شعار قسم ميدان

رحلة وثائقية تكشف الجانب الآخر عن روعة الحياة وغموضها

midan - فهد

في فيلم "إلى البـرية" (Into The Wild) وهو أحد الأفلام التي حازت انتشارا هائلا وتقييما نقديا مرتفعا بين أوساط المشاهدين والنقـاد، يقـرر كريستوفر بعد تخرّجه من الجامعة أنه رغم تحصيله الجامعي المُبهر فإنه لم يعرف الحيـاة بشكل كاف، الأمر الذي يجعلـه يُقدم على أكثر الأمور غرابة في حياته: أن يتـرك كل شيء ويرحل.

 

في أحداث الفيلم يتخلي كريستوفر عن كل ما يملك تقريبا، ويأخذ معه في رحلته الطويلة حقيبة وبعض الكتب، وينطلق ليسيح في أرض الله الواسعة. يقابل البشر من كافة الخلفيات والثقافات، يتأمل الطيور، يكتب خواطـره أثناء تطلّعه للنجوم أو البحيرات، ويتجاوز الجبـال وينشد الوصول إلى هدف غير معلوم. هو يركز بشكل كامل على الرحلة، وليس محطة الوصول نفسها. الرحلة التي كانت السبب في أن جعلته يتعلم ويعرف عن الحيـاة أضعاف أضعاف ما تعلّمه في الدراسة والجامعة والتعليم النظـامي والكتب. تعلم عن الحيـاة من الحيـاة ذاتها.

 

هذه الرحلة قد لا تكون مُتاحة لمعظمنا، من الصعب أن تتخلى عن كل شيء وترتدي حقيبة ظهـر وتنطلق إلى البريّة لا تلوي على شيء، ربما لا تملك الجرأة ولا الشجـاعة لذلك، ربما تعطّلك الالتزامات، ربمـا يعيقك الخوف، وغالبا يعيقـك جواز السفـر والإجراءات المعقّدة التي تجعلك تنطلق من حيث أنت إلى بلاد الله البعيدة لترى بعينك ما لا يمكن أن تراه وأنت في بيئتك المحدودة.

 

ولكنْ -لحسن الحظ- الآخـرون يفعـلون ذلك، ويسجّلون ما يرونه، ويحوّلونها إلى أفلام وثائقيـة احترافية رائعة تجعلنـا نشاركهم رحـلاتهم وما رأوه في أطراف العالم البعيد ونحن في منازلنا. وهو ما فعلتـه "الجزيرة الوثائقيـة" بإصدار ملف كامل باسم "الحيـاة البرية" صدر منه العديد من الأفلام التي تتبّع الحيـاة بمختلف أشكـالها وأنمـاطها. أفلام ترصد الواقع، ليس فقط على مستوى البشر، وإنما على مستوى الحيوانات والحشرات والطيور.

 

الأسرار العجيبة للحيـاة.. كل شيء متصّل بكل شيء

  

عندما تسقط تفـاحة في بستـان يتركها مزارع ما لتبقى على الأرض، ليأتي غزال شارد ليتذوّقها، أو قنفذ واثق من أشواكه التي تحميه ليتشممها، في النهاية تبدأ الفواكه في التعفّن على الأرض، لتجد فراشـة تقترب منها وتمتص منها السكـريات، أو تجد فأرا تجذبه الطاقة الحرارية للفاكهـة المتعفنة في الأرض فيأكل منها قبل أن تتحول الفاكـهـة إلى معادن نقيـة تذوب في الأرض لتمدّها بأسرار الحيـاة.

 

جذع شجرة يبدو متهالكا هو في الواقع مخبأ لطائر ما، النحل يطنّ والشجر يتمايل مع الريح، والشمس تنشر ظلها قبل حلول القمـر في الليل، الحيـاة العظيمة المدهشة التي نحيـاها طول الوقت ونرصدها طول الوقت، ومع ذلك نادرا ما نقف أمامها بالذهـول والرهبة التي تستحقها.

