التوفير والتدبير أبرز "طبقين" على موائد الأردنيين في رمضان هذا العام

1-من المهم للأسر في رمضان أن تخطط أكثر لكيفية الانفاق- (بيكسلز)
من المهم للأسر في رمضان أن تخطط أكثر لكيفية الإنفاق على متطلبات المائدة (بيكسلز)

عمّان – لرمضان خصوصية تكمن في العبادة والتقرب إلى الله وعمل الخير، وغالبًا ما تستبق الأسر قدوم شهر الصوم لمواجهة بعض متطلباته، فتزدحم متاجر المواد الغذائية بالزبائن الذين يتسوّقون حاجاتهم لموائد الإفطار.

وفي العادة يكون همّ ربات البيوت قبل رمضان التفكير في مختلف الوصفات والأطباق التي ينوين إعدادها في هذا الشهر الفضيل، فيبدأن الاستعداد مبكرا، غير أن الظروف الاقتصادية هذه السنة جعلت أسرا كثيرة تولي أهمية أكبر لحساب ما ستنفق وما ستدخر، حتى لكأن "التوفير" و"التدبير" أصبحا "طبقين" على مائدة رمضان يجب التفكير فيهما وتدبير متطلباتهما.

"الجزيرة نت" التقت أرباب أسر أردنية اتخذوا خطوات استباقية للتوفير في مشتريات مائدة رمضان، ومنهم الموظف مراد السيد (47 عاما) الذي يلجأ إلى المحال التجارية التي تبيع منتجات بأسعار ترويجية مخفّضة.

4-هناك الكثير من الوسائل لتعلم حفظ الأطعمة ومتاحة للجميع خصوصاً عبر وسائل التواصل-(بيكسلز)
هناك كثير من الوسائل والطرق لتعلم حفظ الأطعمة ومتاحة للجميع خصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي (بيكسلز)

وتقول ربة المنزل أم سامي إنها تسعى إلى تحقيق بعض التوفير وتلبية رغبات أسرتها، بوضع خطة مناسبة تتوافق مع الدخل الشهري والمتطلبات الأساسية، فتشتري حاجاتها وفق أصناف الطعام المقرر إعدادها في أيام الصيام.

وتضيف "أتجنب وزوجي التسوّق العشوائي، ونضع قائمة بالمشتريات، إذ جهزنا المواد التموينية واللحوم وبعض الخضراوات، بالإضافة إلى حفظها وتجفيفها وتجميدها في الثلاجة".

تشاركها الرأي وفاء مصطفى (أم لـ4 أبناء) بقولها إن التحضير يوفر كثيرًا، خصوصًا في أول أيام الصيام التي ترتفع فيها أسعار الخضراوات كثيرًا، مشيرة إلى أنها تحاول تغيير نوع الطعام من يوم إلى آخر في الشهر، كما تبتعد عن إعداد الأطعمة المكلفة.

ويرفض الخمسيني أبو علاء فكرة التسوق في رمضان، ويفضل الشراء قبل حلول الشهر الفضيل بأيام، مشيرا إلى أنه لا ينجرف نحو العروض الجذابة، بل يقدّر حاجات أسرته الفعلية بناء على خبرته السابقة في وضع قائمة بالمشتريات وحساب كلفتها.

الخبير الاقتصادي الاجتماعي حسام عايش- الأردن (الجزيرة)
حسام عايش: الإنفاق على الطعام والشراب يتضاعف في الشهر الكريم (الجزيرة)

التخطيط لكيفية الإنفاق

يعلق الخبير الاقتصادي الاجتماعي حسام عايش على الأمر قائلا إن من المهم أن تخطط الأسر لكيفية الإنفاق في رمضان، خصوصا أن هذا الشهر يتميز بارتفاع معدل الإنفاق فيه.

ويوضح -للجزيرة نت- أن الإنفاق على الطعام والشراب يعتمد على معدل دخل الأسرة، "ففي الأردن يُقدَّر معدل إنفاق الأسرة بنحو 12 ألفا و519 دينارًا (نحو 17 ألفا و630 دولارًا) سنويا، و33% إلى 34% من الدخل يُنفق على الطعام والشراب في الأوضاع العادية، ويتضاعف في الشهر الكريم، بمعنى أن الإنفاق على الطعام والشراب يحتل الأولوية الأولى من إجمالي إنفاق الأسرة على متطلبات أخرى في حياتها".

