يسكنها 30 ألف مسلم.. مدينة ييوو لسان صيني ووجه عربي وأجواء رمضانية
حسب نشرة مسجد ييوو الكبير، كان عدد المسلمين بالمدينة شخصين عام 1953، 11 شخصا عام 1964، 19 شخصا عام 1982. والآن يقدر عددهم بـ 30 ألف مسلم.
يتندر أحد التجار العرب في ييوو الصينية بالقول إنهم يطلقون مصطلح "أجنبي" على المواطنين بالمدينة. فـ "سوق العالم للسلع الصغيرة" -كما بات يُطلق على المدينة- يسكنها عشرات آلاف الأشخاص من جنسيات متعددة، منهم نحو 20 ألف عربي.
وبحسب إحصاءات عام 2019، فإن نحو 15 ألف تاجر أجنبي، من مئة دولة ومنطقة في العالم، يعيشون مع عائلاتهم في ييوو بمقاطعة شينجيانغ الواقعة شرق الصين.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsرمضان زمان في المغرب.. سبع حراير وكحل ليلة 27 وحناء طقوس الشهر الفضيل
رمضان زمان في ريف سوريا.. مسحراتي كفيف يطوف القرية مناديا على كل شخص باسمه
رمضان زمان في لبنان.. مسحراتي وأسواق ولمة العائلة.. أجداد يتذكرون الأيام والجيران ويتحسرون
وأقام عدد كبير من التجار العرب مطاعم ومحلات تجارية، في مناطق باتت محصورة على الوجود العربي فقط، حتى أن لافتات المحال التجارية أصبحت تكتب بالعربية والصينية.
وأصدرت حكومة المدينة رسالة ترحيب مكتوبة بـ 9 لغات، بينها العربية، في أعقاب السماح بإعادة فتح الأسواق وممارسة النشاطات التجارية والاجتماعية، بعد الإعلان عن السيطرة على جائحة كورونا في الصين.
مدينة استثنائية
يقول طه الخزّان، وهو مواطن يمني يقيم في المدينة منذ 16 عاما، إن ييوو التي تعتبر صغير الحجم مقارنة بالمدن الصينية الأخرى "لها طابع خاص يشعر كل شخص أنه في مدينة من بلده" لوجود جالية عربية متعددة الجنسيات تحرص بشكل دائم على إقامة النشاطات الاجتماعية.
ويضيف، في حديث للجزيرة نت، أن الجالية العربية دائما ما تستغل شهر رمضان لتعزيز التواصل من خلال إقامة الموائد الرمضانية داخل المصليات والمساجد في المدينة، وهي تجمع بين الأبيض والأسود والعربي والأجنبي من المسلمين، مجسدة بذلك مشاعر الأخوة.
ويستذكر الخزّان الموائد التي كانت تقام قبل جائحة كورونا، فيقول إن بعضها كان يضم نحو 30 طبقا، كل واحد منها يكفي 8-10 أشخاص.
ومنعت جائحة كورونا إقامة مثل هذه الفعاليات العام الماضي، وأقيمت هذا العام وفق ضوابط وضعتها الجهات الرسمية، ضمن تدابير السلامة والوقاية من الوباء.
وفي يونيو/حزيران، أعلن مسجد ييوو الكبير إعادة فتح أبوابه والمصليات كافة أمام المصلين، حيث اشترطت الحكومة المحلية أن يقوم كل مصلٍ بمسح رمز استجابة سريع (QR) خاص بالمساجد لمعرفة عدد المصلين الحاضرين، وعدم تجاوزهم الحد المسموح به منعا للاكتظاظ. وسمحت بإقامة الصلوات شرط الالتزام بالكمامات والتباعد الاجتماعي.
موائد رمضانية
واقتصرت موائد هذا العام على التمر والماء للإفطار داخل المسجد، على أن يأخذ كل شخص وجبة الطعام أثناء خروجه بدلا من تناولها في الداخل، لتجنب أي مخالفات قد تتسبب في إغلاق المسجد، كما قال يثرب سعيد رجل الأعمال العراقي الذي يقيم في المدينة.
