شعار قسم ميدان

نبوءة نجيب محفوظ.. كيف توقَّع فشل الحداثة والديمقراطية في مصر؟

بقليل من التأمل في حياة الأديب الراحل نجيب محفوظ عبر قصصه وسيرته الفكرية والأدبية، يسعنا أن نُلاحظ بسهولة ملامح تأسيسية في حياة الروائي الأهم في تاريخ الأدب المصري الحديث. نجيب محفوظ هو بالأساس ابن الطبقة الوسطى الحضرية في مصر، وشاهد على أزمتها التاريخية الممتدة حتى الآن، ووالده "عبد العزيز إبراهيم" موظف حكومي من الجيل المصري الأول الذي التحق بالبيروقراطية المصرية المُتشكِّلة على مراحل في عهود محمد علي والخديوي إسماعيل وصولا إلى اللورد كرومر.

 

لكن النقطة الأهم في حياة نجيب محفوظ، التي ترتَّبت على كونه ابن الطبقة الوسطى المصرية الصاعدة، هي شهادته لثورة 1919. ورغم أن الثورة اندلعت ونجيب محفوظ ابن السابعة فحسب، فإنها ظلَّت النقطة الأهم والذكرى الأجمل في حياته حتى وافته المنية. ولم تكن ثورة 19 مجرد تظاهرات حاشدة خرجت في ذلك العام، بل كانت حراكا سياسيا وثقافيا وجماهيريا استمر لعقود، وتأسيسا جذريا واسعا للوطنية المصرية في صورتها الحديثة وعملية الدمج الحداثية الأكبر للسكان المحليين داخل تلك الوطنية الحديثة. والأهم أنها أدَّت إلى تأسيس جذري لشرعية سياسية جديدة تبدو فيها مصر دولة وطنية ملكا لمواطنيها، ويظهر المصريون عبرها شعبا متجانسا ومُوحَّدا يعمل لاستعادة السيادة على أرضه وثرواته، ورغم أن ذلك الطموح بدا صعبا ومُتعسِّرا، فإن غاية الثورة وحلم الثوار تحويل تلك الرؤية إلى واقع.

 

من هذه الخلفية الثقافية والسياسية كتب نجيب محفوظ رواية "القاهرة الجديدة" في منتصف الأربعينيات، وهي أولى رواياته عن مصر الحديثة التي عاش فيها بعد روايتَيْه الفرعونيتين "كفاح طيبة" و"رادوبيس". وتُعَدُّ "القاهرة الجديدة" بداية البصمة الرئيسية التي سينطبع بها أدب نجيب محفوظ لعقود لاحقة، والمَعنيَّة بالأساس بمسألة الحداثة داخل المجتمع المصري، حيث سيعكف محفوظ على تقديم صورة بانورامية أدبية للمجتمع المصري مُسهِبا في وصف وتحليل التيارات السياسية والثقافية داخله، وأشكال التدين المنتشرة وتفاعلها مع الأحداث التاريخية، وطبيعة النخب الحاكمة والتغيرات داخل مجتمع مُتنوِّع وثري عبر تاريخه الحديث المُمتد لأكثر من قرن آنذاك.

 

يفتتح محفوظ الرواية بمشهد سينمائي لأربعة أصدقاء خارجين للتو من جامعة القاهرة، ويتجاذبون أطراف حديث ودي عن الحياة والسياسة والحب، وفي ثنايا الحديث يكشف لنا نجيب محفوظ أربع رؤى من خلال كلمات كل شاب من أبطال الرواية الأربعة. نجد أنفسنا بعد صفحات قليلة على معرفة بالتيارات الثقافية التي سادت أثناء الأربعينيات في الجامعة وخارجها، ورؤيتها لذاتها ولمصر وحتى للعالم والحياة عموما.

 

طوال الرواية نكتشف أقصى اليمين واليسار في القاهرة الجديدة، حيث تظهر شخصيتان مُسَيَّسَتَان بوضوح هما "علي طه" و"مأمون رضوان"، حيث علي طه هو الشخص التقدُّمي الوطني مُعبِّرا عن صعود التيار الاشتراكي والشيوعي إبان الأربعينيات، وعلى النقيض تقف شخصية مأمون رضوان بخطاب وأفكار إسلامية أممية واضحة، فيتحدَّث عن صراع الشرق والمسلمين مع الغرب مُعبِّرا عن صعود حركة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي. وقد حقَّق التياران انتشارا واسعا في صفوف الحركة الطلابية والطبقة الوسطى في مصر خلال فترة الأربعينيات.