 

وثائقي أقرب إلى حلم مدته ساعة واحدة يشرح لك كيف تسير الحياة، ما يبدو عبثيـا أو عفنا أو متهالكا هو في الواقع سبب حيـاة كائن ما آخر أنت لا تراه ولا تلقي له بالا. كل جذع شجرة قديم، وكل فاكهـة متعفنة، وكل حيـوان يبدو غير ذي فائدة، وكل ظاهـرة مناخيـة عنيفة، وحتى كل ظـاهرة افتراس في سهـول برّية واسعة، هي في النهاية تصبّ في صالح التوازن العظيـم للحيـاة، التوازن الذي يؤثر في كل شيء وكل كائن، من أقل حشـرة غير مرئية في غابة مظلمة إلى الإنسـان الذي يبني صاروخا صاعدا لاستكشاف الفضـاء.

 

النملــة الناريـة.. جيش أحمر يسعى للسيطرة على الكوكب

  

إذا جاء الحديث عن الكائن الأكثر تطوّرا والأكثر قدرة على السيطـرة على كوكب الأرض والتحكم فيه فغالبا الأمر يكون مقتصـرا على الثدييات، ما بين الإنسـان وعقله والكائنات البريّة وشراستها وقوتها ودهائها، لكن في الواقع هنـاك كائنات أخرى يبدو أنها قادرة على السيطـرة بشكل كامل على الكوكب وإعلان سيـادتها عليه، حشـرات صغيـرة حمـراء اللـون اسمها العلمي "سولي نوبسيس إنفيكتـا" أو "النمـل الناري"، وهي التسمية الشعبية المعـروفة له.

 

نمـلة شرسة شديدة الخطـورة والسمّية، قادرة على أن تغزو أي مكـان وتبني مستعمـراتها وترفع أعلام سيـادتها على كافة الكائنات الأخرى بمجرد أن تتواجد النملة الحمـراء في بيئة مناسبة لها، وتبدأ في التكاثر السريع بشكل مذهل، حيث يمكن أن تضم المستعمرة الواحدة للنمـل الأحمـر أكثر من 40 مليـون حشـرة، ومن ثمّ تتحول هذه المستعمـرات إلى جيـوش جرارة هدفها الوحيد والبسيط هو "إبـادة كافة الأنـواع الأخـرى".

 

منذ 100 مليون سنة لم يكن النمل النـاري بهذا الشكل، وإنمـا كان زنبـورا قاتلا خضع لعمليـة التطوّر ليصل إلى ما وصل إليه الآن. النملة لها لسعـة قوية مؤلمة حارقة مليئة بالسم، من الممكن أن تكون قاتلة للإنسـان مع ألم هائل بسبب سمّه الحارق المتواجد عند بطنه الذي يضخه مع لسعتـه للضحية مهمـا كانت.

 

يتسبب النمـل الناري بخسائر بيئية هائلة تطال كل شيء تقريبا، مزروعات وكائنات وحيوانات وأراض خضـراء وحشرات، مما يعتبر تهديدا حقيقيـا لوجود الإنسـان نفسه، وهو الأمر الذي يجعل جيشا من العلمـاء يدرسون إستراتيجيـات هذه الحشـرة للاستيلاء على الأراضي الجديدة وفرض نفوذها، ومتابعة تحرّكـاتها حول العالم للسيطـرة على توسّعها الذي يكون دائما مصحوبا بالخسائر والدماء.

 

سمـكة التنيـن.. ضيف ثقيــل يهدد الحياة في المحيط الأطلنطي

  

سمكة التنين هي سمكـة مفتـرسة تعيش في المحيط الهادي والهندي، وهي تعتبر واحدة من بين عدد كبير من المفتـرسات في هذه المحيطـات الشاسعة، ما يجعلها دائما تقع في معـارك متعادلة مع الأطراف الأخرى، ظل الأمر كذلك عندما قرر بعض الهواة الغوّاصين في ولاية فلوريدا المطلّة على المحيط الأطلنطي أن يفرجوا عن سمكـة التنين التي كانت بحوزتهم وإطـلاقها في المحيط الأطلنطي، وهو محيط لا يوجد فيه مثل هذه السمكـة على الإطـلاق. تصوّر وجود سمكـة التنين في المحيط الأطلنطي أشبه بوجود الكـانجـارو في البيئة العربية، أو الدب القطبي في جنوب آسيا.

