روحانيات رمضان في التشيك.. فرحة بتقارب المسلمين في بلاد الغربة
براغ – يعتبر أبناء الجالية المسلمة في التشيك شهر رمضان فرصة كبيرة للتقارب الاجتماعي وتعويض افتقادهم روحانيات الشهر الفضيل في بلاد الغربة بتقاليدها البعيدة عن تلك التي تجمع المسلمين على حب الله وكثرة العبادة ومساعدة الفقراء، في حين تبقى موائد الإفطار الجماعية ذكرى طيبة يتشوقون إليها كل عام في هذا الشهر الفضيل.
وحول طقوس رمضان يقول رئيس الاتحاد الإسلامي في التشيك منيب الراوي إنه لا شك أن الأجواء المفرحة لقلوب الأقلية المسلمة هنا غير كاملة، لكنها تبقى مميزة لدعم انتمائهم الديني لروح الإسلام وفروضه، وإحياء المشاعر الروحانية في النفوس، وهو موسم سنوي متجدد للتعارف والتآخي، خصوصا أنهم من أعراق وأجناس وثقافات مختلفة.
عودة أجواء رمضان
ويضيف الراوي للجزيرة نت أنه في هذا العام و"بفضل الله تعالى عدنا إلى برامجنا الرمضانية -التي كانت قبل جائحة كورونا- في جميع المساجد والمصليات بالجمهورية التشيكية، مثل الإفطار الجماعي والدروس الرمضانية وصلاة التراويح، مع الالتزام بتوجيهات الجهات الرسمية بخصوص إجراءات الوقاية، تزامنا مع تزايد أعداد المصلين، وهم سعداء جدا بعودة هذه الأجواء الروحانية لرمضان الذي يجمعهم من جديد بعد عامين من الانقطاع".
ومع دخول العشر الأواخر من رمضان يذكّر إمام مسجد الفردوس (وسط العاصمة براغ) الشيخ حسن التليلي المسلمين في خطبة الجمعة بأن شهر رمضان هذا العام خفيف الظل يمر بسرعة، ذلك لأن أيامه الجميلة في عبادة الله -عز وجل- تصفي القلوب، وتكرس الإخاء بين المسلمين هنا، وهي حالة يفتقدونها مع انشغالهم بوظائفهم اليومية باقي أشهر السنة، وحثهم على المواظبة على العبادة وتقديم الخير طوال العام، لما له من أثر كبير في رضا رب العالمين.
أعمال الخير
ويقول التليلي للجزيرة نت إنه خلال هذا الشهر يتضاعف عدد مشاركة الإخوة المسلمين بشكل ملحوظ في أعمال الخير مقارنة بالأعوام التي سبقت جائحة كورونا، و"نلاحظ تكاتفهم في تقديم كل ما يرونه كرما في مساعدة المحتاجين، ويعود لهم الفضل أيضا قبل عام في مساعدة المسجد الذي كاد أن يغلقه المتربصون بالإسلام بسبب التخلف عن سداد فاتورة كهرباء، وجعلوا منها قضية كبيرة، وتم طرح بيعه في المزاد العلني، الأمر الذي كلفت استعادته أضعاف سعره لمنع البيع".
قضايا ساخنة
من جهته، يرى السفير الفلسطيني خالد الأطرش عميد مجموعة السفراء العرب وممثل السلك الدبلوماسي العام في التشيك أن هذا الشهر الفضيل مناسبة كبيرة لجمع سفراء ودبلوماسيين وشخصيات معروفة -من بينها ممثلون عن السياسة الخارجية التشيكية- عبر دعوتهم إلى موائد الإفطار، إذ يدور الحديث عن نشاط المسلمين في التشيك ودورهم الإيجابي في المجتمع، ورغم سخونة الملفات السياسية "لا ننسى طرح مناقشة ما يتعرض له أبناؤنا الفلسطينيون في المسجد الأقصى من ظلم وعدوان من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية التي اختارت هذا الشهر الفضيل للتنكيل بالمصلين".
ويضيف الأطرش للجزيرة نت أن شهر رمضان الكريم هذا العام بعيدا عن جائحة كورونا يتميز بشكل لافت في زيادة تكاتف المسلمين، ولهفتهم لزيادة العبادة وصفاء القلوب ومساعدة المحتاجين.
فعاليات رمضانية
وبعيدا عن العاصمة بحوالي 400 كلم -وتحديدا في مدينة أوسترافا- يقول عضو الاتحاد الإسلامي في المدينة لافي المقاطي إن أبناء الجالية المسلمة يجتمعون في المصلى ويبذلون قصارى جهدهم في إعداد موائد الإفطار وبرامج رمضان، مثل تحفيظ القرآن وتوزيع السلال الغذائية على الفقراء.
وهذه النشاطات تعوضهم ذكريات الشهر الفضيل في بلدانهم الأصلية، والتي ينقصهم منها على سبيل المثال سماع الآذان في المساجد من بعيد، وخطب الجمعة بصوت الإمام بمكبر الصوت، لما له من أثر في الخشوع عند تلاوة الآيات القرآنية في صلاة التراويح التي تحتشد لها أعداد يمتلئ بها المسجد، ويلاحظ أيضا امتلاء الباحات والحدائق القريبة التي تميز الشهر الفضيل بخشوع المسلمين أمام ربهم في تلك البلدان الإسلامية.
بعيدا عن التعصب
ويبين المقاطي للجزيرة نت أن مدينة أوسترافا التشيكية يقطنها حوالي 350 ألف نسمة يوجد بينهم أكثر من 500 مسلم ومسلمة يعاملون باحترام ومعاملة حسنة من أبناء المدينة بعيدا عن التعصب والكراهية ضد المسلمين، والتي نسمع عنها بين الحين والآخر في العاصمة براغ، ومدينة برنو ثاني أكبر المدن التشيكية.
في حين أنه من اللافت أن عدد من دخلوا الإسلام هذا العام في أوسترافا معظمهم من النساء مقارنة بالرجال، وأغلبهن من جنسيات متعددة مثل الأوكرانية والأوزباكستانية ومن التشيك أيضا، بحسب المقاطي.