أسبرغر.. ماذا تعرف عن متلازمة المشاهير والعباقرة؟

الملياردير الكندي إيلون ماسك (يمين) والناشطة السويدية غريتا ثانبيرغ (وكالات)

في عام 2021 صرح إيلون ماسك رجل الأعمال المثير للجدل بأنه قد تم تشخيصه بـ"متلازمة أسبرغر" (Asperger syndrome)، وأكد أنه أحيانا يقول أو يكتب أشياء غريبة، لكن هذه هي الطريقة التي يعمل بها عقله.

ولعل آراءه الغريبة وطريقته غير الاعتيادية هي التي جعلته محط اهتمام الإعلام الأميركي بل والعالمي الذي لم يكتف بسؤاله عن شركة "تسلا" (Tesla) للسيارات الكهربائية التي أسسها، ولا عن صفقة شراء "تويتر" (Twitter)، أو عن تصريحه برغبته في شراء "كوكا كولا" (Coca-Cola) وإعادة الكوكايين إليها، إنما سلط الضوء على آرائه عن موضوعات لا تتصل بتخصصه كالكائنات الفضائية وبناء الأهرامات.

وعلى الرغم من نجاح ماسك المذهل، فإنه ما زال يتعرض للتنمر وللنظرات الدونية بسبب ما يعاني، فقد ظهر تسريب حديث لأحد أعضاء مجلس إدارة تويتر يقول عن ماسك إنه يعاني من متلازمة أسبرغر، ولم تكن لغة الحديث إيجابية.

وفي عصر اتسعت فيه المساحة العلمية لتشخيص الكثير من الأعراض مما كنا نفسره سلفا باختلاف الشخصيات أو درجة الذكاء أو الثقافة، أصبح لزاما أن نتعلم هذه المفردات، فكلما زادت حساسية المجتمع في التعامل معها، ووفرنا لأصحابها ما يحتاجونه ونجحوا في حياتهم وارتفع الخلق والإحسان في المجتمع.

ما متلازمة أسبرغر؟

كان الأطباء يشخصون أسبرغر متلازمة مستقلة حتى عام 2013، ثم أدرجت في متلازمة طيف التوحد "إيه إس دي" (ASD)، وحين تلتقي مصابا بهذه المتلازمة تلاحظ أمرين على الفور، أولا: أن ذكاءه عادي لكنه يفتقد إلى مهارات اجتماعية، وثانيا: أنه مولع بموضوع ما لا يستطيع الابتعاد عنه، كما أنه قد يكرر فعلا ما دون ملل.

وقال توني أتوود عالم النفس البريطاني والخبير العالمي في أسبرغر إن الأشخاص الذين تم تشخيصهم مشهورون عادة بكونهم مباشرين، ويتحدثون عن آرائهم وصدقهم وحزمهم، ولديهم حس قوي بالعدالة الاجتماعية.

المصابون بأسبرغر كسائر أصحاب التوحد لا يقابلون النظرات بنظرات مباشرة، ويفوتهم الكثير من لغة الجسد الواضحة للغير، فعلى سبيل المثال إذا رأوا شخصا عابسا يضرب بيده على طاولة قد لا يفهمون أنه غاضب، كذلك من الممكن ألا يبتسموا وهم سعداء أو يبكوا وهم حزينون.

بصفة عامة، إن الذين تم تشخيصهم بالتوحد من ذوي القدرة على الكلام معروفون بأنهم مباشرون في حديثهم ويقولون ما في عقولهم دون تجميل.

مشاهير مصابون بأسبرغر

درجة التوحد تختلف من شخص إلى آخر، إلا أن أسبرغر توحد عالي الأداء (High-functioning autism)، لذا نجد العديد ممن تم تشخيصهم به ناجحون، ومنهم المشاهير مثل ماسك وناشطة البيئة السويدية غريتا ثانبيرغ التي رشحت لجائزة نوبل للسلام مرتين والتي قالت عن أسبرغر "إنه قوة خارقة" وإنه يجعلها مختلفة وتفكر خارج الصندوق، وهذا بالضبط ما نحتاجه، وهو أن نفكر بشكل مختلف.

ومن هؤلاء أيضا العالمة الأميركية الدكتورة تيمبيل غرانديني، التي نشرت 60 بحثا عن سلوكيات الحيوانات، فالتحدي لديها مع التوحد هو في فهم مشاعر الناس، لكنها تتواصل مع الحيوان بشكل أفضل.

سبب التسمية

كان طبيب الأطفال النمساوي هانز أسبرغر قد دوّن أعراض المتلازمة في أربعينيات القرن الماضي، في هذا الوقت كان التوحد المدون هو الملحوظ الذي يعيق التواصل، فكان هانز هو أول من يكتب عن الأعراض الخفيفة التي عرفت بـ"أسبرغر" نسبة إليه.

لكن المؤرخة إيديث شيفار كانت تحث المسؤولين على تغيير الاسم حين اكتشفت خلال بحثها دور هانز أسبرغر في التعاون مع النازيين وإرسال الذين تم تشخصيهم بالتوحد من مرضاه إليهم ليتم قتلهم بالحقن، فقد كانوا يريدون الاحتفاظ بحياة من يعدونهم خالين من أي نقص فقط ضمن المشروع النازي، ولكن إرادة التغيير ما زالت تتدافع مع إرادة الإبقاء.

كيف نتعامل مع المصابين بأسبرغر؟

على الرغم من أن أسبرغر درجة من التوحد عالي الأداء، فإن المصابين به يحتاجون إلى استيعاب خاص، فمن المفيد أن يكون الإنسان حساسا في كلامه، فلا يقلل من شأن التشخيص أو يتعجب أو يشكك فيه، والأفضل هو السؤال المباشر "كيف يمكنني أن أعرف أكثر؟" و"كيف يمكنني المساعدة بالتحديد؟".

يجب أن ندرك أن الشخص المصاب لا يتعمد الإهانة، فتعمد الجرح يحتاج إلى قدرات اجتماعية معقدة لا يملكها صاحب التوحد، كما أن من الصعب عليه إظهار مشاعره، مما يجعله يبدو غير قادر على التعاطف مع الغير، وقد تكون لديه حساسية مفرطة في الحواس، فلا يتحمل الضجيج أو الإضاءة العالية ويفقد أعصابه إذا تعرض لمثيرات حسية.

المصاب بأسبرغر صريح ويحتاج إلى الصراحة، فلا تتوقع أنه سيفهم أنك متعب من حالتك، وإذا احتجت فقل "أريد حساء لأني مريض"، ولا تنتظر أن يدرك حاجتك دون توجيه منك، قل إنك حزين أو سعيد، ولا تظن أن حركاتك أو نبرة صوتك كافية.

الروتين والوضوح يساعدان المصابين بالتوحد بكل درجاته داخل الصفوف الدراسية وخارجها، كذلك إعداد مكان لهم يهدؤون فيه إذا شعروا بإفراط في الإثارة، وذلك حتى يستجمعوا أنفسهم.

المصدر : مواقع إلكترونية

إعلان