"رمضان زمان" في الجزائر.. هكذا يشعر الجزائريون بعبق سيدنا رمضان
الأواني التقليدية على المائدة الرمضانية الجزائرية تذكر الأُسر بالذين رحلوا وكانوا حريصين على التمسك بالعادات والتقاليد.
تقول السيدة جميلة (57 عاما) "الجديد حبو (أحبب الجديد) والقديم لا تفرط فيه" وهي تمسك بـ"الطاجين" وهو أحد الأواني الفخارية التي تستخدمها بعض الأُسر الجزائرية في الطهي في شهر رمضان على وجه الخصوص.
وتقف تتأمل عددا من الخيارات التي تصفها بالمغرية داخل أحد المحالّ المتخصصة ببيع الأواني التقليدية والمعاصرة بالمدينة الجديدة سيدي عبد الله، في زرالدة بالضاحية الغربية للجزائر العاصمة، تحاول أن تقرأ قائمة المشتريات كي لا تضيع بين رفوف المحل.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsأفكار جديدة.. درج المئذنة لتعويد الأطفال على الصيام
أبرزها تلقي لقاح كورونا.. إليك أهم شروط أداء مناسك العمرة في رمضان
تستهدف 2.2 مليون شخص.. قطر الخيرية تواصل مشاريعها الإنسانية بحملة “رمضان الأمل” رغم ظروف جائحة كورونا
تقول للجزيرة نت "لو تسأل أي امرأة جزائرية عن أكثر مناسبة تتهافت فيها على الأواني ستكون شهر رمضان بالإجماع"، وتضيف "تقول العادة أن نتجدد كما الشهر الفضيل".
العادات القديمة
وتعدّ الأواني الفخارية من العادات القديمة التي اعتادت الأسر الجزائرية ربطها بشهر رمضان المبارك والمناسبات الدينية بوجه عام.
إذ يتهافت الجزائريون قبيل الشهر الفضيل على الخيم المنصوبة على الطرق، التي تجذب المارّة بزخارف أوانيها المصنوعة يدويا بأنامل النسوة والرجال الذين كبروا على حب "الصنعة".
ويلفت انتباه المار من حي القصبة العتيق منظر الأواني النحاسية التي تتفنن بعض الأُسر المعروفة بصناعتها في عرضها، فلا تزال المرأة الجزائرية ترتبط بها على الرغم من قدمها.
بل رجعت عادة استخدام الأواني النحاسية والطينية والفخارية في الديكورات الجديدة إلى الموائد الرمضانية.
وتقول أسماء (24 عاما) التي التقتها "الجزيرة نت" أمام أحد المحالّ بحي القصبة بالعاصمة "مع أن ديكور منزلي معاصر لكنني حرصت على شراء أوان نحاسية عتيقة".
"رائحة زمان"
وتضيف "(رائحة زمان) يجب أن تكون على طاولاتنا وإلا كيف يمكننا الشعور بعبق سيدنا رمضان؟"، إذ تذكر الأواني التقليدية الأُسر بالذين رحلوا وكانوا حريصين على التمسك بالعادات والتقاليد.
تقول أسماء "كان لرمضان معنى آخر في كنف جدتي وجدي اللذين رحلا واليوم في غيابهما أحاول أن أقتني وأستحضر كل التفاصيل التي تشعرني بوجودهما حتى معنويا"، وتضيف "كانت ماني (جدتي) تقول (خيار الماعون) النحاس وأيضا الطين يجيب (يجلب) بركته".
عطر ماء الزهر
وغير بعيد عن بائع النحاس، يصطف الزبائن أمام محل تقطير "ماء الزهر"، وتحكي السيدات في الطابور لبعضهن بعضا عن التجهيزات وتقترح كل واحدة منهن حيلا وتدابير مما ورثنه عن جداتهن أو اكتشفنه بأنفسهن وبتن يستخدمنه، فتبادل وصفات الطبخ أهم ما يدور بين النسوة في مثل هذه الطوابير.
ويعدّ "ماء الزهر" أو "ماء زهرة البرتقال" المقطر من العطور الأساسية التي ينبغي أن تدقق في شرائها الأُسر قبيل حلول شهر رمضان، ذلك أنه يدخل في إعداد مختلف الأطعمة التقليدية الجزائرية.
رحلات "توديع لفطار"
ويخرج الشباب العازبون قبيل رمضان في رحلات يسمونها "توديع لفطار"؛ وهي تشبه حفلات "توديع العزوبية" لدى بعضهم، لكن بـ"طقوس مختلفة"، إذ يلجأ هؤلاء الشباب إلى المبيت وسط الطبيعة لتفريغ الضغط اليومي استعدادا لدخول الشهر الفضيل.
ويقيم الشباب في أثناء تلك "الرحلة" مائدات شواء ويعيشون "خلوة"، ولا يركز هؤلاء كثيرا على العادات والتقاليد إذ يرونها مهمة النساء. يقول فؤاد (33 عاما) "تعودنا أن المرأة هي التي تتسلم المشعل من الآباء..".
جيل اليوم
وبين صخب التحضيرات، تحرص الأسر الجزائرية على تجهيز كل شؤونها قبل أيام من حلول الشهر الفضيل، كي "لا تربك نفسها"، كما تفعل عائلة فضيل التي تعودت منذ سنوات أن تودع "لفطار" استعدادا لدخول رمضان.
إذ تسافر العائلة إلى أي منطقة سياحية بالبلاد مدة يومين، أو تنظم رحلة شواء أُسرية في الهواء الطلق. يقول كمال "كنت أمارس هذه العادة مع أصدقائي قبل أن أتزوج وبتّ اليوم أمارسها مع الأسرة ".