وأضاف للجزيرة نت أن الجهات المختصة تجري جولات تفتيش بين الحين والآخر على المصليات للتأكد من التزام المصلين بإجراءات السلامة، وعدم إقامة الموائد داخل المصليات.
ولفت إلى أن هذه الفعاليات المحدودة داخل المساجد والمصليات أعادت للمدينة الأجواء التي كانت سائدة قبل الجائحة، والتي حرمت منها الجالية العربية خلال شهر رمضان الماضي بسبب القيود التي فرضت لمواجهة تفشي الوباء، إذ إن أنشطة الجالية العربية هي ما يميز ييوو عن غيرها من المدن الصينية.
المطاعم وجهة الأنشطة الاجتماعية
وبعد أن شهدت المطاعم ركودا خلال شهر رمضان المنصرم، بدت مزدحمة منذ اليوم الأول للشهر الفضيل هذا العام، بعد عودة الحياة لطبيعتها وانتعاش الأعمال التجارية بشكل تدريجي، وفق ما قاله عدد من أصحاب المطاعم تحدثت معهم الجزيرة نت.
وتلجأ كثير من العائلات إلى إقامة الإفطار الجماعي بالمطاعم العربية المنتشرة في المدينة بكثرة، بعد أن كان بعضها يلتقي في مقر الجاليات قبل انتشار فيروس كورونا الجديد.
وتُسجل المطاعم السورية حضورا كبيرا، تتركز غالبيتها في الشارع القريب من سوق ييوو للتجارة الدولية. وتستقبل هذه المطاعم، بالإضافة للعرب، عشرات الصينيين الراغبين بتجربة الوجبات العربية، ومنهم المسلمون الباحثون عن الطعام الحلال.
وقبل أذان المغرب يبدأ الزبائن بحجز أماكنهم، حيث تعتمد غالبية المطاعم نظام "البوفيه المفتوح" خلال رمضان، والذي يضم الأطباق العربية الرئيسية التي تمتاز بها كل دولة وفق جنسية المطعم، بالإضافة لأطباق الحلويات وعلى رأسها القطايف.
الوجود الإسلامي
ييوو، التي عرفت سابقًا باسم ووشانغ، وتغطي مساحة 1105 كيلومترات مربعة، حصلت على أول منطقة تسوق وسياحة على مستوى "4A" من قبل إدارة السياحة الوطنية، وتم تحديدها كأكبر سوق في العالم من قبل الأمم المتحدة والبنك الدولي.
وحسب نشرة صادرة عن الموقع الرسمي لمسجد ييوو الكبير، فإن عدد المسلمين بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية كان شخصين عام 1953، 11 شخصا عام 1964، 19 شخصا عام 1982. لكن التوسع التدريجي لسوق السلع الصغيرة في ييوو جلب التجار المسلمين من شمال غرب الصين للعمل. بعد ذلك، جاء عدد كبير من رجال الأعمال الأجانب للقيام بأنشطة تجارية.
واعتبارا من عام 2006، زاد عدد المسلمين الصينيين والأجانب الذين قدموا إلى ييوو بشكل أكبر، حيث كانت الحكومة توفر لهم أماكن عبادة مؤقتة. وحسب أرقام غير رسمية فإن عدد المسلمين بالمدينة حاليا يُقدر بـ 30 ألف مسلم.
ومنذ تسعينيات القرن الماضي، وفرت حكومة المدينة أماكن عبادة مؤقتة للمسلمين، لكن عام 2012 شهد افتتاح أول قاعة رسمية لإقامة الشعائر الدينية، وتحولت عقب ذلك تحولت إلى مسجد بعد إضافة القبب والمآذن لها، وأصبح المسجد يتسع لنحو 10 آلاف مصل، مع وجود 10 مصليات أخرى موزعة في أنحاء المدينة.