 

في الوسط، رسم نجيب محفوظ ملامح الشخصيتين المتبقيتين، "أحمد بدير" طالب وصحفي، ثم الشخصية الأهم في الرواية، الطالب الغاضب وغير المُبالي، "محجوب عبد الدايم". يلتزم أحمد بدير بحسه الصحافي حتى النهاية، حيث يوظفه نجيب محفوظ لاستنطاق باقي الشخصيات، ولا يُعبِّر بدير طوال أحداث الرواية عن أي انحيازات واضحة لأي طرف. وفي المساحة التي يتراجع فيها بدير، تتمدَّد شخصية محجوب عبد الدايم، غير مهتمة بأيٍّ من الآراء السياسية والأفكار الكبرى، كأنه لا ينتمي إلى هذا العالم، فلا يرى محجوب لنفسه أي موقع أصيل، حتى في القاهرة الجديدة التي وجد نفسه مُلقى في شوارعها.

 

في إشارة ذات دلالة مهمة، اختار نجيب محفوظ كتابة روايته تحت عنوان "القاهرة الجديدة". نجيب، الذي درس الفلسفة وظل يمزج طوال روايته بين الواقعية الاجتماعية والرمزية الفلسفية، اختار هذا العنوان تعبيرا عن الخط الأدبي الجديد الذي افتتحه بتلك الرواية عن القاهرة الخديوية الحداثية التي ظهرت إلى الوجود تدريجيا مع محمد علي ومعاهدة 1840، ثم تجلَّت أكثر مع إصلاحات الخديوي إسماعيل. وقد اهتم نجيب محفوظ بوصف تلك القاهرة الحديثة والتركيز على تحرُّك شخصيات الرواية في شوارعها، ليؤكِّد اختلافها عن مصر التقليدية العُثمانية ومجتمعها المحلي الذي لم يكن نجيب محفوظ يراه إلا من خلال موقعه داخل سردية القاهرة الحداثية "الجديدة".

 

في غالبية الدراسات التاريخية التي تناولت تاريخ مصر الحديث، بدأت قصة الحداثة المصرية عبر عدة محطات رئيسية، أولاها الحقبة الزمنية منذ مجيء الحملة الفرنسية واستيلائها على مصر وصولا إلى مشاريع محمد علي الذي حكم مصر بُعَيد جلاء الفرنسيين عنها. ويؤكِّد الباحث "روبرت هنتر" أن مشاريع محمد علي وأبنائه لا تختلف جوهريا عن المشاريع التي قرَّرت السلطة الاستعمارية الفرنسية إقامتها في مصر من الناحية التقنية والسياسية، بما يشمل بناء المصانع ومعسكرات العمل، وتنظيم الزراعة وقوانين المَلكية، وتكوين الفِرَق العسكرية والأمنية الحديثة وفرض التجنيد، ومشاريع إحصاء السكان والصحة العامة والتخطيط العمراني للمدن.

 

بدأت المحطة الثانية من تلك الرحلة الحديثة بتفكيك المشاريع الاحتكارية لمحمد علي بواسطة تسوية عام 1840 التي أُبرمت بينه وبين القوى الأوروبية، وبداية خصخصة الأراضي المصرية المملوكة للباشا وظهور طبقة محلية من الأعيان وكبار ومتوسطي المُلاك. فبحسب عدد من المؤرخين، شكَّلت تلك الطبقة التي ظهرت إلى الوجود بفضل تسوية 1840 نواة وحجر أساس المجال السياسي المصري الحديث، حيث أظهرت وعيا أخذ يتزايد بمرور الوقت بمصالحها، ودخلت في موجات من التفاوض والنضال للتخفيف من وطأة الاستبداد الخديوي وحكمه المُطلق المدعوم من السلطنة العثمانية. ولذا، أتت الثورة العُرابية بوصفها أول حركة وطنية ضد الاستبداد الخديوي لتصبح ذروة هذه المرحلة من تاريخ التحديث في مصر.

