب)
ثلاثة أسماء هي تلك التي برز تأثيرها في أوساط الشباب الصحوي من ضمن الوافدين للمملكة، وقد شكلت هذه الأسماء الثلاثة حجر الزاوية في البُعد الحركي الجديد، وهم: عبد الرحمن الدوسري، ومحمد أحمد الراشد، ومحمد قطب[5].
عبد الرحمن الدوسري شيخ سعودي، مال إلى دعم الإخوان، وقد أهّلته مكانته الدينية والقبلية لذلك، فاستطاع أن يفتح أبوابا جديدة للفكر الإخواني في المملكة. أدوار جعلت من الدوسري بمثابة الأب الحركي لشباب الصحوة، للحد الذي دفع البعض لإطلاق لقب "رائد الصحوة" عليه.
أما محمد أحمد الراشد[ب] فقد وُكل إليه البُعد التربوي والإيماني، وأصدر ثلاثيته ( المنطلق والعوائق والرقائق ) التي اُعتبرت بمثابة المرجع التزكوي لتلك الفترة. مؤلفات شكلت في تأثيراتها طرائق العمل ومنطلقاته لدى شباب الصحوة، وأضفت إليهم بُعدًا تزكويّا.
ثالثهم، هو محمد قطب، الشقيق الأصغر لسيد قطب، فقد عُيّن أستاذا في كلية الشريعة عقب إطلاق سراحه من السجن عام 1971. وهو ما سيجعل قطب مع الوقت صاحب التأصيل الفكري الأهم لجيل الصحوة السعودي. فقد استطاع قطب عبر أفكاره، أن يتداخل فكريا مع الطلاب السعوديين وتوجيههم لنقد الحضارة الغربية، وقام بدور بارز لتوجيه هؤلاء الشباب الجُدد والعمل على تنمية الوعي لديهم، مما جعل بعض تلاميذه يسمونه "شيخ الصحوة"[6].
بمرور الوقت، كثُر تلاميذ قطب وزاد عددهم، بيد أن اسم الطالب سفر الحوالي ومحمد بن سعيد القحطاني كانا هما الأشهر من بينهم. هذا الأخير، هو الذي ألف رسالة للدكتوراه أشرف عليها قطب نفسه بعنوان (الولاء والبراء)، لتصبح بعدها مرجعا في مجالها بأرجاء المملكة لفترة طويلة. أما الحوالي، فقد كان تلميذا لقطب في الجامعة وأنتج أبحاثه الأكاديمية تحت إشرافه، حيث كتب الحوالي رسالته للدكتوراه والماجستير بتوجيه مباشر من أستاذه.
أشرف قطب على رسالتيّ الحوالي للماجستير والدكتوراه. وقد كانتا في موضوعين اهتم بهما محمد قطب ذاته في كتاباته، إذ إن إحداهما تتبع ظاهرة الإرجاء الدعوي الحديث[ج] والأخرى عن العلمانية، نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة. وحين خرجت رسالة العلمانية للضوء، اعتبرتها الحالة السعودية آنذاك نقلة نوعية بارزة في الإنتاج العلمي السعودي، وهو ما اتضح حين وصف الشيخ السعودي المرموق بكر أبو زيد أنه لم يفهم موضوع العلمانية حتى قرأ هذه الرسالة[7]. لم ينس الحوالي أن ينسب فضل هذه الرسالة إلى أستاذه وما تعلمه منه فكتب في مقدمتها " وكان من توفيق الله أن عهد بتدريس مادة المذاهب الفكرية المعاصرة إلى علم من أعلام الفكر الإسلامي المعاصر، وهو الأستاذ محمد قطب، وكان توفيق الله أن يختار رسالته الأولى لنيل الماجستير على يد الأستاذ"[8].
