أسماء حركية وجسور تسقط.. كلمات السر في العائلة الملكية البريطانية

"سقط جسر لندن"، هكذا أذاعت معظم وسائل الإعلام خبر وفاة الملكة إليزابيث الثانية. وفي الواقع، فهذا التوصيف كود سرّي -أصبح علنيا للجميع- لتوصيف الإجراءات التي ستتبّع منذ لحظة وفاة الملكة إلى حين دفنها، وتولية ولي العهد الأمير تشارلز ملكا جديدا للبلاد.
لكن، لماذا عرفت الخطة المتبعة بعد وفاة الملكة إليزابيث بـ"جسر لندن" (London Bridge)؟ وهل هناك أكواد أخرى ضمن هذه التسمية السرية؟ وهل الملكة أو الملك الوحيدون الذين يعرفون بأسماء الجسور؟ ولماذا يأخذون هذه الألقاب؟
كلمات السر في العائلة الملكية البريطانية
"كلنا جسور. كان اختيار الاسم اقتراحا يظهر الصلة بين هذه الحياة والحياة التي تليها".
من شاهد مسلسل نتفليكس "التاج" (The Crown) غالبا يتذكر هذه الجملة التي استخدمتها الملكة إليزابيث في إحدى حلقات الجزء الرابع وهي تشرح لزوجها الأمير فيليب سر استخدام أسماء الجسور لإعلان وفاة أحد أعضاء العائلة الملكية، وذلك حينما حدث انهيار ثلجي في أحد جبال سويسرا حيث كان نجلها ولي العهد الأمير تشارلز يتزلج مع أصدقائه، وخشي القصر الملكي أن تكون قد وافته المنية، وحينئذ أطلعها السكرتير الخاص على خطة "جسر ميناي" التي يستعدون بها إذا تأكدت الشكوك بوفاة ولي العهد.
وفي الواقع، اعتادت العائلة الملكية البريطانية تسمية خطط إعلان وفاة أحد أعضائها الرئيسيين باسم حركي لجسر في المملكة المتحدة، ويستغرق إعداد هذه الخطط والترتيب لكل تفاصيلها سنوات، وقد ابتكرت فكرة استخدام اسم رمزي من أجل الحفاظ على خصوصية مثل هذه الأحداث حتى تصبح العائلة جاهزة للكشف عن خبر الوفاة للجمهور.
ما جسور العائلة الملكية البريطانية؟
الأمير فيليب-جسر فورث
الأمير فيليب زوج الملكة إليزابيث كان دوق إدنبرة، أما لقبه "جسر فورث" أو الجسر الرابع (Forth Bridge) فهو جسر في أسكتلندا، يقع بالقرب من إدنبرة.
وفي أبريل/نيسان 2021، حينما توفي الأمير فيليب عن عمر ناهز 99 عاما، انطلق تنفيذ عملية "جسر فورث" أو الجسر الرابع، التي بدأت بإعلان وفاة الأمير ببيان رسمي أدلى به قصر باكنغهام لهيئة الإذاعة البريطانية والصحافة، بينما ألقى رئيس الوزراء بوريس جونسون كلمة في شارع "داونينغ" الأشهر في قلب لندن حيث يقع منزله، ثم دخلت البلاد في فترة حداد وطني، فأنزلت الأعلام إلى نصف السارية، وارتدى مقدمو الأخبار اللون الأسود، ثم أقيمت جنازة حضرها 30 شخصا فقط بسبب إجراءات جائحة كورونا، في حين أشارت الصحف البريطانية إلى طلب الأمير إقامة جنازة صغيرة في كنيسة سانت جورج بقلعة وندسور.

