مائدة السينات السبعة.. الإيرانيون يحتفلون بعيد النوروز مع بداية قرن جديد
من أهم تقاليد الإيرانيين في عيد النوروز إعداد مائدة العيد تتكون من 7 أشياء تبدأ بحرف "سين"، تزامنا مع بداية الاعتدال الربيعي

طهران – "يا مقلب القلوب والأبصار، يا مدبر الليل والنهار، يا محول الحول والأحوال، حوِّل حالنا إلى أحسن حال"، بهذا الدعاء المأثور احتفلت أسرة باقري بعيد النوروز ورأس السنة الإيرانية، التي تصادف هذا العام بداية القرن الـ15 في التقويم الهجري الشمسي.
وبعد تلاوة آيات من القرآن الكريم، أغمض أعضاء الأسرة أعينهم، رافعين أيديهم بالدعاء ليكون العام الجديد أفضل من السنوات الماضية، التي وصفتها "آيدا" ابنة الأسرة بأنها كانت ثقيلة جدا على الإيرانيين.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsفنون يابانية.. رقصة استهلال الربيع
شاهد- قصة فصل الربيع في كوريا الجنوبية.. لماذا نزع المزارعون أشجار الكرز اليابانية؟
أكراد العراق يحيون عيد النوروز.. وهذه قصة الحكايات والأساطير المرتبطة به
وأحيا الإيرانيون هذا العام لحظة الانقلاب الربيعي، التي توافق رأس السنة، في 20 مارس/آذار الجاري، ليبدأ العام الجديد وفصل الربيع الساعة 7:03 بالتوقيت المحلي لإيران، وهي الساعة التي يتم حسابها فلكيا وتختلف بين عام وآخر، وتختتم احتفالات النورز -التي تتواصل لمدة 13 يوما- في يوم الطبيعة الذي يصادف يوم السبت الموافق الثاني من أبريل/نيسان المقبل.

وحول سفرة السينات السبعة، تمنى الحاج حسين، والد الأسرة، أن تكون العام الجديد عام خير بالنسبة للإيرانيين، وأن يضع حدا للأزمات المعيشية التي تعاني منها شريحة كبيرة من الشعب، لتقاطعه زوجته بلقيس -وعيونها دامعة على شقيقها الذي فقدته السنة الماضية جراء إصابته بفيروس كورونا- بالدعاء "يا رب تكون السنة الجديدة نهاية هذا الفيروس المنحوس".
واعتبر الحاج حسين رفع قيود كورونا هذا العام والاحتفال بعيد النوروز وفق التقاليد التي اعتاد عليها الإيرانيون طيلة القرون الماضية، دلالة على بشارة خير بتحسن الأوضاع المعيشية، مضيفا أن احتفالات الإيرانيين بعيد النوروز كانت صاخبة طيلة العطلة التي تستمر 13 يوما، إلا أنها في السنوات الأخيرة كانت تنغصها الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي أثقلت كاهل المواطن.