خلال هذه المسيرة، التي استندت على الوهابية والإخوانية، نشأ جيل جديد مزج العقيدة الوهابية بالبُعد الحركي الإخواني، وامتد ليستقي أفكارا إخوانية، كتلك التي قادها سيد قطب ومحمد قطب والمودودي كما استقى في ذات الوقت إلى ابن عبد الوهاب وابن باز والعثيمين. بهذين البعدين، تشكل الجيل، وهم من أُطلق عليهم فيما بعد، جيل الصحوة[د].
"كم أنا مدين لأقلام طريرة كحد السيف؛ علمتني كيف أمضي في طريقي مبتسما هادئا"
(سلمان العودة)
يرصد ستيفان لاكورا في كتابه الهام "زمن الصحوة" نشوء جيل الصحوة السعودي وتطوراته، حيث ذهب لاكورا إلى اعتبار تيار الصحوة مؤهلا لمنافسة العلماء التقليديين في التسعينات. لكن العلاقة بين الشيوخ الصحويين والمشايخ التقليديين كثيرا ما كُللت بالتبجيل والحفاوة من الشباب الصحويين، وهو ما انعكس باعتبار تيار الصحوة بمثابة الأبناء لأولئك المشائخ. بيد أن هؤلاء الشباب "سيصبحون شيئا فشيئا ثائرين على مجتمعهم، بمحض إرادتهم أحيانا لأنهم لا يثقون بالعالم من حولهم، ورغما عنهم أحيانا لأن مظهرهم وسلوكهم يؤديان إلى تهميشهم". وهو ما اضطر الحكومة السعودية، عقب وفاة المفتي محمد بن إبراهيم آل الشيخ، لأن تلغي منصب المفتي العام للمملكة وتستبدله بكيانات مؤسسية ستصبح مع الوقت محتكرة الخطابات والحديث في الفضاء العام، وهو ما جعل المملكة تضمن السيطرة على الفضاء الديني ضد أي اختراق من هؤلاء الشباب الصاعد. سيطرة أحكمت قبضتها مع استحداث الهيئات الدينية الرسمية في المملكة، مثل هيئة كبار العلماء، والذين يُعيّنون بمرسوم ملكي، واللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء، والرئاسة العامة للدعوة والإرشاد.
عملت تلك الهيئات واللجان الجديدة نحو إضفاء قُدسية مطلقة على المجال الديني. بيد أن هذه القدسية، وما يراد أن يروج لها من هيبة، لم تثر أي إشكالات لدى تيار الصحوة، إذ كان النسيج الديني متجانسا بين الشيوخ التقليديين وشيوخ الصحوة الجدُد والذين ارتكزوا في سلوكهم على توقير مشائخهم التقليديين، لاسيما الشيخ عبد العزيز بن باز ومحمد صالح العثيمين. ولم يتوقف الأمر على هذا التقدير بين الشيوخ الصحويين والمؤسسات الدينية للدولة، حيث استخدمت الدولة أولئك الشباب الصحوي لصالحها في حربها مع خصومها من الليبراليين، فاتحةً لهم أبواب المجال العام والمحاضرات على مصراعيها بهدف التنديد بالليبراليين. قبل أن تتبدل الأحول، لتتحالف الدولة مع أعداء الأمس، الليبراليين، في مواجهة من كانوا يوما جنودها، إبان أزمة الخليج[9].
زادت مكانة هؤلاء الشباب الصحوي في المملكة، وبالتزامن مع ظاهرة الشريط المُسجل، اكتسب خطاب الدعاة الصحويين قبولا مضاعفًا في الشارع السعودي، إذ كان هؤلاء الشباب هم أول من استخدمه. وسيلة لعبت دور رأس الحربة في توغل الصحويين لمساحات جديدة، لينعكس ذلك باتساع رقعة تأثيرهم بين عموم الناس، لا في أوساط النخب الدينية فقط. انتشرت بذلك دروس الصحويين الدينية، لاسيما بعد سيل الاتهامات الذي قاده التيار المدخلي تجاه التيار الصاعد، باعتباره فاقدا للعلم الشرعي ومفتقرا لأساساته. نقد وجّه الصحويين للانتقال من الوعظ في المساجد، تجاه تدريس العلم الشرعي ممزوجا بمنهج حركي قد اكتسبوه من كتب التيار الإخواني العام. تجسد ذلك في بداياته بإلقاء الشيخ سلمان العودة سلسلة صوتية من 146 درسا في شرح كتاب "بلوغ المرام" لابن حجر العسقلاني، وهو كتاب في الفقه، ونظم العودة كذلك مسابقات لحفظ السُنة في بلدته بُريدة.