 

مرت عشر سنوات، ليكتشف الغوّاصون في مطلع الألفية الجديدة -وهم في حالة من الذهول- وجود سمك التنين بشكل كبيـر في المحيط الأطلنطي، والتي قامت بدورها بغــزو مساحات هائلة من المحيط في زمن قياسي. في المحيط الأطلنطي تحديدا أصبح من السهـل على السمكـة الوافدة أن تتغذى على كل شيء في طريقها، مخلّفة وراءها أكثر من مليوني بيضـة جيلاتينية في السنـة، ينجو منها الآلاف التي تخـرج لتعيش في مستويات مختلفة من المحيط والشعب المرجانية، وتلتهم في طريقها كل شيء تقريبا، بدء من يرقات الجمبـري وليس انتهـاء بجراد البحر.

 

والأكثر مدعاة للدهشـة أن السمكـة تلتهم الأسماك المفتـرسة الصغيرة قبل أن تنمـو بشكل يجعلها كبيـرة بما فيه الكفاية لمهاجمتها، الأمر الذي جعل العلمـاء يعتبـرونها واحدة من أكبـر الأخطـار التي تواجـه الحيـاة البحــرية في المحيط الأطلنطي التي تستدعي خططا كبيـرة للمكـافحة، لدرجة أن بعض العلمـاء أسمـوها "أسوأ الغــزاة الذين شهدهم الكـوكب حتى الآن"!

 

فراشة الصنوبر.. وحش يهدد قـارة بأكملها

 

أوروبا مرّت بالعديد من الأخطار المدمّرة، بدءا بالجليد القاتل، مرورا بالحروب الدينية التي كان من نتـائجها اهتزاز نسب السكّـان في البلاد الأوروبية، وليس انتهاء بالأمراض مثل الطاعون، وأيضا الحروب العالمية العظمى. ومع ذلك، يوجد خطـر قد يكون أكبـر من كل ما سبق يهدد القارة الأوروبية تهديدا وجوديا شاملا، هذا الخطـر على شكـل يرقات صغيـرة قادرة على الطيـران اسمها "فراشـة الصنـوبر".

 

فراشة صغيـرة، تعيش في القارة الأوروبية متأقلمة مع أجوائها، تسير في جحـافل منتظمـة كأنها أرتال دبابات، وتتكون المستعمـرة الواحدة منها من حوالي 150 ألف يرقة، ووظيفتها البسيطة هو أكـل كل ما يُمكن أن يؤكل في طريقها بين الغابات، لدرجة أنها تسببت في إزالة غابات كـاملة في فرنسا، وحوّلت أشجـارها إلى مجرّد أعمدة من الأخشاب الواقفة دون أية أوراق لا خضراء أو صفـراء!

 

الحشـرة الصغيـرة يبدو أنها منيعة ضد كل الأخطار الوجودية، حيث تشير الأبحاث أنها نجت من العصر الجليدي، وأنها تستمر في زحفها إلى شمـال أوروبا لا يوقفها لا مرتفعـات ولا أجواء جليدية، فقط تسير بثبات تجـاه أي أماكن بها لون أخضـر يمثّل الأشجار في الغابات، وتتغذى عليها حتى تحيلها إلى أخشاب، وهو ما يجعلهـا من أكبر الأخطـار التي تواجـه الغابات الخضـراء في أوروبا، ومن أكثر مهـام العلمـاء أولوية لدحـرها قبل أن تتسبب في المزيد من الخسائر البيئيـة التي يدفع ثمنهـا كل أنمـاط الحيـاة في القارة وليس البشر فقط.

 

السلطعـون الملك.. ملك شرقي يفرض حكمه على الشمال

 

السلطعـون الملك (The King Crab) هو واحد من أكبر الحيوانات البحرية التي تسكن قاع السواحل القطبية الشمالية، حجمـه العمـلاق غير المسبوق بين أنواع السلطعـونات الأخرى، وشراسته في القتال والبقاء والتطور من ناحية أخرى، جعـلا اسم "السلطعـون الملك" يليق به بالفعل.

 

هذا الكائن القشري العمـلاق الذي يتغذى على كل شيء تقريبا -سواء نبات أو حيـوان- يعتبر من أكبر المحارات في عالم ما تحت الميـاه في كافة أرجاء الأرض، حيث يصل طول ساقــه فقط إلى 180 سم (قرابة المتـرين)، كما يبلغ وزنه حوالي 10 كيلوغرامات، وهو وزن كبيـر جدا مقارنة بأنواع أخرى من السلطعون. ومع كل هذه الصفـات، وكلّابته العنيفة التي يسحق بها أي شيء تقريبا، تحوّل السلطعـون الملك إلى ملك بالفعـل في الميـاه الشمـالية من العالم.

