شعار قسم ميدان

أسرار اللاوعي.. المهارات التالية تساعدك للتحكم بأفكارك وتوجيهها

ميدان - وعي
اضغط للاستماع

كيف تشعر حيال عقلك الباطن؟ هل تراه شيئا شبيها بالصندوق الأسود المليء بالمخاوف والرغبات التي تعمل على تقويضك؟ إذا كنت تراه كذلك، فأنت لست وحدك؛ إذ لا تزال مثل هذه التصوّرات تسيطر على المخيلة الشعبيّة، حتى بعد قرن على بدء تلك التصوّرات على يد سيجموند فرويد. لكنّ علم الأعصاب وعلم النفس لديهما نظرة مختلفة. بعيدا عن كونه ملحقا ضارا بجانب العقل الواعي، فإنّ العقل الباطن مسؤول عن كافّة الأشياء المهمّة؛ نظرا لكونه ذكيا وغالبا ما يدير المشهد.

  

لكنّ هذا لا يعني أننا ينبغي أن ندعه وشأنه. "الأغلبية الساحقة من الأفكار الدائرة في أدمغتنا تجري بعيدا عن رادار العقل الواعي"، كما يقول عالِم الأعصاب مايكل شادلِن، من جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك. تلك نسبة أكبر من أن نفوّتها. إذا ما تجاهلنا قليلا التحليل النفسيّ الفرويديّ، الذي يحفر في أعماق الأفكار السوداويّة، فماذا عن الاستفادة من العقل الباطن واستخدامه لصالحك؟ ربما كانت تلك أول أيام علم الأعصاب، لكن فهمنا المتنامي بالفعل عن العقل البشريّ يعني أنه يمكننا أن نبدأ في اختراق قوانا الباطنة التي تشمل الإلهام، تخفيف الألم، التحكم العاطفيّ، الذاكرة، وغيرها الكثير. هنا سنتناول كيفيّة فعل هذا.

  

عالم الأعصاب مايكل شادلن (مواقع التواصل الاجتماعي)
عالم الأعصاب مايكل شادلن (مواقع التواصل الاجتماعي)

 

كن مُلهَمًا

كلنا نألف تلك اللحظات التي ندرك فيها أمرا كان غائبا لوهلة، وفجأة نصيح "أها!" حين يطرأ ببالنا حلّ مشكلة ما فجأة في العقل الواعي، كما لو كان قد أتى من اللامكان. أليس من الرائع لو كانت تلك اللحظات من الإلهام الإبداعيّ تأتي بشكل أسهل وبتكرار أكثر؟ لقد اتّضح أنّ هناك طرقا يمكنك توظيفها لمساعدة عقلك الباطن على القيام بعمله.

 

في العام الماضي أظهر بحث أجراه شالدِن أن "لحظات أها" تلك تحدث حينما تتراكم كميّة كافية من المعلومات ذات الصلة في العقل الباطن بما يسمح بقدح زناد العقل الواعي لاتخاذ قرار ما. النقطة التي نصل عندها إلى هذه العَتَبة الحرجة تختلف اعتمادا على المهمة محلّ التناول. رغم هذا، يبدو أنّ البعض أفضل من غيرهم في الوصول إلى تلك النقطة. ما سرّ هذا؟ هناك عاملان يتنافسان في هذا السرّ.

  

إذ تُشير بعض الدراسات بصورة متباينة إلى أنّ الإلهام الإبداعيّ ينبع من حالتين ذهنيّتَين مختلفتَين تماما: التركيز المكثّف وأحلام اليقظة. مأخوذا بالتناقض هنا، قرر جوناثان سكولير، من جامعة كاليفورنيا في سانتا باربارا، اختبارهما وجها لوجه. وقد وجد أنّ التفكير المركّز يقوّض الإلهامَ، إلا إذا كنت تقوم باستخدام مقاربة تحليليّة من أجل حلّ المعضلة محلّ التناول. على النقيض، فإنّ منح العقل حرية استكشاف مساحات جديدة، بعد استيعاب المعلومات اللازمة، ينمّي الإلهام الإبداعيّ.