أما سفر الحوالي، فقد تناول في دروسه العقيدة الإسلامية وشرح متن "الطحاوية" والذي جاء بطريقة جديدة نسبيا عن الشروحات السلفية التقليدية، ليُظهر الحوالي والعودة بذلك قدرتهما على التدريس الديني كما يفعل العلماء التقليديون. في ذات التوقيت، حرص الشباب الصحوي على إبقاء العلاقة قوية بابن باز وابن عثيمين كما أشرنا سابقا، وحصلوا على تزكية صوتية من ابن باز، أثنى فيها على سلمان العودة ورفاقه.
|
"أكبر المآخذ علي -وإن لم يحققوا معي فيه أبدا- هو استنكاري لقدوم القوات الأجنبية للسعودية، وهو موقف قلته ولا أزال عليه، وقد أثبتت الأحداث صحته"
(سفر الحوالي)
بالعودة لمركزية حرب الخليج واستعانة المملكة بالقوات الأميركية، والتي أوردناها في بداية التقرير كحدث بارز أدى لظهور جيل الصحوة في سياق ديني سعودي مُجمع على قرار السلطة السياسية حينها، بدأ صوت التيار المعارض بالظهور، والذي أطلقه الحوالي بقوله في محاضرته[10]: "الله سيسألنا عن العلم الذي لم ننشره، وعن الدليل الذي لم نبلغه، وعن الحق الذي لم نصرح به، ولم نقل إلا بعضه، وربما لم نقل شيئا منه".
بعد أيام من محاضرة الحوالي، وبالتحديد في 28 أغسطس/آب، قام الرمز الصحوي الآخر سلمان العودة بإلقاء محاضرة حول أسباب سقوط الدول[11]، استقى العودة محاضرته من مقدمة ابن خلدون وذكر اثني عشر سببا لسقوط الدول، منها الفساد الأخلاقي والاقتصادي لأجهزتها، وظلم الحكام، وغياب الشورى في اتخاذ القرار. وهو ما بدا معارضة جليّة للدولة السعودية، خصوصا بعد تحذير العودة من أن وظيفة الدولة في الإسلام تتمثل في حماية الدين وحفظ البلاد من الكافرين، وإن سلّمت إحدى الدول زمام أمرها للكافرين فسوف ينفض عنها الناس.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد من المعارضة، فبعد ذلك بأيام أصدر سفر الحوالي رسالة أخرى يخاطب فيها العلماء بعنوان "كشف الغمة عن علماء الأمة" بيّن فيها الأهداف الأميركية في الخليج ومساعيهم للاستحواذ على النفط، حينها، نقد الحوالي تناقض العلماء في التماهي مع السلطة السياسية، ووصف هؤلاء العلماء بأنهم على الرغم من علمهم بالشرع فإن علم الواقع ينقصهم، وبحسب لاكورا "فلم يزهد الحوالي في بيان التناقضات الكامنة في موقف كبار العلماء قائلا: ألم يكن ابن باز هو نفسه في ذروة الحرب العربية الباردة ينفي أي مشروعية دينية لِما قام به جمال عبد الناصر من استدعاء الخبراء الروس، فلمَ تغير الحال مع الأميركان في السعودية؟!"[12].
|
"السعودية لم تكن كذلك قبل 79.. السعودية انتشر فيها مشروع الصحوة بعد عام 79، فنحن لم نكن بالشكل هذا، وسنعود لما كنا عليه بالإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم!"