لكن المحطة الأهم ونقطة الانتقال الأكثر جذرية في تاريخ مصر الحديث تمثَّلت في ثورة 1919، التي تجاوزت كونها محض حراك جماهيري واسع من حيث كثافته ومداه الزمني فحسب، ومَثَّلت دمجا لقطاع عريض من السكان داخل بنية مصر الحديثة وداخل سردية الوطنية المصرية لا بوصفها هوية متخيلة قيد التشكُّل فحسب، بل بوصفها هوية وطنية فعلية لها أُسسها المادية وفاعليتها داخل التاريخ. وقد أسَّست ثورة 1919 أيضا المجال السياسي الحديث والجماعة الثقافية والسياسية المصرية الحاملة له آنذاك.

 

هنا نصل إلى السياق السياسي لرواية "القاهرة الجديدة"، إذ كتب نجيب محفوظ الرواية عام 1945 حين عطَّل الملك العمل بدستور 1923 وبلغ الصراع أشده بين حزب الوفد من جهة والملك وأحزاب الأقلية من جهة أخرى. بيد أنه كان لهذا الصراع السياسي تداعيات أعمق على المستوى الثقافي والهوياتي، ففي كتاب "الوطنية الأليفة" يوضِّح "تميم البرغوثي" أن القوى الاجتماعية التي أنتجها التحديث من المتعلمين وطبقة الأفندية وضباط الجيش وموظفي البيروقراطية والبرجوازية الزراعية والصناعية هي بنت الوطنية المصرية الوليدة في ثورة 1919 ودستور 1923، وهي القوى الاجتماعية التي هيمنت عليها البرجوازية الزراعية الصناعية التي جسَّدها حزب الوفد مؤسسيا وسياسيا، وعليه كان تراجع الوفد وتعطيل العمل بالدستور بمنزلة إجهاض مُحتمَل لمشروع تحديثي وتاريخي وليس محض إجراءات سياسية سُلطوية.

 

كانت تلك القوى الاجتماعية بالقدر نفسه نتاج أزمة عميقة في هوية التحديث السياسي الذي أنجبها. فمصر بعد معاهدة 1840، وتفكيك مشروع محمد على الاحتكاري، وتوزيع الأراضي على طبقة الأعيان، لم تَعُد مجرد ولاية تابعة للسلطنة العُثمانية، والفئات التي نتجت عن تفكيك مشروع محمد علي كما أسلفنا هي نتاج هذا الانفصال عن السلطنة. وقد تعارضت مصالح تلك الفئات ورؤيتها للعالم مع البقاء ولايةً تحت إمرة السُّلطان العُثماني والأتراك، لكن في المقابل لم تُصبح مصر بعد دولة ذات نظام سياسي مصري وطني، ولم يصر أهلها مواطنين. وهنا تبرز الأهمية الوجودية لثورة 1919 والدستور في مواجهة الاستبداد الخديوي والملكي والاستعمار البريطاني؛ الحدث والوثيقة اللذيْن مَثَّلا معا هوية الفرد المصري الحديث ومدار انتمائه الأسمى ورؤيته للعالم ولذاته.

 

في مواجهة هذا الإشكال تأسَّس نضال المصريين أو نضال النخبة الحضرية من المُتعلِّمين والأفندية والعمال والطلبة والمحامين والأعيان ومُلاك الأراضي والبرجوازية المصرية الصناعية والمصرفية الوليدة ضد الاحتلال البريطاني لمصر. وقد تزعَّم هذا النضال بالطبع الوفد المصري الذي شكَّله سعد زغلول وعلي شعراوي وعبد العزيز فهمي قبيل اندلاع الثورة، ثم بعد ذلك حزب الوفد نفسه الذي تأسَّس إثر الثورة بزعامة سعد زغلول ومصطفى النحاس على التوالي أثناء الفترة الممتدة من ثورة 1919 حتى حركة الضباط عام 1952.

