حوار مع محمد فهيم.. سيد قطب بعيون مسلسل "الجماعة٢"
فيما بدا أنه استمرار لحالة الخصام بين الأزهر والدولة في محاولة النظام المصري إجبار الأزهر على ما يُسمّى بـ"تجديد الخطاب الديني"، في هذا الإطار دائما ما كانت تُلقي الدولة أصابع الاتهام على الأعمال الفكرية لسيد قطب باعتبارها أحد روافد العنف.
في أثناء تلك الأحداث يصدر برومو مسلسل "الجماعة 2" وهو يناقش فترة نهاية الخمسينيات والستينيات لجماعة الإخوان المسلمين وقت أن كان قطب الأب الروحي للتنظيم.
التقينا مع الممثل الشاب "محمد فهيم" للحديث حول صعوده الفني واشتراكه في مسلسل الجماعة من خلال تأديته لدور سيد قطب، وكان لنا "بميدان" أن نجري معه الحوار التالي:
محمد فهيم، ممثل، أسكن في حلوان، خريج كلية التجارة جامعة القاهرة، بدأت التمثيل بمسرح الجامعة، وتتلمذت على يد الكثيرين من مسرح الجامعة والورش المسرحية بمسارح الدولة، وأفتخر أن عندي أكثر من 30 أستاذا تعلمت منهم حتى وقتنا هذا.
دكتور أشرف زكي -مشكورا- كافأني بالكارنيه بعد حصولي على الجائزة، وأشكره كثيرا لأنه يسر لي بهذه المكافأة العمل بسهولة. في مصر العديد من المواهب الشابة ولكن تعيقهم تلك الخطوة في الظهور للأسف.
الأمر متروك لقوة اختيارك وأهدافك، وأعتقد أن تلك الصعوبات تواجه كل الشباب في كل المجالات في بداية حياتهم، وبالنسبة لي أقدم ما أريده فقط عن قناعة تامة، ولا أحد يفرض شيئا أو يملي شروطه، الشرط الوحيد هو تقديم عمل فني جديد به فكرة جديدة أو قيمة فنية.
كنت سعيد الحظ فعلا بأن أقف لأول مرة أمام كاميرا في حياتي مع الأستاذ محمد خان رحمه الله، وأعتقد أني لست الشخص المناسب الذي يصف مُخرجًا بحجم محمد خان أو أن يفاضل بينه وبين باقي المخرجين.
الحمد لله طبعا على نجاح أغنية "اتفضل قهوة"، فالظهور مع مدام إسعاد يونس في "صاحبة السعادة" -وهو من أهم البرامج في العالم العربي وأفضلهم- ساعد كثيرا في نجاحي وظهور الفرقة، وهي أضافت لي خطوات سابقة ولكنها لم تكن الأولى.
الفرقة بدأت من الجامعة، وكان المايسترو محمد عثمان هو قائد ومايسترو فرقة كورال تجارة القاهرة، وكنت أنا أمثّل بمسرح الجامعة وأحب الغناء أيضا، فاقترح عليّ أن أقدم معهم أغاني إسماعيل ياسين -رحمه الله- ومونولوغات "شكوكو" وغيرهم، فوافقت على الفور، وتخرجنا جميعا واستمرينا في تقديم هذا العمل معا، والغرض منها هو استمرار وجود تلك الأغاني الجميلة لأن كثيرا من أبناء الجيل الجديد لا يعرف عنها شيئا، ولكن -الحمد لله- عندما يشاهدها معنا يذهب ويسأل عن الأصل ويكون سعيدا بتلك الأغاني، وهذا هدفنا في فرقة أيامنا الحلوة.
كل دور قدمته هو مهم ويعد حجر أساس في بناء مشواري، ولكن أعتقد أن "سيّد قطب" -إن شاء الله- سيكون له أثر كبير في مشواري، وأسأل الله التوفيق الكبير فيه.
ما يحدث في الوسط الفني يحدث في مصر كلها، فالمناخ الآن غير مساعد، ولكن علينا الاستمرار ومحاولة الإبداع والابتكار دائما قدر المستطاع حتى ننجو مما وصلنا إليه، وهذا واجبنا جميعا.
ليس المسرح فقط ولكن في العديد من القطاعات بالدولة، وعلينا جميعا أن نعمل بضمير واجتهاد وابتكار كي تمر تلك المرحلة بنجاح إن شاء الله، فلن ينقذنا أحد سوى أنفسنا.
أفلام كثيرة للراحل العبقري أحمد زكي -رحمه الله-، والزعيم عادل إمام.
أتحدث عن تجربتي الشخصية، فأنا لم أقابل أي عقبات في تقديم ما أرغب تقديمه في الفن، سواءً في التمثيل بالمسرح أو التليفزيون أو السينما أو الغناء مع فرقتي "أيامنا الحلوة".
