لماذا تتكرر وقائع حرق المصحف الشريف في السويد؟

مقدمة التقرير:

أحرق متطرف سويدي نسخة من المصحف الشريف في العاصمة ستوكهولم، يوم الأربعاء أول أيام عيد الأضحى المبارك، أمام مسجد ستوكهولم المركزي، بعد أن منحته الشرطة السويدية تصريحا بفعل ذلك إثر قرار قضائي، وهو ما أثار ردود فعل مستنكرة عربيا وعالميا. وتسلط تكرار وقائع الإساءة للإسلام وحرق المصحف الشريف الضوء على تاريخ العلاقة بين السويد والإسلام التي لم تكن طيلة مسارها على هذا القدر من الاضطراب والعداء.

نص التقرير:

في الأيام والأسابيع الأخيرة، وقعت حوادث مؤسفة في دولتي السويد وهولندا تجاه المسلمين، إذ تكررت واقعة حرق القرآن الكريم على يد جماعات يمينية متشددة منها حركة "سترام كورس" (الخط المتشدد) التي يقودها اليميني الدنماركي السويدي "راسموسن بالودان"، الذي قام بنفسه منذ عام 2017 بحرق المصحف أكثر من مرة في الدنمارك، وفي شهر إبريل/نيسان من العام الماضي 2022 قام وأعضاء جماعته المتشددة بحرق نسخة من القرآن في مدينة مالمو ثم في مدينة لينشوبينغ بالسويد، ثم في يناير/كانون الثاني 2023 حرق نسخة أخرى من القرآن الكريم أمام السفارة التركية في العاصمة السويدية ستوكهولم، وهي الحادثة التي وقعت تحت سمع وحراسة الشرطة والحكومة السويدية.

ورغم تكرر هذه الحوادث التي تستهدف الإسلام في أهم وأعظم أصوله ومقدساته، لا يكاد يُسمح في هذه البلدان باستهداف مماثل لأعلام المثليين وغيرها من موضوعات باتت مُجرَّمة بنص القانون الغربي، بل الأغرب من ذلك استهداف مؤسسة السوسيال (الشؤون الاجتماعية) السويدية لأطفال المسلمين بحجج واهية وخطفهم من أسرهم بحجة القلق على مستقبلهم، أو حمايتهم من المعاملة القاسية التي يتعرضون لها، وإعطاؤهم لأسر أخرى غير مسلمة، بل وإعطاؤهم لمثليين جنسيا في فضيحة كُشِف عنها في الأشهر الأخيرة.

والحق أن مثل هذه الحوادث لا تخلو من ارتباطها بظاهرة الإسلاموفوبيا (الرُّهاب من الإسلام)، التي تظهر في السلوك والخطاب الإعلامي والأكاديمي والثقافي والاجتماعي في الغرب، وينشأ عنها استهداف مقدسات الإسلام في القرآن والمساجد والحجاب والأطفال وكل ما يمُتُّ للمسلمين بصلة في العالم الغربي. ومن المؤكد أن كل هذه الوقائع التي باتت ظاهرة متنامية في العالم الغربي، والسويد من جملتها في السنوات العشرين الأخيرة، تستدعي سؤالا مهما عن علاقة السويد بالإسلام، وكيف تعرفت عليه، وكيف دخل الإسلام ذلك البلد حتى أصبح عدد المسلمين في السويد اليوم يقترب من 10% من عدد السكان البالغ عددهم 10.5 ملايين نسمة؟

هجوم على الأندلس ومشاركة في الحروب الصليبية

مرَّت علاقات المسلمين بالسويد بمنعطفات كثيرة في التاريخ، أشبه بالمد والجزر، منها الهجوم على العالم الإسلامي في أهم معاقله الأوروبية في الأندلس، ثم التهادن والتحالف مع معقل آخر وهو الدولة العثمانية في أوج قوتها. وأخيرا تطورت هذه العلاقة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واحتياج العديد من الدول الأوروبية مثل ألمانيا والسويد وهولندا وغيرها إلى الأيدي العاملة التي وجدتها في المسلمين القادمين من تركيا والهند وباكستان والعراق وغيرها.

لقد أُطلق على السويديين اسم النورمان أو أهل الشمال، كما أُطلق عليهم الفايكنغ، ووصفهم المسلمون حال وثنيتهم وعبادتهم للإله إيسير باسم "المجوس"، ورغم جلب القديس "أنسجار" المسيحية للسويد منذ عام 829م، فإن الوثنية ظلت مترسِّخة بشكل كبير في البلاد حتى القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلادي حين أصبحت المسيحية الكاثوليكية أكثر انتشارا، وآمن بها ملوكهم وعامتهم.