(ولي العهد السعودي محمد بن سلمان)
مع توسع رقعة تأثير تيار الصحوة، فقد سعت الحكومة في بداية المطاف احتواء هؤلاء الشباب، حيث تم استدعاء الحوالي لمقابلة الأمير أحمد، نائب وزير الداخلية، والذي دعاه للكف عن الحديث في السياسة[13]، وهو الأمر الذي تكرر مع آخرين مثل سلمان العودة وعبد الوهاب الطريري وغيرهم. بيد أن مساعي السلطة لم تُفلح، لتمنع إثر ذلك شرائط دعاة الصحوة ذات المحتوى التحريضي، ولتمنع كل من سلمان العودة وسفر الحوالي وأحمد التويجري من السفر في ديسمبر/كانون الأول 1991م. بيد أن تأثير مشايخ الصحوة كان أكبر من قرارات الحكومة، فلم ينفض عنهم الأتباع، ولم تُؤتِ تلك الضغوط ثمارها، ليضطر النظام السعودي في نهاية المطاف إلى اعتقال الدعاة وأتباعهم!
|
(سفر الحوالي)
بنهاية أزمة حرب الخليج تم الإفراج عن مشايخ الصحوة المعتقلين. خرج سفر الحوالي والعودة ورفاقهم من السجن قُبيل الألفية الثانية ليجدوا الغزو الأميركي للعراق في 2003 متصدرا للمشهد الإقليمي والدولي. انبرى سفر لبيان سوءات الولايات المتحدة الأميركية وحروبها غير العادلة ودعا للجهاد في سبيل الله بالعراق، وكتب رسالة بعنوان "خطاب مفتوح إلى بوش".
وبعد غيابه بسبب المرض كما أشرنا في بداية التقرير، فقد عاد للساحة عبر كتابه "المسلمون والحضارة الغربية" ضَمّن فيه أفكاره وأطروحاته في العلاقة بين الإسلام والغرب، وقد سار فيه على نهجه القديم من النظرة للغرب على أنه منبع الشرور، بيد أن أهمية الكتاب بدت في موقف الحوالي من سلطة آل سعود، حين انتقد الحوالي سياسة السعودية والعائلة الحاكمة علنا في ملحق سماه "رسالة إلى آل سعود" بعد ملحق بكتابه خصصه إلى الدعاة والعلماء يحثهم فيه على بيان الحق. سارت كلمات الحوالي على خط نقد تحولات المملكة الأخيرة، والتي بدأت منذ صعود بن سلمان للسلطة، واتسمت لهجته بالشدة، معتبرا الهجوم على الصحوة "ليس علمانية فقط، وإنما هو انتقال من العلمانية اللادينية إلى العلمانية المحاربة للدين".
|
"أحفاد كلا الرجلين الشيخ محمد بن عبدالوهاب والأمير محمد بن سعود رحمهما الله ليسوا مثلهما، فبعض آل الشيخ ينشر إلحاده علنا، وآل سعود فيهم الصالح والطالح"
(سفر الحوالي)
بدأ الحوالي رسالته إلى آل سعود بالتأكيد على كونه ليس معارضا سياسيا، وأنه لا يُريد المُلك، وإنما تتوقف رغبته عند حد نصرة الإسلام والنُصح لشعبه. وأكد الحوالي بأنه لن يترك بلده مهما كلفه ذلك من ثمن، ثم وجه الحوالي نقده لآل سعود حاثًا إياهم على إقامة العدل وأن التدين الشعائري للحكام ليس بكافٍ وحده "فلا بد من تطبيق ما ورد بشأن الإمامة الشرعية من نصوص على كل حاكم. وكون الإمام يصلي أو يصوم أو يحج، هذا شأنه وبينه وبين ربه ولن أتعرض له، وإنما يهم الناس أمران هما العدل والأمن" [14]. وواصل الحوالي بأن استحقاق آل سعود لشَرعيتهم الدينية قائم على تحكيم الإسلام، "والناس إنما يصبرون ويستعذبون كل بلاء لأجل الدين والعقيدة فقط" فإن تركوا الحكم بالإسلام انفضت عنهم الشعوب ولو بعد حين قائلًأ "واعلموا أن للصبر حدودا وأن الصابر مهيأ للانفجار، فكم من صابر ساخط".
