صيحة فزع في ألمانيا من تأثير كورونا على الأطفال والمراهقين

معاناة الأطفال منذ بداية فترة الوباء تعود أساسا إلى "الحصار المطبق" الذي أصبحوا يعيشون فيه، حيث أُغلقت أبواب المدارس وتوقفت الأنشطة الترفيهية والرياضية بشكل تام أو جزئي.

Germany: Face-to-face education started under Covid-19 measures
طلاب ألمان يصلون إلى مدرستهم بعد عودتهم إلى الدراسة وجها لوجه في بعض مستويات المدارس الابتدائية والثانوية نهاية فبراير/شباط الماضي (وكالة الأناضول)

أطلق الدكتور جاكوب ماسكي -المتحدث باسم الجمعية المهنية لأطباء الأطفال في ألمانيا- صيحة فزع، محذّرا من اكتظاظ أقسام العلاج النفسي للأطفال والمراهقين، واضطرار الطواقم الطبية للقيام بعمليات فرز لمعالجة الحالات الأكثر خطورة.

وفي تقرير -نشرته صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" (Süddeutsche Zeitung) الألمانية- تقول الكاتبتان كريستينا بيرنت وفيرا شرودر إن هذا التحذير يعيد للأذهان ما حدث في إيطاليا عندما اضطر الأطباء -في ذروة تفشي الفيروس- للمفاضلة بين من يتم وضعه على أجهزة الإنعاش ومن يتم تركه لمواجهة الموت.

وترى الكاتبتان أن هذا التصريح الصادم يعكس الحاجة للاهتمام بالحالة النفسية للأطفال والانتباه للآثار الخطيرة التي خلفتها أزمة فيروس كورونا وإجراءات الحجر الصحي على هذه الفئة، ومن بينها الاكتئاب والخوف واضطرابات الأكل.

وقد أكد الدكتور ماسكي أن "أقسام العلاج النفسي للأطفال والمراهقين باتت مكتظة، ولذلك يتم فرزهم والمفاضلة بينهم بحسب الأولوية، حيث إن من لا يواجهون خطر الانتحار، والذين يعانون فقط من الاكتئاب، لا يتم قبولهم ومعالجتهم".

وقد وجّه الدكتور يورغ دوتش -رئيس الجمعية الألمانية لطب الأطفال والمراهقين- تحذيرا مماثلا، وشدد على ضرورة إعادة فتح المدارس ودور الحضانة في أقرب وقت ممكن، قائلا "من الضروري جدا السماح للأطفال بالعودة للحياة الطبيعية.. لقد حان الوقت لتغيير الوضع".

ضرورة العودة للحياة الطبيعية

أظهرت الدراسات منذ بداية أزمة كورونا أن الحالة النفسية للأطفال والمراهقين تأثرت بشكل كبير بالوباء، وقد ارتفعت معدلات الاكتئاب والتوتر بشكل دراماتيكي. ورغم نقص البيانات حول مدى انتشار الأمراض النفسية خلال هذه الفترة؛ فإن عددا من البحوث التي أجريت حول علم نفس الطفل والمراهقة تقدم لمحة عن مدى تدهور الوضع.

يقول الدكتور فرانز جوزيف فرايسلدر -مدير مستشفى "هيكشر" بميونيخ- "أعتقد أن كلمة فرز مبالغ فيها في هذا السياق. في الواقع، نحن لا نقوم بطرد الأطفال الذين يحتاجون للعلاج، ولكن في نفس الوقت لا ننكر أن الوضع في ظل وباء كورونا كان صعبا بالنسبة لنا، وحتى خلال الأسابيع الأخيرة عادت أقسام الطوارئ لتكتظ بالمرضى".

وتتحدث لويز بوستكا -مديرة علم نفس الطفل والمراهقة في "جامعة غوتينغن" (University of Göttingen) الألمانية- عن ظاهرة مماثلة، فتقول إن "أقسام الإنعاش والحالات الخطرة في الوقت الحالي مكتظة بشكل دائم، كما أن حالات الإصابة بالاكتئاب واضطرابات الأكل تزايدت بشكل واضح. هناك العديد من المراهقين المكتئبين الذين يفكرون في الانتحار، أو يعانون من اضطرابات في الأكل لدرجة تسبب المرض، ويصبح لزاما علينا تغذيتهم باستخدام الأنابيب".

وحسب الكاتبتين، فإن معاناة الأطفال منذ بداية فترة الوباء تعود أساسا إلى "الحصار المطبق" الذي أصبحوا يعيشون فيه، حيث أُغلقت أبواب المدارس وتوقفت الأنشطة الترفيهية والرياضية بشكل تام أو جزئي.

وفي الواقع، حُرم الأطفال من الخروج مع أصدقائهم وممارسة الأنشطة البدنية والحصول على فرص التطور والنمو، وهذا الحرمان جعلهم يشعرون بالعزلة والحزن؛ لذلك، يؤكد الأطباء على الحاجة الملحة والعاجلة للشعور بالحرية، والعودة للحياة الطبيعية في أقرب وقت ممكن.

انقسام حول اللقاحات

ومن أجل إعادة فتح المدارس بشكل آمن، ترغب الحكومة الفدرالية الألمانية بتقديم اللقاح لكل المراهقين مع نهاية الصيف الحالي، وقد تمت الموافقة على تقديم لقاح "بيونتك" لمن تجاوزوا سن 16 عاما.

وهناك بعض المدارس التي تفكر في تطعيم طلابها أثناء الدروس، لكن هذا الأمر يثير ردود فعل متباينة، إذ أن بعض الأولياء يرفضون أن يحصل أبناؤهم على اللقاح خوفا من آثاره الجانبية، فيما يرغب آخرون في أن تكون لأطفالهم أولوية الحصول عليه بأسرع وقت.

المصدر : الصحافة الألمانية

إعلان