شعار قسم ميدان

5 لوحات فنية ساحرة بإمكانك طباعتها وتعليقها على جدران منزلك

نعود دوما بعد أن يُنهكنا السير إلى مَسكننا، بأركانه المريحة المتسعة التي لا تضيق، لنقضي ساعات يوميا في غرفة المعيشة بين حوائطها الصماء. فماذا لو علَّقنا لوحة فنية نسرح فيها إلى بهاء الأُفق من أجرام سماوية، وجداول ماء على صفحة زنابق بيضاء، وبحار ألقت بزبدها على سواحلها وطيور النورس تُحلِّق فوقها، وسفوح جبال تتحلى بالثلوج وأقاليم يعمرها الياسمين. لكن هل تعرف ما الأفضل من أن تُعلِّق لوحة على جدار حجرتك؟! أن تُعلِّق لوحة تعرف عنها الكثير، تفهم فحواها ومحتواها، وقد اخترنا لك في هذا التقرير مجموعة من اللوحات التي يمكنك أن تجدها مجانا مع بعض البحث.

نسمات من الهواء الطلق

مروج خضراء، وبحيرات يتهادى فيها البجع، على ضفافها فتيات أو نسوة متأملات، أو يبدون وكأنهن يتبادلن الأحاديث. هذا نموذج للمناظر الطبيعية الخلابة التي التقطتها لوحات الفنان جورج هنري أثناء دراسته في مدرسة غلاسكو للفنون. لكننا لن نفهم أيًّا من أعماله دون النظر إليها بوصفها حلقة في دائرة الرسامين المعروفة باسم "فتيان غلاسكو" (The Glasgow Boys).

لوحة "بجانب البحيرة" (Beside the lake)

هاجر أولئك الفتية إلى الريف، ومن خارج الأبواب، في الهواء الطلق شحنوا مشاهدهم، فتطبَّعت أعمالهم بالجرأة والتركيز المتزايد على الزخرفة. حين رفدوا إلى نهر تروساش في اسكتلندا، لم يرسموا المرتفعات، وإنما ركَّزوا على الحياة اليومية وعمل الأشخاص الذين يعيشون على الأرض، مُتبنّين نهجا أكثر طبيعية يروم إلى إظهار أناس حقيقيين في بيئتهم الخاصة. (1)(2)

بعد سنوات تفرَّق فتيان غلاسكو، وحطَّ جورج هنري رحاله في اليابان، فاخترقت الحكايات الشعبية الرمزية اليابانية وصور ذلك المجتمع أعماله (3) (4)، وعرفت النساء اليابانيات وفتيات الجيش طريقهن إلى لوحاته، فظهر الكيمونو الخاص بهم وجبل فوجي الذي يتمتع بمكانة أقرب إلى القدسية في اليابان.

نواجه هنا في لوحة "بجانب البحيرة" (Beside the lake) سماوات يتمدَّد فيها السحاب، تتراص الخُضرة فالزُّرقة بالتتابع، ويجاور إحدى السيدتين المستلقيتَيْن على العشب اللون الأبيض كحبات من الياقوت، فيما يكسر اللون الزمردي لفستان إحداهما ذلك التعاقب. يشع شعر الأخرى الأصفر كشمس تتعامد على ما خلفها، عمد راسمها إلى الاستخدام الموزون للفرشاة الدقيقة والريشية لإضفاء الحيوية على التركيبة، في مشهد بديع تشعر أنك طرف ثالث فيه.

رياح من البحر

لوحة "رياح من البحر" (Wind from the Sea)

بعيدا، هناك على العشب في ولاية مين (شمال شرق الولايات المتحدة الأميركية)، رسم الفنان الأميركي أندرو وايث لوحة "رياح من البحر" (Wind from the Sea) نُطِل فيها على نافذة ينسدل فوقها ستار شفاف، نسيجه آخذ في الانحلال وتُحرِّكه الرياح، ليُثير ذلك إحساسا بأن وايث التقط شيئا أبعد من مدى بصرنا بكثير.