ويضيف "يُفترض ألا يستنزف الإنفاق على الطعام والشراب إمكاناتنا، تحسّبًا للطوارئ أو حتى المتطلبات الأساسية الأخرى. لذلك، فإن التخطيط مهم جدا، مع تحديد الأولويات لدى كل أسرة".

ويشير عايش إلى أن التسوّق وفق حاجات الأسرة قبل الشهر الفضيل ينظم مسألة الإنفاق والتوفير، خصوصًا أن الصائم عندما يتسوّق قبل الإفطار يكون في حالة ذهنية عصبية وأكثر اندفاعًا نحو الشراء والإنفاق على المشتريات التي سرعان ما يكتشف أنها تزيد على حاجته، وقد لا يستخدمها أو تتلف.

ويرى أن "التقنيات الرقمية والعروض التجارية على الإنترنت ووسائل التواصل تتيح لنا فرصة لمقارنة الأسعار وطلب حاجات ذات قيمة مضافة، للإنفاق عليها في شهر رمضان. كما تختصر هذه الوسائل الوقت والجهد، فنخرج من الشهر الفضيل بحالة مادية مستقرة، ولا نتعثر ماليا أو نواجه مشكلات في التكيّف مع الإنفاق في الأشهر اللاحقة لرمضان".

2-العروض التجارية على الانترنت ووسائل التواصل تتيح لنا فرصا أفضل لمقارنة الأسعار-(بيكسلز)
العروض التجارية على الإنترنت ووسائل التواصل تتيح لنا فرصا أفضل لمقارنة الأسعار (بيكسلز)

التقليل من المصروف

يقول المستشار في قضايا الأسرة مفيد سرحان للجزيرة نت "مع قرب حلول رمضان المبارك، والظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها أغلب الأسر، ثمة حاجة كبيرة إلى الوعي بأهمية الاعتدال في الإنفاق واتخاذ خطوات عملية للتقليل من المصروف، وألا نجعل من شهر الصيام عبئًا اقتصاديا، ومن ثم إدراك مغزى الصيام ومقاصد الشريعة وتحقيق القناعة عند أفراد الأسرة".

ويشرح سرحان أهمية تجهيز المستلزمات الأساسية لرمضان من دون مبالغة وقبل موسم ارتفاع الأسعار الذي غالبًا ما يكون في الأيام الأولى من الشهر، إذ إن زيادة الطلب على السلع يؤدي إلى رفع أسعارها.

وحسب سرحان، فإن شراء الخضراوات والفواكه أو المواد الغذائية خلال فترة العروض أمرٌ محبب، ولكن يحتاج إلى حسن تدبير في التعامل معها حتى لا تتلف جراء سوء التخزين، فيمكن حفظها بالثلاجة أو التخليل لاستعمالها خلال رمضان في إعداد الوجبات اليومية، بما يوفر الوقت والمال.

3- تجهيز المستلزمات الأساسية لهذا الشهر دون مبالغة وقبل موسم ارتفاع الأسعار-(بيكسلز)
من المهم تجهيز المستلزمات الأساسية لشهر رمضان من دون مبالغة وقبل موسم ارتفاع الأسعار (بيكسلز)

إدارة موازنة الأسرة

يقول سرحان إن ثقافة الاستهلاك أصبحت جزءًا أساسيا من حياة كثيرين، وتنوع السلع والمستلزمات وتغير الأصناف والأشكال من عام إلى آخر زاد الأعباء على الأسر التي تسعى إلى التماشي مع الدارج من السلع، وتعدّى ذلك إلى الكماليات والإكسسوارات المنزلية ومستلزمات زينة رمضان التي يُنفق عليها جزء من موازنة الشهر.

ويردف "الحكمة تقتضي بأن تكون كمية الطعام مناسبة لعدد أفراد الأسرة، من دون مبالغة، وتستلزم عدم الإكثار من الأصناف على المائدة الواحدة، لأن ذلك يزيد من الأعباء المالية للأسرة. وكذلك الاستفادة من بقايا الوجبات في أيام أخرى، سواء الوجبة الرئيسة أو الثانوية. فإدارة موازنة الأسرة فن ومسؤولية، ولا تقع على الزوجة وحدها بل على جميع أفراد الأسرة".

المصدر : الجزيرة