 

لو أردتَ الحصول على المزيد من "لحظات أها"، فإنّه يجب عليك توفير بعض المواد ذات الصلة ليعمل عليها العقل الباطن. بعد هذا، وكما يوصي سكولير، يجب توفير بعض الوقت من أجل التفكير غير المكثّف؛ ويفضّل القيام بهذا عند الاندماج في نشاط لا يسبب عبئا على الطاقة الذهنية، كالمشي أو رعاية الحديقة أو الأعمال المنزليّة. كما يقول سكولير، "حاول أن تنزع نفسك من الأفكار العفويّة العاديّة، كأفكارك حول المشاغل الحاليّة، أو الخطط حول المهام القادمة، أو الأفكار التي تدور حول استعادة المشاهد المألوفة". يقول من يعيشون المزيد من لحظات الإلهام الإبداعيّ إنهم يتخيلون أمورا عجيبة حين يطلقون العنان لأذهانهم، لذا حاول أن تقلّدهم. "اشتبك مع أفكار غير عاديّة وخياليّة" حسبما يقول سكولير. ويضيف: "عليك متابعة الأفكار حتى النهاية، أو توسيع مجالها بطرح أسئلة ممتعة وخياليّة، كسؤال ’ماذا لو كانت س شيئا آخر؟‘ أو ’ماذا لو كانت ص نقيض ما هي عليه؟‘ وهكذا".

        

undefined

       

من الطرق الأخرى لقرع أبواب الإلهام للعقل الباطن أنْ تعدّل من حالتك العاطفيّة. هناك بعض الدلائل على أنّ الاستماع إلى خلفيّة موسيقيّة "إيجابيّة"، كمقطوعة "الربيع" للإيطاليّ فيفالدي، تساعد الناس على الحصول على المزيد من الأفكار الإبداعيّة. ويشير بعض الباحثين إلى أنّ هذا قد يكون لأنها تحفّز إطلاق مادة الدوبامين، والتي ترتبط بالتفكير الإبداعيّ. وقد وجدت كريستينا فونغ، من جامعة كارنيغي ميلون في بنسلفانيا، أنّ خوض تجربة شعورين في وقت واحد وهما غير مرتبطين في العادة -كالإحباط والإثارة- يشجّع على الإلهام الإبداعيّ كذلك. وكما تقول، فإنّ هذا قد يكون لأنّ تجربة مثل هذه تشير إلى أنّك في بيئة غير عاديّة، مما يجعلك يقظا لاحتماليّات علاقات غير عاديّة أخرى. إذا كان الأمر هكذا، فإنّ الحياة ستكون مُلهِمة أكثر إذا تبنّيتَ التغيير والتجديد.

  

هنالك أيضا ما يسمى "بالتدفق"، وهو مفهوم زلق، وهو نوع من الانغماس العميق يتميز بالتلقائية، فهو، على سبيل المثال، إحساس بأن الرواية التي تعمل على إنجازها تكتب نفسها. تشير الأبحاث إلى أن التدفق يأتي حين "يتوقف" التفكير الواعي. ستعطل المشتتات هذه العملية، ولن تؤدي، أيضا، إلى أحلام اليقظة. لذا، فبغض النظر عما إذا كنت تسعى للتدفق، أو تحاول أن تدفع عقلك للتأمل على أمل أن تحل مشكلة ما، تأكد أن تطفئ هاتفك ومنبهات بريدك وشبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بك.

ولكن للتحذير، فإن الفراسة الإبداعية لا تحمل حلا لكل مشكلاتك.