هاجموا الفايكنغ سنة 844 كلًّا من لشبونة عاصمة البرتغال اليوم، ثم دخلت سفنهم من خلال نهر الوادي الكبير حتى وصلت إلى إشبيلية، فاحتلوها وهتكوا حُرمتها وقتلوا رجالها ونساءها. (مواقع التواصل)

عُرفت بلاد السويد بالبرد الشديد والجدب، كما عُرف أهلوها بقوة الأبدان والبأس في القتال، حتى استطاعوا أن يغزوا معظم أراضي جيرانهم في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ويستولوا على كثير من أراضيهم. ولكنهم لم يكتفوا بذلك، بل تطلعوا إلى الأندلس وثروتها الطائلة، حيث "كانت نعماء الأندلس، وما اشتهرت به من الخصب والغنى، تثير جشع أولئك الغزاة المغامرين، ولم تكن الأندلس تحسب حسابا لذلك الخطر الداهم المستتر معا، لأنها لم تعرف النورمانيين من قبل، ولا تعرف لهم بقربها أرضا أو مستقرا". وتطلق الرواية الإسلامية على أولئك الغزاة المجهولين اسم "المجوس"، بيد أنها تعرفهم أيضا "بالأردمانيين" أي النورمانيين"[1].

غزا الفايكنغ الدولة الأموية في الأندلس في حدود عام 230هـ/844م على حين غرّة من أهلها، فقد هاجموا كلًّا من لشبونة عاصمة البرتغال اليوم، ثم دخلت سفنهم من خلال نهر الوادي الكبير حتى وصلت إلى أهم مدن الأندلس، إشبيلية، فاحتلوها وهتكوا حُرمتها وقتلوا رجالها ونساءها، واستمرت مقاومتهم في عموم الأندلس أربعين وقيل ثمانين يوما في زمن الخليفة الأموي في الأندلس عبد الرحمن الأوسط، وقد ذكر هذه الحادثة الكثير من المؤرخين المسلمين، منهم ابن عذاري المراكشي في "البيان المغرب" الذي ينقل عن مصادر تاريخية أندلسية مفقودة.

يقول ابن عذاري: "خرج المجوس في نحو ثمانين مركبا، كأنما ملأت البحر طيرا جونا؛ كما ملأت القلوب شجوا وشجونا. فحلوا بلشبونة؛ ثم أقبلوا إلى قادس، إلى شذونة؛ ثم قدموا على إشبيلية؛ فاحتلوا بها احتلالا، ونازلوها نزالا، إلى أن دخلوها قسرا، واستأصلوا أهلها قتلا وأسرا. فبقوا بها سبعة أيام، يسقون أهلها كأس الحمام. واتصل الخبر بالأمير عبد الرحمن؛ فقدم على الخيل عيسى بن شهيد الحاجب.. وتوجه بالخيل عبد الله ابن كليب وابن رستم وغيرهما من القواد. وكتب إلى عمال الكُور (القرى والضياع) في استنفار الناس؛ فحلّوا بقرطبة، ونفر بهم نصر الفتى، وتوافت للمجوس مراكب على مراكب، وجعلوا يقتلون الرجال، ويسبون النساء، ويأخذون الصبيان"[2].

ولم يتوقف قتل الفايكنغ القادمين من السويد والدنمارك للمسلمين عند إشبيلية، وإنما تقدموا إلى المناطق الأخرى على طول نهر الوادي الكبير، وكلما نزلوا قرية أو مدينة أنزلوا في أهلها الموت والقتل، حتى سُخِّرت المقاومة في الأندلس كلها ضدهم، فقُتل منهم 500، وأحرقت 30 سفينة من سفنهم، وقُتل الأسرى على جذوع النخل التي كانت بإشبيلية كما ينقل ابن عذاري وغيره. ولم تتوقف هجمات النورمان السويد على الأراضي الإسلامية بالهجوم على الأندلس، فحين تمكنت المسيحية الكاثوليكية منهم في إبان القرن الحادي عشر الميلادي، اشترك ملكهم "سيجورد" في حدود عام 1109م في إحدى الحملات الصليبية المتوجِّهة لإسقاط مدينة صيدا بسواحل الشام.