تتكرَّر النوافذ في أعمال وايث بوصفها استعارات وربما إطارات يضع فيه شخصياته، وقد أبدع هذه اللوحة من منزل متداعٍ يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر يملكه أصدقاؤه الذين عاشوا على ساحل تلك الولاية (5). بينما وقف وايث في غرفة مهجورة بالطابق الثالث من منزلهم، مقابلة للبحر، ثارت الريح فجأة في وجه ستائر مُمزَّقة، فرسم ويث رسما سريعا على الوجه الآخر من ورقة خطَّ فيها ملامح صديقة زوجته كريستينا أولسون.

لوحة "عالم كريستينا" (Christina’s World)

من زاوية أبعد، خارج المنزل، وسط المناظر الطبيعية الصخرية، تتكئ امرأة شابة بمنكبَيْها على الحقل العشبي، مُعرِضة بوجهها عنا، ترتدي فستانا زهريا، ويبدو من خصيلات شعرها المبعثرة أنها في مواجهة الريح. تظهر وضعيتها الراحة، لكن يديها تنغرس بقوة، مما يبعث التوتر، مُوصِلا إيحاء أنها مُجمَّدة ومُثبتة على الأرض (6)، أما ناظرها فمُصوَّب إلى مزرعة بعيدة مُلحقة بمبنى قديم رمادي متناغم مع العشب الجاف والسماء الغائمة.

لم يختلق وايث تلك المرأة، لم يكن في حاجة إلى ذلك، لأنها كانت صديقة زوجته كريستينا أولسون. في صغرها أُصيبت أولسون بحالة عضلية تنكسية، ربما شلل الأطفال، جعلتها غير قادرة على المشي. رفضت استخدام كرسي متحرك مُفضِّلة الزحف، كما نرى، مُستخدِمة ذراعيها لسحب الجزء السفلي من جسدها. ألهمت كريستينا وايث لتظهر في أربع من لوحاته، أشهرها "عالم كريستينا" (Christina’s World).

على الأمواج المتلاطمة

لا ينكشف البحر في عملَيْ وايث بقدر ما يفعل في لوحات رسَّام بحري ألماني رائد يُدعى باتريك فون كالكروث، سحبته الأمواج إلى حدود شطآنها، ليُقرِّر في شبابه أن يكون بحارا، لكنه عاد إلى مراسيه مُلتحقا بأكاديمية الفنون الجميلة في برلين، حيث استقر هناك في دوسلدورف.

قضى أوقاتا على طول بحر الشمال يرسم مشاهد للأمواج المتلاطمة على طول الشواطئ والسفن. في لوحاته، تساقطت كل الموجودات ولم يعد هناك سوى مناظر البحر الخلابة، وأمواج تتكسَّر أحيانا عند غروب الشمس. قد نتورَّط في تكوين هذه اللوحة حد أن تزل أقدامنا إلى هناك. تتوزع الألوان الأفتح لتُشكِّل السماء والبحر والأمواج، حتى نقع على حبيبات الرمل الصفراء الساكنة.

عناق يُذهب الوحشة عن هذا العالم

تثب لوحة الفنان النمساوي غوستاف كليمت مثل حورية تمرَّدت على محيطها، وربما سكنت يوما أحد بحار "كالكروث". حديثنا ليس عن أحد أكثر أعمال كليمت شهرة وإثارة للجدل "القُبلة"، وإنما عن عمل آخر لا يقل بهاء وهو "شجرة الحياة" (The Tree of Life, Stoclet Frieze)، في واقع الأمر فإن العملين معا يحكيان قصة رمزية تُمثِّل اتحاد الحب والارتباط الجسدي والروحي.

لوحة "شجرة الحياة" (The Tree of Life, Stoclet Frieze)

زوجان متعانقان، رجل مُنحنٍ لا يظهر منه سوى شعره الداكن، يضم بين يديه امرأة عيناها مرخيتان بسلام. ترتدي الشخصية الأنثوية فستانا ملوَّنا مزخرفا يتباين عضويا مع ملابس شريكها، ليُكمل أحدهما الآخر. تحاكي العناصر الموجودة داخل الملابس المنقوشة نظيرتها الموجودة داخل الأغصان المتفرِّعة من شجرة الحياة، تتجذَّر تلك الشجرة لآلاف السنين في الثقافات والأديان والأيديولوجيات، كتلك التي عند القدماء المصريين الذين تأثَّر بهم كليمت، فعلى اليسار (9)(10) تظهر سيدة بأعين كحلية توشَّحت لباسا منقوشا يبدو مستوحى من الفن المصري القديم، مزخرفا يتسع كلما اقترب من الأرض.

