"فابريك ايد".. مبادرة أردنية تنتهج أسلوبا "مرنا" يوفر تسوقا كريما للفرد وعائلته
تهدف المبادرة إلى توفير تجربة تسوق كريمة في المناطق المهمشة للحد من التأثير السلبي على البيئة بسبب فوائض الأقمشة التي يتم رميها في النفايات وحرقها.

عمان- "أصبحت الملابس من أكثر السلع استهلاكًا في عالمنا، حيث ارتفعت معدلات استهلاك الملابس اليوم بنسبة 400% عما كانت عليه قبل عقدين فقط. وينتهي الأمر بأكثر من نصف الملابس في مكبات النفايات، حيث تتراكم ليتم لاحقاً حرقها. في موازاة ذلك، لا يستطيع أكثر من 77 مليون شخص في العالم العربي شراء ملابس جديدة"، من هذا الواقع اتجهت الشابة فرح حوراني ومجموعة من الشباب لإطلاق فكرة مشروع يضمن "تسوقا كريما" للمواطنين، وذلك بإنشاء مبادرة "فابريك ايد" (FabricAID) الاجتماعية.
وبجهود فردية، وضعت مديرة فرع الأردن لمبادرة "فابريك ايد"، فرح حوراني ومجموعة من الشباب على عاتقهم، توفير "تسوق كريم" لذوي الدخل المحدود من "الملابس المستعملة"، وذلك بإنشاء مبادرة "فابريك ايد" الاجتماعية التي تعمل بلا كلل، لضمان قدرة كل فرد على شراء ملابس لائقة لأنفسهم وعائلاتهم بطريقة تصون كرامتهم، وفي الوقت ذات تسهم في الحفاظ على البيئة.

عالم أزياء لا يضر المجتمع ولا البيئة
تقول حوراني إن هذه المؤسسة اجتماعية، وتعمل بلا كلل لضمان قدرة كل فرد على شراء ملابس لائقة لأنفسهم وعائلاتهم بطريقة تحفظ كرامتهم، ولضمان ألا يضر عالم الأزياء المجتمع ولا البيئة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsقطريون وسعوديون يطلقون مبادرة “دم ووريد” للتعريف بمعالم بلديهما
مبادرة شبابية لدعم بائعات الشاي في السودان
منصة تعبير.. مبادرة اجتماعية تمنح المجال لشباب تونس للتعبير عن تطلعاتهم
وتوضح -بصفتها أكبر جامعة للملابس المستعملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- تعمل "فابريك ايد" على إنشاء وتوسيع سلسلة قيمة واعية اجتماعيًا وبيئيًا لعالم الأزياء من خلال تحسين طريقة جمع الملابس المستعملة وفرزها وإعادة تدويرها وبيعها.
وتقوم بذلك من خلال سلسلة من العلامات التجارية الواعية اجتماعيا والمستدامة التي تستهدف مجموعات اجتماعية واقتصادية متنوعة، بما في ذلك الفئات المهمشة وذات الدخل المحدود.

التجميع والفرز وإعادة التوزيع
وحسب حوراني، يتكون العمل من 3 مراحل: التجميع، والفرز، وإعادة التوزيع. ويتم توزيع الملابس المجمعة على النحو التالي:
يتم إرسال 80% من الملابس إلى "سوق الخلنج" الموجود في منطقة جبل النظيف بالعاصمة الأردنية عمان، حيث يتم بيع الملابس المتبرع بها للمجتمعات ذات الدخل المحدود بأسعار رمزية تتراوح ما بين ربع دينار أردني إلى دينارين كحد أقصى (الدولار يساوي 72 قرشا).
ويتم تنظيف جميع القطع وتسويتها وتعليقها في محل "سوق الخلنج" المزود بغرف تبديل الملابس، والمرايا، ومندوبة مبيعات لضمان جودة عالية وتجربة كريمة للمجتمعات المستهدفة.

أسعار رمزية
تباع الملابس ولا توزع بالمجان، لأنه في التوزيع المجاني لن تتمكن المؤسسة من الاستمرار والتوسع لعدم وجود إيرادات تساعدها على توسيع أعمالها وفتح محلات دائمة على مدار السنة، وفق حوراني.
وأيضا بيع الملابس يضمن حرية اختيار الأفراد للقطع التي تناسبهم من جميع النواحي، بينما توزيع التبرعات قد يكون عائقا أمام توفير تلك التجربة المخصصة والكريمة بأسعار رمزية.
وتكشف حوراني عن تمكنهم من الوصول حتى الآن إلى أكثر من 6 آلاف مستفيد وتوزيع أكثر من 15 ألفا و400 قطعة ملابس من خلال سوق الخلنج.

