جولة مشوقة على مجموعة من أفضل المسلسلات العالمية
ومع ذلك، ما زال الكثيـرون لا يعوّلون كثيرا على مشاهدة المسلسلات باعتبار أنها تتطلب المتابعة المستمرّة حيث أنها تمتد إلى عدة مواسم غالبا، هذا الالتزام بالمتابعة قد لا يكون سهلا لدى الكثيرين، الأمر الذي يجعلهم عادة يميلون إلى الأفلام بشكل أساسي، كونها تقدم الحبكة كلها في إطار زمني محدد لا يستدعي التزاما بمتابعة أجزاء أخرى منها.
لكن هذا الاتجاه سيفقدك الكثير لو كنت من أصحابه، فالمسلسلات العالمية الآن تحوّلت إلى اتجاه -(Trend)- أساسي تتسابق عليه شركات الإنتاج الفني العالمية، وتحقق إقبالا هائلا في المشاهدات بعد توسّع انتشار شبكات المشاهدة عبر الإنترنت مثل نتفليكس، الأمر الذي جعلها تقدم أفكارا استثنائية لا تقل في إبداعها عن الأفلام الكبرى ذات التمويل الضخم. هنـا، سوف نستعرض مجموعة منتقـاة من أفضل المسلسلات التي حققت شهرة واسعة خلال السنوات الماضية، والمسلسلات هنـا تتناول تصنيفات مختلفة ما بين تاريخية وفانتازيا وأكشن وإثارة.
مسلسل "لعبة العروش" (Games of Thrones) هو فانتازيا تاريخية مقتبس من سلسلة روايات بنفس الاسم للكاتب الأميركي جورج مارتن، تم عرضه للمـرة الأولى في عام 2011، ومنذ ذلك الوقت تم إصدار ستة مواسم بإجمالي 60 حلقة -حتى الآن- من أصل 8 مواسم من المقرر عرضها لهذا المسلسل، يبدأ سابعها في (يوليو/تموز) من عام 2017.
حصل المسلسل على العديد من الجوائز في كافة قطاعاته تقريبا، سواء على مستوى القصة أو الإخراج أو الإنتاج أو الموسيقى التصويرية، ويحكي في قصته العامة عن قارتين خياليتين هما ويستروس وإيسوس، وصراع مجموعة مختلفة من العائلات للسيطـرة على العرش الحديدي للممالك السبع التي تواجـه خطرا وجوديا من جهة الشمال المتجمّد تقوده مخلوقات خيالية شرسة.
يضم المسلسل الخيالي في طيّـاته الكثير من القضايا المستمدة من واقعنا الإنساني حتى لو تم معالجتها في إطار قصة أسطورية فانتازية محضة، مثل المرتبة الاجتماعية، وقضايا الدين، والحروب الأهلية، والجريمة والولاء للملوك، وضياع العدالة، والجنس، والعنف، وغيرها من الأمور التي أبرزتها حلقات المسلسل بشكل قد يكون أعنف من اللازم، وهو ما جرّ عليه مجموعة من الانتقادات السلبية لم تؤثر في انتشاره.
مسلسل "العالم الغربي" (West World) هو معالجة موسّعة وأكثر شمولية لفكـرة فيلم بالاسم نفسه صدر في عام 1973 من كتابة وإخراج مايكل كريتون، ويحكي عن قصة خياليـة في إطارها الواسع، وإن كانت تحمل في طيّاتها معاني إنسانيـة عميقة بخصوص فهم الوجود الذي نعيش فيه وأفكـارا متعلقة بطبيعة الحياة نفسها.
"العالم الغربي" هو متنزّه ملاهي خيالية متقدمة تقنيـا بشكل هائل، يعيش فيها روبوتات شبيهة بالبشر يسمّون "المضيّفون"، يستقبل هذا المتنزّه الترفيهي الزوّار الأغنياء والأثرياء من كل البلاد، ويسمح لهم أن يقوموا بفعل كل ما يتمنّونه من رغبات، سواء كانت سويّة أو غير سوية بحرية تامة في هذا المتنزّه، وأن يطلقوا كافة رغبـاتهم الجامحة دون قيد، حتى لو كانت بالقتل أو المطاردة أو ارتكاب الفظائع دون أية مساءلة من أي نوع. بمرور الوقت يبدأ المضيّفون الآلات في تكوين وعيهم وإدراكهم لما يجري لهم ولحياتهم كقطعان للتجارب وإرضاء البشر، ويبدأون في استرجاع تجاربهم وماضيهم وطبيعة حياتهم.