بذلك، رأى الحوالي السعودية في عهدها الجديد على مفترق طرق، "إما طريق الإسلام، وإما أن تنضم لركب العلمانية وأميركا وإسرائيل والإمارات وفسطاط النفاق". وبين في كتابه أن علاقة آل سعود بالعلماء برغماتية قائمة على المنفعة، لا طلبا باتباع الشرع المحض، إذ لا يأخذ الأمراء إلا ما وافق هواهم: " لما أردتم عزل الملك سعود استعنتم بالعلماء، ولما جاءت القوات الأميركية استعنتم بالعلماء، ولما أردتم سجن من يُخالفكم استعنتم بالعلماء. بيد أنكم لا تسمعون للعلماء دوما، فالعلماء جميعا يفتون -مثلا- بأن الربا حرام!".
"كما أنني أتمسك بعداوة أميركا وإسرائيل ما حييت، وأشهد الله على بغض كل من كفر برسول الله وحاد الله ورسوله، وإنما أنصحكم يا آل سعود قياما بالواجب وإبراء للذمة"
(سفر الحوالي)
لم يترك الحوالي قضية من قضايا الشرق الأوسط تدخلت فيها السعودية إلا وأبدى رأيه فيها. بداية من الموقف تجاه مصر إلى حرب اليمن مرورا بالتحالف مع الإمارات، ثم الموقف المتذبذب في سوريا والعراق للعداوة من إيران والصداقة الوليدة مع إسرائيل، وحتى الحصار الأخير على قطر، وهو ما يجعل الكتاب بيانا سياسيا أكثر منه كتابا فكريا هادئا.
انتقد الحوالي بذلك سياسة المملكة في المنطقة، ووجه النقد لابن سلمان وموقفه من صفقة القرن. ووصف الحوالي موقف المملكة بالمضطرب فيما يخص ثورات الربيع العربي في اليمن ومصر وسوريا، ووجه الكلام لآل سعود قائلًا: "المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فكيف تلدغون أنتم مرات؟ وكيف تستبدلون المخلوع في اليمن بابنه الذي جعله أبوه رئيسا للحرس الجمهوري؟"، أما فيما يخص اليمن قال الحوالي: أنصحكم لا تتورطوا في اليمن ثانية، فمن يحكم اليمن إنما هو كمن يرقص على رؤوس الثعابين!
زيارة ترامب كذلك لم تغب عن سهام النقد التي وجهها الحوالي لسياسات المملكة حين قال: "فقد كان أهم شيء عند ترمب لما زار الرياض بعد الاعتراف بإسرائيل، المليارات التي يفرح بها الأميركان، وسيحصلون بها على آلاف الوظائف بل ملايين، ليبقى المتخرجون من حاملي الشهادات العليا في السعودية! والذين يقدرون بالآلاف بلا وظائف، ولتتعطل كل المشروعات التنموية هنا ما دامت مشروعات أميركا غير معطلة، ولا يهم أن تفلس الشركات في بلاد الحرمين ما دامت شركات أميركا غير مفلسة!". واعتبر الحوالي أن هذه الإجراءات لا تصب بحال في مصالح المسلمين، فـ"لو أن المليارات الفلكية التي أُعطيت لترمب وشركاته -غير ما أعطي من الهدايا- أُنفقت لقضايا المسلمين وفكاك أسراهم، لكان خيرا حتى في السياسة الدنيوية"[15].
سهم آخر كذلك وجهه الحوالي للتحالف السعودي الإماراتي، إذ رأى الصواب في أن تتجه المملكة للاستقلال عن حليفتها الإمارات. فالإمارات -بحسب وصف الحوالي- يقربون كل أهل البدع. وقد اعتبر الحوالي أن الإمارات هي الحليف الأكبر لإسرائيل، وأن هذا التحالف بين السعودية والإمارات لاسيما فيما يخص صفقة القرن سيقود إلى جور السعودية على حق الشعب الفلسطيني المُسلم في أرضه وهو ما سيصب في صالح إسرائيل.
