رمضان بعد كورونا بالأردن.. موائد الرحمن وولائم عائلية وخيم رمضانية
على الطرقات الرئيسية والدوارات وبين السيارات المتأخرة عن العودة لسفرة العائلة الرمضانية يقدم متطوعون من الشباب والفتيات وجبات الإفطار وقطع الحلوى وأكواب المياه
عمّان – رويدا رويدا عادت الحياة في الأردن لطبيعتها، وتُعمّر ليالي الشهر الفضيل بالسهر وصلاة التراويح والخيم الرمضانية والمقاهي بعدما افتقد الأردنيون هذه الأجواء خلال العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا والحظر الليلي.
الشوارع والطرقات وشرفات المنازل وأبواب المساجد تزدان بحبال الزينة والفوانيس المضاءة، وقبيل أذان المغرب تُفرش الخيم الرمضانية بموائد الرحمن فلا جائع يبقى بلا طعام، ولا صائم يبقى ممسكا على صيامه.
وعلى الطرقات الرئيسية والدوارات وبين السيارات المتأخرة عن العودة لسفرة العائلة الرمضانية يقدم متطوعون من الشباب والفتيات وجبات الإفطار وقطع الحلوى وأكوابا من المياه للسيارات والمارة.
وبعد موجة رابعة من متحور أوميكرون مطلع العام الحالي دخل الأردن مرحلة التعافي من جائحة كورونا بتراجع الإصابات والوفيات وارتفاع نسب الشفاء إلى أكثر من 99%، وجرى تخفيف الإجراءات الوقائية، وسمحت السلطات بإقامة موائد الرحمن المخصصة للفقراء، والخيم الرمضانية، مع غياب مظاهر الإغلاقات التي جرت في رمضان 2020 و2021.
موائد الرحمن
وفي قاع المدينة وبجانب مجمع المحطة الرئيسي الرابط بين العاصمة الأردنية عمّان والمحافظات أقامت جمعية تكية أم علي الخيرية خيمتها الرمضانية، لتقديم وجبات الإفطار للصائمين رجالا ونساء وأطفالا.
يبدأ الصائمون بالتوافد على الخيمة قبيل الإفطار، كل يأخذ مكانه على طاولته بانتظار الموظفين والمتطوعين لتقديم الوجبات الغذائية، وفي جو إنساني من التراحم والتآخي يضفي عليها أذان المغرب روحانية وإيمان يفطر الصائمون على وجبات التكية، ويتناولون بعدها الحلويات والفاكهة.
موائد الرحمن التي تقيمها تكية أم علي جاءت بعدما أعلنت السلطات الأردنية السماح بإقامة الموائد، لكن ضمن شروط صحية وفق مدير التكية سامر بلقر، مضيفا أن التكية أخذت الاحتياطات الصحية الوقائية اللازمة لاستقبال الصائمين وتقديم وجبات الإفطار.
4 آلاف وجبة يوميا
وخلال جولة للجزيرة نت على التكية، قال بلقر إن التكية توزع يوميا 4 آلاف وجبة إفطار، وذلك طوال شهر رمضان الفضيل، منها ألفا وجبة في الخيم الرمضانية، والألفان الباقية توزع على بيوت الصائمين في عمّان ومحافظات المملكة بالتعاون مع شركائنا من الجمعيات الخيرية في تلك المناطق.
وتخضع الوجبات المقدمة للصائمين لـ"معايير الجودة في توفر وغذاء صحي متكامل للصائم، وتضم اللحوم والأرز والخبز والفاكهة وقطعة حلوى، إضافة إلى الماء والعصير".
وتابع بلقر أن التكية تعمل على "توفير الدعم الغذائي الشهري لـ20 ألف أسرة محتاجة تعيش تحت خط الفقر الغذائي" وفي كافة محافظات المملكة، بحيث يتم إيصال الطرود الغذائية شهريا لتلك الأسر، ويحتوي كل طرد على مواد غذائية تفي باحتياجات الأسرة الغذائية على مدار الشهر.
وتعتبر جمعية تكية أم علي من أكبر الجمعيات الإغاثية في المملكة، وهي مؤسسة غير حكومية وغير ربحية تأسست عام 2003 بهدف مكافحة الفقر الغذائي في الأردن، وأطلقها الأمير علي بن الحسين أخو ملك الأردن عبد الله الثاني عن روح والدته الراحلة الملكة علياء الحسين (أم علي).
الولائم الرمضانية للعائلات الممتدة عادت لتضفي بهجة وألفة على أجواء العائلات الأردنية بعد انقطاع لعامين، ورغم حالة ارتفاع أسعار السلع الغذائية فإن العائلات تصر على إقامة ولائم رمضانية صلة للأرحام وزيادة بالمودة لذوي القربى.
حركة السوق
تجاريا، شهدت الأسواق إقبالا متزايدا من قبل المستهلكين على شراء حاجيات ومتطلبات الشهر الفضيل، إلا أن حركة التسوق دون المتوقع بحسب تجار ومستوردين قياسا على سنوات سابقة، مرجعين السبب في ذلك لارتفاع أسعار المواد الغذائية من دول المنشأ.
وخلال الشهر الفضيل تقلصت السلة الغذائية للمستهلكين في الأردن، ويعود السبب في ذلك وفق مختصين إلى "ارتفاع أسعار المواد الغذائية المختلفة من لحوم ودواجن وزيوت وأرز وبقوليات ومعلبات وحليب مجفف"، وطالت الارتفاعات أسعار الخضار الأساسية وغيرها.
زينة وإفطارات بالمساجد
الأسواق وشرفات المنازل والطرقات والمحال التجارية تزينت بحبال الزينة المضيئة والأهلة والفوانيس، مدخلة البهجة والسرور على قلوب الصائمين.
وشهدت مبيعات زينة رمضان ارتفاعا لهذا الموسم بحسب مستوردين وتجار، متوقعين أن تصل إلى 3.5 ملايين (4.9 ملايين دولار)، مرجعين السبب في ذلك لتعافي من جائحة كورونا وتبعاتها، وإلغاء الحظر المسائي الذي ساد المملكة خلال شهري رمضان الماضيين.
المساجد عَمُرت بالمصلين المتقاربين دون تباعد بعدما أعلنت وزارة الأوقاف الأردنية إلغاء التباعد بين المصلين، وفي كل مسجد تقام الدروس الفقهية والمواعظ الدينية ومآدب لإفطار الصائمين تحتوي على التمور والألبان والقهوة والحلوى والمعجنات وما يجود به المتبرعون.
وسمحت السلطات الأردنية للمطاعم السياحية والمقاهي والفنادق بإقامة الخيم الرمضانية، وذلك ضمن شروط صحية وقائية، وشهدت المطاعم والمقاهي ومحال الحلويات والعصائر الرمضانية حركة نشطة مع إلغاء الحظر الليلي وعودة الحياة لطبيعتها.
ويعول قطاع المطاعم والحلويات على زيادة نشاط الحركة التجارية خلال شهر رمضان بعد إلغاء الحظر بجميع أشكاله وتخفيف الإجراءات، للخروج من أزمته على مدى العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا وتداعياتها.
ويوجد في المملكة نحو 18 ألف محل تعمل في قطاع المطاعم والحلويات وتوظف قرابة 100 ألف عامل.