الدراسة باللغة التشيكية تفتح أبواب مجانية التعليم لطلاب العالم
براغ – تعتبر الجامعات التشيكية والمعاهد والكليات -التي يصل عددها في البلاد إلى حوالي 70 مؤسسة تعليمية- من أفضل الجامعات في العالم، حيث تتيح للطلبة التعلم باللغة التشيكية، وإعفائهم من الأقساط السنوية، في حين تصل قيمة أقساط التعليم لكل سنة دراسية بلغات أخرى مثل الإنجليزية إلى مبالغ تتراوح بين 10 و14 ألف يورو، بدون باقي الخدمات مثل السكن والمعيشة.
ويعرف العالم جامعة كارلوفا التشيكية المعروفة باسم "تشارلز" كونها من أقدم الجامعات في أوروبا، حيث تأسست عام 1348 في عهد الإمبراطورية الرومانية على يد الملك التشيكي كارل الرابع، وتتميز بتدريس الطب والهندسة والعلوم، ويعود لها الفضل في الحفاظ على اللغة التشيكية القديمة التي تعتبر من أصعب اللغات عالميا.
تسهيلات للمتفوقين
ولطالما كانت هذه اللغة تعتبر الهاجس المقلق للطلاب، سواء أبناء البلد أو الأجانب، فدراسة الطب على سبيل المثال في الجامعات التشيكية تعتبر في غاية الصعوبة، وتصل نسبة المتفوقين الذين لديهم شهادة كفاءة باللغة التشيكية إلى 10% من الطلاب الأجانب فقط، ولذلك تتيح تلك الجامعات وغيرها من المؤسسات التعليمية إمكانية أن تكون الدراسة مجانية باللغة التشيكية، مع تقديم تسهيلات أخرى مثل الدعم المادي للمتفوقين.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsتضارب مهارات الخريجين وسوق العمل.. معضلة يعرضها مؤتمر “وايز” للابتكار في التعليم بالدوحة
تعليم بدون انقطاع.. مؤتمر “وايز” يدعو إلى تعليم مستمر حتى في ظل الصراعات والأوبئة
أكاديميون أفغان يتهمون واشنطن بتدمير التعليم.. الأزمة الاقتصادية تعصف بالجامعات الأفغانية
وينبثق عن جامعة كارلوفا قسم متخصص بإعداد الطلاب الأجانب الراغبين في الدراسة باللغة التشيكية للاستفادة من مجانية التعليم عبر تقديم جميع التسهيلات شرط دفع القسط السنوي لسنة التحضير، والذي يقدر بحوالي 3500 يورو، ويكفي لنيل الشهادة المطلوبة للجامعات التشيكية والاستمرار لاحقا بسنوات الدراسة التي ستكون مجانية.
أما في حال فشل الطالب في نيل تلك الشهادة فإنه سيعاد إلى بلده، وهذا هو رابط موقع هذا القسم التابع لجامعة تشارلز الموثوق حتى لا يقع الطلاب ضحية عمليات نصب في مواقع أخرى غير موثوقة تضيع عليهم وقتهم ومالهم.
إجراءات مهمة
ويوضح مارتين بيران الأستاذ الجامعي والمتابع لهذا القسم للجزيرة نت أنه في هذا الموقع يرسل الطالب بعد التسجيل طلبه والتخصص الذي يريد دراسته مع كامل المعلومات المطلوبة، ويتم دراسة طلبه ثم الموافقة على قبوله في معهد الإعداد، وبعدها يرسل المبلغ الذي سيتم تحديده إلى حسابهم البنكي.
وبناء على قبول الطلب يدفع بأوراقه إلى السفارة التشيكية في بلده للحصول على تأشيرة الدخول، ويتم استقباله في المطار بالعاصمة براغ، وتأمين 3 أيام سكن مجاني له ريثما يتمكن الطالب بعدها من إيجاد السكن المناسب الذي يتم أيضا مساعدته في البحث عما يناسبه، وفي حال رفض الطلب أو قرر عدم المجيء أو تعسرت تأشيرة دخوله من قبل السفارة يتم إعادة المبلغ الذي دفعه مقابل حسم بسيط لا يتجاوز 150 يورو بدل أتعاب المعهد.
أمام الامتحان
الطالب سامر عباس -الذي ولد في العاصمة براغ ويحمل الجنسية التشيكية ويدرس العلوم السياسية في جامعة تشارلز- قال إن الجامعة تساوي بين الطلاب الأجانب وأبناء البلد في مجال إثبات التفوق الدراسي باللغة التشيكية، حيث يعتبر فحص القبول هو الأساس كتابيا وشفهيا بنسبة لا تقل عن 75% من أصل المجموع العام 100 علامة.
ويؤكد عباس للجزيرة نت أنه عندما قرر التسجيل في جامعة تشارلز وجد تسهيلات في التسجيل والقبول وتحديد موعد امتحانات القبول، إلا أن الأمر الأصعب بالنسبة له كان الامتحان أمام لجنة مؤلفة من عدة أساتذة مخضرمين في جميع المجالات، خاصة اللغة التشيكية، وتمثل ذلك بامتحان شفهي في البداية، والذي على أساسه ينتقل الطالب إلى الفحص الكتابي، والذي يتضمن ما لا يقل عن 80 سؤالا في مجال السياسة والتاريخ والمعلومات العامة.