ثورة يناير كانت ثورة عظيمة ولحظة من أصدق اللحظات، ولكن لم تكتمل لتفتّت الكيان وذهاب بعض الأحزاب والجماعات إلى المصالح الشخصية، وجميعنا يتحمل نتيجة تلك المصالح الشخصية التي حدثت، الجميع بلا استثناء.
علينا جميعا أن نحاول ونقترب أكثر من الناس، ونقدم لهم ما ينسيهم متاعبهم ويدخل على قلبهم البهجة ويخفف عنهم عبء الحياة، ونقدم أيضا لهم القيمة التي تصحح لهم المسار، فبالفن تستطيع أن تؤثر في الشعوب وتطورها، ولا أنكر أن هناك من يحاول فعليا في هذا الاتجاه.
لم أتردد لحظة في تقديم هذه الشخصية، ولم أكن قلقا على الإطلاق، ولكن اجتهدت كثيرا وبحثت كثيرا وقمت بالإعداد الجيد لها، ولم أترك مجالا للخطأ صدفة، وأعلم جيدا حجم الدور الذي أقوم به، وحجم تأثيره، وأسأل الله التوفيق الكبير إن شاء الله.
أنا في المسرح أقدم الفن التراجيدي، ولكن طبعا المسرح جمهوره ضعيف، وأغلب الجمهور لا يعرف ذلك، وأني حصلت على جائزة أفضل ممثل بمهرجان المسرح الدولي التجريبي عام 2009 في مسرحية "أنا هاملت"، وكنت أجسد شخصية هاملت وسط منافسة 45 دولة ولجنة تحكيم أجانب برئاسة الإيطالية دانييللا جورديانو، وأعتقد أن دور سيد قطب فرصة لأقدم نفسي للجمهور بشكل لم يروني به من قبل، وأثبت لهم أنه ما زال لديّ الكثير والكثير إن شاء الله، وأسأل الله التوفيق. بالتأكيد فإن لعب دور سيد قطب هو تحدّ كبير لأي ممثل، فهو من أصعب أدوار الدراما المصرية عموما، وأسأل الله التوفيق.
قرأت "معالم في الطريق"، و"التصوير الفني في القرآن"، و"أشواك"، و"ديوان سيد قطب"، و"أفراح الروح"، وبعضًا من "في ظلال القرآن"، ولم أنته منه لأنه مجلدات كبيرة جدا، هذا من كتابات قطب. قرأت أيضا عن بعض أساتذته، فقرأت قصة حياة ابن تيمية، وقرأت للعقاد. أيضا استمعت لدروس المقربين منه، مثل أخيه محمد قطب، وأيضا شاهدت آراء وأحاديث المؤيدين لفكر سيد قطب، وآراء المعارضين له، ثم في النهاية قرأت سيناريو أستاذ وحيد حامد، ودرست وبحثت في كل شيء عن شخصية سيد قطب أدبيا وصحيا وأسريا، ثم قمت بعمل بروفات خاصة مع المخرج الأستاذ شريف البنداري للوصول إلى أفضل أداء.
أستاذ وحيد حامد اسم كبير، ومفكر كبير له مكانته، ولا أعتقد أنه سيغامر بقيمته الفنية والمهنية من أجل أن يجامل أحدا على حساب أحد، أو أن يخالف ضميره المهني ويسرد أشياء غير حقيقية، فهو دائما يقدم وقائع، وفي الجزء الأول كتب في تتر البداية المراجع والكتب التي استند إليها، وسيحدث مثل ذلك في الجزء الثاني، ومن يجد شيئا مخالفا فليتكلم إذا كانت هذه المراجع غير حقيقية.
فيما يتعلق بذلك الرأي فهو رأي 1% من الجمهور، والحمد لله تمت الإشادة من الغالبية، وعموما أنا أطلب الانتظار إلى آخر حلقة حتى يكون النقد في صورته الكاملة للشخصية، ولكن كل حر في رأيه طبعا، فلن أحصل على 100%، فالكمال لله وحده، وأسأل الله التوفيق.
الفنان علاقته بالجمهور والشعب فقط، لا السلطة، فالفنان يجب أن لا يكون مسيسا أبدا أو محسوبا على تيار سياسي، ولكن أن يكون هدفه منصبا على المجتمع بكل فئاته.
هذا السؤال يوجه للأستاذ وحيد وليس لي، لكني لا أعتقد أن ذلك يعد صحيحا، فتقديم عمل تاريخي يستلزم بحثا طويلا فعلا كي يلتزم بالدقة، والأستاذ وحيد قادر على المواجهة، فكلنا نعلم أعماله الفنية السينمائية التي كانت تنتقد الحُكم وبشدة في فترات ما قبل الثورة.
الآن، وفي هذه اللحظة، سيّد قطب.
أقول لهم كونوا على يقين أن الله لا يضيع أجر كل مجتهد صادق بحق، وعليكم بالسعي والمعرفة بأنفسكم، وانبذوا التطرف والتعصب، وواجهوا الفكر بالفكر، والعلم بالعلم، ورفقا بأطفالنا فهم الأمل، والله الموفق.