هناء أكبر طالبة في الثانوية العامة.. 41 عاما من الحلم الذي تحقق أخيرا

هناء أكبر طالبة في الثانوية العامة تحلم بالحصول على الدكتوراه (بيكسلز)

منذ يومين، كانت الأسر المصرية على موعد مع القلق السنوي المعتاد، انتظارا لنتائج الثانوية العامة التي أعلن الدكتور وزير التربية والتعليم طارق شوقي أنها ستعلن الثلاثاء الماضي، سادت أجواء من التوتر في البيوت وعلى مواقع التواصل، خاصة مع المؤشرات التي بدأت تعلن انخفاض نسب النجاح، عن الأعوام الماضية، والمجاميع التي لم تعد تحمل الدرجات النهائية.

في منزل بسيط في مدينة الزقازيق بالشرقية، كان هناك قلق من نوع آخر، تجلس هناء مع زوجها المهندس الزراعي وحولهم الأبناء الخمسة، الجميع يطمئن الأم، فهي صاحبة القلق، ليس لكونها ولية الأمر، لكن لأنها هي الطالبة.

نفس التفاصيل المقلقة عاشتها أسرة هناء العام الماضي، حين كانوا على موعد مع نتيجة الابن الأكبر عمر، لكن لماذا يزداد القلق الآن؟ لأنه هذه المرة مضاعف، فالأم هي التي تنتظر الأسرة نتيجتها، نتيجة أعوام من القلق والتوتر والالتزام بالقيام بكافة الواجبات حتى يبقى حلمها مستمرا، وتبقى قادرة على تحقيقه.

هناء صاحبة 41 عاما، بعد أن أنجبت 5 أبناء، مرت بهم من السنوات الصعبة، جاء زمنها لتحقق حلمها القديم في أن تعاود الدراسة مجددا، فحققت الحلم واستطاعت أن تبدأ بالثانوية العامة وتتجاوز عقبتها بدرجة 61.1%.

إعلان

عبر فيسبوك، كتب المهندس الزراعي محمد سليمان عمر منشورا حمل تهنئته لزوجته، ورغم أن هناء من أصحاب الدور الثاني بمادة اللغة الفرنسية، فإن ذلك لم يقلل من فرحة زوجها، الذي يعيش في المجتمع الريفي المحافظ، لم يجد الرجل غضاضة في نشر صور زوجته وتهنئتها بنجاحها، والإشادة بمجهودها طيلة سنوات دراستها التي ستستمر حتى الجامعة.

قال المهندس "زوجتي الحبيبة وأم عيالي، ألف مليار مبروك نجاحك في الثانوية العامة القسم الأدبي بنسبة 60.1%، أقولها لك ألف مبروك لأنك أكبر طالبة على مستوى الجمهورية سنا.. مبروك رغم أن عندك ملحق في الفرنساوي وهذا ما كنا متأكدين منه، وإن شاء الله نسبة النجاح تزيد بعد إضافة درجات النجاح في اللغة الفرنسية".

وتابع عبر المنشور "ألف مبروك لأنك كسبت التحدي رغم معوقات كثيرة في ظل تطبيق نظام تعليمي جديد لم تتدربي عليه لم تستلمي (تابلت) كبقية زميلاتك ولا كتابا مدرسيا ولا أخذت درسا خصوصيا في أي مادة، مبروك لأنك ورغم أنك مسؤولة عن أبنائك الخمسة وكلهم في مراحل دراسية مختلفة استطعت أن توفقي بين أن تذاكري لهم وقمت بواجبك تجاههم وتجاه وبيتك على أكمل ما يكون، والأهم مبروك لأنك أثبت أنه لا يأس مع الحياة ومفيش حاجة اسمها مستحيل، كبرنا".

ما كتبه الزوج، انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يتوقف الفخر بما أنجزته هناء عند حدود أسرتها، فقد تداولت المواقع الصحفية والنشرات خبر نجاح هناء، وقصة الزوج الفخور بإنجاز زوجته، فافتخر بها أهل قريتها ودعوا لتكريمها وزوجها.

يقول سليمان للجزيرة نت إنه لم يكن يتوقع هذا الانتشار الكبير للمنشور الذي كتبه لإسعاد زوجته وتشجيعها لمواصلة حلمها "كنت في عملي وقتها، وكتبته وأغلقت الإنترنت، لأفاجأ بما حدث وأن أسرتي البسيطة ورحلة كفاح زوجتي صارت حديث الناس ومثار حديث مواقع التواصل".

إعلان

بابتسامة تعلو ثغر الزوجة الأربعينية، تقول هناء للجزيرة نت "حلمي باستكمال دراستي لم يفارقني أبدا، تزوجت مبكرا وأنجبت خمسا من الأبناء، كان علي أن أرافقهم طيلة الليل والنهار في مراحل طفولتهم الأولى، حتى يستطيعوا أن يشبوا عن الطوق، وحين بدأ ابني الأكبر عمر في دراسته الثانوية وكنت أتابع معه دروسه، اكتشفت أن الأمر ليس صعبا، وأنني أستطيع أن أبدأ الآن، وبالفعل ساعدني زوجي وأبنائي، وكان زوجي يتابع معي المذاكرة والاستعداد للامتحانات بلا كتب مدرسية ولا تابلت ولا مدرسين خصوصيين، ظروفنا لا تسمح بذلك، لذا كان علي الاعتماد على نفسي فقط وهذا ما حدث".

بعد الذي كتبه الزوج المستحق لقب "الزوج المثالي" وبعد ما أشادت به مجموعات التواصل النسائية، تواصل مع العائلة العديد من مدرسي اللغة الفرنسية لمساعدتها في اجتياز الامتحان الثاني للمادة المقرر له أوائل سبتمبر/أيلول المقبل.

لم يتوقف حلم هناء على اجتياز الثانوية العامة، أملها أن تلتحق بكلية التربية أو الآداب وأن تستكمل تعليمها وصولا للدكتوراه، وهو النذر الذي قطعه الزوج على نفسه مؤكدا أنه سيبذل ما في وسعه من أجل حلم زوجته "نفسي أشوفها أحسن إنسانة في الدنيا وهي كده فعلا، لكن أتمنى تكون الأفضل كما تريد هي".

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي

إعلان