العثمانيون.. من العداء إلى التحالف

ومع بداية القرن السادس عشر الميلادي، وظهور المذهب البروتستانتي في ألمانيا وانتشاره إلى مناطق شمال أوروبا وغربها، شرع السويديون في التحول إلى البروتستانتية، ومع هذا التحول ظل العداء السويدي للعالم الإسلامي وعلى رأسه الدولة العثمانية قائما. ففي عام 1545م وصف الملك السويدي "غوستاف الأول" الخطر الإسلامي على أوروبا والعالم قائلا إن المسلمين ظهروا في بقعة صغيرة في آسيا، ثم امتدت دولتهم إلى كل آسيا الغنية والآن أوروبا والمجر، وقد كانت نية المسلمين التحرُّك عبر ألمانيا، ولن يُمنع الأتراك العثمانيون من الوقوف في يوم ما على بحر البلطيق. ولهذا دعا غوستاف شعبه إلى دعم حملة صليبية أوروبية ضمن دول وقوى أوروبية أخرى ضد الخطر العثماني بقيادة السلطان سليمان القانوني[3].

ورغم هذه الروح الصليبية التي أطلقها ملك السويد ضد العثمانيين، فإن قوة العثمانيين أجبرتهم على احترامها، بل والسعي إلى التحالف معها. ففي عصر السلطان محمد الرابع في منتصف القرن السابع عشر الميلادي، أرسل ملك السويد "كارل غوستاف" سفراءه إلى الباب العالي في إسطنبول طالبا من العثمانيين عقد تحالف دفاعي وهجومي لمحاربة مملكة بولونيا (بولندا)، لكنَّ العثمانيين امتنعوا عن الدخول في هذا التحالف[4].

بطرس الأكبر أنزل الهزيمة في البولنديين والسويديين، واحتل بعض الأراضي العثمانية قبل أن ينسحب ويعقد اتفاقا مع العثمانيين. (مواقع التواصل)

ثم أتى تمدد الروس، وظهور قوتهم في عصر القيصر بطرس الأكبر في الربع الأول من القرن الثامن عشر، بل وانتصاره على جيرانه في بولندا وأوكرانيا والسويد، ما أدى إلى لجوء ملك السويد كارل الثاني عشر إلى الدولة العثمانية إثر هزيمته في بولندا على يد الروس سنة 1711م، ومحاولته عقد تحالف هجومي ضد الروس. ولكن بطرس الأكبر أنزل الهزيمة في البولنديين والسويديين، واحتل بعض الأراضي العثمانية قبل أن ينسحب ويعقد اتفاقا مع العثمانيين، ومن ثمَّ نجح في أن يفرق هذا التحالف الثلاثي، واعتُبر هذا الرجل المؤسس الحقيقي للدولة الروسية في شكلها الأوروبي الحديث[5].

وقد انكفأت السويد على نفسها في ظل تفاقم مشكلاتها مع روسيا طوال قرون تالية حتى بداية القرن العشرين، بينما انكفأت الدولة العثمانية على نفسها ومشكلاتها المتفاقمة هي الأخرى إثر تقلص مساحتها، وانهزامها أمام القوى الأوروبية منذ القرن السابع عشر وما تلاه حتى سقوطها في الربع الأول من القرن العشرين. وسرعان ما عادت العلاقات بين المسلمين والسويد بعد الحرب العالمية الثانية حين احتاجت دول أوروبا الغربية كافة إلى الأيدي العاملة لإعادة إحياء الاقتصاد الأوروبي المُنهار بعد الحرب.

الإسلام والسويد.. من الترحيب إلى العداء

يؤكد الباحث السويدي "غوران لارسون" في كتابه "الإسلام والمسلمون في السويد" أن علاقة السويد بالإسلام في القرن العشرين لا تبدأ مع هجرة الأيدي العاملة من المسلمين منذ أواخر ستينيات القرن العشرين، إذ يشير إلى أن بعض الشخصيات الأدبية والفنية السويدية قد تأثرت بالإسلام في فترة مبكرة، لا سيما بالاتجاهات الصوفية فيه، واعتنق العديد من هؤلاء المشاهير الإسلام في بدايات القرن العشرين. وكانت السويد من الدول الأوروبية التي لم تمتلك طموحات توسُّعية أو استعمارية، على عكس أغلب دول أوروبا في ذلك الحين، ولذا كان اعتناق هؤلاء المشاهير نابعا من إيمان حقيقي بأهمية الدين الإسلامي.