 

ومع ذلك، فهـو ليس ملكـا قديما لهذه المنطقة، الحقيقة أن السلطعـون الملك ما هو إلا ملك وافد، لأن هذه المنطقـة ليست منطقته من الأساس ولم يعش فيها مطلقا، وإنما بدأ ظهـوره عندما اهتم الاتحاد السوفياتي بنقلـه من السواحل الشرقية إلى السواحل الشمـالية ليكون مصدرا غذائيا معتمدا للشعب السوفياتي بسبب قيمته الغذائية العالية وقدرته على التكاثر السريع، الأمـر الذي جعـله يتحوّل إلى ملك شمــالي رغم أصــوله الشرقيّـة إن جاز التعبيــر.

 

لكن -ومع القيمة التي يقدمها لأهالي المنطقة- يبدو أنه بات يمثل خطرا حقيقيـا على مستوى الحيـاة البحرية في تلك المناطق، باعتباره من أكثر الكائنات البحرية شراسة وصلابة في مواجهـة الكائنات الأخرى بحجمـه الضخم وهيئته المخيفة ودروعه القوية التي تحميه من هجمـات المفترسات الأخرى، والأهم قوائمه التي تنمو باستمرار مهمـا فقد إحداها في إحدى الصراعات، الأمر الذي جعل العلمـاء يضعـونه تحت الرصد حتى لا تتحول قوته إلى مصدر خطر يهدد توازن الحيـاة البحرية بشكل كامل في تلك المناطق.

 

بحــر الشمــال.. جنـّة أرضية لا تعــرف الراحة

  

لطـالما كان بحر الشمال يعتبر في أذهان الكثيرين -في المناطق البعيدة عنه- ملازما للهدوء، بحـر هادئ تطل عليه دول إسكندنافيـا الراقية الهادئة بدورها، ويستخدم في التجـارة بين دول شمال أوروبا وروسيا، ويتمتّع بمشاهد خلابة. هذه هي المعلومات الأساسية التي يعرفها كل من له أدنى معرفة بالجغرافيا، وهي في معظمهـا معلومات سطحية بعضها صحيح وبعضها خاطئ.

 

بحـر الشمـال هو بحر يقع في شمال أوروبا تحيط به ست دول أوروبية، ويعتبر في حد ذاته جنّة أرضية. الكثير من التفاصيل المثيرة يحملها هذا البحر سواء في أعمـاقه أو على جانبيه، حيث يحتوي بداخله على حيـاة بحرية هائلة تجمع في طيّـاتها كل أنواع الحيوانات البحرية الوديعة والجميلة والمفترسة الفتّـاكة، فضـلا عن تأثيره على طبيعة حيـاة الناس الذين يعيشون حوله، حيث الحيـاة أقرب إلى منظورها الطبيعي القديم بكل عاداتها القديمة الطبيعية، وإن كـانت في شمال أوروبا التي من المفترض أنها من أكثر قارات العالم تحضّرا.

  

هذا الوثائقي -على جزئين– يحتـوي على رحلة تصوير ما يزيد عن 2000 يوم (حوالي خمس سنوات ونصف)، يتعمّق في بحر الشمـال سواء أعمـاقه أو أطرافه أو الحيـاة التي يحتويها أو حتى أثـره على السكـان من حوله، ما يجعله واحدا من أكثر الأفلام التي تمنح المشاهد رحلة بصـرية ممتعـة ينتج عنها مزيج من الإثارة والهدوء والذهـول من روعـة هذه الأماكن على سطح الكوكب.

 

حيـوانات لا تنـام.. عيـون ساهــرة للهجوم والدفاع

   

النوم، هذه الظـاهرة البيولوجية التي تعد من أكثر الظواهر غموضا في الحياة، والتي يعمـل على دراستها جيش من العلمـاء والمتخصصين والباحثين من كافة الجنسيات لمعـرفة وسبر أغوارها. العلم يؤكد أن كل الكائنات الحية تنام، طالما هنـاك كائن يمكن وصفـه بالحيـاة فحتمـا تنطبق عليه هذه الظـاهرة.

