زيادة كبيرة في حالات الزواج متعدد الأعراق بين الأميركيين.. فماذا عن العلاقة بين البيض والسود؟

نحو 11 مليون أميركي تزوجوا العام الماضي زيجات بين عرقين مختلفين (غيتي)

واشنطن- اعتبر فيلم "خمن من سيأتي للعشاء" (Guess Who’s Coming to Dinner) نقطة تحول جذرية في تاريخ صناعة السينما الأميركية، إذ تناول موضوع علاقة حب ورغبة في الزواج بين فتاة بيضاء (قامت بدورها الممثلة كاثرين هوتون) ورجل أسود (قام بدوره الممثل سيدني بواتييه).

أنتج الفيلم عام 1967 حين كانت قوانين 17 ولاية أميركية تمنع الزواج المختلط بين الأعراق، من هنا اعتبر الفيلم في تلك الفترة كسرا للأعراف والتقاليد العنصرية، واستمر الوضع كذلك حتى يوم 12 يونيو/حزيران 1967، عندما قضت المحكمة العليا بالحق المطلق في الزواج بين منتسبي الأعراق المختلفة في قضية "لوفينغ ضد ولاية فيرجينيا".

Who's Coming to Dinner Guess
فيلم "خمن من سيأتي للعشاء" يعد نقطة تحول جذرية في قضية التزاوج بين الأعراق المختلفة، إذ تناول قصة زواج فتاة بيضاء ورجل أسود (مواقع التواصل)

ما الشريحة الأسرع نموا بين السكان؟

يبلغ عدد سكان الولايات المتحدة الآن، طبقا لمكتب التعداد الفدرالي، 333 مليون شخص منهم 59.3% من البيض، و18.9% من الهيسبانيك اللاتينيين، و12.6% من السود الأفارقة، و5.9% من الآسيويين، و3.3% من بقية الأعراق.

وإذا استمرت معدلات الزيادات السكانية الحالية، ستصبح الولايات المتحدة دولة دون أغلبية سكانية عرقية؛ إذ ستنخفض نسبة السكان البيض، لتصل لأقل من 50% بحلول عام 2045.

إعلان

ويُعرّف أكثر من 35 مليون أميركي أنفسهم عام 2021 بأنهم متعددو الأعراق، أي أنهم نتاج تزاوج مختلط بين عرقين مختلفين، وتعد هذه الشريحة الأسرع نموا بين السكان، إذ كان عددها 9 ملايين فقط عام 2010.

الزواج المختلط الأكثر شيوعا يكون بين البيض والهيسبانيك اللاتينيين، وشكل نسبة 38%من جميع الزيجات المختلطة عام 2020 (غيتي)

زيادة قبول الزواج مختلط الأعراق.. ولكن!

في العام 1961، وافق 4% فقط من الأميركيين على الزواج بين السود والبيض، بينما يوافق اليوم 94% من الأميركيين على هذا الزواج، طبقا لبيانات مؤسسة "غالوب".

وفي العام 2021، أصبح واحد من كل 10 أشخاص متزوجين -أي ما يقرب من 11 مليون أميركي- متزوجا من شخص من عرق مختلف، وتمثل هذه النسبة 5 أضعاف ما كانت عليه عام 1967.

وتشير نتائج استطلاعات حديثة إلى أنه في حين أن غالبية الأشخاص البيض قالوا إنهم سيعيشون مع أزواج من السود ويتزوجون منهم وينجبون أطفالا، إلا أن نسبة قليلة منهم قامت بأي من ذلك بالفعل.

في الوقت ذاته، فإن النوع الأكثر شيوعا من الزواج المختلط هو بين البيض والهيسبانيك اللاتينيين، وشكلت هذه العلاقات 38% من جميع الزيجات المختلطة عام 2020. وشكل زواج البيض من الآسيويين 14% أخرى من إجمالي الزيجات المختلطة، بينما شكل زواج البيض من السود 8%.

وتعكس هذه الأرقام عوامل اقتصادية وسياسية وثقافية وعنصرية، ففي الوقت الذي قال فيه 72% من السود بقبولهم الزواج من عرق آخر، بلغت النسبة عند البيض 61%، وعند الهيسبانك 63%.