درس الكاتب والرسَّام السويدي "إيفان أغيلي" القرآن الكريم واللغات الشرقية وأتقن اللغة العربية بالكامل، وفي تلك المرحلة قرر اعتناق الإسلام بعدما لاحت أمامه الحقيقة. (مواقع التواصل)

ويأتي على رأس هؤلاء الكاتب والرسَّام السويدي "إيفان أغيلي"، الذي أطلق على نفسه اسم "عبد الهادي العقيلي"، وقد تعلَّم فن الرسم في السويد وفرنسا، وكان دائم التنقل بين البلدين، إذ تعلَّم في فرنسا بمعهد الدراسات الشرقية، وأخذ الشرق عقله، وأراد أن يتعرف على الدفء والحياة الروحية التي يتمتع بها المسلمون، فسافر إلى مصر في عام 1895م، وقرر المكوث في مدينة أسيوط في صعيد مصر حيث رسم العديد من اللوحات الطبيعية والشخصية. وبحلول عام 1898م درس أغيلي القرآن الكريم واللغات الشرقية وأتقن اللغة العربية بالكامل، وفي تلك المرحلة قرر اعتناق الإسلام بعدما لاحت أمامه الحقيقة من خلال الدراسة المعمقة التي قام بها طيلة السنوات السابقة، وسفره إلى مصر وسريلانكا والهند. ثم قرر أغيلي إكمال الدراسة في الأزهر الشريف، واقترب من شيخ الأزهر الشيخ عليش الكبير والطريقة الصوفية الشاذلية، ثم قرر الإنجليز في نهاية المطاف طرده من مصر ظنا منهم أنه جاسوس عثماني.

بالمثل، لعب المترجم السويدي "إريك هيرميلين" دورا رئيسا في تعريف القراء السويديين بالمفكرين والمتصوفة المسلمين، ومن الواضح أن كلًّا من أغيلي وهيرميلين قد تأثرا بالاتجاهات الصوفية في الإسلام، ولكن هذه الحركة لم يكن لها تأثير كبير في نشر الإسلام أو التعرف عليه بصورة أقرب بين عموم السويديين طوال العقود الست أو السبع الأولى من القرن العشرين. في المقابل، كان لهرب الكثير من تتار دول البلطيق خوفا من بطش السوفييت عبر فنلندا إلى السويد في نهايات الحرب العالمية الثانية دور في تأسيس حضور إسلامي في السويد، فقد أُنشئت أول منظمة إسلامية سُنية في ستوكهولم سنة 1949م على يد دعاة أتراك وتغيَّر اسمها فيما بعد إلى جميعة الإسلام في السويد[6].

ومنذ سبعينيات القرن العشرين، ومع موجة هجرة الأيدي العاملة من المسلمين إلى السويد، بدأ المسلمون في بناء المساجد في كبريات المدن السويدية، مثل ستوكهولم ومالمو وأوبسالا وغيرها، فضلا عن شراء العديد من الكنائس وتحويلها إلى مساجد، وانتشار ظاهرة "مساجد القبو". ثم كثُرت المنظمات والمراكز الإسلامية في أهم المدن السويدية منذ ذلك التاريخ إلى اليوم، وزادت أعداد المهاجرين المسلمين القادمين من العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، ومن سوريا بعد اندلاع الثورة بنسب لافتة، حيث يُمثِّل المسلمون اليوم ما بين 8-10% من عدد السكان البالغ عددهم 10.5 ملايين نسمة.

كتاب "الإسلام والمسلمون في السويد" لـ "غوران لارسون" (مواقع التواصل الاجتماعي)

وقد اهتمت دراسة السويدي غوران لارسون المذكورة آنفا برصد واقع المسلمين في السويد من خلال الحضور المؤسسي في المساجد والمراكز الإسلامية والجمعيات والمنظمات الأخرى التي تعترف بها الدولة السويدية، وخلُص مع كثرتها وأهميتها وتنوعها اللافت بين السنة والشيعة إلى وجود انقسامات وصراعات واختلافات داخل البيئة الإسلامية في السويد، نظرا للاختلاف الثقافي والجغرافي والأيديولوجي بين هذه المجموعات، وهو موضوع أقرَّ هو نفسه بأنه "غير مُكتشف علميا"، ويحتاج إلى مزيد من البحث والتنقيب[7].

لكن ما يهمنا في رصدنا لتاريخ العلاقة بين السويد والإسلام، وزيادة العداء في السنوات العشرين الأخيرة تجاه الإسلام، لربما أجاب عنه لارسون في جزء منه من حيث لا يدري، إذ كتب عن الاختلافات الجذرية بين الجمعيات والمؤسسات الإسلامية في السويد ما يُمكن أن يكون سببا في استغلال الدولة لهذه الحالة لفرض مزيد من هيمنتها وتدخُّلها في شؤونهم الداخلية بحجة حماية الأطفال كما تفعل مؤسسة السوسيال، أو في السماح بإحراق المصحف الشريف ونشر الكراهية الذي تكرر أكثر من مرة في السويد والدنمارك وهولندا وفرنسا في السنوات الأخيرة.