 

أما مدّة النوم وطريقته فهمـا أمران محلا خلاف، وهما أيضا محلا ذهول ودهشة، فبعض الحيـوانات نومها بضع ثوانٍ، وبعضها ساعات قليلة، وبعضها ثماني ساعات، وبعضها ينـام معظم اليوم، وبعض الكائنات يقضي 90% من حيـاته في حالة من اللاوعي.

 

أما أشكـال النوم فهي لغـز آخر، العنـاكب لها ست عيـون، لذلك يمكنها أن تظـل في حالة من اليقظة لعدة أشهـر طويلة دون أن تنام، والثعـابين لا تغلق عيـونها أبدا سواء نامت أم لا، أما الدلافين فتتحدث أثنـاء النوم، وبعض الطيـور تنـام أثنـاء التحليق في الجو، كذلك بعض الحيـوانات تحلم أثناء النوم، وقلة من الحيوانات تنـام ثماني ساعات وعيـونها مغلقـة وهي في المكـان نفسه أثناء الليل.

 

تختلف مُدَد وأشكـال النوم من حيـوان لآخر وفقا لبيئته وطبيعته الجسدية التي تطوّرت لتلائم هذه البيئة، فبعض الحيوانات والحشرات تنام لدقائق لأن الغفلة أكثر من عدة دقائق قد يعني موتها المحقق وافتراسها من أعدائها، وبعض الحيوانات تنام ساعات طويلة مرتاحة البال لعدم قدرة أي كائن من الاقتراب منها، وبعض الحيـوانات تظـل ساهـرة طوال الوقت فيمـا يبدو أنها لا تنـام إطـلاقا لانتظـار الفريسة التالية التي سوف تبقيها على قيد الحيـاة.

 

مليــون لدغـة أفعــى سنويا

   

في الهند يوجد تجمّع من أكبر التجمّعات البشرية على الإطلاق بتعداد يتخطى المليار نسمة، ويوجد أيضا مجموعة من أشرس الأفاعي في العالم، 65 نوعا منها يعتبـر سمّيـا، وخمسـة عشـر منها تعتبر من أكثر الأفاعي خطورة على وجه الأرض، وتسبب الوفاة السريعة للإنسـان. ويبدو أن الزحام في الهند لا يقتصـر على الناس فقط، وإنما يمتد ليشمـل عدد الأفاعي أيضا، وبالتالي ينعكس ذلك على مقدار الإصابات والوفيّـات سنويا.

 

مليـون شخص في الهند يُلدغون سنويا بواسطة الأفاعي، وحوالي خمسـين ألف شخص يموتون بسببها. رقم هائل من الوفيـات لا يوجد في أي مكـان في العالم، حتى في أستراليا التي تعتبــر من أكبر القارات على الأرض احتواء على أنواع شديدة السمية من الأفاعي، وتحتوي على ضعف عدد أنواع الأفاعي الشرسة الهندية. ومع ذلك، عدد الوفيـات سنويا في أستراليا بسبب لدغـات الأفاعي لا يتجـاوز الثلاثة أشخاص.

 

الوثائقي الذي حقق مشاهدات مرتفعة وصلت إلى نصف مليـون مشاهدة، ويعتبر الأكثر مشاهدة في ملف وثائقيـات "الحيـاة البرية" الذي أنتجتـه الجزيرة الوثائقيـة، يستعرض رحلة مثيـرة عن أنواع الأفاعي الهندية ومدى سمّيتها، والآثار الهائلة التي تتركها الأفاعي على الناس في تلك المناطق، حيث تعدّ عدوا حقيقيـا يكلف الهند عشرات الآلاف من الضحـايا لن تتكلّفها إذا خاضت حربا نظـامية بشكل سنوي، ومدى تأثير وجود هذه الأفاعي على الحيـاة في الهند ما بين الألفــة والخوف والرهبة والقدرة على التعامل مع الأفاعي بشكل يومي.

 

الأفلام التي أنتجتها الجزيـرة الوثائقيـة عن رصد الحيـاة على كوكب الأرض في مختلف زواياه لا تنتهي، وتعتبـر مخزونا ثقافيا ممتازا يمكن أن يقدّم صـورة أفضـل وأكثر شمولية للحيـاة عن تلك الرحلة المحدودة التي قام بها كريستوفر إلى البرية. يمكن أن يخوض كل منـا رحلته الخاصة إلى البريّة من خلال هذه الأفلام التي تعتبر مدخلا لعشرات الأفلام الأخرى.

المصدر : الجزيرة