بشرط الإجابة عن 5 أسئلة.. حبس الأنفاس لفترة قد يُطيل العمر
أثارت الممثلة البريطانية كيت وينسلت، البالغة من العمر 48 عاما؛ الدهشة بعد حبس أنفاسها تحت الماء، لمدة 7 دقائق و15 ثانية؛ أثناء تصويرها أحد مشاهد فيلم "أفاتار: ذا واي أوف ووتر" (Avatar: The Way of Water)، الذي عُرض أواخر عام 2022، مُتغلبة بذلك على النجم الأميركي توم كروز الذي حبس أنفاسه تحت الماء لمدة 6 دقائق، في أحد أفلام سلسلة المهمة المستحيلة، عام 2015.
ورغم أن حبس التنفس لهذه المدة، سواء تحت الماء أو فوقه، أمر صعب للغاية، حتى على كثير من المتمرسين؛ قالت وينسلت إن لديها تسجيل فيديو لكواليس التجربة، وأوضحت أنها كانت ترغب في تحطيم رقمها القياسي "السينمائي"، وهو 6 دقائق و14 ثانية؛ فتدربت لبضعة أسابيع على التحكم في تنفس الأكسجين داخل جسمها، وفوجئت أنها "وصلت إلى هذا الرقم الجديد، ولم تزل على قيد الحياة"، وفقا لما ذكره موقع "فارايتي" (Variety).
هذا التحدي يدفعنا إلى البحث عن ما يتعلق بـ"حبس الأنفاس" وتقديم إجابات علمية عن التساؤلات المثارة حوله، كتقنية رياضية ذات فوائد فسيولوجية، لا تخلو من مخاطر.
السر في قدرة البعض على حبس التنفس لأطول فترة تحت الماء
أعلى رقم قياسي عالمي، في حبس التنفس الطوعي تحت الماء، سجله الغواص الكرواتي بوديمير شوبات، البالغ من العمر 56 عاما؛ في 27 مارس/آذار 2021، بزمن قدره 25 دقيقة تقريبا.
وقد قدم الدكتور أنتوني باين، الأستاذ المشارك في كلية حركية الإنسان، بجامعة وندسور الكندية، تفسيرا علميا لذلك في مقاله بموقع "ذا كونفرسيشن" (TheConversation)، بعد أن قام هو وفريقه، بإجراء أبحاث فسيولوجية مكثفة على غواصين محترفين، لمعرفة كيف يمكنهم حبس أنفاسهم لفترة طويلة؛ ووجدوا أن هناك عنصرًا واحدًا مهمًّا ومؤكدًا في المعادلة، هو الأكسجين.
فنسبة الأكسجين التي نتنفسها من الغلاف الجوي عادة هي 21%، ولكي ينجح شوبات في حبس أنفاسه لهذه المدة المُذهلة، فقد احتاج للتنفس المسبق للأكسجين بنسبة 100%. وهو ما تدربت عليه كيت وينسلت قبل تصوير مشهد الفيلم.
فمنذ عام 1959، أظهرت أبحاث على 7 متطوعين غير مدربين، أن تنفس الأكسجين بنسبة 100%، قبل القيام بحبس التنفس؛ أدى إلى البقاء لفترات من 6 إلى 14 دقيقة، مما يجعل حبس وينسلت أنفاسها تحت الماء، لأكثر من 7 دقائق، "ممكنًا بالتأكيد"، كما يقول باين.
ماذا يحدث عند حبس التنفس؟
يُخبرنا الدكتور كيران راجنيش، مدير قسم الألم العصبي بجامعة ولاية أوهايو الأميركية، بأن أدمغتنا تمتلك تريليون خلية عصبية، تُسمى "المستقبلات الكيميائية"؛ مسؤولة عن "مراقبة معدل وعمق التنفس، للحفاظ على مستوى ثاني أكسيد الكربون، والأكسجين، في الدم؛ والتدخل السريع لمنع الكوارث، عند حدوث أي خلل"؛ وهذا هو السبب في مقاومة أجسامنا التلقائية للرغبة في حبس أنفاسنا.