المسلسل يتعاون في إخراجه وكتابته عدة مخرجين ومؤلفين، صدر منه حتى الآن عشر حلقـات، ومن المتوقع أن يمتد لعدة مواسم خلال السنوات المقبلة على خلفية الاستقبال النقدي الإيجابي الواسع الذي حظي به في موسمه الأول، رغم بعض الانتقادات السلبية لنسبة العنف التي تشهدها بعض حلقاته.
شخصية شيرلوك هولمز تم معالجتها على مرّ العقود -في القرن العشرين وحتى الآن- على شكل أفلام سينمائية ومسلسلات درامية، لكنها جميعا كانت تلتزم بتقديم شخصية المفتش الأسطوري بمعاييرها الأساسية التي تدور في نهاية القرن التاسع عشر، وأسلوبه الهادئ في النقاش واستنباط الحقائق في كافة المغامرات.
بدءا من عام 2010، شهد العالم معالجة مختلفة تماما لشخصية المفتش البريطاني شيرلوك هولمز مع انطلاق مسلسل يحمل اسمه الأول "شيرلوك"، وسبب الاختلاف أن المسلسل يقدم شخصية المفتش الإنجليزي بصورة معاصرة في أيامنا الحالية، ويتصدى لمجموعة من الألغاز والقضايا التي تحمل الطابع العصري الحالي بكل أدواته التقنية والاجتماعية.
المسلسل من بطولة الممثل الإنجليزي المبدع بينديكت كامبرباتش الذي يقدم فيه أداء استثنائيا، وصدر منه 4 مواسم، الأول في عام 2010، والثاني في عام 2012، والثالث في عام 2014، والرابع في عام 2017 بإجمالي عدد حلقات حتى الآن 13 حلقة، متوسط طول الحلقة حوالي 90 دقيقة. حاز المسلسل تقييما إيجابيا واسعا في مواقع تقييم الأفلام والمسلسلات، ويعتبر من أكثر المسلسلات البوليسية انتشارا حول العالم.
طائـرة عادية كانت في طريقها إلى مدينة لوس أنجلوس، رحلتها لم تكتمل وسقطت في جزيرة إستوائية غامضة في المحيط الهادي، استطاع مجموعة من الأشخاص النجاة من الموت بأعجوبة، وبدأوا رحلتهم في التأقلم مع الحياة في تلك الجزيرة الغامضة ليخوضوا مغامرات متنوعة هي مزيج من إثارة وخيال ودراما.
المسلسل يجمع في أحداثه كل شيء تقريبا، التنوّع في الشخصيات ما بين الأميركيين والعرب والأفارقة واللاتينيين، ويركز على نواحٍ إنسانية عديدة من الأفراح والأحزان والتشويق في حلقاته إلى جانب مساحة واسعة من الخيال والإثارة، ودروس واقتباسات تمسّ الحيـاة بكافة اتجاهاتها، ومدة كل حلقة حوالي 45 دقيقة، وتم ترجمته بكل اللغات، وتمت أيضا إذاعته مدبلجا باللغة العربية.
المسلسل صدر له حتى الآن خمسة مواسم بإجمالي عدد حلقات -حتى لحظة كتابة هذه السطور- 65 حلقة، كل حلقة متوسط فتـرة عرضها حوالي 45 دقيقة، وحقق المسلسل تقييما نقديا إيجابيا للغاية في مواقع تقييم الأفلام والمسلسلات، واعتبر أنه كاميرا تجسس لما يحدث بالفعل في أروقة السياسة الأميركية الداخلية، خصوصا بالتركيز الدائم على فكـرة البراغماتيّة المطلقة في إدارة كل شيء، وتغليب الميكافيللية في كل خطوة، وحتى التنازل عن أية مبادئ أخلاقية والتلاعب بالآخرين والكذب، وذلك كله تحت الشعار البرّاق: من أجل المصلحة العامة.
يركز مسلسل "المرآة السوداء" بشكل كامل على التقنية التي يشهدها جيلنا الحالي، وإمكانية تطورها خلال السنوات المقبلة مما قد يصنع أحداثا تتراوح ما بين التشويق والخيال والرعب، وكل حلقة من المسلسل لها قصة مختلفة تماما عن الأخرى، بأطقم ممثلين مختلفين، بقضية مختلفة، مما يجعله واحدا من المسلسلات التي يمكنك أن تبدأ بمشاهدة أي حلقة منها بلا ترتيب.