  

ربما تكون قد اطلعت على أبحاث تقول بأنه إذا ما اضطررت إلى اتخاذ قرار معقد ذي متغيرات عديدة، فمن الأفضل أن تتبع حدسك على أن تفكر أكثر من اللازم. كان هذا ما توصلت إليه أبحاث مبكرة في هذا المجال، لكن أبحاث لاحقة فشلت في تأكيد النتائج. بحثت عالمة النفس ماجدة عثمان من جامعة "كوين ماري" في لندن في الأدلة، وتوصلت إلى أنه حين يتعلق الأمر بتحقيق الأهداف، يبقى التفكير الواعي أفضل من غيره.

  

واجه مخاوفك

يُعدّ الخوف أمرا جيدا، فهو يلعب دورا مهما في نجاتنا. لكن المشكلة تحدث حين يتجاوز الخوف الحد المعقول. استخدم فرويد التحليل النفسي للكشف عن المخاوف العميقة حتى يتمكن المرضى من التعامل معهم بشكل مباشر. حاليا، من المرجح أن تحوي مواجهة الرهاب، كالخوف غير المنطقي من العناكب أو الكلاب، على تعريض المريض إلى ما يخشاه بشكل متدرج، وفي الوقت نفسه تعليمه تقنيات لتخفيف خوفه.

     

undefined

      

لكن في المستقبل، ربما يلج الأخصائيون النفسيون إلى اللاوعي مباشرة لعلاج الرهاب دون ترويع الناس. هذا على الأقل ما يأمله فريق من الباحثين في اليابان والولايات المتحدة. حدد الفريق نمطا مميزا من نشاط الدماغ مرتبطا بخوف كانوا قد استحثوه في متطوعين، ثم وجدوا أن الخوف يمكن تقليله ببساطة عن طريق مكافأة المتطوعين حين يعرض الدماغ ذلك النشاط، ويحدث ذلك على غفلة من المرضى بأنشطة أدمغتهم.

 

ماذا إذا عن التحكم في مخاوفنا اللامنطقية؟ فبغض النظر عمّا إذا كان يستحثه نمر أو عنكبوت، فالخوف، كأي عاطفة، يرتكز على إشارات جسدية في الجسم. تتضمن زيادة في قوة وسرعة نبض القلب وكذلك تغيرات في أنماط تدفق الدم. هذه الإشارات الجسدية ضرورية لاستشعار الخوف، حتى ولو ظهرت عادة على غير وعي.

 

تقليل شدة رد الفعل سوف يقلل من شدة العاطفة. فعندما تتوتر، يمكنك أن تخفض من شدة توترك عن طريق إبطاء معدل تنفسك. هذا يرسل إشارة قوية بأنك لا تشعر بالقلق لجزء من المخ، معني بمعالجة الانفعال، مما يساعد على تنظيم معدل ضربات قلبك. للحصول على أفضل النتائج، استنشق وعدّ حتى أربعة ثم قم بالزفير وعدّ حتى ثمانية، وفي غضون 5 دقائق يجب أن تلاحظ انخفاضا ملحوظا في نسبة القلق. كما يمكن أن يكون للموسيقى تأثير مشابه، على الرغم من عدم وجود نوع واحد من الموسيقى يناسب الجميع. تقول ماريا سانشيز فيفيز، الباحثة في الشبكات القشرية للدماغ والبيئات الافتراضية في مختبر أبحاث علم الأعصاب في برشلونة بإسبانيا: "بشكل عام، يمكن أن تساعد الموسيقى البطيئة، ذات مستوى الصوت المعقول، على إبطاء معدل التنفس ومساعدتنا على الاسترخاء".

