رحلة مثيرة في أروقة أفلام "التسجيلات المكتشفة"
قبل عام 1999، إن سألت مهتما بالسينما بشكل خاص عن رأيه في أفلام "التسجيلات المكتشفة" (Found Footage) فغالبا سيبادرك بالسؤال عما تقصـده بهذا النوع من الأفلام. وعلى الأرجح -في أحسن الاحوال- سيعتقـد أنك تقصــد بسؤالك هذا "الأفلام التسجيلية" التقليدية التي لها طابع يمزج ما بين الأفلام الوثائقية الاحترافية من ناحية، والتسجيلات الميدانية الواقعيـة من ناحية أخرى.
السبب أن هذا التصنيف من الأفلام "التسجيلات المكتشفة" رغم ظهـوره في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات بشكل واضح فإنه لم يحظَ بفرصة الانتشار بشكل واسع كتصنيـف معتد به جماهيريا في إنتاج الأفلام السينمائية إلا بعد صدور فيلم الرعب الشهير "مشروع الساحرة بلير" (Blair witch project) في نهاية التسعينيات، والذي حقق نجاحا هائلا جعل البعض يعتبـره حجر الأساس لكافة الأفلام من هذه النوعيـة التي تم إصدارها لاحقا.
أفلام "التسجيلات المكتشفة" (Found Footage Movies) ببساطة عبارة عن أسلوب سينمائي في إخراج مختلف أنواع الأفلام عن طريق عرضها كما لو كانت مجموعة من تسجيلات الفيديو التي يقوم أحد شخصيات الفيلم بتصويرها، أو تسجيلات لكاميرات مراقبة مثلا، وتعتمد هذه الأفلام على إبداء هذه التسجيلات حقيقية تماما باستخدام تقنيـة اهتزاز الكاميرا، والحوار المُرسل الذي يشابه عرض الحوارات الطبيعية.
هنا سوف نستعرض مجموعة من أفلام التسجيلات المختلفة، حيث تشمل هذه المجموعة تصنيفات أفلام مختلفة ما بين رعب وخيال علمي وتشويق وكوارث، حتى تكون مدخلا مناسبا لك إلى هذا الجانب من عوالم السينما الذي ما زال يعد غامضا بالنسبة للكثيرين، إلا أنك ستغيّـر رأيك بعد مشاهدة هذه الأفلام!
حفلة وداع لأحد الأصدقاء قبل سفره إلى اليابان يقوم تصويرها بواسطة كاميرا تسجيل بسيطة، تبدو الأمور عادية تماما، عندما يسمع الأصدقاء صوت ضجة هائلة من الخارج ليكتشفوا أن ثمة مسخا عملاقا هائل الحجم يجوب المدينة واستدعى تدخل قوات الجيش للتصدي له بآلاف الصواريخ والدبابات، الأمر الذي حوّل مدينة نيويورك كلها إلى فوضى عارمة طالت الجميع.
تابع هذا المشهد:
الفيلم من بطولة مايكل ستال وتي ميلر، ومن إخراج مات ريفز الذي استطاع أن يعالج فكـرة كبيرة من هذا النوع بواسطة تصويرها عبر كاميرا واحدة محمولة على الكتف، والتي كانت اهتزازاتها وحركتها طبيعية تماما ومتناسبة مع الأحداث المرعبة التي تقع في الفيلم. الفيلم يعج بمشاهد بصرية ومؤثرات صوتية مميزة، وتسلسل سريع من الأحداث يجعل من الصعب جدا أن توجد لمحة ملل أثناء مشاهدته، ويمكن تصنيفه أنه فيلم رعب وإثارة في الوقت نفسه.
مجموعة من الباحثين الأركيولوجيين يقررون عمل مغامرة بحثية في سراديب الموتى التي تقع على مسافة 20 مترا أسفل شوارع العاصمة الفرنسية باريس، والتي تقدر الأرقام بأنها تضم رفات أكثر من 6 ملايين شخص، وتعتبر أكبر مقبرة في العالم. الفيلم يتم تصويره بكاميرا محمولة واحدة على الكتف يحملها أعضاء الحملة، وتدور أحداثه في متاهات مجهولة مليئة بالعظام والجثث لاكتشاف أحد الأسرار القديمة التي دمجت في مشاهدها العديد من التيمات، مثل حجر الفلاسفة السحري الشهير وربطها بتعويذات مصرية قديمة، وأحداث تاريخية مرّ بها مقاتلون صليبيـون وغيرها.