تخلق دوامة الأفرع رمزية أسطورية توحي باستمرارية الحياة، تلتف الأغصان وتدور في حدود متموجة، مما يخلق تشابكا قويا بين الأفرع والكروم الطويلة والخيوط الهشة للتعبير عن تعقيد الحياة (11). مع امتداد فروعها إلى السماء، تتجذَّر شجرة الحياة في الأرض خالقة صلة بين السماء والأرض لتدل على الحتمية النهائية -المُعبَّر عنها بالطائر الأسود- التي تحكم أي كائن حي، من الولادة والعيش ثم العودة إلى التراب. تُجسِّد شجرة الحياة الترابط بين كل الأشياء، بما في ذلك الجنة والجحيم والأرض والحياة والموت.

تموج اللوحة بين عدة أساليب من فترات مختلفة، كالعصر البرونزي والفسيفساء البيزنطي، لكن الجزء الأكثر بروزا في اللوحة هو تعمُّد كليمت طلاءها بأوراق الذهب. ففي عام 1905، كُلِّف كليمت، إلى جانب العديد من الفنانين، بتزيين الجزء الداخلي من قصر ستوكليت، الذي يملكه رجل صناعة بلجيكي ثري في بروكسل، فصمَّم هذه السلسلة المكوَّنة من ثلاث لوحات كبيرة كإفريز لغرفة الطعام في القصر، والإفريز هو شريط زخرفي على حائط أو جدار بالقُرب من السقف (12).

وهج هذا المساء

لوحة القناديل اليابانية (Japanese Lanterns)

أما الفنان لوثر إيمرسون فان غوردر فيرسم مشاهد الريف الفرنسي، شأنه شأن جورج هنري مع مدينته، كما صوَّر لوحات حضرية لباريس ولا سيما أسواق الزهور الملونة، لكنه برع في استحضار بهجة الطفولة بطريقة ساحرة في لوحة القناديل اليابانية (Japanese Lanterns).

تجمع اللوحة في أسلوبها بين الانطباعية والمعالجة الواقعية (13)؛ انطباع يُعبِّر عنه بالألوان الزاهية والضوء المتوهِّج الدافئ، أما ضربات الفرشاة فتأتي في حركة دائرية مرئية تدعم ثيمة نقاء الطفولة وتساؤلاتها.

تمتلك أعمال فان غوردر مساحة عميقة تجذب المرء بشكل كبير إلى الفضاء التصويري (14). يُبدي غوردر هنا اهتماما بالمنظور وانفتاحا على البُعد القصصي الذي يُمكِّنك من إعادة تخيُّل اللوحات كيفما تشاء. تتوسَّط اللوحةَ طفلتان بردائهما الأبيض، الذي يُضفي عليهما مَسحة ملائكية، بصحبة وردود حمراء وبنفسجية وقناديل، لنُدرك أنه حتى وإن كانت مصابيحنا منكسرة اليوم، فإن القناديل لا تزال تُنير في مكان ما على الطريق.

_______________________________________________

المصادر:

  1. The Distinctive Work of George Henry
  2. Scotland’s Art | The Glasgow Boys
  3. The Glasgow Boys
  4. Lachlan Goudie on The Glasgow Boys
  5. Andrew Wyeth -Christina’s World
  6. Entering "Christina’s World" | Andrew Wyeth | UNIQLO ARTSPEAKS
  7. How Andrew Wyeth Made A Painting
  8. Andrew Wyeth exhibit leaves viewers on the outside looking in at the National Gallery
  9. The Tree of Life, Stoclet Frieze, 1905 by Gustav Klimt
  10. Gustav Klimt’s Tree of Life, Stoclet Frieze: Meaning & Painting
  11. Tree of Life
  12. “The Stoclet Frieze” by Gustav Klimt
  13. Japanese Lanterns
  14. Luther Emerson Van Gorder
المصدر : الجزيرة