ففي الـ30 ثانية الأولى من حبس التنفس، قد نشعر بالراحة ونحن نغمض أعيننا ونضبط العالم من حولنا؛ قبل أن يرتفع ثاني أكسيد الكربون في الدم، مقابل انخفاض الأكسجين؛ ويصبح حبس الأنفاس صعبا وخطيرا بسبب عدم الزفير؛ فتتدخل المستقبلات الكيميائية "لإجبارنا على التنفس، من خلال انقباض الحجاب الحاجز بشكل لا إرادي. وهي النقطة التي قد يستسلم عندها ممارس حبس التنفس غير المدرب، وغير المدعوم باستنشاق الأكسجين المسبق، ليبدأ في التنفس مرة أخرى، بعد حد أقصى 3 دقائق"، وفقا للدكتور باين؛ الذي يؤكد أن "تنفس الأكسجين قبل حبس الأنفاس، يعتبر حيلة لخفض ثاني أكسيد الكربون في الدم، وإطالة المدة إلى 20 دقيقة".
الخطوات العملية للتدرب على حبس التنفس
قدم موقع "هيلث لاين" (Healthline)، دليلا تفصيليا للتدرب على كيفية حبس التنفس بشكل آمن، يتضمن:
- القيام بتمارين التنفس البطني، لزيادة سعة الرئتين؛ بأخذ نفَس عميق وكامل، وحبسه في البطن من 20 إلى 60 ثانية، قبل إطلاق الزفير، والراحة عن طريق التنفس العادي لمدة 90 ثانية.
- تكرار التمرين، مع التقليل من فترات الراحة والتنفس العادي تدريجيا، بمقدار 15 ثانية في كل مرة.
- تخزين الأكسجين، بحبس التنفس لمدة دقيقة واحدة؛ ثم الراحة والتنفس بشكل طبيعي لمدة دقيقتين، ثم زيادة مدة حبس التنفس بمقدار 15 ثانية بين كل فترة راحة والتي تليها.
- زيادة مدة حبس التنفس بمقدار 15 ثانية تدريجيا، ولكن دون تسرع، وبشرط الشعور بالأمان والراحة.
- البقاء في وضع الثبات، وإبطاء ضربات القلب عند حبس التنفس؛ للحفاظ على مستوى الأكسجين في الدم.
- التوقف لبضع ساعات بين كل تمرين والذي يليه.
فوائد حبس التنفس
رغم عدم وجود فائدة يومية مباشرة وفورية لحبس الأنفاس، بخلاف المساعدة على التأمل وتحسين المزاج؛ "لكنها ممارسة لا تخلو من فوائد"، وفقا لهيلث لاين. فبالإضافة إلى تحسين التنفس، ودعم وظيفة الرئة بشكل عام؛ قد يفيد التدرب على حبس التنفس في "مقاومة الالتهابات البكتيرية، وزيادة العمر الافتراضي، من خلال الحفاظ على صحة الخلايا الجذعية؛ كما يسهم في إنقاذ الأشخاص في مواقف معينة، كالسقوط من قارب، على سبيل المثال".
متى يهدد الحياة؟
حبس التنفس لفترة طويلة، قد يكون له بعض الآثار الجانبية، حيث يقول الدكتور راجنيش "بالنسبة للشخص العادي، يعتبر حبس التنفس آمنا لمدة دقيقة أو دقيقتين"؛ وهي المدة التي يمكن أن تظل فيها أجسامنا محافظة على عمل الأعضاء، واستمرار الوظائف الحيوية. لكن الإفراط في ذلك لفترة أطول من اللازم، "قد يؤدي إلى تقليل تدفق الأكسجين في المخ، ومن ثم نوبات الإغماء وتلف الدماغ، وحدوث خلل في نظام الجسم يؤثر على عمل القلب، كما قد يُتلف الكلى والكبد".
أما في حالة حبس التنفس تحت الماء، فمن المحتمل أن تدخل المياه إلى الرئتين، وتهدد الحياة، لذلك ينصح راجنيش "الأشخاص عديمي الخبرة -وخاصة الأطفال الذين ينبهرون بفكرة حبس أنفاسهم- بعدم ممارسة هذه التقنية، قبل أخذ الاحتياطات الكافية".