شاهد | أشباح روسيا.. هل يحسم جيش بوتين الخاص حربه ضد أوكرانيا؟

على خلفية التوتر الفائق الحالي في شرق أوروبا بين روسيا وأوكرانيا، وإعلان الكرملين بدء العمليات العسكرية على الأراضي الأوكرانية، وبعيدا عن المقارنات المعتادة والمتكررة بين القوى العسكرية للبلدين، فمن المهم أن نسلط الضوء على سلاح مختلف شديد الغموض والشراسة، سلاح تجلى في ليلة الثالث والعشرين من ديسمبر لعام 2015، عندما كانت مدينة "إيفانو فرانكيفسك" الأوكرانية تستعد لاحتفالات أعياد الميلاد السنوية، وكان كل شيء يسير هادئا كما هي العادة قبل أن يحدث ما لم يكن بحسبان أحد: انقطاع شامل للكهرباء عن قرابة ربع مليون أوكراني هم عدد سكان المدينة، بينما فقدت شركة الكهرباء الأوكرانية مولداتها الاحتياطية وشبكة هواتفها بالكامل، وسادت في المدينة الغربية الأوكرانية فوضى عارمة.

ما حدث لم يكن بالصدفة أو نتيجة عطل طبيعي، وإنما جاء نتيجة هجوم شامل شنه جيش من نوعٍ خاصٍّ جدا، جيش لطالما اعتبر أوكرانيا -كاملةً- حقل التجارب الخاص به، للتدريب على هجماته الإلكترونية، وتجريب مختلف البرامج الضارة ببنيتها التحتية التقنية.

ولحماية أوكرانيا من ذلك الجيش، ضخت الولايات المتحدة وحلفاؤها عشرات الملايين من الدولارات في الأعوام القليلة السابقة لحماية شبكتَي الكهرباء والإنترنت الأوكرانيتين، ولتقوية البنية التحتية التقنية للدولة الأوروبية الشرقية ضد هجمات ذلك الجيش الشرس، لكن ذلك يبدو بلا نتيجة كما ذكر تقرير حديث في الأيام السابقة لموقع "The Verge" التقني الشهير، قائلا إن شبكة الكهرباء الأوكرانية والبنوك والمستشفيات وشبكة الإنترنت عموما ما زالت معرضة للوقوع تحت طائلة هجمات سيبرانية واسعة ناجحة.

شاهد

قبل أكثر من 10 سنوات من الآن، كان الإنترنت مكانا أكثر رحابة وأمنا، حينها رأى فلاديمير بوتين، مَن كان يشغل منصب رئيس الوزراء وقتها، أنه حان الوقت لتطبيق عقيدة أحد جنرالاته المقربين "فاليري غيراسيموف"، عقيدة تنص على أن الحرب المعلوماتية يمكن الاستثمار فيها وتحقيق أهداف روسيا دون الحاجة إلى خوض قتال فعلي، وعليه أنشأ بوتين ونظامه أحد أكبر الجيوش وأكثرها تقدما وسرية منذ بداية القرن الحالي؛ جيش من القراصنة.

وبأقل قدر من الاستثمار في الأصول العسكرية، والأهم مع أدنى فرصة لتحمُّل أي مسؤوليات أو عواقب أمام العالم؛ تمتلك روسيا اليوم جيشا ضخما من مخترقي الحواسيب وقراصنة الإنترنت شديدي المهارة، يتمتعون بقدرات بالغة التطور، وميزانية تقدر بما يزيد عن 50 مليار دولارٍ أُنفقت عليه منذ نشأته وحتى اللحظة، ويُوظَّف هذا الجيش السيبراني في هياكل تتبع بغموض الأجهزة الأمنية الروسية المختلفة.

ولأن هذا الجيش يحتل مساحة مهمة وشديدة الحيوية في عالم اليوم ومناطق نفوذه الحقيقية، وسيكون له دور كبير لو شنت روسيا عملية عسكرية واسعة على أوكرانيا أو بعض أراضيها؛ فقد سلط فريق "ميدان" الضوء في إنتاجه المرئي المهم أعلاه على تاريخ نشأة هذا الجيش، وبعض العقول التي تقف خلف تكوينه، ومواجهته للأميركيين والدول الأوروبية، بما تسمح به مساحة الفيديو، مع توضيح بعض نقاط الخطر الشديد التي قد يسببها هذا الجيش، لا لأعداء روسيا فقط، وإنما لبوتين وقادة الكرملين أنفسهم.

المصدر : الجزيرة