سعد زغلول ومصطفى النحاس

 

كما أسلفنا، كُتبت الرواية في منتصف الأربعينيات، وكانت شخصية محجوب عبد الدايم هي الشخصية العدمية الأولى في الأدب العربي الحديث، لكن الرمزية الأهم والأكثر إثارة هُنا هي وجود محجوب عبد الدايم بكل سخطه وتيهه وسط شخصيتين رمزيتين متضادتين تماما، مأمون رضوان وعلي طه، ما يكشف الأزمة السياسية والوجودية للوطنية المصرية في تلك الفترة من تاريخ مصر المعاصر.

 

استنادا إلى تأريخ المؤرخ المصري "شريف يونس"، لم يكن حزب الوفد ظاهرة حزبية ديمقراطية في نظام سياسي برلماني تعدُّدي، بل كان تجسيدا مؤسسيا لشعب حديث في إطار التشكُّل، وكان الحزب وقياداته بمنزلة قيادات تحرُّر وطني تخوض صراعا نيابة عن المصريين ضد الاستعمار والاستبداد، مدعومة في ذلك بتأييد شعبي كاسح. وقد رأى الوفد في نفسه، ورأت القواعد الشعبية المُلتفة حوله، أنه هو مُمثِّل الأمة الحصري وليس مُمثِّلا لطبقة بعينها، وأن الخروج على الحزب ومُنجزاته خروج عن الأمة كلها وعلى القضية الوطنية بالتبعية.

 

تبدأ الرمزيات داخل القاهرة الجديدة في الانكشاف أكثر مع ظهور محجوب عبد الدايم في لحظات سُكره وهو ينعى نفسه وشرفه في الوقت نفسه الذي ينعى فيه دستور 1923 وثورة 1919 وسعد زغلول، وفي اللحظة ذاتها ينفرد "قاسم بك فهمي"، الأرستقراطي القريب من الاستعمار، بزوجته "إحسان شحاتة"، التي ترمز في الرواية إلى القضية الوطنية، إذ تخلَّى محجوب عنها وعجز علي طه الاشتراكي عن إقناعها بأهليته وقُدرته على إسعادها.

 

في كتابه "الوطنية الأليفة"، يرى تميم البرغوثي أن في الفترة الواقعة بين نهاية الثلاثينيات وبداية الأربعينيات، وبعد توقيع معاهدة 1936 بين النحاس باشا زعيم الوفد والحكومة الإنجليزية، تراجعت شعبية الوفد كثيرا وتراجع معه مشروعه الذي نادى به أثناء تزعُّمه لثورة 1919 ونضاله السياسي بعدها، إذ ساد رأي عام يرى أن المعاهدة كانت دون تطلُّعات المصريين حول الاستقلال، بل وأنها تحمي المصالح الاستعمارية أكثر مما تخدم استقلال مصر، وتُتيح لبريطانيا التدخُّل في شؤون مصر.

لم يكن هذا التراجع مجرد تراجع في شعبية حزب سياسي، بل مَثَّل ضربة قاصمة لمشروع تاريخي راهن عليه المصريون وهو المشروع الدستوري الديمقراطي، أو ما يُسميه "رول ماير" في كتابه "البحث عن الحداثة" بالحداثة الديمقراطية المصرية. وعليه تجاوز هذا التنازل من حزب الوفد كونه انتقاصا من شرعية حزب الوفد إلى ما هو أبعد من ذلك، فكان بمنزلة تآكل في شرعية المشروع الدستوري النيابي نفسه بوصفه نظام حكم أولا، وسبيلا للتحرُّر الوطني ثانيا وهو الأهم؛ لأن الحزب وإن نادى بالديمقراطية النيابية والملكية الدستورية، فإنه قدَّم نفسه قبل كل ذلك وكيلا عن الشعب المصري وحركة تحرُّر وطني بالأساس. وبهذا شكَّل تراجع الوفد تآكلا لهوية النظام السياسي كله وتعثُّرا لمسيرة التحديث وصناعة الدولة الوطنية في مصر.