 

يمكن لتقنيات أخرى أن تساعدك على التحكم في نوع الخوف والقلق الذي يسيطر عليك قبل إجراء مقابلة أو التحدث أمام الملأ. وعلى الرغم من أنه موضوع مثير للجدل، فإن هناك أدلة على أن نظرية "التظاهر بالقوة" -مثل الوقوف ويداك مستقرتان أسفل خصرك وقدماك متباعدتان بمسافة ليست بالقليلة- يمكنها أن تجعل الناس يشعرون بمزيد من الثقة. ولكن الحكمة التي تقول "تظاهر بالأمر إلى أن تتمكن من فعله" لا تنجح دائما. إذ وجدت دراسة كلاسيكية أن الأشخاص الذين زيّفوا ابتسامتهم من خلال حمل قلم بين أسنانهم أو شفاههم أصبحوا أسعد وأكثر استرخاء. لكن للأسف، لم تثبت صحة هذه النتيجة عندما خضعت للفحص والتدقيق.

     undefined

     

أخيرا، تذكر أن بإمكان عقلك اللاواعي أن يخدعك ويُشعرك بالخوف عندما لا يكون لديك ما تخشاه. في ظاهرة تسمى العدوى العاطفية، "نفهم" المشاعر عن غير قصد من خلال إشارات الآخرين غير اللفظية، مثل نبرة صوتهم، ووضعيتهم، وحتى رائحة أجسامهم. يعتقد المختص في مشاعر التعاطف، كريستيان كيزرز، الأستاذ بجامعة أمستردام في هولندا، أنه عندما نكتشف إشارات عاطفة ما، مثل الخوف في الآخرين، فإن أجسادنا تعيد إنتاج الإشارات الفيزيائية ذات الصلة، ومن ثم تفسر أدمغتنا هذه المشاعر على أنها مشاعرنا نحن. يميل بعض الناس إلى القيام بذلك أكثر من غيرهم. ومن الصعب تجنب الإصابة بهذه العدوى عن وعي، إلا عن طريق تجنب الأشخاص الخائفين، سواء كان ذلك وجها لوجه أو على وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى القراءة عنهم. لكن الجانب الآخر لهذا الأمر هو أنه يمكنك تشجيع المشاعر الإيجابية لديك عن طريق قضاء المزيد من الوقت بصحبة الأشخاص السعداء بكل بساطة. يمكن للسب والشتم أن يقللا من حدة الألم الذي تشعر به، طالما أنك في أغلب الأحيان لا تسب كثيرا.

 

السيطرة على الألم

قد تظن أن كمية الألم التي تشعر بها خارجة عن إرادتك الواعية، ولكن هذا ليس صحيحا. على الرغم من أنك لا تستطيع التأثير على استجابات الألم الفسيولوجي لأشياء مثل الإصابة أو المرض، فإن هناك طرقا لتقليل كمية الألم التي تشعر بها.

  

عندما كانت زوجة بافل غولدشتاين تلد طفلها الأول، اختارت عدم تناول أي أدوية مسكنة. قال زوجها: "لقد واجهنا فترة مخاض طويلة حقا، ظلت مستمرة لما يقرب من 32 ساعة، وطلبت مني أن أمسك بيدها". لاحظ غولدشتاين، الطبيب النفسي وعالم الأعصاب في جامعة كولورادو بمدينة بولدر، أن إمساك يد زوجته يبدو أنه يساعدها على التعامل مع الألم، قاده ذلك إلى إجراء سلسلة من الدراسات في مختبره. وبعد أن آذى وآلام متطوعين عن طريق تعريض سواعدهم لحرارة عالية، ذكر المتطوعون أن لمسهم من قبل شخص غريب لم يفعل شيئا لتقليل شعورهم بالألم، في حين أن لمسهم من قبل شريكهم الرومانسي فعل ذلك. وكلما زاد تعاطف الشريك، كان التأثير أكبر. يقول غولدشتاين: "نعلم بالفعل أن اللمس يمكن أن يوصل مشاعر مختلفة، على سبيل المثال، الحزن والسعادة. ولكن ربما يمكننا أيضا نقل تعاطفنا من خلال اللمس، مما يؤدي إلى تسكين الألم".