الأمير تشارلز-جسر ميناي
أما الاسم الرمزي لوفاة الأمير تشارلز فهو جسر ميناي، حسب موقع صحيفة "ذا تاب" (The Tab) التي أطلقت في عام 2009 من جامعة كامبردج.
كان تشارلز أمير ويلز قبل أن يصبح الملك الجديد خلفا لوالدته الراحلة، وجسر ميناي المعلق (Menai Bridge) هو جسر ويلزي يربط جزيرة أنجلسي بالبر الرئيسي لويلز.
الملكة الأم-جسر تاي
يعتقد أن الاسم الرمزي لوفاة الملكة الأم الملكة إليزابيث باوز ليون هو جسر "تاي" الذي يقع في أسكتلندا أيضا. وقد توفيت والدة الملكة إليزابيث في عام 2002، وحمل نعشها على عربة تبعها أفراد العائلة الملكية، في عرض عسكري لأكثر من 1600 فرد من القوات المسلحة، كما اصطف ما يقرب من مليون شخص في الشوارع خلال جنازتها.
وحسب الصحيفة السالفة الذكر، فقد جرى التدريب على خطة جسر "تاي" (Tay Bridge) بشكل منتظم طوال أكثر من 22 عاما قبل وفاة الملكة الأم، وقد استخدمت عند وفاة الأميرة ديانا، وذلك لأن وفاتها كانت مفاجئة واحتاجت العائلة الملكية لخطة جاهزة لإقامة الجنازة، بينما كانت الملكة الأم لا تزال على قيد الحياة وقت وفاة الأميرة ديانا.
الأميران وليام وهاري وكيت دوقة كامبردج وميغان
حسب موقع "بريتش هيرتاج" (British Heritage)، ومجلة "ديلي ستار" (Daily Star) البريطانيين، فإن الأسماء الحركية لوفاة أبناء الأمير تشارلز ليست أسماء جسور، ولكن هناك أسماء حركية يستخدمها المساعدون الملكيون وموظفو القصر الملكي.
يعتقد أن الأسماء الحركية للأمير وليام وزوجته كيت ميدلتون دوقي كامبردج قد تكون "داني كولينز" (Danny Collins) و"دافني كلارك" (Daphne Clark).
أما اسما الأمير هاري وزوجته الممثلة الأميركية ميغان ماركل، دوقي ساسكس السابقين، فهما "ديفيد ستيفنز" (David Stevens) و"دافينا سكوت" (Davina Scott).
وذلك في إشارة إلى الأحرف الأولى من ألقابهما الرسمية، دوق ودوقة كامبردج (DC) وساسكس (DS) للأمير هاري وزوجته قبل تخلّيهما عن لقبهما الملكي.
الملكة إليزابيث الثانية-جسر لندن
أما الخطة التي تابعها معظمنا عندما سقط جسر لندن أخيرا، فيعتقد أنها وضعت في الستينيات من القرن الماضي، وشملت تخطيطا مفصلا للأيام العشرة التالية لوفاة الملكة، بما في ذلك المكان الذي سيوضع فيه نعشها، وكيف سيعلن رئيس الوزراء نبأ الوفاة، وكيف سيقضي خليفتها الأمير تشارلز أيامه الأولى بوصفه ملكا، وطريقة إبلاغ الجمهور، واستجابة الحكومة للخبر، وكذلك إعلان حالة الاستنفار والطوارئ في صفوف قوات الجيش والشرطة والتأمين الشامل للعاصمة لندن.

يشار إلى يوم وفاة الملكة باسم "D-Day"، ويشار إلى كل يوم بعد ذلك باسم D+1 و D+2 وهكذا. وحسب تقرير سابق لموقع الجزيرة نت، فإن أبرز الترتيبات في هذه الأيام كانت كالتالي:
-
اليوم الأول
D+1: يشهد إخبار رئيس الوزراء بوفاة الملكة بمراسلة رسمية وسرية من طرف "الكاتب الخاص للملكة" لإخبار كبار الوزراء في الحكومة مثل وزراء الخارجية والدفاع والداخلية والخزانة، كما يتلقى كل أفراد الأسرة الملكية خطابا رسميا بالوفاة لإعلانه إلى عامة الشعب، ثم يصار إلى إخبار كل الوزراء وكبار المسؤولين بخبر الوفاة لتنكيس الأعلام إلى النصف في كل المؤسسات الحكومية مدة 10 دقائق، ويُعطّل العمل في البرلمان البريطاني، وفي أسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية، كما يُرتب لقاء يجمع الملك الجديد ورئيس الوزراء قبل توجيه الملك خطابه الأول للشعب من موقعه ملكا.
-
اليوم الثاني
D+2: انعقاد مجلس التتويج، بحضور كبار المسؤولين الحكوميين، في قصر "الملك جيمس" بلندن، من أجل إعلان تتويج الملك الجديد، وينعقد البرلمان لإعلان نعي الملكة، ثم تعلق كل أشغاله 10 أيام، وعنده انعقاده ثانية يعقد الملك الجديد جلسة استماع مع رئيسة الوزراء وحكومتها.
-
اليوم الثالث
D+3: نقل جثمان الملكة إلى قصر باكنغهام في لندن إذ كانت الملكة في قصر "بالمورال" بأسكتلندا.
وتستمر الخطة المفصلة للأيام السبعة التالية باستقبال الملك الجديد للتعازي الرسمية في الجهات الحكومية والدينية، ونقل جثمان الملكة من قصر "باكنغهام" إلى قصر "ويستمنتسر" في عملية "الأسد" حيث يسمح على مدار 3 أيام لعدد محدد من الأشخاص بإلقاء النظرة الأخيرة على الملكة قبل نقلها إلى مثواها الأخير بحضور مسؤولي الدولة ودول العالم والشعب البريطاني، حيث تطلق الجنازة الرسمية والأخيرة للملكة في كنيسة "ويستمنستر" المقابلة لمبنى البرلمان، وتعلن دقيقتا صمت في عموم البلاد، يلي ذلك تتويج للملك تشارلز.