يمكن اعتبار الفيلم مزيجا من الرعب المحض من ناحية، وتسلسل الأحداث الغامضة القائمة على التشويق من ناحية أخرى، ما جعله واحدة من أكثر التجارب الناجحة في أفلام التسجيلات المكتشفة بلا شك.
مجموعة من الشباب في المدرسة الثانوية، توفت زميلتهم مؤخرا، ويبدو أن روح زميلتهم عادت للانتقام منهم جميعا بعد أن كانوا جميعهم يتآمرون عليها قبل وفاتها، وتبدأ الأحداث المرعبة تتوالى أثناء مكالمتهم الجماعية التي يشوبها طول الوقت الكثير من الرعب والدماء والترقب. حقق الفيلم زخما كبيرا في عالم السينما كونه يلامس تماما واقع الحياة الرقمية التي نعيشها، ما جعل الإخبار تشير إلى قرب إطلاق جزء ثانٍ منه قريبا، لم يتم تحديد موعده بالضبط.
الفيلم يحكي عن مجموعة من المراهقين في المدرسة الثانوية يستطيعون إيجاد وسيلة لبناء آلة زمن بدائية، ويبدأ الأصدقاء في استخدامها للعودة إلى الماضي لإصلاح بعض الأخطاء التي وقعوا فيها، وتعديل مسار المستقبل، ليكتشفوا في النهاية أن العبث بالماضي أدّى إلى نتائج كارثية في حياتهم المستقبلية بشكل كامل.
رغم أن حبكة العودة إلى الماضي، والحلقات الزمنية شديدة الشهرة في الأفلام، وتم معالجتها بأكثر من جانب عبر عشرات الأفلام فإن معالجة هذه الحبكة المكـررة في هذا الفيلم كان لها طابعا مختلفا، حيث تم تصويرها بطريقة المشاهد المتفرّقة التي يتم رصدها على كاميرا محمولة، وهو ما جعلها أكثر تشويقا وواقعيـة في معظم أحداث الفيلم.
الفيلم يدور حول تعرّض إحدى البلدات إلى أعاصير مفاجئة غير متوقعة، الأمر الذي جعل الخبراء يدرسون الظاهرة ليكتشفوا أن القادم أسوأ، وأن كل هذه الأعاصير هي تمهيد لكارثة مناخية شاملة ستضرب المدينة، الأمر الذي جعل الآلاف يتجهون إلى الملاجئ إلا مجموعة من الطلاب المغامرين الذين قرروا أن يذهبوا إلى الإعصار بأنفسهم ويسجلوا ما يرونه عن قرب. الفيلم قدّم مجموعة من البصريات والمؤثرات الصوتية المميزة، وهو الأمر الأساسي وراء الإقبال الجماهيري عليه واعتباره أحد أفلام التسجيلات المكتشفة المصنوعة جيدا.
ثلاثة أصدقاء في المدرسة الثانوية، لكل منهم ظروفه الاجتماعية المختلفة، وفي خضم حياتهم واختلافاتهم يكتشفون بالصدفة حجرا عجيبا يبدو أنه بقايا مذنّب ما، عندما يقتربون منه لاستكشافه يمنحهم قوة غير طبيعية تتمثل في قدرتهم على التحريك عن بعد والتحكم في الجاذبية. أحداث الفيلم تبرز بأسلوب شيّق ممارسات الأصدقاء بدءا من السعادة من اكتساب هذه القوة الخارجة، وانتهاء بصعود الشر بداخلهم والصراع فيما بينهم لضبط قوّتهم واستخدامها في الخير.
الفيلم يعتبر من أشهر أفلام التسجيلات المكتشفة التي تندرج تحت تصنيف درامي وخيال علمي وتشويقي في الوقت نفسه، واستطاع مخرجه الشاب جوش ترانك معالجة القصة ببراعة بدون أي ملل تقريبا أو إشعار المشاهد بالضيق من طريقة التصوير، بل بالعكس منحه مصداقية أكبر.