  

يقول عالم الأعصاب الحسي جياندومينيكو إيانيتي، الأستاذ بكلية لندن الجامعية، إن شعور الألم هو بالتحديد عرضة للتأثر، لأنه ليس من المفيد دائما أن تشعر به. ونتيجة لذلك، لدينا طرق لتلطيف الألم، مثل إطلاق مسكنات الألم الخاصة بالجسم. وأضاف: "بشكل عام، أنت تشعر بما هو مفيد أن تشعر به". لكن من الممكن أيضا خداع الدماغ ليشعر بألم أقل. 

    undefined

    

اكتشفت سانشيز فيفيز وزملاؤها طريقة أخرى للقيام بذلك. وتظهر دراساتهم أنه إذا استطاع الناس "امتلاك" ذراع في الواقع الافتراضي -وهم يشعرون بأنه ذراعهم- فإن قدرتهم على تحمل محفزات الألم التي تُوضع على ذراعهم الحقيقية تتحسن. تقول فيفيز: "يمكن أن يكون الواقع الافتراضي غامرا للحواس وتفاعليا وجذابا بشدة".

 

في الواقع، تُستخدم محاكاة الواقع الافتراضي للبيئات الطبيعية وغيرها من المشاهد الأخرى حاليا في بعض المستشفيات للحد من الألم، أو للعمل كجرعات من دواء مسكن للألم، عند علاج مرضى الحروق أو حتى أثناء الجراحة. إذا لم يكن متاحا لديك استخدام ذراع في الواقع الافتراضي، يمكنك إنشاء تأثير مماثل ببساطة عن طريق تحريك جسمك في وضعيات غير مألوفة. وجد فريق إيانيتي أن تحريك المتطوعين لذراعهم ووضعها على الذراع الأخرى بشكل معاكس كان كافيا لتخفيف الألم الناجم عن الحرارة الناجمة عن تسخين الليزر ظهر واحدة من اليدين. يبدو أن هذا يعمل عن طريق إرباك المخ، والذي يقوم عادة بتحديد الإشارات من يدك اليمنى وربطها بالجانب الأيمن من عالمك، والعكس صحيح.

  

هناك إستراتيجيات أخرى لإضعاف الألم يمكنك تجربتها في المنزل أيضا. التشتيت فعال، كما يعلم أي شخص شاهد التلفاز الموضوع أعلى مقعد طبيب الأسنان. ويبدو أن الروائح الطيبة تقلل من شدة محفزات الألم -على الرغم من أنه ليس من الواضح تماما سبب ذلك- كما هو الحال عند النظر إلى الصور التي تجدها جميلة. يمكن للسب أيضا أن يشارك في تقليل الألم، ربما عن طريق إثارة استجابة هرمونية تؤدي إلى التخفيف من الألم، طالما أنك لا تسب كثيرا.

  

قوِّ ذاكرتك

نميل إلى التفكير في التعلم على أنه عمل شاق يتطلب الكثير من الجهد الواعي. لكن بالرغم من ذلك، تتم معظم عملية التعلم وراء الستار. إذا تمكنت من تحسين المعالجة غير الواعية واسترجاع الذكريات، فيمكنك حينها التلاعب بالنظام. واتضح أنه يمكنك فعل ذلك، بالقليل من الجهد في الكثير من الأحيان.

  

إذا كنت تتعلم حقائق مثل: كلمات بلغة أجنبية أو تاريخ أحداث تاريخية، يمكن أن يكون تحسين دراستك متوقفا على أمر بسيط مثل أخذ استراحة. وجدت ليلا دافاتشي من جامعة نيويورك أن أوقات الاستراحة تساعد على تعزيز الذكريات الجديدة، مما يؤدي إلى تحسين الاستذكار في وقت لاحق. ولكن، يجب أن تُنشّط خلايا دماغية مختلفة عن الخلايا التي استخدمتها خلال فترة التعلم. لذا، حاول ألا تفكر فيما كنت تتعلمه للتو.