الأساطير الإيرانية
وعن أصل الاحتفال، تقول الأساطير الإيرانية إن الملك الفارسي "جم" أمر بنصب عرش قبل نحو أكثر من 3500 عام، وعندما تربع عليه أشرقت الشمس على تاجه فابتهج شعبه وقال "نو روز" أي "يوم جديد"، فاحتفلوا به كل عام وسموه عيد النوروز. وبما أن الشعاع في اللغة البهلوية يسمی "شيد" فأضيفت الكلمة على اسم الملك ليصبح بعدها "جمشيد".
ويعتبر النوروز عيد الإيرانيين الأكبر بصفته القومية والوطنية منذ قرون، وفق الأكاديمية الباحثة في الشؤون الاجتماعية فرناز ملا محمد، التي قالت إن "المناسبة اكتست صبغة دينية عقب الثورة الإيرانية عام 1979".
وأوضحت للجزيرة نت أنه رغم المساعي الحثيثة التي تبذلها بعض المؤسسات الدينية للاهتمام أكثر فأكثر بعيدي الفطر والأضحى، فإن الإيرانيين يعتبرون النوروز عيدهم الرسمي، ويحتفلون به من خلال شراء ملابس العيد والتزاور وتقديم المأكولات والحلويات الخاصة به، مؤكدة أن الشعب الإيراني ورث هذه التقاليد أبا عن جد، ويحرص على نقلها إلى الأجيال المقبلة.
طقوس وتقاليد
وبينت أن تقاليد عيد النوروز تبدأ في إيران منذ عشية يوم الأربعاء الأخير من السنة الإيرانية، إذ يقفز الشبان واليافعون فوق نار صغيرة يضرمونها في فناءات البيوت، وتستمر حتى اليوم الـ13 بعد رأس السنة الذي يعرف بيوم الطبيعة أو "سِيزدَه بِدَر"، الذي يخلي فيه الإيرانيون بيوتهم معتقدين أنهم يطردون بذلك النحس وسوء الحظ من حياتهم.
ومن أهم تقاليد الإيرانيين في عيد النوروز -بحسب فرناز ملا محمد- إعداد مائدة السينات السبعة والاحتفال حولها تزامنا مع بداية الاعتدال الربيعي، موضحة أن مائدة العيد تتكون من 7 أشياء تبدأ بحرف "سين"، ولعل من أهمها: سير (ثوم) وسكة (عملة نقدية) وسنجد (ثمرة مجففة تشبه العناب) وسبزه (الخضرة) وسماق (السماق) وسيب (التفاح) وسركه (الخل) وسمنو (حلوى براعم القمح)، وقد تتجاوز السينات هذا العدد.
ومن الطقوس الأخرى التي تبشر بقرب رأس السنة الجديدة في إيران، العروض الفنية التي يقدمها "حاجي فيروز" (شخصية خيالية مرتبطة بعيد النوروز) إذ يصبغ وجهه باللون الأسود ويرتدي الأزياء الحمراء ويطوف في شوارع المدن منشدا قصائد شعبية.
وبعد أن سُجل نوروز عام 2009 على القائمة النموذجية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، اعترفت منظمة الأمم المتحدة باليوم الدولي للنوروز في 21 مارس/آذار 2010 بناء على طلب عدة دول منها إيران؛ بهدف مشاركة هذا العيد مع بلدان العالم وشعوبه.

معيشة المواطن
وعن التوقعات بشأن الاقتصاد والوضع المعيشي في السنة الإيرانية الجديدة، توجهت الجزيرة نت بالسؤال إلى الباحث الاقتصادي غلام رضا مقدم، الذي أعرب عن تفاؤله بتحسن معيشة المواطن الإيراني خلال الأشهر المقبلة، موضحا أن الحكومة اتخذت خطوات جبارة إزاء العقوبات الأميركية، حسب قوله.
وأضاف، في حديثه للجزيرة نت، أنه رغم التضخم المستفحل في البلاد، فإن الحكومة قررت زيادة رواتب العمال بنسبة 51% في العام الجديد لإحتواء تداعيات التضخم وتخفيف عبء المعيشة، مضيفا أن القرار انعكس إيجابيا على الحركة الشرائية عشية عيد النوروز.
وخلافا للسنتين الماضيتين حيث خيمت جائحة كورونا على الحركة الشرائية، فإن الأسواق شهدت إقبالا كبيرا هذا العام على شراء الحلوى والمكسرات والألبسة الجديدة عشية عيد النوروز.
ويتوقع غلام رضا مقدم إحياء الاتفاق النووي خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مما سينعكس على خفض التوتر على المستويين الإقليمي والدولي، وتعزيز العلاقات التجارية العالمية مع إيران، الأمر الذي سيعود بالرخاء على المواطن، حسب تعبيره.