رمضان زمان "مال لول" في قطر.. المسحراتي والتكافل الأسري والجلسات عادات اندثرت وأخرى تقاوم
كان الأهالي في قطر يمنعون الأطفال من اللعب في الشوارع بعد صلاة المغرب مباشرة خوفا عليهم إلا في رمضان كان الأطفال يقضون الليل بألعابهم الشعبية
لا يزال المجتمع القطري يحاول الإبقاء على عادات رمضان قديما أو كما يطلق عليه شعبيا "رمضان مال لول"، ولكن ضغوط التحضر ومرور السنين ساهمت في اندثار بعض تلك العادات، فيما لا تزال أخرى تقاوم الاندثار.
رمضان "مال لول" لم يختلف كثيرا في شكل الفرحة التي تعم البلاد فور قدوم شهر رمضان المبارك، ولكن المختلف هو طريقة التعبير عن هذه الفرحة، فقديما كان رمضان يتميز بالتكافل الأسري وتجمع الأهل والجيران عقب صلاة التراويح في المجالس، وتجمع النساء في أحد منازل "الفريج" (الحي)، واحتفال الأطفال في الشوارع.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsأبرزها تلقي لقاح كورونا.. إليك أهم شروط أداء مناسك العمرة في رمضان
تجهيزات استقبال رمضان
ويروي الباحث في التراث القطري خليفة السيد المالكي في حديثه للجزيرة نت أن رمضان يحتل مكانة خاصة جدا عند القطريين منذ قديم الأزل، فقد كان القطريون يتجهزون لاستقبال رمضان قبل حلوله بشهر كامل.
ويشير المالكي إلى أن الشباب في كل حي كانوا يتكاتفون من أجل تجهيز بيت الله لاستقبال المصلين ويقومون بتنظيفه وغسل الحصير ونثر القواقع البحرية الصغيرة ذات اللون الأبيض في باحات المسجد، مضيفا أن الحركة التجارية تزداد في شهر رمضان بشكل كبير، كما ينتعش عمل بائعي الطحين والحبوب والأرز.
ليل رمضان مختلف
ويوضح المالكي أن الأهالي قديما كانوا يخافون التجول والتنقل من حي إلى حي ليلا خشية الجن وكل ما يحمله ظلام الليل الدامس، إلا أنهم يتحررون من خوفهم ورهبتهم في شهر رمضان المبارك، لإيمانهم بأنه الشهر الذي تصفد فيه الشياطين.
ويضيف أن الأهالي كانوا يمنعون الأطفال من اللعب في الشوارع بعد صلاة المغرب مباشرة خوفا عليهم من كل ما يحمله الليل من مخاطر، إلا أن الوضع في رمضان يختلف تماما، فكان الأطفال يقضون الليل بألعابهم الشعبية.
حكاية مثل شعبي
وعن المثل الشعبي "العيد جاكم (جاءكم) ورمضان تعداكم (انتهى)" يقول المالكي إنه في قديم الزمن كانت هناك قبيلة تعيش في أطراف الدولة، ولم تكن هناك وسائل للتواصل مثل الآن، وهذه القبيلة أرسلت مبعوثا عنها لشراء مستلزمات رمضان، وعندما وصل إلى الدوحة وجد أن رمضان قد انتهى والناس يحتفلون بالعيد، فعاد إلى قبيلته وهو يردد "العيد جاكم ورمضان تعداكم"، وهذه حكاية هذا المثل الشعبي كما يروى.
ويعتبر المالكي أن رمضان أيضا كان شهر اللقاءات الاجتماعية، ففيه يتجمع الناس عقب صلاة التراويح في المجالس ويتبادلون أطراف الحديث، فضلا عن الزيارات العائلية والتكافل الشعبي، حيث تقوم الأسر بتوزيع الطعام، فلا يمكن أن تصنع أسرة طعاما دون أن تعطي منه إلى جيرانها.
المسحراتي أهم الضحايا
من جهتها، تقول زكية الجبر الناشطة في مجال العمل المجتمعي في قطر إن أهم الطقوس التي اندثرت في رمضان هي المسحراتي، فكان في كل حي من الأحياء عائلة متخصصة لإيقاظ الناس وتنبيههم لاقتراب أذان الفجر يطلق عليها "عائلة المسحر"، وهي عائلة تكون معروفة بين أهالي المنطقة يتوارث أفرادها المهنة جيلا بعد جيل.
وتضيف الجبر في حديثها للجزيرة نت أن المسحراتي كان يجوب شوارع الفريج ليلا حاملا الزبيلي (سلة)، وهي سلة مصنوعة من سعف النخيل حتى يتأكد من أن جميع الأهالي قد استيقظوا للسحور، وكانت تلك الزبيلي تملأ مرتين خلال شهر رمضان، الأولى في ليلة القرنقعوه في منتصف شهر رمضان وتملأ بالمكسرات والحلوى والهدايا الأخرى.
أما الأخرى ففي ليلة العيد، ولكن هذه المرة بالعيدية النقدية، فكانت كل أسرة تتجهز بعيدية عبارة عن مبلغ مالي للمسحراتي الذي ظل طوال شهر رمضان يحرص على أن يتأكد بنفسه من استيقاظ النائمين للسحور قبل أذان الفجر.
أهم الأطباق في قطر قديما
وعن أطباق الطعام المشهورة في رمضان في قطر قالت الجبر إن الهريس والثريد هما من أهم الوجبات في قطر قديما، خصوصا في شهر رمضان، فالهريس كانت المائدة القطرية تتزين به في اليوم الأول من رمضان، ولكن نظرا لأنه من الوجبات المكلفة فقد كان الثريد أيضا يحل في باقي الأيام كونه وجبة غير مكلفة.
وتوضح أن الهريس هو وجبة مصنوعة من القمح المغلي المخلوط باللحم، لذلك كان مكلفا، أما الثريد فهو من الخبر المفتت (المقطع) في المرق فقط دون إضافة اللحم، لذلك كان أقل تكلفة بكثير من الهريس.
رمضان الأجداد
وتؤكد الجبر أن شهر رمضان قديما كان شهرا للترابط والتضامن بين أفراد الشعب في ظل أجواء من المحبة غير معهودة، وظل الأجداد على هذه الحالة عشرات السنين يتخذون من رمضان ملجأ للعبادة والتسامح والتقارب مع الجيران والأهل.
الاحتفال بالعيد قديما في قطر
الاحتفال بالعيد قديما في قطر كان يبدأ -وفقا لزكية الجبر- من اليوم الأول لشهر رمضان، فكانت سيدات "الفريج" يجمعن بعضهن لشراء القماش لخياطة لباس العيد للأطفال، وتتجمع نساء "الفريج" بعد شراء القماش لحياكة ملابس أطفالهن بأنفسهن، فمنهن من كانت تقص القماش، وثانية تقوم بالخياطة، وثالثة تقوم بقياسه.