والزيجات المختلطة الأكثر شيوعا هي بين البيض والآسيويين، والبيض واللاتينيين، في حين لا تمثل زيجات غير البيض من بعضهم البعض إلا 20% من جميع الزيجات بين الأعراق المختلفة.

وتزداد هذه النسب بين الأميركيين الأصغر سنا والأكثر تعليما مقارنة بغيرهم. وهناك تباين جغرافي كبير في مكان حدوث الزواج المختلط؛ حيث إنه أكثر شيوعا في المناطق الحضرية مقارنة بالأماكن الريفية، وفقا لتحليل مركز بيو.

إعلان

وعلى سبيل المثال، بلغت الزيجات متعددة الأعراق في مدينة هونولولو بولاية هاواي العام الماضي 42% من إجمالي الزيجات، في حين لم تتخط النسبة 3% في مدينة جاكسون بولاية ميسيسبي الجنوبية.

الولايات المتحدة تشهد المزيد من الزيجات المختلطة الأعراق والمزيد من الأطفال المختلطين الأعراق (بيكسلز)

تبعات سياسية للزواج مختلط الأعراق

نما قبول الأزواج بين الأعراق بشكل مطرد على مدار العقود والسنوات الماضية، على الرغم من أن التحديات والضغوطات الفريدة لهؤلاء الأزواج لا تزال موجودة.

ويشعر العديد من الأزواج بين الأعراق في الولايات المتحدة بالقلق، خاصة مع وجود نقاش عام ساخن ومتجدد حول القضايا التي تنطوي على العدالة العرقية، والهجرة، والعنصرية، وصولا إلى الهجمات المباشرة على الأقليات.

وفي الوقت نفسه، شهدت الولايات المتحدة المزيد من الزيجات المختلطة الأعراق والمزيد من الأطفال المختلطين الأعراق، وشهدت البلاد زيادة في جرائم الكراهية وإطلاق النار الجماعي بدافع التحيز العنصري.

وفي الوقت الذي تخطو فيه الولايات المتحدة نحو دولة تتغير تركيبتها الديموغرافية سريعا، بعيدا عن هيمنة البيض الكمية، تزداد مشاعر العنصرية وكراهية الأجانب والمهاجرين، كما تم التعبير عنها في سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب سواء عبر منع دخول مسلمي عدة دول، أو بناء الجدار الفاصل مع الحدود الجنوبية مع المكسيك.

وارتفعت وتيرة التوتر العرقي والمشاعر المعادية للمهاجرين على مدى السنوات القليلة الماضية، ويشعر الأميركيون البيض بالتهديد بسبب التنوع المتزايد.

ووجد استطلاع حديث أجراه مركز "بيو" للأبحاث أن 59% من الجمهوريين و46% من البيض يرون أن تراجع أعداد أغلبية السكان البيض سيضعف الثقافة الأميركية.

Senator Kamala Harris gives a thumbs down as she speaks during the 2020 Democratic U.S. presidential debate in Houston, Texas, U.S.
كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي نموذج حي للزواج مختلط الأعراق، فهي امرأه سوداء مسيحية متزوجة من رجل أبيض (رويترز)

نموذج كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي

توفر كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن، نموذجا حيا للزواج مختلط الأعراق، فهي امرأة سوداء مسيحية متزوجة من دوغ إمهوف، رجل أبيض يهودي الديانة. وشكل الزوجان عائلة مختلطة عرقيا ودينيا، وإن كانت متقاربة تعليميا وثقافيا.

إعلان

ويبقى أن هاريس وإمهوف يمثلان نسبة صغيرة للغاية بين المتزوجين الذين لا يشاركهم زوجهم في الديانة، إذ إنه حتى مع زيادة أصحاب الأعراق المختلفة وإقدامهم على الزواج من أعراق أخرى، تبقى النسبة ضئيلة للغاية في حالات الزواج العابر للأديان.

المصدر : الجزيرة

إعلان