بالفيديو: ميشيل جسري.. آخر المسيحيين في مدينة إدلب التي أنهكتها الحرب
يعيش جسري وحيدا في إدلب بلا زوجة أو أقارب ليمضي معظم وقته وهو يهتم برعاية الطيور في أرض منزله العربي، فهو يحرص كل يوم على تقديم الطعام والماء لها.

شمال سوريا- رغم مغادرة معظم المسيحيين إدلب شمالي سوريا، فإن المسن ميشيل بطرس جسري رفض الرحيل عن منزله العربي المتواضع، مفضلا البقاء وحده، ليمثل حالة استثنائية من أبناء طائفته في مناطق سيطرة المعارضة السورية.

عندما تنظر إلى جسري (90 عاما) لا يخطر في بالك سوى أنه مسلم، فمظهر ملابسه بالثوب العربي والكوفية لا يوحي بديانته المسيحية، لكنك سوف تكتشف ذلك من خلال الأيقونات والصلبان التي يعلقها على جدار غرفة في منزله.
ولد جسري قبل 90 عاما في محافظة إدلب الخضراء كما يصفها، وعاش مع إخوته الأربعة سنوات طوال قبل أن يغادروا هم المدينة على وقع المعارك والقصف بين النظام والمعارضة السورية، حيث رحل 3 منهم إلى مدينة حلب ورابعهم هاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية.

مع مرور الوقت توفي أشقاء جسري الثلاثة في حلب وبقي أولادهم هناك، ولا يعلم عنهم شيئا، حتى أن أخاه في أميركا لا يتواصل معه على الإطلاق، ولم يصله منه أي خبر أو معلومات عنه، كما يقول المسن الإدلبي.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsميدل إيست آي: المسيحيون السوريون يقولون إن الأسد "أخذهم كرهائن"
نصرة للنبي محمد.. مسيحيون بمصر يرسمون "إلا رسول الله" بأجسادهم
فلسطين.. تآخي المسلمين والمسيحيين خلال رمضان رسالة لترسيخ قيم التعايش
كان الهاتف الأرضي صلة الوصل لجسري مع رفاقه وأصدقائه في سوريا، لكن الأصدقاء رحلوا والهاتف قُطع منذ مدة، ولم يقم أحد بإعادة تشغيله، حسب ما روى جسري.

رفض الزواج
شهد جسري في مدينة إدلب حادثة غريبة جعلته يحجم عن الزواج ويكره الارتباط، فقد صدمه منظر شاب يقوم بتعنيف أبيه في الشارع وعلى مرأى المارة، ومنذ ذلك الوقت أخذ عهدا على نفسه بعدم الزواج، خشية أن يتعرض للموقف ذاته يوما ما.
وهكذا أصبح جسري وحيدا إدلب بلا زوجة أو أقارب ليمضي معظم وقته وهو يهتم برعاية الطيور في أرض منزله العربي، فهو يحرص كل يوم على تقديم الطعام والماء لها.

وعندما يشعر العجوز بالملل يخرج للتجول في شوارع مدينة إدلب، فالجميع في المدينة هم أصدقاؤه، لا سيما الباعة في أسواق المدينة، حيث يقضي بعض الوقت في الحديث وشرب الشاي والقهوة معهم.
في حين يعتمد هذا العجوز في تأمين قوت يومه على بعض المساعدات التي ترسلها المنظمات المحلية للأهالي الفقراء بين الحين والآخر، أو من ما يقدمه له الجوار من الطعام والشراب.

العيد للجميع
يمارس جسري عباداته في غرفة تحولت إلى أشبه بالكنيسة، ويواظب على قراءة الإنجيل والصلاة في هذه الغرفة، مؤكدا أنه لم يتعرض لأي مضايقات أو إساءة من أحد في المدينة، بل إن جيرانه يزورونه للاطمئنان عليه وتقديم المساعدة له.
في أوقات الأعياد يجتمع جسري بجيرانه المسلمين ويبادلهم التهاني والأمنيات السعيدة، فالعيد للجميع كما يقول، وليس حكرا على طائفة أو فئة من الناس في إدلب.

يقدر اليوم عدد المسيحيين في محافظة إدلب بنحو 200 شخص، وفق إحصائيات غير رسمية، في الوقت الذي كان عددهم يقارب 9 آلاف نسمة، كانوا يتوزعون في مدينتي جسر الشغور وإدلب، وقرى القنية واليعقوبية والجديدة وحلوز والغسانية، وينتمي معظمهم لطائفة الروم الأرثوذوكس.
ومنذ بداية الحراك الشعبي في سوريا رحل معظم المسيحيين بشكل تدريجي من المحافظة، ومع سيطرة فصائل المعارضة على مدينة إدلب في عام 2015 رحل معظم المسيحيين من المدينة.

وتتهم منظمات حقوقية فصيل "هيئة تحرير الشام" بالتضييق على أبناء الطائفة المسيحية بعد سيطرتها على المنطقة، الأمر الذي تنفيه الأخيرة مرارا.