لوبس: أي عالم سنتركه لهم؟ وفي أي ظروف سيعيش مواليد 2021؟

أي طفل يولد اليوم ويعيش طوال القرن الـ21، سيرى الكوكب مختلفا تماما عن الأرض التي عرفتها الأجيال السابقة.

أي عالم سوف نتركه لأطفالنا؟ طرح هذا السؤال مرات عديدة حتى غدا عنصرا أساسيا في الخطاب البيئي، ومع ذلك لا بد أن يعاد طرحه بصورة أكثر واقعية في قمة المناخ الـ26 في مدينة غلاسكو بشمال المملكة المتحدة، لأنه يجب على الدول مرة أخرى النظر في الضرر الناجم عن ظاهرة الاحتباس الحراري.

بهذه المقدمة، لخصت مجلة لوبس (L’Obs) الفرنسية مقالا تحدثت فيه سيريل بونيت عن تضاعف موجات الحر والسواحل المهددة بارتفاع البحر والاضطرابات الزراعية وزيادة الهجرات بسبب المناخ، لتستنتج مع فرانسوا جيمين، عضو الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أن طفلا يولد اليوم ويعيش طوال القرن الـ21، سيرى الكوكب مختلفا تماما عن الأرض التي عرفتها الأجيال السابقة.

موجات حر متزايدة

وفي مقابلة مع هذا الخبير المتخصص في الجغرافيا السياسية البيئية، يحذر جيمين من أن الطفل المولود اليوم سوف يواجه "ظواهر مناخية قاسية ومتكررة بشكل متزايد" في حياته، لأنه عندما يبلغ سن 14 أو 15، سترتفع درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.

والنتيجة الأولى -حسب الخبير- هي أن هؤلاء المراهقين المستقبليين سيعانون من موجات حر أكثر بمرتين ونصف المرة من تلك التي نعيشها اليوم، وسيزداد تواترها أكثر في حالة زيادة الاحترار، الذي قد يصل إلى عتبة 2.7 درجات في عام 2100، مما سيسبب حرائق غابات مثل تلك التي حدثت هذا الصيف، إضافة إلى "هطول الأمطار الشديدة" التي ستكون أكثر عنفا وعددا.

وبالتزامن مع ارتفاع الحرارة، سيؤدي ارتفاع منسوب المياه المقدّر "بمتر بحلول نهاية القرن"، إلى تغيير المناظر الطبيعية الساحلية تدريجيا، وبالتالي حسب جيمين "سينحسر الخط الساحلي بحوالي 100 متر على السواحل المنخفضة"، مما يعني مثلا أن طفلا ولد في عام 2021 على ساحل أوبال أو في نورماندي بفرنسا، سوف يسير على شواطئ أضيق من تلك المعروفة لدى والديه وأجداده، وهذا الوضع يشكل تهديدا للعديد من البلديات في فرنسا وخارجها.

يجب أن تتكيف

وحسب فرانسوا جيمين، ستشهد العقود القادمة أيضا زيادة في الهجرة والنزوح الناجم عن المناخ، حيث نزح حوالي 30 مليون شخص في عام 2020، نتيجة "الظواهر المناخية المتطرفة" التي من المتوقع أن تزداد في المستقبل، مثل "العواصف والأعاصير والجفاف والفيضانات".

و"يمكن إدراك أن الاحتباس الحراري سيسبب المزيد من الهجرة الدولية، خاصة إذا أصبحت مناطق معينة من العالم غير صالحة للسكن"، كما يحذر جيمين، خاصة "في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث أي زيادة في درجات الحرارة ستؤدي إلى انخفاض في المحاصيل"، كما أن المحاصيل الزراعية في بعض الدول الغربية ستنخفض عندما تزيد الحرارة بنحو 2.5 درجة.

وفي مواجهة حالات الطوارئ هذه، لن يكون أمام أطفال اليوم خيار سوى القتال على الجبهتين اللتين تظهران الآن، وهما "تقليل الغازات الدفيئة بأكثر الطرق فعالية، لتلافي الآثار الخطيرة لتغير المناخ" من ناحية، ومن ناحية أخرى "التكيف" مع الآثار الوشيكة والحتمية للاحترار العالمي، ولا سيما من خلال الإسكان والبنية التحتية والتقنيات الزراعية، و"لا يمكن الاختيار بين هاتين الجبهتين بل لا بد بالقيام بالأمرين معا"، حسب فرانسوا جيمين.

المصدر : لوبس