 

هنا تبرز معاني شخصيات مأمون رضوان وعلي طه، إذ أخذت الطبقة الوسطى في المدن بالازدياد في الأربعينيات بفعل التحديث وما ترتَّب عليه من هجرة الريف للمدينة والتعليم الموحَّد المدرسي والجامعي الذي اتسع نطاقه بعد الثورة، ومن ثمَّ بدأ المنتمون لها في التوجُّه إلى تنظيمات تُعبِّر عن مزاج سياسي جديد من خارج النظام السياسي القائم كله مثل تنظيم الإخوان المسلمين وتنظيم مصر الفتاة والحركات الشيوعية والاشتراكية وأشهرها حركة "حدتو".

 

على الرغم من التباين الواضح بين تلك التنظيمات، الذي يرمز له في الرواية التباين الواسع بين علي طه ومأمون رضوان، فقد وحَّدهم جميعا رفض البنية النظرية والهوياتية التي استند إليها النظام السياسي القائم آنذاك، ورفض السياسات الليبرالية والبرلمانية ودستور 1923 شبه الديمقراطي، ورفض الرأسمالية والإقطاع بدرجات متفاوتة. بالإضافة إلى أن كلًّا منهما امتلك رؤى سُلطوية صلبة للعالم والمجتمع، وكان تزايد شعبيتيهما المفاجئ خلال الأربعينيات بالتوازي مع تراجع شعبية الوفد إعلانا عن فشل الحداثة شبه الديمقراطية المُمثَّلة في مشروع ثورة 1919 ودستور 1923؛ مقابل نشأة تنظيمات حداثية سُلطوية، كحركة حدتو وتنظيم الإخوان المسلمين، تفترض شرعية سياسية مفارقة لشرعية ثورة 1919 وشرعية الوطنية المصرية الديمقراطية.

حسن البنا

كانت رمزية شخصية محجوب عبد الدايم لمحة عبقرية من نجيب محفوظ في وصف العدمية السياسية التي وقعت فيها القوى التي أنتجها التحديث المصري بمراحله المتتابعة، وإدانة ضمنية لحزب الوفد وإشارة واضحة إلى انهيار مشروع الحداثة الديمقراطية والهوية الوطنية الذي رعاها، ولذا يغيب حزب الوفد عن الرواية كما يغيب تدريجيا عن الحياة السياسية، ما أدَّى إلى وقوع قطاع واسع من المصريين في حالة من العدمية والفراغ السياسي.

 

محجوب عبد الدايم الذي لم يجد أي قيمة يؤمن ويحتمي بها وسلَّم شرفه لقاسم بك فهمي، الأرستقراطي والموظف الكبير المَرضي عنه من قِبَل النخبة المُنتفعة من الاحتلال البريطاني، هو تعبير عن حال حزب الوفد بعد معاهدة 1936 وحادثة 4 فبراير/شباط (عندما حاصرت الدبابات الإنجليزية القصر لإجبار الملك على تكليف الوفد بتشكيل الحكومة باعتبار الوفد حليفا وقتها للإنجليز)؛ فهو حزب مَهزوم فاقد الشعبية والشرعية والهوية السياسية النضالية أمام تحكمات الأرستقراطية الإقطاعية المتحالفة مع الاستعمار والمُنتفعة من وجوده. وقد كان هذا الحال تحديدا إيذانا بنهاية الحداثة الديمقراطية في مصر وصعود السلطوية على أنقاضها، التي هيمنت على مصر منذ ذلك التاريخ، وهو ما تنبَّأ به ببصيرة ثاقبة -منذ منتصف الأربعينيات- أديب مصر الأول.

———————————————————————————–

المصادر

  1.  القاهرة الجديدة، نجيب محفوظ، مكتبة مصر
  2.  الوطنية الأليفة.. الوفد وبناء الدولة الوطنية في ظل الاستعمار، تميم البرغوثي، دار الكتب والوثائق القومية
  3.  البحث عن الحداثة: الفكر السياسي العلماني الليبرالي واليساري في مصر 1945 – 1958، رول ماير، ترجمة شريف يونس
  4. البحث عن الخلاص.. أزمة الإسلام والحداثة في مصر، شريف يونس، الهيئة العامة للكتاب.
  5. فشل البرجوازية المصرية.. كيف سقطت مصر في يد العسكر ؟، موقع ميدان، شريف مراد
المصدر : الجزيرة