دراسة الطب
أما الطالبة آلاء كريم -التي تدرس الطب البشري في جامعة تشارلز بمدينة هراديتس كرالوفي التي تبعد عن العاصمة براغ حوالي 120 كلم- فترى أن هذا الفرع من الدراسة هو الأصعب في الامتحانات، خاصة في السنة الأولى التي تتعب الطلاب ذهنيا في التحضير اليومي، حيث يكون الطالب مستعدا في أي يوم للامتحان، وهو نوع من إستراتيجية الجامعة لمعرفة قدرة تحمل الطلاب ضغوط الفهم والتركيز والاستيعاب للمواد المختلفة، خاصة مادة تشريح جسم الإنسان.
وتضيف آلاء للجزيرة نت أنها لم تجد أي صعوبات في عملية الانتقال من قطر إلى التشيك بعد أن اختارت فرع الطب وتقدمت لموقع الجامعة بطلب التسجيل، ثم خضعت للامتحان عن بعد، حيث أكملت لاحقا باقي الأوراق المطلوبة للسفارة التشيكية، في حين تأخرت تأشيرة الدخول لبعض الوقت.
وتلفت آلاء الانتباه إلى أن الطالب يجب أن يختار بعناية ما يناسبه، ذلك لأن السكن والمعيشة يجب أن يتناسبا مع إنفاقه الشهري، وقد اختارت مدينة هراديتس كرالوفي كونها أرخص وهادئة ومريحة للدراسة التي بدأتها باللغة الإنجليزية، في حين أن اللغة التشيكية تدخل المنهاج من أجل سهولة التعامل مع المرضى في السنوات اللاحقة من الدراسة.
صعوبات وتسهيلات
بدوره، قال المهندس يحيى سعد -الذي يتابع دراسته للحصول على الماجستير ثم الدكتوراه في جامعة مدينة بلزن (غرب العاصمة براغ)- إنه جاء من الأردن إلى التشيك لدراسة الطب والتحق في البداية بقسم تعلم اللغة التشيكية التي تمتاز بصعوبتها في الصرف والنحو.
ويضيف أنه نظرا إلى أن أساتذة السنة التحضيرية في مجال الطب بهذه اللغة يضعون الطلاب جميعا في سلة واحدة مع الطلاب التشيك -وهم نخبة من المتمرسين الذين لا يتساهلون في عدم كفاءة الطالب اللغوية- مع إضافة 3 لغات أخرى غير التشيكية فقد أدى ذلك إلى قبول 10 طلاب أجانب فقط من أصل 45 طالبا، وتحول الباقون إلى الدراسة في تخصصات أخرى، و"كنت أنا من بينهم، حيث اخترت المتابعة في دراسة الهندسة الصناعية الحديثة، والتي أضيف إليها الاقتصاد والبرمجة وآلية الميكانيك".
وأشار إلى أن امتحان القبول في اللغة التشيكية يعتبر الأساس في الإعفاء من الأقساط السنوية للجامعة، وأنه إذا أثبت الطالب كفاءته بتقديم الامتحانات الكتابية والشفهية باللغة التشيكية فسيتم تقديم بعض المساعدات المالية البسيطة له، وكذلك السكن الجامعي الداخلي الذي سيكون أرخص بكثير مقارنة بالسكن والطعام خارج أسوار الجامعة.
نصائح للطلاب
من جهته، يرى رئيس اتحاد الطلاب للجالية الفلسطينية الأسبق في العاصمة براغ صلاح أبو عمشة أن الطلبة -سواء جاؤوا للدراسة عبر منح دراسية مجانية أو على نفقتهم الخاصة- فإن الدراسة في التشيك ليست بالسهلة كما كانت أيام الحكم الشيوعي، مشيرا إلى أن المعيشة والسكن ازدادا بنحو 3 أضعاف، ولكنها تبقى أرخص مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى مثل ألمانيا والنمسا وغيرها.
ويضيف أبو عمشة للجزيرة نت أن الجامعات التشيكية تعترف بالشهادات الثانوية والجامعية لأي بلد في العالم شرط تقديم امتحان معادلة لتلك الشهادات، كما أن إمكانية مواصلة التعليم للاستفادة من مجانية الأقساط السنوية ممكنة شرط المتابعة باللغة التشيكية حتى لو أن الطالب جاء على أساس الدراسة بالإنجليزية.
ويستفيد معظم الطلاب من هذه الميزة بتعلم هذه اللغة في السنة الأولى التحضيرية عبر تكثيف دورات تعلم اللغة التشيكية والتحدث مع أهل البلد إلى جانب الإنجليزية، لتقديم المواد في السنة اللاحقة بلغة البلد.
وينصح أبو عمشة من يفكر في الذهاب إلى التشيك بهدف الدراسة بجميع أنواعها توخي الحذر من الوسطاء الذين لديهم صفحات في مواقع الإنترنت، إذ ثبت احتيالهم على العديد من الطلاب، لذلك يتوجب مراسلة الجامعة حصرا والتعامل مع الأقسام التي ترتبط بها بشكل وثيق.
وقال للجزيرة نت إن الجامعات التشيكية تسهل عمليات التواصل مع الطلاب مباشرة ولا تقبل الوسطاء، وتكافئ الطلاب المتميزين وتدعمهم عبر ارتباطها بمعاهدات مع جامعات العالم الشهيرة، إذ تمنحهم فرص التعلم هناك مجانا لمدة من 6 أشهر حتى سنة، وتعفي جميع الطلاب في البلاد من الضرائب في حال حصولهم على فرص عمل تساعد في المعيشة والسكن، ويمكن للطالب تصفح مواقع الجامعات وفهم كل شروط الدراسة لمعرفة أدق التفاصيل قبل اختيار التخصص الذي يناسبه.