تابع الحوالي نقده لموقف السعودية من إيران، والتي رفعت رتبة العداء لأعلاه وزاد حجمه عن العداء مع العدو الصهيوني، والذي بات صديقا للمملكة. وانتقد الحوالي عدم استفادة المملكة من العداء بين إيران وإسرائيل إذ إن هذا العداء ينبغي – بحسب الحوالي – استثماره لصالح الشعب الفلسطيني "نرحب بمن يعرف حق إخواننا الفلسطينيين، ويقف مع المظلوم على الظالم من أحرار العالم، ولو كانوا يهودا أو نصارى أو ملاحدة. فإن كانت إيران صادقة فالواجب الشرعي أن نكون معها، وإن كانت كاذبة فلنكن نحن صادقين في عداوة اليهود، ولنَفِد من قوتهم الإعلامية والعسكرية والسياسية في عداوتنا مع اليهود. فماذا لو أن حربا اشتعلت بين إيران من جهة وأميركا وإسرائيل من جهة، فمع من سيقف أكثر المسلمين، ومن الذي سوف تزداد شعبيته، أهي إيران أم السعودية؟".
أما عن مصر والموقف من السيسي، فقد وصف الحوالي تصرفات المملكة بأنها مخالفة لشرع الله، إذ إن السيسي لا يخطو خطوة إلا لمراعاة مصالح أميركا وإسرائيل، متسائلا: "هل من شرع الله إعطاء السيسي مليارات كثيرة من الرُز ليحارب الدين، ويساعد إيران وبشار وحفتر؟ ويستعين على إحكام حصار غزة؟".
"وكيف لا يرد الإعلام السعودي على من يزعم أننا تكفيريون إرهابيون نستحل دم المخالف بدلا من إشغالنا بأحداث مضى عليها عقود"
(سفر الحوالي)
امتد نقد الحوالي إلى ملف المعتقلين بدعوى الإرهاب والذي وصفه الحوالي بأنه دعوى لا حقيقة خلفها قائلا: "تعرض المعتقلون للتعذيب بآلات رأيت بعضها بعيني، وبعضهم كشف آثار التعذيب في جسمه للقاضي، لكن فضيلته قال له: "أجل تبغى يعطونك حلاوة""، وواصل الحوالي انتقاده بأن الحكومة تمارس "تكميم الأفواه ومنع الكلمة الصادقة والنقد البناء، وهذا يُعلم الشعب النفاق"، كما انتقد الحوالي سياسة الحكومة وموقفها من الجهاد والمجاهدين بكل أشكاله، فإنه "لا يُسمي الجهاد إرهابا غير اليهود وأميركا وبشار والسيسي ومنافقي الخليج وعموم الرافضة، فقد أصبحت ذريعة أميركا هي مكافحة الإرهاب، فالإرهاب عند أميركا هو الجهاد نفسه، والإرهابيون هم حماس والجهاد والإخوان المسلمون"[16].
سعى الحوالي وفقا لما سبق، لإعادة تعريف الإرهاب، واضعا أميركا كممثل أول للإرهاب، عادّا المملكة داعما رئيسيا لها في إرهاب الشعوب، قائلا: "أنا أنصح آل سعود ألا يدعموا الإرهاب، لا أعني بالصورة المباشرة، ولكن بدعم "ترامب" وإدارته، ودعم من يمارسون الإرهاب مع شعوبنا ويستعينون بطائرات اليهود لضربنا، أو يغلقون قطاع غزة، ويتهمون المظلومين في فلسطين بالإرهاب. فأكبر الإرهابيين في التاريخ العالمي هي أمريكا، التي قامت على إبادة الهنود الحمر، ورفضت التوقيع على اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية محكمة الجنايات، واتفاقيات البيئة، والتي لما هددها صدام حسين بقطع النفط عنها، رد معالي وزير النفط السعودي حينها بأن السعودية سوف تعوض أي نقص في البترول، وتدفقت عليها المليارات، وقد ظهر موقف "ترمب" حين اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ووضع صفقة القرن. فمن الذي يدعم الإرهاب ويؤجج ناره الآن؟".
