كيف ظهر الفيلم التلفزيوني؟

ميدان تلفزيون

 "فيلم مُعدّ للتلفزيون"، تعبير ظهر في الولايات المتحدة في بداية ستينيات القرن الماضي؛ في محاولة لجذب مرتادي السينما إلى التلفزيون، ظهرت الأفلام التلفزيونية في البداية كبرامج تلفزيونية بديلة عن السينما؛ لكنها ذات تكلفة أقل، في محاولة لتقليل هامش المخاطرة، إلا أن ذلك أثر -أيضا- على جودتها.

صدرت أولى تجارب الأفلام التلفزيونية في العام 1964 في فيلم بعنوان "القتلة" من بطولة "لي مارفين" و"رونالد ريغان"، صور كفيلم تلفزيوني، لكن شبكة "إن بي سي" المسئولة عن العرض؛ رأت أنه أعنف من أن يعرض على التلفزيون، ولا يناسب العرض العائلي؛ لذا صدر عوضًا عن ذلك في السينما.

بعد ذلك؛ ومن حين إلى آخر تم استخدام الفيلم التلفزيوني كعمل تعريفي لمسلسل تلفزيوني، يصدر الفيلم أثناء فترة عرض المسلسل أو قبلها؛ بهدف ترويجي وفى بعض الحالات يتم إنتاجه بعد نجاح المسلسل كنوع من استغلال ذلك النجاح.

undefined

اختلفت آراء النقاد حول تلك النوعية من الأفلام، لاقت بعضها ترحيبا نقديًا، وآخرون اعتبروها ركودًا للصناعة نفسها، وتعبيرًا عن حالة من الرداءة في المجتمع، "لا يوجد مثال عن الثقافة الشعبية يماثل سوء الفيلم المعدّ للتلفزيون"[1]، حيث إن تلك النوعية اعتمدت على طاقم عمل محدود للغاية، وعدد من الممثلين غير المشهورين، ومجموعة محدّدة من الخلفيات وآلات التصوير؛ أي إنها اعتمدت على تكلفة بسيطة وجودة منخفضة.

أفلام قليلة التكلفة مقبولة الجودة

في بداية الثمانينيات شهدت السينما المصرية صعودًا كبيرًا ومتناقضًا لأهمّ تياراتها في ذلك الوقت، تيار الأفلام التجارية؛ حيث شهدت عملية الإنتاج السينمائي إنتاجّا غزيرّا لما يعرف بأفلام المقاولات؛ وهى أفلام وجدت ضالتها في خلطة جاهزة ومعلبة لنوعية رديئة من الفن.

اعتمدت تلك النوعية من الأفلام على أبطال الصف الثاني والثالث، ومجموعة من السيناريوهات التي تعتبر خليطًا معلبًا وجاهزًا "الحركة، المخدرات والجنس" ومعها تكثيف لمشاهد الجنس بلا أي توظيف درامي، إلا أنها كانت تلقى رواجًا كبيرًا في أسواق الخليج، وكان يتم إنتاجها خصيصًا لذلك؛ لكنّ هذا الانتشار والرواج بات محدودا جدا بعد حرب الخليج.

على النقيض تمامًا ظهر تيار مناوئ أطلق عليه الواقعية الجديدة، مثّله مجموعة من المبدعين الشباب المتمردين على الأوضاع المتردية للسينما، فحاولوا خلق مساحة إبداعية تليق بأعمالهم الفنية وطموحهم في التعبير عن المشاكل التي يعانيها جيلهم والأحلام التي يرمقونها من بعيد.

undefined

خاض هؤلاء مغامرات إنتاجية غير محسوبة؛ حتى يستطيعوا تقديم فن يعبر عنهم وعن جيلهم كما أرادوا، إلا أن حسابات السوق كان لها رأي آخر، ففشلت واحدة من أهم تجارب ذلك الجيل، تجربة "أفلام الصحبة" التي قام مجموعة من أبرز مبدعي تلك الفترة "عاطف الطيب، محمد خان، سعيد شيمي، بشير الديك، نادية شكري" بإنتاج فيلمين من خلالها، هما من أهم أعمال السينما المصرية على الإطلاق؛ الفيلمين هما "سواق الأتوبيس" لعاطف الطيب و"الحريف" لمحمد خان، إلا أنه -ولأسباب إنتاجية بحتة- لم تستطع التجربة الصمود، وفقًا لما ذكره خان فى كتابه "مخرج على الطريق".