الفيلم الذي ترشح لمجموعة جوائز واستطاع حصد العديد منها يعتبـر حالة دراسية لنوعية الأفلام التي تم صناعتها بميزانية شديدة التواضع واستطاعت تحقيق إيرادات هائلة غير مسبوقة، فمع ميزانية لا تتجاوز 60 ألف دولار حقق الفيلم إيرادات تقارب 250 مليون دولار (ربع مليار دولار)، وهو ما اعتبر ظاهرة في عالم الأفلام عموما، والأفلام التسجيلية خصوصا.
الفيلم يحكي قصة ثلاثة طلاب يتوجهون لإحدى الغابات بهدف إنتاج فيلم وثائقي عما أشيع بوجود ساحرة في الغابة تعمل على تعذيب الأطفال وقتلهم، لكن نهاية الرحلة هو اختفاء الطلاب في الغابة والعثـور على الأشرطة التي قام الطلاب بتسجيلها أثناء رحلتهم في الغابة، ومن ثم يدور الفيلم حول الأحداث المُرعبة المليئة بالحذر والرعب أثناء بحثهم عن الساحرة.
رغم أن قصة الفيلم تبدو معتادة في أفلام الرعب فإن التسويق العبقري له جعله يحصد ربع مليار دولار مقابل ميزانية متواضعة، حيث قام منتجو الفيلم بتوزيع أوراق دعاية بخصوص اختفاء الطلاب، والترويج للفيلم باعتبار أنه حقيقة وليس من محض الخيال، وقد تناولنا الفكـرة التسويقية المميزة لهذا الفيلم بالتفصيل في هذا التقرير.
الفيلم تدور أحداثه حول فريق عالمي من روّاد الفضاء يذهبون في مهمـة علميـة لاستكشاف القمر (أوروبا) التابع لكوكب المشتري، والذي يتوقع أنه يحتوي على كميات كبيرة من بخار الماء، ما يعني إمكانية وجود صور للحياة، وتحدث مشكلات فنيّة تقطع الاتصال بين المركبة وبين الأرض، ما يجعل روّاد الفضاء يكملون رحلتهم العلمية بأنفسهم حتى بعد انقطاع الاتصال.
تبدأ الأحداث تتصاعد عندما يواجه الفريق مجموعة من الأزمات الفنية، وآثارا تدل على وجود حياة واضحة، الأمر الذي يعرّضهم للتضحية بحياتهم في سبيل إنقاذ زملائهم أولا، وإرسال النتائج المثيرة التي اكتشفوها إلى الأرض أو تسجيلها لحين اكتشافها لاحقا.
يحكي الفيلم عن طبيبة نفسيـة تعيش في ولاية آلاسكا أقصى شمال الولايات المتحدة، وتقوم باستخدام التنويم المغناطيسي لمعالجة طائفة من المرضى الذين مروّا بتجربة اختطاف من مخلوقات فضائية، وتقوم بتسجيل مرضاها عبر الفيديو أثناء الجلسات العلاجية، وتتصاعد أحداث الفيلم لتكتشف بالصدفة أن تسجيلات الفيديو تعتبـر دليلا بارزا لتعرّضهم لعمليات اختطاف حقيقية من قبل مخلوقات فضائية مخيفة. الفيلم مزيج من إثارة ورعب وتشويق، ويحمل حبكة فنيّة جيدة جدا، ما جعله من أكثر الأفلام التي يتردد ذكـرها تحت هذا التصنيف.
فيلم (Trollhunter) هو فيلم نرويجي من إنتاج عام 2010، يحكي قصة مجموعة من الطلاب يذهبون لاستشكاف مسخ عملاق، ويسجلون رحلتهم. الفيلم يعد من أشهر أفلام المسوخ العملاقة، ومشابه في فكـرته العامة لفيلم (Cloverfield) الذي تم ذكـره في أول القائمة.
فيلم (REC) هو فيلم إسباني من إنتاج عام 2007، من أشهر أفلام الرعب الأوروبية تحت هذا التصنيف، ويحكي قصة مراسل صحفي برفقة رجل كاميرا يتبعان مجموعة من رجال الطوارئ إلى شقة سكنية غامضة مليئة بالأحداث المرعبة.