    undefined

   

الأفضل من ذلك، النوم مباشرة. من المعروف أن الدماغ يعالج الذكريات أثناء النوم، ولكنه سيقوم بذلك بشكل أكثر فعالية إذا تركت وقتا مناسبا بين التعلم والنوم. وقد وجد كريستوف نيسن الباحث بجامعة بيرن في سويسرا أن أداء مجموعة طلاب تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما كان أفضل في اختبارات الذاكرة الواقعية إذا درسوا المواد في فترة ما بعد الظهيرة لكنهم اكتسبوا مهارات حركية بشكل أسرع حين مارسوها في المساء. لذا يظن أن "الوقت الحرج" بين التعلم والنوم أقصر بالنسبة للتعلم المرتبط بالحركة وأطول لأنواع الذاكرة الأخرى. ليس من الواضح ما إذا كان بإمكان البالغين الاستفادة بقدر ما يستفيد المراهقون من هذه الفترات. يقول نيسن: "هناك دليل على أن المراهقين لديهم قدرة أفضل على التعلم، وهم ينامون بشكل أفضل". من الجدير بالذكر أيضا أنه بعد بلوغ سن الستين تقريبا، يتعلم البالغون عامة بشكل أفضل صباحا.

  

يبحث بيورن راش، الأستاذ بجامعة فريبورغ في سويسرا، طريقة أخرى لتعزيز التعلم أثناء النوم. وقد قاد سلسلة من الدراسات التي بيّنت أن متعلمي اللغة الكبار يتذكرون أكثر عند تشغيل تسجيلات لكلمات أجنبية أثناء النوم. "تزدهر الكتابات حول إعادة تنشيط الذاكرة المستهدفة سريعا"، حسبما يقول. وتابع: "معظم النتائج إيجابية". ومع ذلك، من المهم أن يتم تشغيل الكلمات أثناء فترة عدم الحركة السريعة للعين -موجة النوم البطيئة- عندما تُعزز الذكريات الحقيقية. كما لا ينبغي أن يكون صوت التسجيلات مرتفعا لدرجة أن يزعج النائم. ويمكن أيضا محاولة استخدام الروائح لترسيخ ما تعلمته في دماغك أثناء النوم. وقد وجد راش زيادة في قوة الذاكرة لدى الأشخاص الذين يشمون رائحة الورود أثناء تعلمهم لأمر ما ثم يشمون الرائحة نفسها مرة أخرى أثناء موجة النوم البطيئة.

 

بالإضافة إلى ترتيب الذكريات، فإن عقلك اللاواعي مسؤول عن استعادتها عند الطلب. تبدو هذه العملية مليئة باللحظات القابلة للخطأ، كما تشهد على ذلك تلك اللحظات التي لا نستطيع فيها تذكر الكلمات رغم إحساسنا أنها على طرف ألسنتنا. لكن تشير دراسة مثيرة إلى طريقة لتحسين الأمور. فالمتطوعون الذين كان عليهم الإجابة عن أسئلة الاختيار من متعدد على الحاسوب قد تحسن أداؤهم بشكل ملحوظ إذا قيل لهم إن الإجابة الصحيحة سوف تلمع لحظيا قبل كل سؤال. في الحقيقة، لم يتم إعطاؤهم الأجوبة على الإطلاق، لكن تحسن أدائهم راجع إلى تأثير الوهم. يعتقد الباحثون أن ذلك نجح بسبب تقليل القلق من النتيجة وتهيئة الناس للنجاح.

 

إذا كان لديك امتحان، أو حتى مسابقة في الحانة، فستجد أن ذلك يستحق أن تضعه في اعتبارك. قد يكون إطلاق المعرفة المخزنة في عقلك اللاواعي بسيطا لدرجة يكفي فيها الاعتقاد بأنه يمكنك فعل ذلك.

———————————————

ترجمة (فريق الترجمة)

(الرابط الأصلي)