المسلسل من كتابة المؤلف البريطاني المعروف بأفكاره الغريبة تشارلي بروكر، وتقريبا في كل حلقة يجب أن ترتسم علامة تعجب أو استفهام بخصوص خطورة التقنية التي نعيشها اليوم وإلى أين ستقودنا في المستقبل القريب، هل التطور الذي نعيشه اليوم يعني المزيد من السعادة والحداثة والحرية، أم أن الحقيقة هي النقيض تماما؟
نزعة السوداوية المستقبلية واضحة تماما في هذا المسلسل، وإن كان يشوبها أيضا لمحات من الإبهار والأفكار الذكية والعميقة التي تجعل من الصعب الاكتفاء بتصنيف المسلسل باعتباره مقتصرا على الخيال العلمي فقط، وإنما يشمل مساحات واسعة من الدراما أيضا.
يدور المسلسل حول عائلة آل فيشر التي تدير دارا جنائزيا لترتيب مراسم الدفن والعزاء في لوس أنجلوس، وهي عائلة ملامسة للموت بشكل يومي، ويعيش أفرادها حالة مزمنة من السوداوية المقترنة بطبيعة عملهم ومشاهدتهم اليومية للموت الذي يجرّد أصحابه من الحياة، ويترك أقاربه في بحر من الألم. رغم السوداوية التي من الممكن أن تشعر بها أثناء قراءتك لهذا الوصف للمسلسل فإن معالجته كانت ممتازة لدرجة أنه يمكنك الشعور أن المسلسل يحتفي بالحياة وليس الموت، مع لمسات من السخرية السوداء والمشاعر والعواطف وحتى التفكير، وأنه في الحقيقة محاولة لتسليط الضوء على مغزى الموت وحتميته، وهو الأمر الذي يجعل المسلسل يعج باقتباسات وحوارات من أفضل ما يمكن، وتعد في حد ذاتها دروسا للحياة.
كل حلقة من الموسم تبدأ بحالة وفاة تقوم عليها قصة الحلقة عندما يبدأ آل فيشر في تحضيرات مراسم الدفن، والبدء في أحداث القصـة التي يمكن الاستنتاج في نهايتها أن الموت سيجدنا في أي مكان، وربما آخر مكان نتوقعه مهما فعلنا ومهما حاول بعضنا الاختباء منه، فمكان الاختباء هو في الواقع مكان الموت!
"بريكينغ باد" بدأ عرض موسمه الأول في عام 2008، وانتهى عرضه في عام 2013 بعد خمس مواسم حققت جميع حلقاتها الاثنين وستين نجاحا ساحقا، وجعل المسلسل يحصد العديد من الجوائز، ويعتبر أيقونة أساسية للمسلسلات الأميـركية عموما، وليس فقط المسلسلات التي تقع تحت تصنيف الإثارة أو الجريمة.
يحكي المسلسل قصـة والتر وايت المدرس لمادة الكيمياء في إحدى المدارس الثانوية، في بداية المسلسل يعرف والتر أنه تم تشخيصه بمرض سرطان الرئة في مرحلة متأخرة، وأن مرضه هذا غير قابل للعلاج، وأنه سيموت لا محالة. وقتئذ، يبدأ والتر وايت الدخول في طريق "الاختلال"، وهو أن يقتحم عالم الجريمة والطرق الملتوية، لا لشيء سوى تأمين مستقبل عائلته قبل أن يرحل عن الحياة.
المسلسل يعج بفلسفة عميقة إلى جانب مشاهد الإثارة والتشويق فيه، لكنه يلمس حبكة شديدة التأثير، وهي اندفاع الإنسان -تحت وطأة الظروف أحيانا- إلى عالم مليء بالأخطاء والجريمة والكراهية بسبب هدف نبيل ألا وهو إنقاذ أسرته. فكـرة متشابكة تناقض الفضيلة من ناحية، ولكنها تلامس الواقع من ناحية أخرى. "بريكينغ باد" ترشح إلى 262 جائزة على مدار مواسمه الخمسة، استطاع أن يحصد منها 110 جائزة، وحجز مكانا دائما في قائمة أفضل 10 مسلسلات تلفزيونية أميركية طوال مواسم عرضه.
بالتأكيد قائمة المسلسلات العالمية التي تستحق المشاهدة أشمل وأكثر بكثير مما تم ذكـره في هذه القائمة، ولكن يمكن القول إن المسلسلات التي تم الإشارة لها في هذا التقرير متنوّعة بشكل كافٍ وشاملة لعدد مختلف من التصنيفات يجعلها بمثابة ضربة البداية بالنسبة لك للتعمّق أكثر في عالم المسلسلات، ومتابعة الشيّق والجديد منها بشكل مستمر.