الفيلم التلفزيوني: فيلم يصلح للمشاهدة العائلية

في تلك الفترة التي تجاذبتها هذه النوعية من الأفلام المعلبة والرديئة بقصد تحقيق المكسب المضمون استغلالا لسوق الخليج، ومع عدم اكتمال تجارب تحاول خلق فرص بديلة وذاتية للتمويل، ظهرت أفلام جديدة هي الأفلام المعدة للتلفزيون.

الفيلم التلفزيوني هو فيلم أنتج خصيصا للعرض التلفزيوني، فهو لا يُعرض على شاشات السينما؛ وبالتالي لا يخضع لسوق الإنتاج المحلي وصناعة السينما
على الرغم من قيام الدولة بدعم الأفلام المعدة للتلفزيون، إلا أنها اتسمت بقدر كبير من الجرأة في مناقشة بعض الأوضاع الاجتماعية والسياسية

الفيلم التلفزيوني هو فيلم أنتج خصيصا للعرض التلفزيوني، فهو لا يُعرض على شاشات السينما؛ وبالتالي لا يخضع لسوق الإنتاج المحلي وصناعة السينما، إن عوامل الإيرادات، وسباق النجوم، وشباك التذاكر غير مهمة في تلك النوعية بالأساس، أو بالأدق هي سبب الحاجة إليها.

أفلام السينما تتسم بأنها ذات ميزانية عالية، تقوم بإنتاجها شركات كبيرة هادفة للربح بشكل رئيس، فيخضع الفيلم في كثير من الأحيان إلى قواعد السوق (الربح والخسارة) على حساب النوعية والجودة، قامت الدولة بدعم تلك النوعية الجديدة من الأفلام من خلال قطاع التلفزيون الذي أنتج العديد من الأفلام التلفزيونية التي تتسم بانخفاض الميزانية وجودة أعلى؛ من حيث المنتج الفني وفقًا للإمكانات المادية المتاحة.

على الرغم من قيام الدولة بدعم الأفلام المعدة للتلفزيون، إلا أنها اتسمت بقدر كبير من الجرأة في مناقشة بعض الأوضاع الاجتماعية والسياسية، وتميزت تلك الأعمال بأنها تصلح للعرض العائلي، فتعلق الجمهور بها واعتاد على رؤيتها، ولم يستطع التفرقة بينها وبين الأعمال السينمائية؛ بل إنه يفاجأ عندما يعرف أن بعض هذه الأفلام المميزة لم تُعرض على شاشات السينما من الأصل، أي أن دعم الدولة وجودة تلك الأعمال ساهما في تكوين ما يمكن أن نطلق عليه "سينما المنزل" ولمّ شمل العائلة.

في النهاية نرشح لكم مجموعة من أهم الأعمال التلفزيونية التي لاقت رواجًا جماهيريًا وقبولًا كبيرًا لدى الأسرة المصرية، وكذلك حفاوة نقدية.

فيلم "فوزية البرجوازية"، فيلم تلفزيوني من إنتاج اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري عام 1985، بطولة: إسعاد يونس وصلاح السعدني، ﺗﺄﻟﻴﻒ: أحمد رجب، سيناريو وحوار: عاطف بشاي، إخراج: إبراهيم الشقنقيري.


فيلم "أنا وأنت وساعات السفر"، فيلم تلفزيوني من إنتاج اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري عام 1985، بطولة: يحيي الفخراني ونيللي، قصة وسيناريو وحوار: وحيد حامد، إخراج: محمد نبيه.

undefined

فيلم "حكايات الغريب"، فيلم تلفزيوني من إنتاج اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري عام 1992، بطولة محمود الجندي ومحمد منير وشريف منير وحسين الإمام، عن قصة للأديب جمال الغيطاني، سيناريو وحوار محمد حلمي هلال، موسيقى تصويرية:  ياسر عبد الرحمن، إخراج: إنعام محمد علي.

فيلم "الطريق إلى إيلات"، فيلم تلفزيوني من إنتاج اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري عام 1993، بطولة: عزت العلايلي ونبيل الحلفاوي، قصة وسيناريو وحوار: فايز غالي، موسيقى تصويرية: ياسر عبد الرحمن، إخراج: إنعام محمد علي.

فيلم "المراكبي"، فيلم تلفزيوني من إنتاج اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري عام 1995، بطولة: صلاح السعدنى ومعالي زايد وأحمد السقا، قصة وسيناريو وحوار: أحمد عوض، إخراج: كريم ضياء الدين.
undefined

المصدر : الجزيرة

إعلان