"ولما سقطت الرافعة في المسجد الحرام على بعض المصلين، قال بعض محترفي التطبيل إنها سجدت!"
(سفر الحوالي)
تعدى خطاب الحوالي حكومة المملكة وحلفائها ليشمل العلماء، والذي بين أنه من واجبهم أن يُبيّنوا شرع الله والدين وألا يخونوا شعوبهم وأمانة الكلمة، متسائلا: "هل من شرع الله سجن الدعاة إليه وإبقاؤهم هذه المدد الطويلة جدا، في الوقت الذي يُترك فيه اللصوص والمجرمون والزُناة وشاربو الخمور ومتعاطو المخدرات؟!".
انتقد الحوالي كذلك موقف العلماء السلبي من عمليات العلمنة التي يقودها ابن سلمان قائلا: "هل من شرع الله هذا التحول المستمر إلى العلمنة؟ وهل من شرع الله هذا التبرج والسفور وكشف الشعر في الفضائيات؟ هل من شرع الله أن تُعطى المليارات لأعداء الله، ويبقى كثير من الشباب هنا بلا وظيفة أو مسكن؟ وتنتشر البطالة". فمسؤولية العلماء سياسية كما هي دينية، وواجب العلماء أن يتبرؤوا من إسرائيل وأميركا باعتبارهما عدوي المسلمين الآن، وواجب العلماء أن ينشروا هذه المفاهيم بين الناس، فخاطبهم قائلا: "فهل من شرع الله التخلي عن المسجد الأقصى المبارك، ليدنسه اليهود ويحفروا تحته الأنفاق كما يشاؤون؟ وهل من شرع الله الوقوف مع عباس أو دحلان وزمرتهم ممن لا يرون جهاد اليهود؟"[17].
بهذه الكلمات، والتي سطرها الحوالي من سرير مرضه لحكومة آل سعود وتحالفاتها في المنطقة، أعاد الحوالي ذكريات شاب الصحوة الثائر، بيد أنه أعادها هذه المرة شيخا، بلغ من العمر ثمانية وستين عاما، ليعاد اعتقاله في مشهد سلطوي أعاد استدعاء عصاه تجاه تلك الأصوات التي تخرج عن مسار السلطة التي سعت جاهدة على امتداد تاريخها نحو تدجين العلماء والعامة على مسلك السلطان. كلمات الحوالي تلك، مثلت لكثيرين مضربا للشجاعة وموقفا عمليا للجهر بما يؤمن به الفرد، من شيخ كبير مريض أراد أن يبرأ بكلمات للتاريخ قبل انقضاء أجله، ولم يأل على شيء بعدها وإن اُعتقل أو اُتهم بالإرهاب، ليُذكر العلماء ومن ينهل منهم بحديث: "أَلا لا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ، فَإِنَّهُ لا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ وَلا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ، أَنْ يُقَالَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكَّرَ بِعَظِيمٍ".
__________________________________
الهوامش:
[أ] بحسب أحد الشباب الصحويين فإن أتباع الحوالي كانوا يظنون دوره قد تولى للأبد، حتى خرج كتابه الأخير "المسلمون والحضارة الغربية" فأعاد لهم الأمل.
[ب] اسمه الحقيقي "عبد الملك العزي"، واسمه الحركي "محمد أحمد الراشد"، وهو من أعلام الإخوان في العراق.
[ج] الإرجاء هو أحد المواضيع التي اهتم بها محمد قطب ذاته، وجعل مشكلة العالم الإسلامي في السماح لتمدد فكر الإرجاء إليه.
للمزيد: الأستاذ محمد قطب – خطوره الفكر الارجائي على الأمه الاسلاميه
[د] عُرف أحيانا باسم السروريين نسبة إلى محمد بن سرور نايف زين العابدين.