أطفال بيروت.. أصغر ضحايا الانفجار يواجهون معاناة كبرى

في تعليقه على الانفجار المروع الذي دمر مرفأ بيروت وتأثرت به ضواحي المدينة يقول أليكس راول إن الكثير من الأشياء تبدو كالقنابل في لبنان، ويتبين أنها ليست أكثر من ألعاب نارية أو فرقعات تصدرها الدراجات النارية.
لكنها من حين لآخر تكون قنابل حقيقية تعرف صوتها زوجته التي عايشت الحرب الأهلية في لبنان وحرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله والتفجيرات الانتحارية على مر السنين.
ويروي راول -وهو كاتب ومترجم بريطاني مقيم بلبنان- في مقاله بصحيفة واشنطن بوست (Washington Post) أنه في فبراير/شباط نشرت وسائل الإعلام حول العالم مقطع فيديو من سوريا لأب علّم ابنته البالغة من العمر ثلاث سنوات أن تضحك على صوت الغارات الجوية حول منزلهم، وكأنها لعبة مسلية، على أمل أن يقيها ذلك الإصابة بصدمة.
وقال إنه في أول ثانيتين بعد الانفجار الذي وقع أمامه ظن أنه أمام حملة جوية إسرائيلية يمكن أن تكون بداية لأسابيع من الحرب، وتساءل "هل سأصبح الآن مثل هذا الأب مجبرا على إيجاد طرق جيدة كل يوم للتخفيف من حدة رعب ابنتي؟".
وتبين له أن السبب كان مختلفا وأن الألعاب النارية كانت انفجارا هائلا أشعل آلاف الأطنان من نترات الأمونيوم في مستودع مجاور. ولحسن الحظ كان منزله بعيدا بما يكفي ليبقى وأسرته سالمين باستثناء بعض الأضرار البسيطة داخل البيت.
وحاولت الأسرة إظهار بعض رباطة الجأش ومواصلة حياتها الطبيعية داخل المنزل، كل ذلك بينما كانت الأيدي ترتجف لفرط الأدرينالين في الجسم.
وعلق راول بأن القوة التي يمكن أن يمنحها الأطفال للكبار في مثل هذه اللحظات تكون رائعة، وذكر أنه لا توجد كلمات تعبر عن مدى امتنانه لابنته التي لم تظهر أي علامات -على الأقل حتى الآن- على أنها تأثرت بالحدث.

ويستدرك الكاتب بأن هناك عددا هائلا من الأطفال لم يكونوا محظوظين لهذه الدرجة، وأشار إلى وجود قاصرين من جميع الأعمار من بين الـ 7 آلاف جريح، بما في ذلك الأطفال حديثو الولادة الذين أمطروا بشظايا الزجاج المتطاير في عنابر الولادة بالمستشفيات.
وذكر أن 8 آلاف طفل، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، شردوا بسبب الأضرار التي لحقت بالمنازل، بالإضافة إلى تدمير مستشفى الولادة في منطقة الكرنتينا التي كان بها وحدة مختصة لعلاج الحالات الحرجة للأطفال حديثي الولادة.
وقال راول إن قصص الأطفال الذين وضعوا في مواقف من الرعب غير المحتمل أكثر بكثير من أن تحصى وتوثق. وبعد أسبوع من الكارثة لا يزال هناك أطفال مفقودون ومجهولون.
وينتظر كل هؤلاء الأطفال خسائر جسدية ونفسية لا تحصى، وهناك تقارير بالفعل عن أطفال يتبولون لا إراديا بشكل متكرر وينتفضون لأقل ضوضاء ويتشبثون بأيدي آبائهم طوال الوقت ويستشعرون مشهد الإطاحة بهم عبر الغرفة.
وتساءل الكاتب، مَن يستطيع أن يقول ما الذي سيعانيه هؤلاء الأطفال -وهم مستقبل البلاد- في السنوات المقبلة؟ لكن المؤكد أنه لن يأتي أي دعم لهم من الحكومة التي تركت الضحايا يزيلون الأنقاض بأنفسهم.
وختم مقاله بأنه ما لم يحدث تغيير أكثر شمولا على جميع مستويات النظام، بطرد أمراء الحرب وعناصر المافيا الذين كان رئيس الوزراء مجرد واجهة لهم، فإن دورة الموت والخلل الوظيفي بلبنان ستستمر بلا نهاية.