سوق الخلنج
وتهتم "فابريك ايد" بتوفير ملابس ذات جودة عالية لمن يحتاجها ولا يستطيع شراءها جديدة عبر "سوق الخلنج" حيث يستطيع الجميع شراء الملابس الجيدة والنظيفة بأسعار رمزية.
بالإضافة إلى التأثير الإيجابي الاجتماعي لسوق الخلنج، تسهم "فابريك ايد" في الحد من الضرر البيئي عن طريق التقليل من كميات الملابس المصنعة وإعادة تدوير الملابس غير القابلة للبيع حتى لا ينتهي بها المطاف في مكبات النفايات، حيث يتم حرقها في معظم الأحيان. كذلك تتم إعادة تدوير باقي الملابس التي ربما لا تكون بحالة جيدة أو مناسبة للبيع وذلك حفاظا على البيئة.
وتشرح حوراني أنه يتم إرسال 6% من الملابس الفريدة من نوعها وذات الطراز القديم والجميل، التي ربما لا تناسب الجميع إلى محل "سكند بيس" (Second Base) وتباع هذه الملابس بمتوسط سعر 15 دينارا أردنيا (نحو 21 دولارا)، والفئة المستهدفة للمحل تتمثل في المهتمين بالموضة ذات الطراز القديم من الطبقة الوسطى.

توظيف الشباب
ويتم استخدام 100% من أرباح "سكند بيس" لدعم أعمال "فابريك ايد" وتوسيع نطاق سوق الخلنج، وتوظيف الشباب، ودعم المجتمع المحلي في الأردن، بحسب مديرة المبادرة.
وتعود كذلك جميع إيرادات المحل لتغطية تكاليف المؤسسة من تصنيع حاويات، وتجميع الملابس، إلى توفير رواتب للموظفين، حتى تتمكن المؤسسة من توسيع أعمالها وتنميتها، وسيفتتح قريبا فرع ثالث لسوق الخلنج في أبريل/نيسان المقبل، وكذلك سوق عكاظ الثاني الذي سيكون للبيع والشراء للملابس المستعملة في منطقة تلاع العلي بعمان.

ترويج الأهداف عبر المواقع
تقول حوراني "يتم ترويج أهداف المؤسسة من توفير تجربة تسوق كريمة في المناطق المهمشة للحد من التأثير السلبي على البيئة لفائض الأقمشة التي يتم رميها في النفايات وحرقها في غالب الأحيان، وذلك من خلال موقعنا الخاص وصفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي".
وتضيف "نوثق المراحل المتعددة لعملياتنا من تجميع تبرعات الملابس، إلى فرزها في المستودع، وتوزيع الملابس الصالحة للبيع في محلاتنا المختلفة، كما نشارك مخططاتنا المختلفة لإعادة تدوير التالف من الأقمشة في مشاريع خاصة وإبداعية".

دمج "فابريك ايد" مع "تعزيلة"
اندمجت "فابريك ايد" رسميًا مع مبادرة "تعزيلة" عام 2021، وهي مبادرة محلية أنشأتها ياسمين هلسة. معًا، أنشأنا صندوق تعزيلة للمنح الدراسية من "فابريك ايد"، وفق حوراني.
وعن سبب تسمية المبادرة تعزيلة، توضح حوراني أن "اسم تعزيلة من الكلمة العامية تعزيل، وهو أمر نقوم به بكثرة عند الحاجة لترتيب مقتنياتنا والتخلص مما لا حاجة لنا به، وفي هذه المبادرة تكون للتعزيلة أهداف أكثر، مثل التخلص من الفائض من الملابس، وإعطاء الملابس الصالحة لمستفيدين جدد، وتمويل منحة دراسية أيضا".

ويتم بيع ملابس تعزيلة المتبرع بها في مناطق نائية وبعيدة عن مراكز المدن في بازارات مؤقتة، ويتم استخدام 100% من الأرباح لتمويل المنح الدراسية للأفراد المهتمين بتخصصات صناعة الملابس أو التصميم أو ما يشابهها من أهل منطقة البازار ذاتها، وتوفر "فابريك ايد" فرص عمل لهؤلاء الطلاب في المؤسسة بعد التخرج.
ويتم بيع جميع تبرعات الملابس التي تم جمعها من خلال الدمج في المناطق الريفية، كما توجه جميع هذه الإيرادات لتمويل برنامج المنح الدراسية، وفق فرح.

6 أيام في الأسبوع
ويمكن للمتبرعين التبرع بجميع أنواع المستلزمات من الملابس التالفة والقديمة إلى الملابس الجديدة، مهما كان نوعها، إضافة إلى الأحذية والحقائب بأنواعها.
وتؤكد فرح "مبادرتنا مستمرة طوال أيام العام، 6 أيام في الأسبوع"، مضيفة، "لدينا أيضا محل سوق عكاظ، الذي سيتم افتتاحه في عمان خلال شهر أبريل/نيسان القادم، وهذا المحل مستقل عن دورة التبرعات ويمكن لزواره شراء وبيع ملابسهم فيه، وسوق عكاظ أساسي لدعم سوق الخلنج واستمرارية مؤسستنا وعملياتها المختلفة".
وتشعر حوراني بالفخر والرضا لما وصل إليه فريق "فابريك ايد" بقولها: "اليوم مبادرة فابريك ايد توظف أكثر من 100 موظف في الأردن ولبنان، وفي هذه الأيام سيفتتح فرع للمؤسسة في مصر".