وإذا ما أردنا أن نفسِّر الأسباب الكامنة وراء زيادة العداء للإسلام بصورة أشمل، بعيدا عن التاريخ والواقع السويدي مع الإسلام، تبقى ظاهرة "الإسلاموفوبيا" في القارة الأوروبية والغرب عامة أداة تحليلية مهمة لا يمكن تجاوزها في هذا السياق، إذ تغذي كراهية الإسلام والمسلمين في الغرب مؤسسات فاعلة إعلامية وثقافية ومتطرفون يمينيون وجدوا بيئة خصبة في السنوات الأخيرة مع الصعود السياسي لقوى اليمين، وعلى رأسها حزب "ديمقراطيو السويد"، الحزب المناهض للهجرة الذي حل في المركز الثاني في الانتخابات السويدية الأخيرة.

حوادث مثل استهداف مقدسات الإسلام في القرآن والمساجد والحجاب والأطفال لا تخلو من ارتباطها بظاهرة الإسلاموفوبيا، التي تظهر في السلوك والخطاب الإعلامي والأكاديمي والثقافي والاجتماعي في الغرب. (رويترز)

أخيرا كشفت تنسيقية محاربة الإسلاموفوبيا في أوروبا عن أرقام لافتة وكبيرة في تقريرها السنوي الصادر مؤخرا، والذي يرصد ظاهرة انتشار كراهية الإسلام، حيث سجلت 467 حادثة تتعلق بالعنصرية، و128 حادثة تتعلق بالكراهية والاستفزاز، و71 حادثة تتعلق بالإهانات، و59 حادثة تتعلق بالتحرش الأخلاقي، و44 حادثة تتعلق بالتشهير، و27 حادثة لها صلة بالاعتداءات الجسدية، و33 حادثة مرتبطة بقانون مكافحة الانفصالية. وبحسب التقرير ذاته فإن المدارس هي البيئة الخصبة التي تؤدي إلى زيادة وتيرة هذه الظاهرة.

وقد رصد بعض الباحثين أرقاما أكبر من هذه بكثير، ففي عام 2017 رُصِد قرابة الألف هجوم على مسلمين ومساجد في ألمانيا وحدها وفقا لما نشره موقع "دويتشه فيلله" الألماني. وفي السويد ذكرت دراسة صادرة عن جامعة أوبسالا أن 52% من أصل 106 مؤسسة إسلامية سويدية تلقت تهديدات في عام 2017، وأن 45% منها وقعت عليها اعتداءات بالفعل، بل ورصد الباحث "أيمن اليازوري" أن بعض العرب والمسلمين عملوا -بقصد أو بدون قصد- على تشويه صورة الإسلام عبر قيام وزارة خارجية دولة عربية في عام 2014 بتصنيف نحو 84 منظمة إسلامية لها حضور في العالمين العربي والغربي على قوائم الإرهاب، مما أسهم في زيادة وتيرة الاعتداءات على المسلمين ومراكزهم ومؤسساتهم في أوروبا[8].

إن موضوع تاريخ المسلمين بأوروبا، لا سيما الوجود الإسلامي في المجتمعات الأوروبية منذ القرن العشرين إلى يومنا هذا، ومستقبله في ظل التحديات الخطيرة الأخيرة، يحتاج إلى تسليط الضوء الصحافي والبحثي عليه، لا سيما وقد أصبح الهجوم على المقدسات الإسلامية هدفا في ذاته، وربما لهذا السبب قررت حكومة كندا مؤخرا تعيين مستشارة لمكافحة الإسلاموفوبيا، وهي خطوة تحتاج إلى خطوات أكبر لحماية الإسلام والمسلمين في الغرب.

________________________________________

المصادر

  • [1] محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس 1/262.
  • [2] ابن عذارى: البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب 2/87.
  • [3] الإسلام والمسلمون في السويد، مقدمة المترجم ص16.
  • [4] محمد فريد: تاريخ الدولة العلية العثمانية ص291.
  • [5] محمد فريد: السابق ص314- 316.
  • [6] غوران لارسون: الإسلام والمسلمون في السويد ص54.
  • [7] غوران لارسون: السابق ص99 وما بعدها.
  • [8] الإسلام والمسلمون في السويد، مقدمة المترجم أيمن اليازوري ص7.
المصدر : الجزيرة

إعلان